تقارير وتحليلات
مصدر أممي..
تقرير: الحوثي يسرق المساعدات الصحية الأممية من أطفال اليمن
لم تفرق ميليشيا الحوثي بين من يحمل السلاح ومن لا يحمله، وتمادت إلى ما هو أبعد من الحرب والانقلاب على الشرعية، وارتقت انتهاكاتها المستمرة إلى مرتبة جرائم الحرب، وآخر تلك الجرائم كان عمليات سرقة ونهب واسعة النطاق للمنتجات الطبية الخاصة بالأطفال، وعن طريق ما تُسمى وزارة الصحة التابعة لميليشيات الحوثي، حسبما كشفت مصادر أممية عاملة في اليمن.
التربح من الموت
ووفقًا للمصادر، الجمعة 27 ديسمبر 2019، فإن وزارة الصحة التابعة لميليشيا الحوثي عملت على سرقة المساعدات الخاصة المقدمة من منظمة الصحة العالمية، وهي عبارة عن لقاحات خاصة بإنفلونزا الخنازير، ورفضت توزيعها على المستشفيات والعيادات الصحية اليمنية.
وأشار موقع نيوز يمن، إلى أن هذه اللقاحات تم التحفظ عليها من قبل ميليشيات الحوثي بدعوى فحصها «للتأكد من سلامتها وعدم انتهاء صلاحيتها»، وبدلًا من إعادتها إلى أطفال اليمن، تم بيعها من قبل كبار مسؤولي وزارة الصحة الحوثية مقابل مبالغ مالية كبيرة.
ويأتي ذلك بعد أيام من اعتراف الحوثي بوفاة 94 شخصًا بعد إصابتهم بمرض إنفلونزا الخنازير، رغم نفيها وجود الوباء أو انتشاره بين صفوف المواطنين في العاصمة صنعاء، التي تسيطر عليها الميليشيا الانقلابية المدعومة من إيران.
- سرقة 600 مليون ريال
تسعى المنظمات الأممية خاصة الصحية منها إلى تخفيف وطأة الانقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن، من خلال توفير الأمصال واللقاحات الضرورية، والتي تمنع انتشار الأوبئة والأمراض داخل البلاد.
ولكن يسعى الحوثي إلى إفساد حياة المواطنين اليمنيين؛ حيث يعمل على سرقة ونهب هذه المخصصات سواء كانت طبية أو مالية، وذلك لمنحها للأفراد التابعين له، أو بيعها في السوق بأضعاف أضعاف ثمنها؛ لتمويل أنشطتها المشبوهة في البلاد.
وذكرت المصادر التابعة لمنظمة الصحة العالمية في اليمن أن ميليشيا الحوثي سرقت كل مخصصات حملات التطعيم الروتينية، والتي تتم في مناطق سيطرتها داخل المحافظات اليمنية.
بالإضافة إلى نهب 600 مليون ريال يمني، كانت مساعدة من المنظمة الدولية لدعم حملة التحصين ضد شلل الأطفال في العاصمة صنعاء، وكان من المقرر لها أن تتم في الفترة ما بين 23 إلى 25 ديسمبر الجاري.
- مليون إصابة بالكوليرا
استمرت ميليشيا الحوثي الانقلابية في سرقة اللقاحات والأمصال ومخصصات العلاج المقدمة إلى الشعب اليمني عبر المؤسسات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، وهو ما بدأت آثاره تظهر بصورة جلية على المواطنين في البلاد.
وذكرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عبر حسابها الرسمي على موقع التغريدات القصيرة «تويتر»، أن عدد المشتبه بإصابتهم بمرض الكوليرا في اليمن، وتم الإبلاغ عنهم، وصل إلى مليون مواطن في عام 2018، وهو ما يعني أن نسبة أكبر خصوصًا من لم يتم الإبلاغ عنهم.
وأضافت المفوضية، 26 نوفمبر 2019، أنها عملت على دعم ومساعدة شركائها المحليين في تعليم أكثر من 26 ألف يمني كيفية حماية أنفسهم من الكوليرا، وخطوات التعامل مع المرض إذا ما ظهرت أعراضه.
وتأتي هذه الإحصائية لتؤكد ما أعلنته منظمة الصحة في أول نوفمبر 2019؛ حيث أشارت في تقرير رسمي إلى أن عدد حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن بلغت مليوني و36 ألفًا و960 مواطنًا في الفترة ما بين أكتوبر 2016 وأغسطس 2019.
- مساعدات غذائية وعلاجية معلقة
لا يتوقف سيل التقارير الأممية التي تتهم ميليشيا الحوثي بسرقة ونهب المساعدات الإنسانية والغذائية والعلاجية المقدمة إلى الشعب اليمني، عبر المنظمات الدولية المختلفة.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة، 9 ديسمبر 2019، أن ميليشيا الحوثي تعيق وصول المساعدات الغذائية والعلاجية لنحو 6 ملايين شخص، وهم الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم؛ خصوصًا في الضالع وحجة والحديدة؛ ما يهدد بانقطاع الخدمات الأساسية عن حياة المواطنين، وهو ما يؤثر سلبًا على حياة الجميع، خصوصًا الأطفال.
