تقارير وتحليلات
مساع لإفشال استراتيجية التحالف العربي..
حملة تخويف وكسر معنويات لإرباك الاستقرار جنوب اليمن
وصفت أوساط يمنية مطلعة ما يجري من هجمات تستهدف مواقع لقوات الأمن اليمنية بأنه حملة منظمة لإرهاب القوات اليمنية وكسر معنوياتها، وأن الهدف من ذلك هو إرباك الاستقرار الذي شهدته مناطق الجنوب بعد نجاح قوات المقاومة وبإسناد من التحالف العربي في تحريرها وإعادة بناء مؤسسات الدولة فوق تلك المناطق.
وتأتي هذه الهجمات المتزامنة في سياق مساع لإفشال استراتيجية التحالف العربي الهادفة إلى تسليم مهمات الأمن للحكومة اليمنية، وتتحالف في ذلك مجموعات متشددة مثل داعش والقاعدة وحزب الإصلاح الإخواني والحوثيين.
وقالت مصادر ميدانية إن تنظيم القاعدة هاجم معسكرا في جنوب اليمن الجمعة مما أدى إلى مقتل 19 جنديا على الأقل. وهذا ثاني هجوم في يومين على معسكر للقوات اليمنية التي نجح التحالف العربي في تدريبها وتأهيلها على أسس حديثة ليتم لاحقا تسليمها مهمة تأمين المناطق المحررة واكتفاء دول التحالف بالإسناد.
وذكرت المصادر أن مقاتلي القاعدة سيطروا لفترة قصيرة على المعسكر الواقع في قرية المحفد بمحافظة أبين في جنوب البلاد قبل أن تستعيد قوات تابعة للحزام الأمني السيطرة عليه بعد ساعات.
وكشفت مصادر أمنية أن قوات الحزام الأمني في أبين وبدعم من النخبة الشبوانية ومشاركة طائرات الأباتشي التابعة للتحالف العربي تمكنت من إعادة بسط سيطرتها على مديرية المحفد التي تعرضت لهجوم مباغت من تنظيم القاعدة بالتزامن مع الهجمات التي استهدفت العاصمة اليمنية المؤقتة صباح الخميس.
ويقول متابعون للشأن اليمني إن هناك انزعاجا من دوائر مختلفة من نجاح التحالف في إعادة بناء القوات اليمنية على أسس صحيحة لتكون قادرة على مواجهة المتمردين الحوثيين من جهة، ومواجهة المتطرفين الذين يتحصنون بالجبال فضلا عن شركائهم في المدن الجنوبية، وخاصة حزب الإصلاح الإخواني الذي بات تنسيقه مع القاعدة وداعش أمرا مكشوفا، من جهة ثانية.
ويشير هؤلاء إلى أن الاستهداف المنظم ضد قوات يمنية جديدة ونظيفة وغير مخترقة سيكسبها تعاطفا أوسع في الشارع ويقوي من حاضنتها الشعبية، ويجعلها قادرة على فرض نفسها على الأرض في مواجهة الميليشيات المختلفة.
وأعلن تنظيم داعش في اليمن، الجمعة، مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف مركز شرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة وذهب ضحيته 13 جنديا، وتزامن مع هجوم آخر طال معسكر الجلاء بعدن أثناء حفل تخرج دفعة جديدة من قوات الحزام الأمني تبنته الميليشيات الحوثية التي قالت على لسان ناطقها العسكري يحيى سريع إنه تم بواسطة طائرة مسيرة وصاروخ باليستي متوسط المدى.
وأكدت مصادر مطلعة في عدن تشكيل لجنة تحقيق من مختلف الجهات الأمنية والعسكرية للتحقق من طبيعة الانفجار الذي تسبب في مقتل العميد منير اليافعي والعشرات من الجنود.
وكشف قيادي بارز في المجلس الانتقالي الجنوبي رفض الكشف عن اسمه أن المجلس شكل لجنة للتحقيق في حوادث عدن والمحفد وعلاقة الأطراف السياسية كافة وخطابها الإعلامي تجاه هذه المستجدات.
وحذر القيادي الجنوبي من أن أي ردة فعل ضد المواطنين الشماليين في عدن مرفوضة وأن الحزام الأمني سيقوم بواجبه في منع انزلاق الأوضاع إلى مواجهة بين الشماليين والجنوبيين في الوقت الذي يجب فيه تركيز الجهد على تفكيك الخلايا المتشددة وكشف ارتباطاتها المباشرة.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم في تصريح لـ”العرب” إن “الجنوبيين عازمون علـى العثـور علـى منفذي تلك الجرائم وتقديمهم للمحاكمة، وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب”.
