بحوث ودراسات

سياسات أيديولوجية تخدم أهداف الإخوان المسلمين وحلفائهم..

تحليل: قمة كوالالمبور.. إستراتيجية سحب الشرعية الدينية عن السعودية

واجهت قمة كوالالمبور انتقادات بتقويض دور منظمة التعاون الإسلامي، ومقرها السعودية، والتي تمثل 57 دولة

ربما من الخطأ تجاهل خطورة قمة كوالالمبور بدعوى مؤشر واحد هو عدم صدور بيان مشترك نهائي عنها. القمة التي استضافتها ماليزيا الأسبوع الماضي لمدة أربعة أيام واجهت "انتقادات بتقويض دور منظمة التعاون الإسلامي، ومقرها السعودية، والتي تمثل 57 دولة تسكنها أغلبية مسلمة"، بحسب وكالة "رويترز".

وبعد أربعة أيام من مراقبة وتحليل المداولات التي احتضنتها القمة برز الاتجاه الأقوى في القمة، وبدا أنّ قمة كوالالمبور، التي كان أبرز حاضريها؛ تركيا وإيران وقطر، ليست سوى حلقة من حلقات إستراتيجية سحب الشرعية الدينية عن السعودية. لقد كانت دعوات الدوحة وطهران وأنقرة لتدويل الإشراف على الحرمين الشريفين، على مدى السنوات الماضية، الحلقة الأبرز من هذا المخطط الإستراتيجي.


على الأرجح أنّ قمة كوالالمبور لن تكون الأخيرة، وهذا التقدير يستند إلى فكرة أنّ الدوحة وأنقرة تريدان أن تتحول المؤسسات والمنظمات الإسلامية المعترف بها عالمياً، والتي لديها شراكات مع منظمة الأمم المتحدة إلى مؤسسات ذات تأثير ضعيف، ليحل مكانها محاور بشعار استقطابي إسلامي، ولكن عقيدته إخوانية، وينافس المكانة الدينية للسعودية كحاضنة لأقدس مدينتين لدى المسلمين. ولعل خطورة الدعم المالي القطري لمثل هذه القمم أنّ قطر مع تركيا تريدان التوسع في آسيا وتشكيل محاور دينية في وجه دول تعتمد المدنية في نظامها وسياساتها، وتحاول محاربة الإسلاموفوبيا والتطرف على حدّ سواء.

واجهت قمة كوالالمبور انتقادات بتقويض دور منظمة التعاون الإسلامي، ومقرها السعودية، والتي تمثل 57 دولة تسكنها أغلبية مسلمة

ولا يخفى انزعاج قطر من دول جارة لها في الخليج وضعت عقيدة التسامح أساساً لإستراتيجياتها العامة، وتريد الدوحة، بالتالي، من خلال مشاركتها وتمويلها قمة كوالالمبور وغيرها أن تعيد إحياء العصب الديني القائم على سياسات أيديولوجية تخدم أهداف الإخوان المسلمين وحلفائهم، والمحور الإيراني وحلفائه في المنطقة. وفي كلمة العشاء الترحيبي أمام ضيوف القمة قال مهاتير محمد (94 عاماً)- أكبر رئيس وزراء في العالم- "نحتاج لإيجاد سبيل لمعالجة أوجه قصورنا واعتمادنا على غير المسلمين في حماية أنفسنا من أعداء الإسلام"، بحسب وكالة "رويترز".


نقل "الزعامة" وقسمة المنظمة


وفي تعليقه على القمة قال أستاذ الدراسات الإسلامية في الجامعة اللبنانية، الدكتور رضوان السيد، إنّ أحد أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر كوالالمبور قام بالهجوم على السعودية بسبب اعتذارها، واعتذار رئيس إندونيسيا ورئيس وزراء باكستان عن الحضور. وتساءل السيّد: (لكن من هم "أعضاء اللجنة التحضيرية" الذين زعموا أنّهم حضّروا للمؤتمر لشهورٍ وشهور؟")، وقال: (إنّ منهم التركي "أمر الله استمر"، من "حزب العدالة والتنمية" التركي وأحد مفكريه، أما الآخرون فكلهم من جماعة "الإخوان المسلمين" بمصر والأردن والسودان وموريتانيا). وفي إجابته عن تساؤل لماذا المنتدى إذن؟  قال السيّد (هو لمعاداة المملكة ومصر، وقسمة منظمة التعاوُن الإسلامي، ومن وراء ذلك محاولة نقل "الزعامة" أو القيادة من المملكة إلى تركيا؛ إذ لابد وسط هذا الاستنزاف الهائل الذي يعانيه العرب، منذ أكثر من عقدين، من الاستغلال والابتزاز والمزيد من الإضعاف).


