بحوث ودراسات
"شكلت ملتقى الحضارات وجسر عبور بين الشرق والغرب"..
جزيرة بريم: حجر الزاوية في الاستراتيجيات الإقليمية والدولية (دراسة توثيقية)
مقدمة:
يمتاز الجنوب بموقع استراتيجي مهم، إذ يتحكم بعدد من المواقع ذات الأهمية الجيوإستراتجية؛ لكونه يطل على البحر الأحمر غربا وخليج عدن والبحر العربي جنوبا، ويمتك عدد من الجزر الاستراتيجية جعل الرحالة الأوروبيين أبان عصر الكشوف الجغرافية منها مراكز انطلاق نحو طرق التجارة إلى الهند أو محطات؛ لتزويد سفنهم بالفحم.
مشكلة البحث:
موقع الجغرافي لجزيرة بريم" ميون" وطبيعة تضاريسه وثرواته المتفردة والمتميزة، جعلتها منها على مدار حركة التاريخ المكتوب، محل أطماع، وساحة تصارع، وتنافس، إقليمي ودولي، من قبل قوى خارجية؛ ذلك لأنه يعطي الجهة المسيطرة عليه، واللاعب الأساسي فيه، القدرة على التحكم بمدخل أحد أهم المعابر المائية في العالم.
1- ما أهمية موقع الجزيرة في عنق المضيق استراتيجيا؟
2- ماهي الأهداف التي جعلت القوى الاستعمارية تتجه بأنظارها نحو جزيرة بريم.
3- كيف ساهمت القوى الاستعمارية في إذكاء الصراع الدولي في الدول المشاطئة على البحر الأحمر وخليج عدن؟
4- ما هو موقف الاحتلال البريطاني من تسليم الجزر الجنوبية في مفاوضات الاستقلال؟
5- ماهي المحاولات اليمنية للسيطرة على الجزر الوطنية الجنوبية؟
6- ما هي النتائج والتوصيات للحد من توسع الصراعات في هذه المنطقة؟
- أهمية البحث:
إنه لمن الأهمية اليوم أن نعيد قراءة التاريخ السياسي والعسكري الذي عاشته دولة الجنوب خلال المراحل الماضي، ويعد دراسة تاريخ الجزر الجنوبية والعلاقات السياسية الخارجية التي ارتبط ارتباطًا مباشرًا بالصراع في هذه المنطقة، لمّا لها من أهمية في الماضي والحاضر والمستقبل.
إنّ معرفة أسباب الصراع القديم، سواء أكانت حروب وصراعات أم أنشطة تجارية واقتصادية أم أعمال قرصنة وتخريب لذو أهمية كبيرة. ومن هذا المنطلق أن اختيارنا لهذا البحث يهدف إلى معرفة تاريخ الصراع والخطط والغايات التي رُسمِت للسيطرة على هذه المنطقة منذ مئات السنين، وكذلك ربطها بالصراعات العالمية الدائرة حاليًا في هذه المنطقة.
وعلى الرغم من أهمية الموضوع وتتبعنا للدراسات العلمية والأكاديمية التي تناولت جزيرة "بريم" قليلة جدا حيث وجدنا بعض المقالات البحثية إلا إنها لا تخلوا من التحريف والطمس لتاريخ هذه الجزيرة سواء أكانت دراسات يمنية أم وثائق بريطانية فكليهما تحدثا من موقع الغازي المنتصر.
- منهجية البحث:
انتهج هذا البحث المنهج الوصفي التحليلي والسرد التاريخي المبني على الوثائق والمصادر.
