تقارير وتحليلات
"رئيس لجنة المناصحة مع "القاعدة"..
القيادة الرئاسي يطيح برئيس السلطة القضائية.. فمن هو حمود الهتار؟
أطاح مجلس القيادة الرئاسي بالقيادي الإخواني المتطرف حمود الهتار، من رئاسة المحكمة العليا، في خطوة اعتبرتها مصادر سياسية يمنية بأنها تؤكد جدية المجلس في الالتزام بملف مكافحة الإرهاب، والخروج عن النمط الذي تعاملت بها السلطات اليمنية المتعاقبة منذ العام 1994م، حين اختارت "المناصحة والحوار مع عناصر التنظيمات المتطرفة بلا من خيار المكافحة".
وأصدر مجلس القيادة الرئاسي قرارا بتعيين علي ناصر الأعوش رئيسا للمحكمة العليا ويحيى طالب الحوشبي رئيسا لمجلس القضاء الأعلى.
واستبق حمود الهتار الذي يصنف على انه الممثل الرئيس للإخوان والتنظيمات المتطرفة في السلطات القضائية والتنفيذية، بعد نحو شهرين تبنيه مسودة قواعد المنظمة لمجلس القيادة الرئاسي والتي اعترض عليها الجنوب.
ونصت المادة (١١) من قانون تنظيم عمل مجلس القيادية الرئاسي بأن على مجلس القيادة الرئاسي إجراء الحوار والمناصحة مع المتطرفين الذين لم يرتكبوا أعمالاً جنائية
يعاقب عليها القانون لإزالة الأفكار المتطرفة"؛ تحتفظ صحيفة اليوم الثامن بنسخة من مسودة قانون حمود الهتار، المشار إليه.
وعلى الرغم من ان القانون اليمني يخلو تماما من أي تشريع يجرم ما تفعله التنظيمات الإرهابية، فقد طالب الهتار بـ"اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية وإحالتهم للتحقيق والمحاكمة لينالوا جزاءهم العادل".
وقالت مصادر سياسية يمنية لـ(صحيفة اليوم الثامن) "إن مسودة قانون تنظيم عمل مجلس القيادة الرئاسي، هي من أطاحت بالهتار، لكونه اشترط في المادة رقم (١٢) أن "يتولى مجلس القيادة الرئاسي التفاوض مع (أنصار الله) الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء اليمن والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية من حالة الحرب إلى حالة السلام، وإعداد رؤية للمصالحة الوطنية والحل السياسي الشامل".
وقال الباحث في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات د. صبري العلوي "إن قرار عزل الهتار يعد من أولوية المرحلة لعدم تكرار سياسة الأنظمة السابقة التي شرعت وشرعنة للارهاب منذ العام 1994م، وحتى قبيل الإطاحة به من خلال ما عرف بمسودة قانون تنظيم عمل مجلس القيادة الرئاسي والتي شرعن فيها بكل وضوح للإرهاب".
وأضاف العلوي "أن الهتار مارس اختراقا في مجلس القيادة الرئاسي، من خلال قانون تنظيم عمل المجلس، حيث جمع في المادة رقم (11) المتناقضات من حيث المناصحة والمحاورة ومحاكمة الإرهابيين في ذات الوقت، وفي الفقرة (3) يطالب بإصدار قانون مكافحة الإرهاب الذي يعترف انه غير موجود، فكيف يطالب بمحاكمة الإرهابيين في ظل عدم وجود أي تشريع".
وقال "سبق وأشرنا في أبحاث سابقة أكدت توصياتها على اعلان قانون طوارئ لمكافحة الإرهاب وقدمت للجمعية الوطنية الجنوبية".
ويعد الهتار من القيادات الإخوانية المتطرفة التي شاركت في صناعة فتاوى التكفير الشهيرة ضد الجنوب، وقد تربى الهتار في المدرسة الاخوانية حد وصفه مع مرشدها عبده محمد المخلافي وهو المقرب من التنظيمات المتطرفة المتفرعة من جماعة الاخوان والتي قبلت ان يكون وسيط بينهما وبين حكومات صنعاء عدة مرات بكونه رئيس للجنة “المناصحة” التي وجدت لإرجاع الشباب المنتمين الى تنظيم القاعدة عن افكارهم الا انها حد قول خبراء بالشأن لم ترجع أحد منهم وان من كان لها دور في اخراجه من السجون عاد للعمل الارهابي.