وأشار التقرير الأممي إلى أن الوصول للمدنيين في هذه المناطق أصبح أمرًا بالغ الصعوبة، وهو ما دفع برنامج الأغذية العالمي في يونيو 2019 إلى تعليق عمله في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي.
ورفضت ميليشيا الحوثي الموافقة على 11 مشروعًا أمميًّا، كان يهدف إلى إنقاذ 1.4 مليون شخص، وبتكلفة تصل إلى 32 مليون دولار، تتكفل بهم الأمم المتحدة، بينما يستغرق الموافقة على المشروعات الأخرى أكثر من 3 شهور، وفقًا للتقرير الأممي؛ ما يسهم في وفاة الكثير من الأفراد.
هكذا توظف جماعة الحوثي القاصرات
تحاول جماعة الحوثي السير على خُطى إيران في تجنيد النساء، على خلفية نقص الأعداد المطلوبة للقتال، وتعويض الخسائر البشرية؛ حيث اتهمت الحكومة الشرعية في اليمن ميليشيا الحوثي بتنفيذ عملية ممنهجة لاستدراج وتجنيد الطالبات في المدارس، ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
وتشير بعض المصادر إلى انتشار عدد من النساء الإيرانيات في مناطق وجود جماعة الحوثي باليمن لأغراض التدريب على الأعمال القتالية؛ حيث يتم إخضاع العناصر الجديدة من الفتيات لدورات تأهيلية عقائدية وعسكرية، بما يتضمن حمل السلاح، والقيام ببعض الأعمال القتالية، الأمر الذي من المتوقع أن يكون له تأثير سلبي كبير على وضع المرأة اليمنية على المدى الطويل
أولاً: تجنيد المرأة في إيران
كانت إيران من أولى الدول التي قامت بتجنيد النساء والفتيات، فيما يُعرف باسم «تنظيم أخوات الباسيج»؛ حيث بدأت طهران في حشد الفتيات من المدارس والمساجد خلال ما يُعرف بالثورة الإسلامية عام 1979، والحرب العراقية الإيرانية 1980، ففي البداية كان دور المرأة في الباسيج مقتصرًا على الوجود في الخطوط الخلفية للقتال؛ الأمر الذي تَمَثَّل في تمريض المصابين، وإعداد الطعام، وتجهيز الأسلحة، ولكن تطور الأمر فيما بعد واحتلت المرأة الصفوف الأمامية في المعارك والحروب.
وتعتبر حارسة الإمام الخميني في باريس «مُرضية دباغ» من أبرز مؤسسي «تنظيم أخوات الباسيج» والملهمة للفتيات المنضمين إليه، ولعب هذا التنظيم دورًا كبيرًا في قمع المعارضين، وتصفية الخصوم؛ الأمر الذي اتضح خلال قمع النساء المشاركات في التظاهرات التي عُرفت باسم الحركة الخضراء التي اندلعت في عام 2009، واحتجاجات أواخر عام 2017، وبداية 2018 المنددة بتدهور مستوى المعيشة الناتج عن ذهاب الجزء الأكبر من موارد الجمهورية الإسلامية إلى تعميق النفوذ الإيراني في المنطقة، من خلال دعم الميليشيات المنتشرة في عدد من العواصم العربية مثل اليمن، والعراق، ولبنان وسوريا)(1.
وكان لهذه الميليشيا النسائية دور كبير في قمع ومواجهة حركة «الأربعاء الأبيض» التي أطلقتها معصومة مسيح علي نجاد، مؤسسة موقع «حريتي المسلوبة»، وهي عبارة عن حركة تم تأسيسها على الإنترنت لمعارضة الزي المفروض من قبل السلطات المحلية داخل الجمهورية الإسلامية، وفي المقابل قامت القيادات النسوية في تنظيم أخوات الباسيج بتنظيم حملة الأربعاء الذهبي، من خلال مؤسسة العفاف والحجاب النسائية التابعة للباسيج، للحديث عن أهمية الحجاب، ولاسيما داخل المجتمع الإيراني، فمنح التجنيد في هيئة الباسيج قدرًا كبيرًا من الحرية للفتيات يفوق القدر الموجود لدى غيرهن؛ حيث تستطيع المرأة من خلال الانضمام للباسيج التخلص من سلطة الأب، واختيار شريك حياتها بنفسها، فالمجتمع الإيرانى أبوي بطبعه، يفرض الكثير من القيود على حرية المرأة)2(.