والحقيقة أنّ غياب أندونيسيا وباكستان والسعودية عن القمّة أفقدها مقومات النجاح. وذكر متابعون لشؤون القمة أنّ دولاً مثل؛ باكستان وأندونيسيا كانت تنظر إلى القمة على أنّها فرصة لجذب الاستثمارات وتوقيع اتفاقيات كبرى لخدمة اقتصادياتها، وهو ما دفعها إلى إعلان نيتها المشاركة في البداية قبل أن تكتشف (وترفض المشاركة تالياً) أن الوعود الاقتصادية لم تكن سوى ستارة تخفي أجندة خفية تجمع بين قطر وتركيا لضرب السعودية بالدرجة الأولى وتقويض نفوذها في دول ذات ثقل سكاني إسلامي تحظى فيها المملكة بحفاوة كبرى كونها راعية الإسلام ومؤسساته، كما نقلت "العرب" اللندنية.


تكتّل جديد للإسلام السياسي


قمة كوالالمبور (التي وصفتها المنصات الإعلامية القطرية والتركية بـ"تكتل إسلامي جديد") جمعت الإسلام السياسي بشقّيه؛ السّني والشيعي، ووجدت فيها إيران متنفسّاً ومنصة من أجل محاولة تحقيق هدف تقاسم النفوذ والتأثير على الأقطاب الدولية من خلال فرض أمر واقع إقليمي.

وهاجمت صحف تموّلها قطر، مثل "القدس العربي"، باكستان على موقفها من القمة، ووصفت سياستها الخارجية بأنّها تابعة للرياض. وقد نفت السفارة السعودية في باكستان ما تردد عن ممارسة المملكة أيّ ضغوط على إسلام آباد لثنيها عن حضور القمة، في رد واضح على تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن أنّ السعودية مارست ضغطاً على باكستان كي لا تشارك.


وعزت الخارجية الباكستانية، في بيان لها السبت الماضي، عدم مشاركتها في القمة إلى رغبتها في منع الانقسام المحتمل في الأمة الإسلامية. وقالت إنّ عدم مشاركتها في قمة كوالالمبور جاء نظير الوقت والجهد الضروريين لمعالجة مخاوف الدول الإسلامية الكبرى فيما يتعلق بالانقسام المحتمل في الأمة الإسلامية. وأضافت المتحدثة باسم الخارجية الباكستانية، عائشة فاروقي، في بيان على صفحتها الرسمية بموقع "تويتر"، أنّ "باكستان ستواصل العمل من أجل وحدة الأمة وتضامنها، وهو أمر لا غنى عنه لمواجهة التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي اليوم".

وكانت منظمة التعاون الإسلامي قد قالت الأربعاء الماضي إنّه ليس من مصلحة المجتمع الإسلامي عقد اجتماعات خارج إطار المنظمة، التي تتخذ من السعودية مقراً لها، والتي كانت على مدى عقود الصوت الجماعي للعالم الإسلامي، وفقاً لـ"رويترز". وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنّ اتصالاً هاتفياً جرى بين مهاتير والعاهل السعودي الملك سلمان يوم الثلاثاء الماضي أكد الملك خلاله أنّ تلك القضايا يجب أن تناقش عبر منظمة التعاون الإسلامي.


منتدى الفكر والحضارة!


يذكر أنّه في العام 2014 وبعد سقوط حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، أسس "مهاتير محمد"، قبل أن يتولى منصبه الحالي، ما عرف بـ"منتدى كوالالمبور للفكر والحضارة"، يتولى هو شخصياً رئاسته، على أن تكون استضافة المنتدى في دول مختلفة تتحالف حكوماتها مع جماعة الإخوان المسلمين، فعقدت نسخة من المنتدى في تركيا وأخرى في السودان، وتونس، بحضور لمختلف التنظيمات والحركات الإسلامية وقياداتها، وبالطبع إلى جانب جميع فروع جماعة الإخوان، بحسب قناة "العربية".
وقد تم تعيين 3 نواب للرئيس من بينهم الموريتاني "محمد ولد الددو الشنقيطي"، عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قطر، ومفتي الجماعات "الجهادية" المسلحة، و"أمر الله أستمر" نائب رئيس الوزراء التركي في حكومة رجب طيب أردوغان، و"علي عثمان طه"، نائب الرئيس السوداني السابق "عمر البشير"، وتولى "عبد الرزاق مقري"، مرشد جماعة الإخوان في الجزائر، منصب الأمين العام للمنتدى.

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة: منصة لتجديد الفكر العربي واستعادة المركزية الفكرية


معركة في الدوري الإنجليزي: غوارديولا أمام اختبار البقاء وتوتنهام لرد الاعتبار


دراسة أمريكية تسلط الضوء على العلاقة بين الأمراض النسائية والموت المبكر


هل يؤدي قرار المحكمة الجنائية الدولية إلى تغيير في السياسة الأوروبية تجاه إسرائيل؟