تقارير وتحليلات
"اليوم الثامن" تستعرض خارطة تحالفات الحوثيين والإخوان وأنصار الشريعة..
تنظيم قاعدة جزيرة العرب.. هل آن البحث عن الملاذ الأخير؟!
تمهيد: اعتقلت السلطات الكندية "قيادي في تنظيم قاعدة الجهاد بالجزيرة العربية"، اثناء ما كان في طريقه من الولايات المتحدة الأمريكية، صوب "اوتاوا"، بمساعدة شقيقته المسؤولة في السفارة اليمنية بواشنطن.
أفادت منصات إعلامية محلية في اليمن أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين عوض بن مبارك[1]، عين شقيقة متهم بالارتباط بتنظيم القاعدة، في منصب المسؤول السياسي بسفارة اليمن في الولايات المتحدة.
انتصار الحميقاني المعينة بقرار من وزير الخارجية أحمد بن مبارك، في منصب المسؤول السياسي بسفارة اليمن في واشنطن، أدخلت شقيقها المتهم بالانتماء لتنظيم القاعدة، إلى الولايات المتحدة، قبل ان تساعده في محاولة هرب من واشنطن إلى "اوتاوا"، لكن السلطات الكندية ألقت القبض عليه وأودعته السجن بتهمة الانتماء لتنظيم إرهابي.
هذا الخبر بات مدخلا لجملة من التساؤلات الكثيرة، حول ما إذا أصبحت اليمن الجنوبي[2] بيئة طاردة لتنظيم قاعدة جزيرة العرب، بعد نحو ثلاثة عقود، استطاع خلالها التنظيم من إقامة "إمارات" خاصة به في أكثر من مدينة جنوبية، أبرزها أبين شبوة.
شارك تنظيم القاعدة في القتال الى جانب قوات نظام علي عبدالله صالح والإخوان المسلمين خلال حرب "الانفصال" في صيف العام 1994م، وقد استند التنظيم إلى فتاوى دينية، دعت إلى قتال النظام الجنوبي على اعتبار أنه "كان الدولة الشيوعية الوحيدة في العالم العربي، على الرغم من اتحادها الهش مع الجمهورية العربية اليمنية، وهي الوحدة التي انتهت بالحرب لكنها فتحت الباب امام تنظيم القاعدة لإنشاء المعسكرات والامارات في الجنوب، خاض خلال حروبا مفتوحة ضد الجيش والقبائل الجنوبية.
القاعدة في اليمن والسعودية
تنظيم القاعدة في جزيرة العرب هو تنظيم متطرف يتخذ من اليمن الجنوبي مقراً له، منذ ما قبل عملية اتحاد بين فرعي التنظيم السعودي واليمن[3]، ليصبح تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
في 16 يونيو (جزيران) 2015 عين التنظيم اليمني قاسم الريمي زعيماً له، خلفاً لناصر الوحيشي الذي قتل بغارة لطائرة بدون طيار في مدينة المكلا مركز محافظة حضرموت، وفي 29 يناير (كانون الثاني) 2020 قتل زعيم التنظيم قاسم الريمي[4] في غارة جوية أمريكية، وتم تعيين السعودي خالد باطرفي خلفاً له.
قبل اندماج الفرعين السعودي واليمني قام تنظيم القاعدة بعدد من العمليات في الأراضي السعودية أبرزها: في فبراير (شباط) عام 1995م: هجوم بالسيارة المفخخة على إدارة للحرس الوطني يؤدي إلى مقتل ستة أشخاص من بينهم خمسة أميركيين، وفي يونيو (حزيران) عام 1996م هجوم عنيف بشاحنة مفخخة على قاعدة عسكرية أميركية بالخبر يخلف 19 قتيلاً وحوالي 500 جريح.