المبحث الأول: جزيرة بريم "ميون" الجغرافيا والأهمية والتنوع البيولوجي
- الجغرافيا:
تقع جزيرة بريم (Perim) المعروفة حاليًا باسم جزيرة ميون، في مدخل "مضيق باب المندب" الاستراتيجي، وتتبع دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وتبلغ مساحتها 13 كم²، وتتبع إدارياً مديرية المعلا أحد مديريات العاصمة عدن، وتبلغ مساحتها حوالي 13 كيلومترًا مربعًا، ويبلغ طولها حوالي 9 كيلومترًا وعرضها حوالي 3 كيلومترًا. ويبلغ سكانها تقريبا6500 ألف نسمة، وتبعد جزيرة ميون عن ميناء عدن مسافة 100 ميل بحري و200 ميل عن جزيرة كمران، وهي تقع في مضيق باب المندب على بعد ميل ونصف من الساحل العربي و11 ميل من الساحل الأفريقي، وتفصل باب المندب إلى قسمين، الأوّل المضيق الصغير الذي يفصل الجزيرة عن الشاطئ العربي، ويبلغ عرضة 3 كيلومتر، والمضيق الكبير يبلغ عرضة 21 كيلومتر ويستخدم المضيق الصغير لمرور السفن؛ نظراً لوجود مجموعة من الجزر البركانية الصغيرة والمعروفة باسم (الأخوات السبع) في المضيق الكبير، وتتكون جزيرة بريم "ميون" من تشكيلات صخرية بركانية هي عبارة عن مجموعة من التلال المنحدرة نحو الشاطئ واسعة آمنة، يبلغ طولها حوالي ميل ونصف وعرضها نصف ميل وتحيط بالميناء، أما أعلى قمة مرتفعة تصل إلى 245 قدماً.([i])
وتشكل جزيرة بريم في هيئتها كحدوة حصان تتجه بأطرافها نحو الجنوب مكونة خليجا إلى جنوبها.. ويتميز مناخها بأنه حار في أغلب أوقات السنة إلا إنه في شهر سبتمبر يتميز بالحرارة الشديدة على عكس باقي الشهور ولا يتجاوز التساقط السنوي للامطار 63ملم سنويا ومتوسط الحرارة خلال فصل الصيف 32 درجة مئوية[1]. ومتوسط يتميز مناخ الجزيرة بأنه، حار
وتقع الجزيرة في مدخل مضيق باب المندب، وتحتل موقعًا هامًا على خريطة التجارة الدولية؛ لكونها أحد أهم ممرات الملاحة البحرية في العالم.
ويُسكن في جزيرة بريم" ميون" حاليا ما يقارب 600 نسمة، يتحدث سكان الجزيرة اللغة العربية بلهجة عدنية جنوبية مميزة، ويعتمد اقتصاد الجزيرة بشكل أساسي على الصيد. يوجد في جزيرة بريم ميناء طبيعي في طرفها الجنوبي الغربي، الجزيرة قليلة الخضرة وتفتقد المياه العذبة، الأمر الذي أعاق استيطانها.
في نقطة ما في تاريخ بريم الجيولوجي ثار بركان فيها أدّى إلى سد باب المندب وتبخر البحر الأحمر إلى درجة جفاف قاعة.
- الأهمية اقتصادية
ولجزيرة بريم" ميون" أهمية اقتصادية استراتيجية تمثلت في كونها ثروة مدفونة في قلب مضيق باب المندب الذي هو أحد أهم الممرات المائية الدولية، نظراً لتدفق الصادرات النفطية عبره، وتربط الجزيرة بين الشرق والغرب، وتبلغ مساحتها نحو (13 كيلومتراً مربعاً)، وهي محمية بجبال وفيها ميناء طبيعي في الجزء الجنوبي الغربي منها. ويُشار إلى أن الأهمية الاقتصادية للجزيرة بدأت فعلياً بعد فتح قناة السويس المصرية، وتدر الجزيرة عشرات الملايين من الدولارات سنوياً وتتبع إيراداتها مؤسسة ميناء عدن.