القاضي الهتار وكدليل على رعاية السلطة في تشجيع المنابع الفكرية للتطرف والارهاب يقول في مقابلة مع قناة وسيا اليوم (نصا) " كل المدارس الدينية تحت سمع ونظر الدولة، ليس هناك مدرسة أو مركز من المراكز الدينية بعيدة عن الرقابة سواء كانت تلك الرقابة عن طريق المؤسسات التعليمية أو الجهات المعنية بالتعليم أو من قبل الجهات الأمنية، ليس صحيحا ما يقال إنها لا تخضع لرقابة. كانت الجهات الأمنية في فترات سابقة تراقب تلك المراكز وتوافي الجهات المختصّة بتقارير العودة، حديثا تم الاتفاق بين وزارتي الأوقاف والإرشاد والتربية والتعليم على توحيد الجهة المشرفة على هذه المدارس من خلال إنشاء قطاع متخصص في وزارة الأوقاف ورفده بالعناصر التي تمكّنه من القيام بمهمّة الإشراف والرقابة على أكمل وجه، وأحسن حال، وقد تم إنشاء قطاع مدارس تحفيظ القرآن الكريم وأصدر فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية قرارا جمهوريا بتعيين وكيل لوزارة الأوقاف والإرشاد لقطاع مدارس تحفيظ القرآن الكريم. قُمنا بتعديل قانون الأوقاف، جرى بموجب هذا التعديل إنشاء المجلس الأعلى للأوقاف والإرشاد، وأعطى مهام مناقشة وإقرار مناهج المعهد العالي للتوجيه والإرشاد والمؤسسات التعليمية التي تخضع لإشراف وزارة الأوقاف والإرشاد، وقد عقد المجلس أول اجتماع له يوم مطلع الأسبوع الماضي، وسيواصل اجتماعاته أسبوعيا. كان إقرار السياسة العامة للإرشاد الديني هو باكورة عام هذا المجلس، ويمكنكم أن تطلعوا على تلك السياسة، وفيها ملامح واضحة ومؤشرات هامة على جدّية الدولة في مكافحة التطرّف والإرهاب.
الهتار والحوار المشبوه مع قيادات التنظيمات الإرهابية
صرح الهتار في إحدى حواراته مع قناة روسيا اليوم بأن الحوار مع قيادات التنظيمات الإرهابية في اليمن بداية كان مع المعتقلين الذين كانوا لدى الأجهزة الأمنية، حيث دعا فخامة الرئيس مجموعة من العلماء في اليمن لاجتماع خاص عُقد برئاسته وبحضور كبار مسؤولي الدولة، وطرح الرئيس مشكلة أولئك الشباب. قال: لدينا معتقلون لم يرتكبوا جنايات تُوجب حبسهم، لكننا لو تركناهم وشأنهم لألحقوا بأنفسهم وبالوطن أضرارا بالغة، وهم مصرون على رأيهم، ولم تستطع أجهزة الأمن إقناعهم بالعدول عن تلك الآراء، ولا بُد من الحوار معهم. في ذلك الاجتماع أقرّ مبدأ الأخذ بمنهج الحوار كمرتكز أساسي في سياسة الدولة لمكافحة الإرهاب، إضافة إلى الإجراءات الأمنية والاقتصادية، والتدابير التي تقتضيها ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لمكافحة الإرهاب.
في سؤال آخر وجهه له كُنتم قد كُلفتم سابقا من قبل الرئيس علي عبد الله صالح بمتابعة ملف إرشاد المتطرّفين، كيف تصف لنا هذه التجربة؟ - تجربة الحوار في اليمن هي فكرة أو تجربة يمنية لاقت استحسانا دوليا، وحققت فوائد عديدة على المستويين المحلي والخارجي. على المستوى المحلي كانت أهمّ فوائد الحوار تتمثل في إيجاد الأمل لدى أولئك الأشخاص بإمكانية العيش بسلام إذا ما تخلوا عن العنف؛ لأن فقدان الأمل يضع الشخص أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما قاتل، أو مقتول. فالحوار أوجد خيار ثالث هو خيار العيش بسلام إذا ما تخلا عن العنف، الفائدة الثانية تصحيح المفاهيم الخاطئة التي كانت موجودة لدى بعض الشباب عن الإسلام.