في عام 2005م القوات السعودية تشن عملية واسعة على معاقل التنظيم وأدت الحملة إلى توجيه ضربة موجعة للتنظيم إثر مقتل عدد من قادته ومقاتليه واعتقال عدد آخر وهو ما أدى إلى تراجع عمليات التنظيم خاصة الكبيرة منها.
أما فرع التنظيم في اليمن فقد اقتصرت هجماته قبل الاندماج على بعض العمليات الصغيرة التي تتم خلالها مهاجمة أشخاص غربيين باستثناء الهجوم على المدمرة الأميركية كول في أكتوبر (تشرين) عام 2000م في خليج عدن الذي أسفر عن مقتل 17 جندياً أميركياً وإصابة 38 آخرين وكذلك الهجوم على السفارة الأمريكية في صنعاء في سبتمبر عام 2008م الذي أدى إلى مقتل 16 شخصاً.
وبعد الاندماج مثلت أبرز عمليات التنظيم في محاولة الاغتيال التي تعرض لها الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية السعودي في 28 أغسطس (آب) عام 2009م بمدينة جدة. وتبنيه محاولة تفجير طائرة أميركية في 25 ديسمبر (كانون الأول) عام 2009م عندما كانت تقوم برحلة من أمستردام بهولندا إلى مدينة ديترويت بالولايات المتحدة قام بها النيجيري عمر الفاروق قبل أن يتم إحباطها.
وفي نهاية أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010م تم العثور في مطار دبي على طرود ملغومة في طائرة شحن متوجهة إلى الولايات المتحدة انطلاقاً من اليمن، واتهمت واشنطن التنظيم بالوقوف وراء العملية.
تحالف نظام صنعاء مع الأفغان العرب
شكل التحالف الاستراتيجي لنظام صنعاء (تحالف علي عبدالله صالح وإخوان اليمن)، ضربة قاصمة للجنوب الذي كان رئيسه علي سالم البيض، قد اعلن احتجاجه على عمليات اغتيال ممنهجة استهدفت المسؤولين الجنوبيين في صنعاء ومدن يمنية أخرى.
وقبيل الحرب التي شنها نظام صنعاء على الجنوب على عدن في الـ27 من أبريل (نيسان) 1994م، حيث فتح علي عبدالله صالح، المعسكرات لتجنيد عناصر القاعدة للقتال الى جانب قوات صنعاء[5] في اجتياح عدن والسيطرة عليه، سؤكد نبيل نعيم، أحد قيادات التنظيم الذين تواجدوا في اليمن ومؤسس تنظيم الجهاد في مصر، أثناء استضافته من قبل طوني خليفة مقدم برنامج "القاهرة والناس" قبل سنوات أنهم تلقوا دعما من الخائن علي عبدالله صالح لاحتلال اليمن الجنوبي قبل الوحدة.
وقال نبيل نعيم إنه قضى 40 عاما من حياته في القتال مع "القاعدة" وليس نادما على ذلك، ولو عاد به الزمن لفعل الشيء نفسه، معبراً عن حسرته فقط من هزيمته في إحدى المعارك التي شارك فيها.
وتحدث نعيم عن أن الهزيمة التي تلقاها كانت في اليمن، حيث كان لديهم تصور بأنهم بعد الانتهاء من أفغانستان سيتوجهون إلى اليمن الجنوبي الذي كان شيوعيا حينها ويترأسه علي سالم البيض لاحتلاله.
وكشف أن أسامة بن لادن "زعيم تنظيم القاعدة حينها" تواصل مع علي عبدالله صالح في اليمن الشمالي وطلب مساعدته، فوافق الأخير وفتح معسكراته لقرابة 20 ألفاً من عناصر "القاعدة" التكفيريين العائدين من أفغانستان وتكفل بتمويلهم ومنحهم رتباً عسكرية كلاً بحسب السنين التي قضاها في أفغانستان.
