تطورات اقليمية

صراع على الهوية والنفوذ وتحديد مستقبل المناطق المتنازع عليها..

إقليم كردستان يخشى من تلاعب نتائج التعداد السكاني: هل ستحدد هذه العملية مصير الإقليم؟

مخاوف كردية من تسييس التعداد السكاني وتغيير التوازنات الديموغرافية

بغداد

حذر وزير التخطيط في إقليم كردستان، دارا رشيد، من مخاطر تسييس عملية التعداد السكاني المزمع إجراؤه في العشرين من نوفمبر الجاري، مشيراً إلى مخاوف متزايدة من أن تؤدي هذه العملية إلى نتائج موجهة تستهدف التأثير على مصالح الإقليم. وتشمل هذه المخاوف حصة الإقليم من الموازنة العامة وتمثيله في البرلمان، مما يثير جدلاً واسعاً حول الشفافية والنزاهة في تنفيذ هذا التعداد.

وبدأت المخاوف من تغيير التوازنات الديموغرافية في الإقليم بعد قرار التخلي عن حقل القومية في التعداد، ما يتيح تسجيل وافدين إلى الإقليم على أنهم سكان أصليون، وخاصة في المناطق مثار الخلاف مثل كركوك وحلبجة وديالى، بالإضافة إلى سنجار غرب الموصل حيث تباطأت الحكومة في إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية.

ويعتبر الأكراد أن عدم تضمين سؤال القومية في التعداد وراءه نية مسبقة لتغييب الهوية الكردية وتصوير الأكراد كأقلية والتأثير على مكاسبهم.

التعداد يحدد حصة الإقليم في الموازنة الاتحادية، ويضبط عدد نواب الإقليم في البرلمان العراقي والمؤسسات الاتحادية

ويشير رئيس منظمة كردستان لمراقبة حقوق الإنسان هوشيار مالو إلى أن إبقاء الحكومة العراقية على حقل الدين وإلغائها حقلي القومية والمذهب يبرز مخاوف عدد من الأطراف السياسية من استغلال التعداد للنيل منهم، خصوصا بعض الأقليات مثل التركمان أو أقليات أخرى.

وطالبت جهات كردية مختلفة الأكراد الموجودين خارج العراق إلى العودة إلى مدنهم وقراهم الأصلية والمشاركة في التعداد، خاصة بالمناطق مثار الخلاف بهدف تقديم صورة واضحة عن الوجود الكردي وضمان حقوق الإقليم من وراء التعداد، ما يؤكد أن نتائج التعداد ستكون مصيرية.

ويطالب الجانب الكردي بغداد بتطبيع وتهيئة الأوضاع في المناطق المتنازع عليها وإيجاد حل لسكانها النازحين قبل إجراء التعداد أو تأجيله، وهو ما رفضته السلطات الاتحادية.

ودعا فهمي برهان رئيس هيئة المناطق الكردستانية خارج إدارة الإقليم الأحد الحكومة الاتحادية لتأجيل إجراء التعداد السكاني إلى موعد آخر بسبب عدم معالجة مسألة المناطق المتنازع عليها بين أربيل وبغداد المشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي. لكن حكومة محمد شياع السوداني رفضت التأجيل.

ومنذ عام 2005 وحتى الآن، يجري الحديث عن تطبيق المادة التي تحمل الرقم 140 في الدستور العراقي، والخاصة بإعادة رسم خارطة إقليم كردستان، وتحديد المناطق التابعة له والتي جرى تعريبها خلال النظام السابق.

ولا تتردّد سلطات الإقليم في الكثير من الأحيان في اتهام السلطة الاتحادية العراقية بالعمل على تعريب مناطق كردية على رأسها محافظة كركوك أهم المناطق المتنازع عليها على الإطلاق نظرا إلى الثروة النفطية التي تحتوي عليها أرضها.

 

ومؤخرا نقلت وسائل إعلام كردية ما قالت إنّها معلومات صادرة عن “هيئة المناطق” تفيد بأنّه جرى “خلال الأعوام الثمانية الأخيرة استحداث تسعة أحياء جديدة في كركوك”، لإسكان مجموعات من المكوّن العربي استقدمت من محافظات ديالى وصلاح الدين وسائر محافظات وسط وجنوب العراق وتمّ تزويدها بالأوراق الثبوتية اللازمة لتوطينها هناك.