ثانيًا: توظيف الحوثي للقاصرات في النزاعات
لجأت جماعة الحوثي إلي تجنيد الفتيات منذ عام 2014 داخل ساحات القتال، من خلال مجموعة من الوسائل التي تمثلت في الإغراء بالمال؛ على خلفية الحالة الاقتصادية المتردية، وضعف مستوى المعيشة الذي تعاني منه الأسر، على الجانب الآخر تقوم جماعة الحوثي بتهديد القاصرات بالقوة؛ حيث يتم ترويع طالبات المدارس أو تهديد آبائهن بالقتل، من خلال حملة استقطاب داخل سكن الطالبات والمدن الجامعية تقوم بها الفتيات الأخريات التابعات لجماعة الحوثي، يتوازى ذلك مع استخدام النساء السجينات المحكوم عليهن بأحكام قضائية نتيجة غرامات مالية أو ديون غير مدفوعة وتدريبهن ضمن دورات مكثفة؛ لقيادة العملية التدريبية لهؤلاء الفتيات.
كما تحتل معسكرات الحوثي، المساجد ودور العبادة والمدارس لتدريب القاصرات والأطفال على القتال في النزاعات المسلحة؛ حيث تستخدم ميليشيا الحوثي بعض المساجد لتدريب نوعية معينة من الفتيات، مثل مسجد جامعة الإيمان بصنعاء، والذي تم تحويله إلى ساحة لتدريب الفتيات، واستخدام مدرسة الثورة في مديرية أزال بصنعاء على استخدام بعض الأسلحة الخفيفة كالمسدسات والبنادق، فضلًا عن اللجوء لمعسكرات الجماعة في حالة تدريب الفتيات على فك وتركيب الأسلحة، بالإضافة إلى بعض الحركات القتالية)3(.
ومع التقدم التكنولوجي، بدأت جماعة الحوثي في استخدام الفتيات في أعمال استخباراتية؛ مثل تتبع المعارضين على وسائل التواصل الاجتماعي عبر تكوين مجموعات مختلفة في الشبكات الاجتماعية، من خلال إيهام الناس بأنهن معارضات للجماعة، الأمر الذي يمكنهن من التعرف على أكبر قدر ممكن من المعلومات عن المعارضين، وبالتالي سهولة الإيقاع بهم.
وتهدف كتائب الزينبيات اليمنية من الانتشار عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتضليل الرأي العام، وابتزاز رجال الأعمال والمسؤولين اليمنيين عبر تلك المنصات، فضلًا عن التعرف على أبرز المواقع والتجمعات للتظاهرات المناهضة للممارسات الحوثية في اليمن، وبالتالي سهولة قمعها)5(.
ثالثًا: تداعيات التجنيد للقاصرات على وضع المرأة اليمنية
احتلت المرأة اليمنية المرتبة الأخيرة بين دول العالم فيما يتعلق بمؤشر الفجوة بين الجنسين، لاسيما بعد سنوات القتال المريرة التي شهدها اليمن بعد صعود جماعة الحوثي، وبدء عملية الصراع منذ 2014؛ حيث تسبب العنف في مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ونشوء أزمة إنسانية مدمرة؛ تتحمل نتيجتها النساء والفتيات في أغلب الأحيان، تحت وطأة الصراع اليومي من أجل البقاء.
وتتعرض الفتيات والمرأة بشكل عام داخل اليمن لسوء تغذية، على خلفية عدم وجود القدر الكافي من الطعام اللازم لغذاء الأسرة بأكملها، وعلى خلفية اعتبار المجتمع اليمني من المجتمعات الذكورية الأبوية؛ حيث يأكل الرجال والفتيان أولاً، وأن تبقَّى شيء سيكون للفتيات والأمهات، وعلى الرغم من كل ما سبق فإنه يشير بعض المحللين إلى أنه من المتوقع أن تظهر بارقة أمل من تحت الأنقاض، مستقبل تغيب عنه الحرب ويكون الدور الرئيسي للمرأة حاضرًا إلى حد كبير، ولكن ذلك لن يحدث بين عشية وضحاها، بل بفضل تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، ومساعدة صاحبات المشاريع على الوصول إلى التدريبات اللازمة لهن؛ حيث تقوم بعض النساء بتحويل مهاراتهن التقليدية سواء الطبخ أو الخياطة إلى عمل تجاري)6(.
كما أدى تجنيد الفتيات من قبل جماعة الحوثي اليمنية واستمرار الصراع بين الحوثي والتحالف العربي لدعم الشرعية إلى صعوبة وصول المساعدات الإغاثية من قبل الأمم المتحدة؛ من حيث الفئة المستهدفة بهذه المساعدات والتدريبات المهنية التي تهدف إلى تحسين وضع المرأة في ظل الأوضاع غير المستقرة الناتجة عن الحرب، على خلفية الدور الحوثي المراقب المقيد والمانع لوصول هذا النوع من المساعدات، باعتبار هذه الجماعة المستفيد الأول من حالة القهر، والضغوط غير المسبوقة التي تتعرض لها المرأة في المجتمع اليمني.
"المرجع"