وأشار إلى أن الهزيمة تمثلت في أنهم عقب احتلالهم اليمن الجنوبي واسقاطهم عدن انقلب عليهم علي عبدالله صالح ودخلوا في حرب معه، منوها إلى أن القتال في اليمن يختلف عن القتال في مصر حيث بسبب ذلك الانقلاب دخلت القبائل في حروب فيما بينها بسبب علي عبدالله صالح.
بعثة خبراء من الأمم المتحدة كشف بعضا من تلك المناورات والتكتيكات، خاصة علاقة صالح بجماعات إرهابية يستخدمها كأذرع داعمة له من أجل تخريب اليمن والعبث بأمنه وتقويض استقراره وتعطيل أي بادرة بناءة لإرساء قواعد السلم في البلاد.
وأكد تقرير لجنة الخبراء في الأمم المتحدة تواطؤ صالح وأفراد عائلته والصلات الوثيقة التي تربطه مع تنظيم القاعدة الإرهابي وزعمائه في اليمن. حيث أشار التقرير، إلى أن وزير دفاع المخلوع آنذاك محمد ناصر أحمد، عقد لقاءات عدة جمعت صالح بسامي ديان زعيم تنظيم القاعدة[6] لوقف العمليات العسكرية ضد التنظيم في أبين.
وذكر التقرير أن أوامر عسكرية صدرت في مايو (آيار)2011 من يحيى صالح، وهو ابن شقيق صالح والمسؤول عن وحدة مكافحة الإرهاب في أبين، بانسحاب القوات العسكرية نحو العاصمة صنعاء، مما سهل لتنظيم القاعدة شن هجوم على المحافظة والسيطرة عليها حتى منتصف عام 2012.
وأفادت بعض الروايات عن زعماء في تنظيمات متشددة أن صالح كان يشرف على تلقين السجناء من تنظيم القاعدة في اليمن الأقوال والشهادات التي يتعين عليهم الإدلاء بها أمام المحققين الأميركيين الذين يتناوبون على التحقيق معهم، حسبما أوردت وسائل إعلام محلية يمنية.
هادي وإخوان اليمن والتحالف مع القاعدة
في العام 2014، وتحديدا في الـ21 من سبتمبر (ايلول) وعقب سيطرة الأذرع اليمنية على العاصمة اليمنية صنعاء، حاول الحوثيون تقديم أنهم على انهم القوة الشيعية في المنطقة مستعدة لمجابهة تمدد الفكر الجهادي الذي يهدد الأنظمة العربية.
يقول أحد المقربين من تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية لاستيضاح تطور الصراع على الأرض والدور الذي يلعبه التنظيم في مواجهة الحوثيين.
بالنسبة للتنظيم يقول عضو القاعدة "إن ساحة الاشتباك تمتد على طول اليمن وعرضه واصفا المعركة بـ"المفتوحة بعد تسليم مقاليد اليمن للحوثيين، بمباركة أمريكية-خليجية"[7]، حيث يتركز عمل القاعدة على العاصمة كما على الجوف والبيضاء ومدينة رداع خاصة باعتبارها مفتاحا للمحافظة ككل وسبيلا لكسر شوكة القبائل السنية من قبل الحوثيين على غرار ما حدث في صعدة وعمران".
تقول الصحافية في محطة بي بي سي عربية صفاء الأحمد "إن مسلحين تابعين لتنظيم القاعدة يقاتلون في صف قوات هادي وحلفاءه (الإخوان) في مواجهة الحوثيين[8]، على تخوم مدينة تعز"؛ وقد كان حديث الصحافية الأحمد بمثابة شهادة على تحالف الرئيس اليمني المتنحي حديثا مع تنظيم القاعدة، ويعود التحالف مع القاعدة، الى وجود شخص الجنرال علي محسن الأحمر الذي يصف بالأب الروحي لتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية.
في مطلع يوليو (تموز) العام 2020م، وصفت صحيفة ليبراسيون الفرنسية الجنرال علي محسن الأحمر بأنه ”بابا القاعدة“[9]، متهمة الرجل الثاني بعد الرئيس عبدربه منصور هادي (حينها) بالتنسيق مع التنظيم المتشدد.
