قضايا وحريات
تراجع العمل التطوعي..
الحرب تخنق صوت المجتمع المدني في اليمن
تواجه منظمات المجتمع المدني صعوبة في أداء مهامها الإنسانية وفي مساعيها للمساعدة على إيجاد مخرج للأزمة المستعصية في البلاد.
ورغم الدور الذي يلعبه المجتمع المدني في اليمن إلا أن صوته يبقى خافتا، وذلك بسبب الوضع الميداني حيث أرغمت الفوضى هذه المنظمات على إغلاق فروعها، والاشتغال بأقل الإمكانيات وسط ظروف صعبة.
وفي دراسة صدرت مؤخرا عن مؤسسة أروقة للدراسات والنشر، يسلط الباحث أمين عبدالله علي الحاشدي الضوء على مؤسسات المجتمع المدني في اليمن وأدوارها.
يقول الحاشدي في الدراسة التي جاءت بعنوان “المجتمع المدني والتنمية قراءة تأصيلية” إن البداية الحقيقية للمجتمع المدني في اليمن لا تبتعد كثيرا عن مثيلاتها في بعض البلدان العربية، وإن تاريخ اليمن الحديث شهد تناميا للعمل الجماعي والتطوعي في عقدي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين في إطار تجربة هيئات التعاون الأهلي للتطوير.
لكن، لم يتطور المجتمع المدني وظل عمله محدودا وموسميا، أي ينشط في فترة الكوارث الطبيعية. ويعود تراجع العمل التطوعي في اليمن إلى عدة أسباب منها:
● اتجاه الأفراد نحو استغلال أوقاتهم في أعمال إضافية بأجر مادي لتحسين ظروفهم المعيشية في ظل تراجع مستوى دخل الفرد وتوسع ظاهرة الفقر.
● عدم توافر الوعي الكافي لمفهوم العمل التطوعي لدى العديد من المتطوعين وعدم تقديرهم لمدى أهمية العمل التطوعي في تنمية المجتمع.
● تدني قيم المشاركة والعمل التطوعي نظرا لأن نشاط الكثير من المنظمات يغلب عليه الطابع الرعائي بأساليبه التقليدية وعدم قدرتها على تجديد أنشطتها وآليات عملها وعلاقاتها مع أفراد المجتمع.
● استمرار نفس القيادات على رأس بعض منظمات المجتمع المدني ولفترات طويلة وتسخير نشاطها لخدمة أغراض تلك القيادات ولّد شعورا عاما بعدم الرضاء والسخط في المجتمع مما جعل آثاره تنعكس على عزوف الأفراد عن التطوع لشعورهم بأن تلك المنظمات لا تعمل إلا لتحقيق مصالح قياداتها.
ويلفت الحاشدي إلى أن أغلب الناشطين في مؤسسات المجتمع المدني في اليمن هم من الذكور ومن الطبقة المتعلمة ثم تليهم الإناث. وتعمل هذه المؤسسات ضمن السياق الاجتماعي الحضري وخاصة في مراكز المدن الرئيسية كالمحافظات وبعض المدن الثانوية التابعة لها، والجزء اليسير منها والذي لا يكاد يذكر يعمل في الأرياف كمشروع تنموي في إحدى القرى تقوم بتنفيذه بعض المنظمات الكبيرة.
وأغلب الأنشطة التي تقوم بها هي أعمال تنموية تتركز في مجال التنمية البشرية، كالتدريب والتأهيل لبعض المستفيدين من الشباب والشابات والأسر والأطفال والأيتام على أعمال الكمبيوتر والخياطة والتطريز ونسيج الأحزمة والمزهريات والكوافير، وتوصف هذه الأنشطة بأنها أعمال تقليدية لا ترقى إلى درجة الأعمال التنموية التي تؤسس لبنية تحتية مستقبلية في اليمن.
وتلفت الدراسة إلى غياب التنسيق بين منظمات المجتمع المدني العاملة في اليمن، وعدم وجود قاعدة بيانات عن المستهدفين تجعل العلاقة بين تلك المنظمات والمستهدفين غير واضحة، مما يؤدي إلى تكرار بعض الأنشطة للمستفيدين من أكثر من منظمة، وعدم حصول أي مستفيد آخر على أي مساعدة وهو في أمس الحاجة إليها.