كما أن أهمية جزيرة بريم "ميون" تأتي من كونها تُشرف على الممر المائي في مضيق باب المندب، الذي تمر فيه نحو 21 ألف سفينة عملاقة سنوياً، وبواقع 57 سفينة حاملة نفط يومياً، حسب ما ذكرته وزارة التجارة، وتُقدر كمية النفط العابرة في المضيق بـ3.3 مليون برميل يومياً([ii]).
وتُعدّ جزيرة بريم، كنزًا طبيعيًا فريدًا يتميز بتنوعه البيولوجي الغني، وتتنوع تضاريس الجزيرة بين الجبال الشاهقة والسهول المنبسطة والشواطئ الخلابة، مما يخلق بيئة مثالية لازدهار العديد من الأنواع من الحيوانات والنباتات.
1- الحياة البرية:
- الثدييات: تُوجد في جزيرة بريم العديد من الثدييات، بما في ذلك الغزلان والماعز البرية والقرود، وتُعدّ الغزلان العربية من أكثر الحيوانات البرية شهرة في الجزيرة، وهي تتجول في قطعان كبيرة في السهول والوديان.
- الطيور: تُعدّ جزيرة بريم موطنًا للعديد من أنواع الطيور، بما في ذلك النسور والصقور والبوم، وتتواجد بعض الأنواع المهاجرة في الجزيرة خلال فصل الشتاء، مثل اللقلق والبط.
- الزواحف: تُوجد في جزيرة بريم العديد من أنواع الزواحف، بما في ذلك السحالي والثعابين والسلاحف، وتُعدّ السحلية المرقطة من أكثر الزواحف شيوعًا في الجزيرة، وهي تعيش في المناطق الصخرية.
2- الحياة البحرية:
- الشعاب المرجانية: وتُعدّ الشعاب المرجانية الموجودة حول جزيرة بريم من أجمل الشعاب المرجانية في العالم، تتميز هذه الشعاب بتنوعها الغني من حيث ألوانها وأشكالها وأنواع الحياة البحرية التي تعيش فيها.
- الأسماك: تُوجد في مياه جزيرة بريم العديد من أنواع الأسماك، بما في ذلك الأسماك الاستوائية والأسماك المفترسة. تُعدّ صناعة صيد الأسماك من أهم مصادر الدخل لسكان الجزيرة.
- الثدييات البحرية: تُشاهد في مياه جزيرة بريم بعض أنواع الثدييات البحرية، مثل الدلافين والحيتان. تُعدّ مشاهدة هذه الحيوانات تجربة فريدة من نوعها للسياح.
المبحث الثاني: جزيرة بريم" ميون" ومواجهة الأطماع الاستعمارية
تُشير الدلائل الأثرية إلى وجود مستوطنات بشرية في جزيرة "بريم" منذ العصور القديمة، ويعود ذكر الجزيرة أول مرّة إلى الكتاب اليوناني The Perriplus of the Erythrean Sea الذي كتب في 50م وقد ذكرت تحت اسم “جزيرة ديودوروس”. وأوّل ذكر للجزيرة باسمها بريم "ميون" كان في عام 575 م عندما قامت الحبشة باحتلال أجزاء من شبه الجزيرة العربية وطرد سكان جزيرة بريم" ميون" الذين كانوا من أصول حميرية واستعانوا بالملك كسرى الأوّل حاكم الامبراطورية الساسانية في بلاد الفرس.
وقد تعاقبت على الجزيرة العديد من الحضارات، بما في ذلك الحميريين والقتبانيين والاوسانيين والرومانيين، وفي العصور الوسطى، أصبحت بريم مركزًا تجاريًا هامًا على طريق التجارة بين الشرق والغرب.
وقد تطورت أهميتها في القرن السادس عشر، وفي عام 1540م يأتي الدوق الفونسو دي ألبوكيرك البرتغالي وهو عائدا من جزيرة كمران ويطلق اسم Vera Cruz على الجزيرة بعد أن شاهد صليب يلمع في سماء الجزيرة على حسب روايته. إلا أنهم لم يبقوا فيها بسبب المناهضة العثمانية.