ونقلت الصحيفة عن مايكل هورتون، عضو مؤسسة ”جيمس تاون“ للبحث والتحليل حول الإرهاب، إشارته بأصابع الاتهام إلى علي محسن الأحمر، وقوله إن نائب الرئيس اليمني ”سهّل استخدام المسلحين ضد الحوثيين ونشرهم -أيضا- ضد المقاتلين في الجنوب“.
وتضيف الصحيفة نقلا عن الباحث هورتون أن ما سماه” الاندماج مع القاعدة “يعود إلى بداية الحرب في اليمن عام 2015، ومن الناحية الأيديولوجية فإن دعم” القاعدة “لحكومة هادي قائم.
ويقول فرناندو كارفاخال العضو السابق في فريق خبراء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المعني باليمن للصحيفة الفرنسية إن” هناك تعاونا بين القوات المسلحة الحكومية والقاعدة، وفي بعض المقاطعات استفاد مقاتلوها من المعدات والأموال العامة“.
لكن هارتون يخلص إلى أن” هذه التحالفات مع القاعدة ستكون بالتأكيد أكثر تواترا … فالقوات الحكومية ضعيفة وتتكون إلى حد كبير من رجال غير مدربين على عكس القاعدة التي تضم مقاتلين“.
ويتساءل تقرير الصحيفة الفرنسية الذي تحدث عن جريمة اغتيال الصحفي الجنوبي نبيل القعيطي مطلع يونيو الماضي:” من يقف وراء هذا البحث عن الصحفيين في عدن؟ “.
وتجيب الصحيفة في افتراض بالقول:” من بين المسارات ثمة احتمال أن تكون الحكومة المركزية في المنفى في الرياض هي الضالعة في ذلك بمساعدة مقاتلي القاعدة“.
القاعدة والحوثيون والإخوان في مواجهة المجلس الانتقالي الجنوبي
في أغسطس (آب) 2019م، اتهم المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الإخوان المسلمين في اليمن باستخدام تنظيمي القاعدة وداعش في الحرب التي شنها حلفاء قطر على شبوة النفطية وأبين حينها، في وقت ذكّرت وزارة الدفاع الأميركية حلفاءها بالتزامهم محاربة الجماعات المتشددة.
واحتفل سياسيون وصحافيون من الإخوان بهجوم إرهابي استهدف قوات الحزام الأمني في أبين، واعتبروه نصرا لقوات "الجيش الوطني"، لكن موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي قالوا إن "أنصار الشريعة" أعلن مسؤوليته عن الكمين.
ورأى المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم في حديث مع "قناة الحرة"[10] أن هذا "دليل جديد على علاقة الحكومة والقوات التي يقودها علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح بالتنظيمات المتطرفة واستخدامهم لها ضد قوات المجلس الانتقالي الجنوبي".
وقال المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي نزار هيثم، إن علي محسن الأحمر معروف عنه أنه منذ عام 1994 وقبلها كان يجند الأفراد الذين كان يرسلهم إلى أفغانستان، ثم في حرب 1994 كان رأس الحربة ضد الجنوب، وأن جزءا كبيرا يتمثل في "نحو 70 في المئة من قوات "هادي" من العناصر الإرهابية،" مشيرا إلى أن "متشددين من تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة أعطوهم مناصب قيادية في الجيش في 2015 مثل مهران القباطي قائد اللواء الرابع في الحماية الرئاسية".
خلال الحرب التي شنها الإخوان في مأرب للسيطرة على محافظة شبوة النفطية الجنوبية في أغسطس (آب) 2019م، أفرج الحوثيون الموالون لإيران عن قيادات بارزة في تنظيم القاعدة، مضى على بعضهم في السجن أكثر من عشرة أعوام، أي انه جرى اعتقالهم قبل سيطرة الحوثيين على صنعاء في العام 2014م.
