بحوث ودراسات

مخرجات متعددة..

تحليل: الهدنة الأممية.. إمكانية وصول اليمن إلى تسوية سياسية شاملة

جهود التسوية: الهدنة اليمنية وإمكانية حل الأزمة

أعلنت الأمم المتحدة في 2 أبريل 2022 على لسان المبعوث الخاص لليمن هانز جروندبرج سريان الهدنة بين الأطراف المتحاربة في اليمن والتي ستستمر لمدة شهرين. وقد جاء هذا الإعلان بعد مباحثات السلام التي استضافتها مدينة الرياض عاصمة السعودية، وبإشراف من مجلس التعاون الخليجي؛ حيث وافقت قوات التحالف العربي لدعم الشرعية والحوثيين على وقف جميع الأعمال العسكرية الجوية والبرية والبحرية داخل اليمن وعبر حدوده. كما أنه يمكن تمديد الهدنة في حال اتفاق الطرفان.

وتتمثل أهمية هذه الهدنة كونها أول هدنة يتم الاتفاق عليها على مستوى اليمن منذ عام 2016، وبموجب هذا الاتفاق سيكون هناك استقرار في حركة تدفق السلع إلى الموانئ اليمنية خاصة ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيين، بالإضافة إلى وقف الأعمال القتالية داخل اليمن وفتح المجال الجوي والرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى كل من القاهرة وعمان. كما سيتم فتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز المحاصرة في جنوب غرب اليمن.

ويتوقف نجاح هذه الهدنة على مدى التزام طرفي الصراع بوقف التصعيد العسكري على مختلف الجبهات خاصة وأنها جاءت بعد محادثات بين ممثلي الأمم المتحدة وممثلي الحوثيين في سلطنة عمان، بالإضافة إلى مجموعة من اللقاءات مع الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا في الرياض؛ حيث يطلب الحوثيين رفع الحصار أولًا، في حين يهدف التحالف إلى توقيع اتفاق حول وقف العمليات العسكرية الحوثية.

مخرجات متعددة

أظهر التحالف العربي لدعم الشرعية والحوثيين حسن النية فيما يتعلق بتقديم التنازلات المتبادلة للوصول إلى هذا الاتفاق، خاصة وأن الهدف الأساسي من هذه الهدنة هو منح اليمنيين مهلة للتعامل مع معاناتهم الإنسانية؛ حيث تمثل هذه الهدنة بالنسبة لليمنيين بارقة أمل في ظل حالة الصراع والانهاك المستمرة منذ 7 سنوات.

وقد تزامنت هذه الهدنة مع الجهود والمبادرة السعودية التي تهدف لإنهاء الأزمة اليمنية، خاصة وأن المبعوث الأممي إلى اليمن أشار إلى أهمية المبادرة السعودية التي أطلقتها في مارس 2021 بهدف الوصول إلى تسوية شاملة للأزمة اليمنية، وهو ما يعني تزايد احتمالية القبول المستقبلي لاتفاق أوسع وأشمل في إطار الجهود الخاصة بالتسوية. وذلك بعد محاولات فاشلة للسلام وتصاعد العنف؛ حيث أعلن جروندبرج أنه يضغط في اتجاه وقف دائم لإطلاق النار في ظل مساعي مبعوثا الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى اليمن الوصول إلى هدنة دائمة منذ العام الماضي. خاصة وأنه ينظر إلى الصراع في اليمن على أنه حرب بالوكالة بين السعودية وإيران، وقد أعلنت طهران أنها تأمل في أن تؤدي الهدنة إلى رفع كامل للحصار ووقف دائم لإطلاق النار. وضمن سياق متصل، أعلنت الأمم المتحدة في 16 مارس 2022 بأنها استقبلت تعهدات مالية من 36 جهة مانحة بقيمة 1.3 مليار دولار لصالح خطتها الإنسانية في اليمن لعام 2022. كما أن الهدنة تمثل بارقة أمل لتسوية الأزمة ولكن لم تقدم لها الأمم المتحدة الإطار السياسي الشامل لتحويلها إلى عملية سلام شاملة. وإن كان هناك تصاعد في الاهتمام الأمريكي بهذا الملف مقارنة مع الرؤساء السابقين مثل أوباما وترامب.

مواقف داعمة

رحبت وزارة الخارجية السعودية عن إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن جروندبرج بإطلاق الهدنة التي من شأنها وقف الأعمال العسكرية في الداخل اليمني وعبر حدوده، كما ثمنت الجهود الأممية في هذا الشأن باعتبار أن هذه الجهود امتدادًا للمبادرة التي طرحتها من قبل.

وضمن السياق ذاته، أعلنت البحرين عن ترحيبها بهذه الخطوة لوقف الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية شاملة، بالإضافة إلى ذلك رحبت كل من عمان والكويت بالجهود الأممية لحل الأزمة اليمنية، كما رحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح الحجرف، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش بجانب ترحيب كل من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والحكومة اليمنية بهذه الهدنة.

وتأتي هذه المواقف باعتبار أن هذه الهدنة ستكون بداية لخفض التصعيد والوصول إلى تسوية شاملة للنزاع بين اليمنيين وتحقيق السلام الشامل، وأن هذه الهدنة بمثابة عامل حفز للحوار اليمني - اليمني الذي انطلقت في الرياض وتستمر لمدة أسبوع وتتضمن محاور سياسية وعسكرية وإنسانية ويشارك فيها المبعوث الأممي فضلًا عن المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينج.

من ناحية أخرى، فإن استئناف المشاورات اليمنية – اليمنية أثناء سريان الهدنة ساهم في نجاح استمرارها خاصة بعدما تراجعت الخروقات التي ترتكبها جماعة الحوثي مع تزايد الاتجاه نحو إيجاد مراقبين دوليين لمراقبة التزام الطرفين، بالإضافة إلى مناقشة الترتيبات الخاصة بالأوضاع الميدانية مع إنشاء آلية لمواجهة أي خروقات للهدنة بين أطراف النزاع.

في الختام، تستحوذ هذه الهدنة على أهمية كبيرة فيما يتعلق برفع المعاناة عن الشعب اليمني وإمكانية الوصول إلى تسوية شاملة للأزمة اليمنية خاصة وأنها تأتي بالتزامن مع انعقاد المباحثات اليمنية اليمنية في الرياض لتخفيف أزمة الوقود وتسهيل حرية الحركة الملاحية ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني. ولعل ما يزيد من أهمية هذه الهدنة هو الترحيب الداخلي الإقليمي والدولي بها والعمل على توفير مختلف السبل والآليات لإنجاحها.  

تصعيد غير مسبوق في لبنان قبيل إعلان محتمل لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله


محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تعزز قوة الاقتصاد السعودي وتفتح آفاقاً جديدة للنمو


اجتماع رباعي يبحث أزمة السودان: دعوات لوقف إطلاق النار وتعزيز الاستجابة الإنسانية


الإمارات تواجه زيادة حادة في الهجمات السيبرانية وهجمات الفدية في 2024