كما أوردت “معلومات” عن تسارع عملية التعريب لقرى المحافظة وأراضيها الزراعية بعد أحداث أكتوبر 2017، عندما قامت القوات العراقية بطرد البيشمركة الكردية من كركوك إثر تنظيم سلطات الإقليم لاستفتاء على الاستقلال عن الدولة العراقية.

ويوجد اختلاف بين أربيل وبغداد حول عدد سكان الإقليم حيث تقدرهم بغداد بـ5.3 مليون نسمة، فيما يقدر الإقليم سكانه بنحو 6.5 مليون نسمة. وتعمل الأحزاب المهيمنة في بغداد على الحد من مكاسب إقليم كردستان وجرّه إلى أن يكون تحت سلطة الحكومة الاتحادية، في وقت يتمسك فيه الإقليم وقيادته السياسية والحزبية باستقلالية قراره وبناء قواعد واضحة للشراكة مع بغداد.

وقال وزير التخطيط في حكومة إقليم كردستان إن التعداد سيحدد حصة الإقليم في الموازنة الاتحادية، والتي انخفضت من 17 في المئة إلى حوالي 12 في المئة، كما أنه سيساهم في زيادة عدد نواب إقليم كردستان في البرلمان العراقي وفي المؤسسات الاتحادية الأخرى.

ودعت وزارة التخطيط  إلى منع انتقال الأشخاص بين المحافظات أو الأقضية أو النواحي أو من الريف إلى المدينة وبالعكس، خشية وجود خطة للتأثير على التوازنات والدفع بمتسللين لتسجيل أنفسهم كسكان قارين خاصة في المناطق مثار الخلاف.

ويكتسي التعداد السكاني في العراق طابعا أكثر حساسية وتعقيدا قياسا بسائر بلدان العالم نظرا إلى كونه لا يرتبط فقط بالمعطيات الاقتصادية والتنموية والخدمية ومستوى رفاه المجتمع، بل له صلة أيضا بالنظام السياسي القائم على المحاصصة بين الطوائف والأعراق، ما يجعل لنسب المكوّنات أهمية ضمن الأرقام المتعلّقة بالسكان وتوزّعهم الجغرافي بين المناطق.

ويستعد العراق لإجراء تعداد سكاني بعد نحو ثلاثة عقود من الزمن، حيث كان آخر تعداد عام 1987، والذي شمل جميع المحافظات، تلاه إحصاء عام 1997 الذي تم دون مشاركة محافظات إقليم كردستان.

وكان التعداد السكاني من المفترض أن يجرى خلال الأعوام السابقة، وخاصة في العام 2020، لكن جرى تأجيله لأسباب عدة ومنها الخلافات السياسية حول وضع كركوك.

وتعد كركوك من أبرز مناطق الصراع بين بغداد وأربيل، وخضعت لسيطرة الأحزاب الكردية في عام 2014 بعد أن اجتاح تنظيم داعش محافظات عدة، قبل أن تستعيد الحكومة الاتحادية السيطرة عليها عام 2017.

ويطالب الأكراد بتفعيل قانون إعادة العقارات إلى أصحابها في كركوك والتي تم الاستيلاء عليها أو تغيير ملكيتها خلال فترات سابقة. ويضمن القانون إعادة الملكية لأصحابها الأصليين أو الورثة الشرعيين، وتقديم تعويضات مالية أو عقارات بديلة للأشخاص الذين لا يمكن إعادة ممتلكاتهم إليهم.

أسود الأطلس في اختبار صعب أمام الغابون: الحفاظ على سلسلة الانتصارات


الانتقال إلى عصر جديد: الإمارات تستثمر في التقنيات الإعلامية الحديثة


إخفاقات النساء الأمريكيات في الوصول إلى الرئاسة الأمريكية “قراءة تحليلية”


إيران ترفض المفاوضات النووية تحت الضغط والترهيب عقب لقاء عراقجي وغروسي