أتهم الجنوب بشكل صريح – الجنرال الأحمر – بأنه وراء افراج الحوثيين عن عناصر القاعدة[11]، فالجنرال الإخواني المحسوب أيضا "على الجماعة الزيدية التي تضم الحوثيين أيضاً"، كاد ان يخسر معاركه مع قوات النخبة الشبوانية في مدينة عتق.
تعتقد منصة المشارق المتخصصة في متابعة انشطة التنظيمات المتطرفة[12] أن ثمة تنسيق وطيد بين قادة القاعدة وإيران[13] التي توفر لهم الدعم والإقامة وأنواع أخرى من المساعدة منذ أن لجأوا إليها عام 2001.
وأشار المنصة على لسان باحث يمني الى تقرير رفعته الحكومة اليمنية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2018، وتضمن معلومات عن قيام الحوثيين المدعومين من إيران بالإفراج عن 252 قياديا من القاعدة من سجونها[14] في العام نفسه.
ومن بين هؤلاء اليمني جمال البدوي وهو العقل المدبر اليمني للهجوم الذي نفذته القاعدة عام 2000 على المدمرة الأميركية يو.أس.أس كول والذي أسفر عن مقتل 17 جنديا أميركيا. وقد قُتل البدوي في غارة جوية باليمن في كانون الثاني/يناير 2019.
وفي سبتمبر (أيلول) 2021م، سيطر الحوثيون على جزء كبير من شبوة، بمساعدة الإخوان الذين تركوا المعسكرات في بيحان وعسلان وعين وفروا صوب مركز محافظة شبوة، ليتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، قتال الحوثيين واخراجهم ضمن عملية "إعصار الجنوب" التي أربكت الإخوان وذهبوا الى الهجوم على الامارات العربية المتحدة، التي أشرفت على العمليات العسكرية لقوات العمالقة الجنوبية.
سيطرة الإخوان على شبوة، فتحت الشهية أمام الجنرال العجوز، للوصول الى سدة الحكم وخلافة هادي "الرئيس الذي سلم إدارة الحكم للإخوان"، غير انه تحذيرات أمريكية سابقة للسعودية بعدم السماح للأحمر بالوصول الى رئاسة اليمنية، على اعتبار ان ذلك قد يشجع على توسع الإرهابيين وتزايد مجندي تنظيم القاعدة.
في العام 2016م، دفع هادي، بمستشاره العسكرية علي محسن الأحمر الى منصب نائب الرئيس، ومنذ لحظتها تواصلت التحذيرات الغربية من ان صعود الأحمر في السلطة قد يشجع القاعدة أكثر، لكن بعد سبعة أعوام من الحرب، لم يضيف الأحمر أي شيء لمصلحة الحرب ضد الأذرع الإيرانية، وهو ما دفع السعودية الى تنحيتها بالإضافة الى تنحية الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي.
ورأت السعودية ان اليمن بحاجة الى "مجلس قيادة رئاسي" تشترك فيه جميع الأطراف بما يمهد نحو تسوية سياسية شاملة في اليمن[15].
الجنوب ومكافحة الإرهاب والإسناد الإماراتي
إلى أواخر العام 2019م، كانت الإمارات العربية المتحدة الشريك في التحالف العربي، تعمل بفاعلية في محاربة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية، فخلافا لكونها أنشئت قوات محلية جنوبية ساهمت في تطهير عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت من التنظيمات الإرهابية، الا انها نفذت عمليات عسكرية معقدة ضد أوكار التنظيمات المتطرفة في البيضاء وأبين، بمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية.
في يناير (كانون الثاني) العام 2017م، شاركت قوة عسكرية محترفة من القوات المسلحة الإماراتية إلى القوات الأمريكية في عملية ضد أفراد يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، في بلدة رداع بالبيضاء[16]، وقد أسفرت تلك العملية عن مقتل قيادي في تنظيم القاعدة من أسرة بيت الذهب في البيضاء وسط اليمن.