لقد ظل الجهاز القضائي اليمني بمختلف هياكله ومستوياته متأثرا بسيطرة حزب الاصلاح الاخواني – الجناح السياسي للجماعات المتطرفة – وتكرر تماهيه مع العناصر الإرهابية بقرارت سياسية تقف خلفها شخصيات اخوانية نافذة في الدولة منها في الجهاز القضائي كالقاضي حمود الهتار الذي استغل تجربة المملكة العربية السعودية في اجراء برامج حوار وتأهيل مع العناصر المتطرفة وفق استراتيجية حققت نجاحات فعلية، على عكس المناصحة والحوار الذي اداره الهتار مع العناصر الارهابية في سجون صنعاء منذ 2006م إذ كان مختلف تماما في الاهداف المتوخاة بدليل نتائجه التي كان ابرزها اطلاق وفرار العشرات من أخطر العناصر الارهابية حيث أن ذات الحوار الذي تم اتباعه في 2006.
لقد تولى الهتار إدارة الحوار مع العناصر الارهابية وعمل مساعدتهم في الإفلات من العقاب، حيث أطلق بموجبه أكثر من 314 عنصراً من المعتقلين على خلفية انتمائهم لتنظيم القاعدة الارهاب باشروا فور خروجهم من السجون، في استقطاب وتجنيد الشباب إلى تنظيم القاعدة، بدليل أن كل الأعمال الإرهابية في تلك الفترة نفذها عناصر ارهابية التحقت بالقاعدة عقب عام 2006. وهو العام نفسه الذي تولى فيه الهتار حوار المناصحة مع العناصر الارهابية وقعت عملية الهروب الكبير والمرعب ل 23 من أخطر عناصر تنظيم القاعدة، كان من بين هؤلاء السكرتير السابق لأسامة بن لادن، ناصر الوحيشي، الذي سيصبح لاحقاً الزعيم المؤسس لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي نشأ رسمياً في يناير/ كانون الثاني 2009.
إن هذا الفرار لم يكن حدثا مجردا من استراتيجية جماعة الاخوان في اليمن اثناء صراعها مع نظام عفاش في الانتخابات وموقفها من المملكة العربية السعودية، استراتيجية تحريك اجنحتها الارهابية في المنطقة وتأطيرها في قيادة واحدة وللحيلولة دون اختراقها من قبل الاجهزة الاستخباراتية، وتطلب ذلك ومن خلال مناصحة حمود الهتار وبتسهيل من رئيس جهاز الامن السياسي الاخواني غالب القمش تمكين فرار ناصر الوحيشي ليقوم بمهمة توحيد فرعي التنظيم في اليمن والسعودية. عقب عملية الفرار لاخطر العناصر الارهابية من سجن الامن السياسي بصنعاء استؤنفت الهجمات على أهداف اجنبية، بما في ذلك التفجير الانتحاري الذي وقع في مأرب عام 2007 وأسفر عن مقتل ثمانية سياح إسبان، والهجوم الذي وقع على السفارة الأمريكية بصنعاء عام 2008، ولكن الاستهداف الفاشل لرحلة خطوط نورث ويست الجوية رقم (253) عشية عيد ميلاد لعام 2009، هو الذي عزز الاهتمام بالقاعدة باليمن في أوساط المخابرات وأجهزة الأمن الغربية بوصفها أخطر فرع من فروع القاعدة.