وأشار الناطق باسم المجلس الانتقالي إلى أن هيئة رئاسة المجلس قامت بتـشكيل لجنـة مشتركة مع قيادة التحالف العربي لبحث ما جرى وتقديم تقرير بأسرع وقت ممكن.
وأضاف “قواتنا الأمنية تتعرض لحملات تحريضية واستهداف واضح من قوى موالية لميليشيات الحوثي وتنظيم الإخوان المسلمين الذي يلبس عباءة الإرهاب ليواجه الحزام الأمني في عدن أو لحج أو أبين أو شبوة وحضرموت والمهرة”.
ووصف مراقبون هجوم تنظيم القاعدة على مناطق في محافظة أبين شرق عدن بعد ساعات قليلة من هجوم حوثي داعشي متزامن على قوات الحزام الأمني، بأنه تصعيد خطير يحمل بصمات إقليمية تقف خلفها دول تتمتع بعلاقات وثيقة مع الحوثيين والتنظيمات الإرهابية في نفس الوقت، بهدف ضرب الاستقرار في المناطق المحررة، ودفع القوى المناهضة للحوثيين إلى الصدام في ما بينها، من خلال استخدام أدوات متباينة الخلفيات الأيديولوجية ولكنها تلتقي في المصالح على قاعدة العداء للتحالف العربي.
وتزامنت الهجمات الدموية، التي استهدفت قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية، مع حملة إعلامية ممنهجة هادفة إلى تبرير تلك الهجمات والتغطية عليها إعلاميا من خلال ضخ سيل من المعلومات المغلوطة حول طبيعة الهجوم والجهات التي تقف خلفه، إضافة إلى صرف الأنظار عن نتائج الهجمات الإرهابية عبر بث أخبار وصور قديمة تتحدث عن عمليات ملاحقة تعرض لها أبناء المحافظات الشمالية في عدن.
وكشفت المصادر عن مشاركة جناح باعوم في الحراك الجنوبي المرتبط بقطر وإيران في عمليات التأجيج الإعلامي من خلال القيام بعمليات تحريض واستهداف لبعض أبناء المحافظات الشمالية في عدن ومحاولة إلصاقها بالمجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي، بهدف دفع الأمور نحو الصدام بين الفصائل والتيارات المناهضة للميليشيات الحوثية.
وقال شهود عيان ، الجمعة، إن عناصر تابعة لما يسمى المجلس الثوري للحراك الجنوبي الذي يرأسه حسن باعوم المدعوم من الدوحة وطهران قامت في وقت مبكر من صباح الجمعة بإحراق عدد من عربات الباعة المتجولين في مدينة عدن والمملوكة لمواطنين من أبناء المحافظات الشمالية قبل أن تقوم بتصويرها وبثها لاحقا عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام القطرية والإيرانية والإخوانية.
واعتبر الصحافي والباحث السياسي اليمني أمين الوائلي أن الهجمات الأخيرة تكشف عن مستوى غير مسبوق من التنسيق والتكامل بين جماعتي القاعدة وداعش والحوثيين خلال الهجمات التي استهدفت الأمن وقوات الحزام الأمني في كل من عدن وأبين.
ولفت الوائلي في تصريح إلى أن المجاهرة بالشراكة وبهذه الدرجة من العلنية والعنف والصراحة تعني أن الشركاء لم يعودوا يهتمون حتى بإنكار أو تلبيس الأمر، “مستفيدين من طرف ثالث يبالغ في تنفيذ حملات شيطنة وتحريض استهدفت وتستهدف الأحزمة والقوات الأمنية والعسكرية التي ألحقت خسائر كبيرة بالقاعدة كما بالحوثيين في مختلف الجبهات”.
وأشار الوائلي إلى أن ما حدث في المحفد لم يكن هجوما عابرا بل منسقا ومعدا له بجدية، بالنظر إلى قوة وعنف وفاعلية المجموعات المهاجمة معا من أكثر من محور واتجاه والهدف الأول المتمثل في معسكرات الحزام الأمني ومقر القيادة.
ونوه الصحافي اليمني بردة “الفعل السريعة والكاسحة لقوات الحزام الأمني في أبين وشبوة وقوات الدعم السريع بمساعدة الأباتشي وإعادة الاحتكام على كامل المحفد وتطهير المعسكرات واقتلاع النقاط التي كانت عناصر القاعدة وضعتها، خلال بضعة ساعات فجر الجمعة”.