عملت الإمارات خلال مشاركة قواتها في عملية عاصفة الحزم، في محاربة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية، ضمن استراتيجية إماراتية[17] نجحت في الحد من الهجمات الإرهابية الانتقامية التي ضربت مدن الجنوب عقب تحريرها من الحوثيين الموالين لإيران.
اليمن الجنوبي ملاذ غير أمن
في يوم 7 أبريل/نيسان 2022، أصدر الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي قرارا يقضي بإعفاء نائبه علي محسن الأحمر من منصبه، قبل ان يعلن نقل صلاحياته الرئاسية إلى مجلس قيادة رئاسي، يرأسه اللواء رشاد العليمي ويضم مختلف الأطراف اليمنية والجنوبية.
لم تمض أيام قليلة على عزل الأحمر، حتى شن تنظيم القاعدة هجمات ضد قوات الحزام الأمني في أبين وشبوة، وهو ما عزز الاتهامات للأحمر بالوقوف وراء إعادة تنشيط تنظيم القاعدة في الجنوب.
لكن العديد من المعلومات تشير الى ان التنظيم يعاني من الانقسام الشديد بفعل تعدد القيادة العليا للتنظيم[18]، وهو ما دفع العديد من أمراء التنظيم الى مغادرة اليمن نحو عواصم إقليمية وأوروبية.
على الرغم من ان التنظيم يعاني من ازمة قيادة، الا انه تراجع كثيرا مقارنة بالسنوات التي سبقت الحرب، وهو الأمر الذي دفع بعض أمراء التنظيم الى الفرار صوب دول إقليمية وأوروبية طلبا للأمان من الملاحقة، خاصة في ظل وجود توجه إقليمي ودولي وإصرار المجلس الانتقالي الجنوبي على خوض عملية عسكرية تعيد الى الاذهان العمليات العسكرية التي قادها اللواء منير اليافعي (قتل في قصف صاروخي في العام 2019م.
وبرزت ورقة تحريك القاعدة وداعش كأسلوب ممنهج في إدارة كفة الصراع اليمنية، فيما كشفت تقارير سابقة عن لجوء الحوثيين إلى تنفيذ عمليات اغتيالات وتفخيخ في المناطق الجنوبية تحت غطاء الجماعات الإرهابية وبنفس أسلوبها.
هجمات ارهابية ضربت الجنوب واستهدفت قيادات بارزة في المجلس الانتقالي الجنوبي، تشير تحقيقات أمنية إلى أنها جاءت وفق أجندات أطراف يمنية عديدة متضررة من التحولات المباغتة التي شهدها معسكر الشرعية وتشكيل مجلس القيادة الرئاسي وهو ما توقع انه سيعزز من تكثيف هذه الأطراف لعملياتها الهادفة لمحاصرة المجلس وإغراق المناطق الخاضعة لسلطته بالأزمات الأمنية والسياسية.
ويبدو ان السعودية التي رعت انتقال السلطة في اليمن من هادي الى مجلس القيادة الرئاسي، قررت وقف اي تحرك للإخوان لعرقلة جهود المجلس الذي تشترك فيه الاطراف الجنوبية لأول مرة منذ الحرب الأولى في صيف العام 1994م.
وتواجه قوات يعتقد انها تابعة للجنرال العزول علي محسن الأحمر في وادي حضرموت، ضغوطا سياسية وشعبية لانسحابها خاصة في ظل الحديث عن احتضان تلك القوات للعناصر المرتبطة بالقاعدة، والتي تقول معلومات – حصلت عليها صحيفة اليوم الثامن إن – نحو خمسمائة شخص قتلوا وجرحوا أغلبهم مدنيون في هجمات إرهابية بوادي حضرموت.
