أنشطة وقضايا
"مشاركة نسائية داعمة"..
من مانشستر إلى شفيلد.. الطفلة العدنية منة ووالدها خالد جرجرة يجسدان رسالة إنسانية على دراجتيهما
استقبال رسمي ومجتمعي في شفيلد - أرشيف
في مشهد استثنائي يعبّر عن عمق الانتماء وروح المبادرة، وصلت الطفلة البريطانية ذات الأصول العدنية منة خالد جرجرة، رفقة والدها الدكتور خالد جرجرة، إلى مدينة شفيلد البريطانية، بعد أن قطعا مسافة تقارب 80 كيلومترًا على متن دراجتيهما، في رحلة حملت عنوان الأمل لأطفال عدن من مرضى السرطان والأيتام.
الرحلة، التي انطلقت من مدينة مانشستر ظهر يوم الجمعة، لم تكن مجرد مغامرة رياضية، بل تجسيدًا لمبادرة إنسانية أطلقتها منة، ابنة الـ16 عامًا، ضمن حملة لجمع التبرعات لدعم الحالات الإنسانية في مدينة عدن، جنوب اليمن.
حظي خالد وابنته منة باستقبال رسمي في مبنى بلدية شفيلد، حيث كانت في مقدمة المستقبلين عمدة المدينة صفية سعيد، والبرلمانية البريطانية من أصول يمنية ابتسام اليافعي، إلى جانب حشد من أبناء الجالية العربية واليمنية في بريطانيا.
العمدة صفية وصفت المبادرة بأنها "رسالة إنسانية نبيلة تعكس وجهًا مشرقًا للجاليات العربية في بريطانيا"، وأشادت بما وصفته "التحدي الإنساني المؤثر الذي يجمع بين الطفولة والوعي المجتمعي تجاه معاناة الآخرين".
أما النائبة البرلمانية ابتسام اليافعي، فقد عبّرت عن اعتزازها بما أنجزته هذه العائلة العدنية، مؤكدة أن "المبادرة تقدم نموذجًا نادرًا لعلاقة الأب بابنته في العمل الخيري، وتعكس مدى انخراط الجاليات في العمل الإنساني العالمي، خصوصًا في دعم المحتاجين في اليمن الذي يعاني من ويلات الحرب والفقر والمرض".
في حديثه لـ"اليوم الثامن"، قال الدكتور خالد جرجرة إن المبادرة كانت فكرة ابنته منة، التي تأثرت كثيرًا بالأوضاع في مدينة عدن، لا سيما معاناتهم من نقص الرعاية الصحية وارتفاع أعداد الأطفال المصابين بالأمراض المزمنة، كمرضى السرطان، بالإضافة إلى الأيتام الذين فقدوا آباءهم جراء الحرب.
وأضاف: "ابنتي منة تابعت أخبار عدن بشغف، وكانت دائمًا تسأل كيف يمكنها أن تقدم شيئًا، فخطرت لها فكرة تنظيم رحلة بالدراجات لجمع التبرعات، وتمكنا بفضل الله وبدعم الخيرين من تنفيذ التحدي وتحقيق الهدف".
وأكد جرجرة أن الرحلة لم تكن سهلة، خاصة في ظل الأجواء الحارة التي رافقتهم، لكن العزيمة والإصرار والرغبة في إيصال رسالة الأمل للأطفال في عدن كانت الدافع الأساسي للاستمرار.
وأشار إلى أن المبادرة لقيت تفاعلًا واسعًا من أبناء الجالية والمجتمع البريطاني، ما أسهم في نجاح حملة التبرعات، والتي سيتم تحويل عائداتها لدعم مرضى السرطان والأيتام عبر جهات موثوقة داخل اليمن.
رافقت الدكتور خالد وابنته في الرحلة الدكتورة نادية، إحدى زميلاته في العمل، التي انضمت إليهما على متن دراجتها الخاصة، تعبيرًا عن دعمها الكامل لهذه المبادرة. وعبّر جرجرة عن امتنانه الكبير لمساندتها، مؤكدًا أن مشاركتها كانت مصدر دعم نفسي كبير له ولابنته.
الحضور المجتمعي في استقبال خالد ومنة عكس حجم التفاعل والفخر بين أوساط الجالية العربية في شفيلد، حيث عبّر الحاضرون عن اعتزازهم بهذه الخطوة التي اعتبروها "ملهمة ومؤثرة" و"مثالًا يجب أن يُحتذى به في العمل الإنساني".
وقال أحد المشاركين في الاستقبال لـ"اليوم الثامن": "منة ليست مجرد طفلة، إنها قدوة للصغار والكبار.. أثبتت أن العمل الخيري لا يرتبط بالعمر بل بالإحساس بالآخر".
ليست المرة الأولى التي تشهد فيها الجاليات العربية في المهجر مثل هذه المبادرات، لكنها تبقى من المبادرات النادرة التي تجمع بين روح الطفولة ورسالة الكبار. رحلة منة ووالدها أعادت تسليط الضوء على معاناة الأطفال في اليمن، ووضعت قضية عدن الإنسانية في دائرة الضوء، وأعادت طرح السؤال الأهم: كم من منة نحتاج اليوم لنمنح الأمل لمن يعيشون الألم؟