لقد حُكم على النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، بالسجن مدى الحياة بتهمة الشروع في تلك العملية، وقد اعترف للمحققين أن القاعدة دربته في اليمن وأمرته بمهاجمة أهداف أمريكية انتقاماً لقتل عناصرها في البلاد، ولم تقوم السلطات اليمنية بمحاكمة الهتار ولا رئيس جهاز الامن السياسي الذين ينتميان لجماعة الاخوان وضلوعهما في عملية فرار العناصر الارهابية في أغسطس (آب) 2014 م وعقب انفراد جماعة الاخوان في الحكم وصعود القاضي حمود الهتار وزيرا للاوقاف توعد ناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة ، بتحرير أنصاره من العناصر الارهابية المعتقلين في سجون صنعا. وقد فر هو نفسه من سجن في صنعاء في فبراير (شباط) 2006 مع 22 عضوا آخر في التنظيم الإرهابي كنتيجة لحوار القاضي الهتار مع تلك العناصر في تلك الفترة.
ولم يمض من الوقت الكثير حتى أعلنت وزارة الداخلية اليمنية في بيان نشرته وكالة الأنباء سبأ، أن 29 سجينا، من المدانين في قضايا إرهابية وجنائية مختلفة ومن أخطر العناصر الارهابية، تمكنوا من الفرار عبر فتحة أحدثها انفجار سيارة مفخخة في سور السجن” وتلى ذلك ذلك تسليم حضرموت الساحل لتنظيم القاعدة.
إصرار الهتار على إكمال المهمة
لم يتوقف الهتار عن تلك التجربة التي اعطته مكانة كبيرة في تنظيم الاخوان اكثر من ذي قبل ، بل واصل في المطالبة بحوار ومناصحة عناصر تنظيم القاعدة على طريقته السابقة لتحقيق النتائج ذاتها ، ففي برنامج حواري على قناة “ازال ” اليمنية قال ان لجوء الحكومة إلى استخدام القوة في مواجهة عناصر القاعدة ادى إلى استخدام عناصر هذه الجماعة للقوة في المقابل . وتطرق “الهتار” إلى خطاب اخير للرئيس هادي” والذي قال فيه ان 70% من عناصر التنظيم في اليمن من خارجها داعيا “هادي” إلى محاورة الـ 30 % من أعضاء التنظيم الذين هم “يمنيون”. وفي حوار سابق تحدث الهتار فيه حول تجربة ما اسماه بالحوار ومناصحة مع أعضاء من تنظيم القاعدة خلال السنوات الماضية قائلا : إنه يتوجب على الرئيس “عبدربه منصور هادي” ان يبدأ بالحوار مع أعضاء تنظيم القاعدة مؤكدا ان محاولات اجتثاث هذا التنظيم عبر القوة المسلحة لايمكن لها ان تنجح.
مسودة قانون المجلس الرئاسي الملغوم
الكارثة الكبرى بعد ان استطاع الانتقالي وقواته الوطنية وبدعم من دولة الامارات العربية المتحدة برز مؤخرا مدافعا عن العناصر الإرهابية حيث استغل الهتار تعيينه رئيسا للجنة القانونية لوضع تشريعا يشرعن ما دأب عليه في تعزيز اواصر علاقته وعلاقة الاخوان بالعناصر الإرهابية وقطع الطريق امام خيار مكافحة الارهاب بالخيار العسكري الذي اثبتت القوات المسلحة الجنوبية نجاحه.
وفي مسودة القواعد المنظمة لاعمال مجلس القيادة الرئاسي تعمد الهتار وضع فقرة تنص على اعتماد الحوار والمناصحة مع العناصر الارهابية ولعل تلك الفقرة واحدة من أخطر حشوات التفخيح لذات المسودة الهتارية الاخوانية.
الخاتمة
مما سبق تبين أن القضاء والسلطات اليمنية تساهلت وتماهت كثيراً مع العناصر الإرهابية، وظهر هذا التساهل والتماهي في الإفراج عن العناصر الارهابية وإخضاعهم لبرامج المناصحة التي كان يديرها القاضي حمود الهتار (وزير الأوقاف في حكومة باسندوة) ورئيس المحكمة العليا في قتنا الحالي، هذه المناصحة وفقا لنتائجها كانت تهدف إلى دعم الإرهاب وتمكينه أكثر من ذي قبل، بدلاً من إخضاع المنتمين إليه للعقوبات الجنائية التي ينص عليها القانون.