وتحرير وادي حضرموت وتأمين المهرة، قد تكون الضربة القاصمة للتنظيمات المتطرفة (في الجنوب)، وهو ما يعني ان قيادات وعناصر التنظيم ستذهب للبحث عن "ملاذات أمنية"، خاصة في ظل تأكيد المجلس الانتقالي الجنوبي – السلطة السياسية الجنوبية- على استمرار جهود الحرب ضد التنظيمات المتطرفة التي يقول رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي انها صمتت لاستهداف الجنوب والجنوبيين دون غيرهم، حيث أكد الزبيدي في مقابلة مع قناة العربية السعودية[19] "أن علي محسن الأحمر هو من صمم تنظيم القاعدة في الجنوب، لتقديم تقارير مضللة الى المجتمع الدولي بان الجنوبيين هم الارهابيون، على عكس التوظيف السياسي للعائدين من أفغانستان ابان حرب قادة الجهاد الإسلامي ضد الوجود السوفيتي هناك.
المصادر
[1]أنظر: ابن مبارك عيّن شقيقة متهم بالإرهاب "مسؤولاً سياسياً" بسفارة اليمن بواشنطن
السياسية - نيوز يمن ( الأحد 31 يوليو 2022)
[2]جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (اليمن الجنوبي) – ويكيبيديا
[3]تنظيم القاعدة في جزيرة العرب - ويكيبيديا
[4]تنظيم القاعدة في اليمن يؤكد مقتل زعيمه ويعين قاسم الريمي خلفا له - أ ف ب عربي ودولي
[5]أنظر| نبيل نعيم: علي عبدالله صالح فتح لنا معسكراته للتدريب - makhaterltakfir
[6]علي عبدالله صالح والقاعدة.. تحالف الشيطان -- سكاي نيوز عربية
[7]انظر: تحالف "القبائل والقاعدة" في اليمن يأخذ بزمام المبادرة لدحر الحوثيين وبقايا نظام علي صالح - اسلاميون (2014)
[8]مسلحو القاعدة في اليمن "على جبهة واحدة مع التحالف السعودي" في معركة ضد الحوثيين - بي بي سي (22 فبراير/ شباط 2016)
[9]صحيفة فرنسية: علي محسن الأحمر "بابا القاعدة" في اليمن - إيرم نيوز
[10]"القاعدة" تدخل على خط معركة الإصلاح والانفصاليين في جنوب اليمن - قناة الحرة الأمريكية (27 أغسطس 2019)
[11]مصائر المنطقة إن اكمل بابا الارهاب خطوته الاخيرة الى رئاسة اليمن المقدم محمد النقيب صوت المقاومة الجنوبية
[12]مسؤولون يشيرون إلى تحالف مشتبه به بين القاعدة والحوثيين - المشارق (2021-07-21)
[13]القاعدة في اليمن: كيف خرج معتقلو التنظيم من سجون الحوثيين؟ - مركز صنعاء للدراسات
[14]الحوثي والقاعدة.. صفقة الشياطين لنشر الإرهاب - العين الإخبارية (2018)
[15]"السعودية" تحاور الحوثيين والجنرال "الأحمر" إرهابي مجدداً بشهادة ألمانية- من اليوم الثامن ( ١٥ يونيو ٢٠٢٢)
[16]مسؤول: قوات خاصة إماراتية شاركت بالعملية الأمريكية في البيضاء - CNN الأمريكية
[17]أنظر إلى : "الإمارات".. استراتيجية تشريعية وفكرية وإعلامية وعسكرية تجفف منابع الإرهاب - مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات
[18]"منصات إقليمية تكشف خفايا التحالفات".. "القاعدة".. هل بات التنظيم يعمل لخدمة الحوثيين وإخوان اليمن؟ - صحيفة اليوم الثامن (8 مارس 2022م)
[19] "الأحمر".. مصمم "القاعدة" بين قتال الحوثيين ام الجنوبيين - اليوم الثامن (السبت ٢٢ يناير ٢٠٢٢)