وقد حاول القراصنة الذي كان يعج بهم البحر الأحمر في الفترة ما بين 1695-1698 الاستيطان في جزيرة بريم "ميون" لكنهم فشلوا وذلك لقلة المياه الجوفية الصالحة للشرب مما جعل الجزيرة صعبة الاستيطان لفترات طويلة.
وفي عام 1799م أرسلت بريطانيا بعثة لاحتلال الجزيرة كونها تشكل موقع استراتيجي لغلق مدخل البحر الأحمر وتشكل سد منيع بين نابليون في مصر ومصالحها في الهند، إلا أن البعثة لم تدم طويلاً بسبب قلة مياه الشرب أدى ذلك إلى انسحابها من الجزيرة. ولكنها عادت مرة أخرى ([iii]).
وفي يناير من عام 1857م لترفع علم بريطانيا مرة أخرى. وقد عمل الإنجليز في تحسين وضع الجزيرة وجعلها ثكنة لجنودهم، وقاموا ببناء فنار في العام 1861م.
وفي بداية عام 1860م كانت الرسائل ترسل عن طريق تسليم الرسائل إلى السفن المارة من الجزيرة والتي بدورها تقوم بتسليمها الى مكتب بريد عدن الرئيسي. لتشهد عصرها الذهبي مع افتتاح قناة السويس عام 1869 كمحطة لتموين السفن بالفحم.
وفي العام 1871م تم تجهيز مجموعة من “الجمالة” تكون في انتظار المراكب القادمة من بريم الى شبة جزيرة “جبل الشيخ سعيد” ومن ثم يتم نقلها بالجمال الى عدن. تكلفة هذه الخدمة كانت 25 روبية هندية في الشهر مقابل نقل البريد من وإلى بريم مرتين في الشهر. بالرغم من بساطة هذه الطريقة إلا أنها لم تكن تخلوا من مشاكل أهمها شدة الرياح في مضيق باب المندب الذي كانت تؤدي الى تأجيل نقل البريد من الجزيرة لأيام واحياناً إلى أسابيع، وأيضاً قطاع الطرق المتربصين بالجمالة وسرقة الطرود.
وفي عام 1881م قامت شركة الشرق للخدمات البرقية The Eastern Telegraph Company بإنشاء محطة كابلات تم ربط الجزيرة بعدة نقاط مهمة أهمها السويس.
وفي عام 1883م تم تأسيس شركة The Perim Coal Company والتي كان مقرها في ليفربول وفي يوليو من نفس العام تم بناء محطة لتموين السفن والبواخر بالفحم في الجزء الغربي من الجزيرة. ومع هذا الإنشاء شهدت الجزيرة نقلة نوعيه في الخدمات البريدية خاصة والخدمات العامة. ومع توفر الخدمات وازدياد عدد السفن والبواخر القادمة إلى الميناء للتزود بالفحم زادت كمية الرسائل والطرود، والتي يمكن تقسيمها إلى نوعين.
النوع الأول: رسائل وأظرف مُرسلة من السٌفن والتي يمكن التعرف عليها عن طريق كتابة “Off Perim ” ومن ثم إرسالها إلى عدن ليتم ختمها من مكتب بريد عدن الرئيسي.
النوع الثاني: وهي الأظرف والطرود المرسلة من شركة Perim Coal Co يمكن التعرف على هذه النوعية من الرسائل عن طريق استعمال طابع خاص بالشركة في الجزء الخلفي من الظرف مستطيل الشكل([iv]).
مما لا شك فيه أن تواجد شركة بهذا الحجم جعلها المتحكم الرئيسي في حركة البريد في الجزيرة وهذا أدى الى جعلها المتعهد الرسمي للبريد Postal Agent كما تشير المستندات في عام 1887م . هذا النمو أدى الى زيادة عدد الجمالة وأيضاً عدد الرحلات التي اصبحت أسبوعياً من وإلى الجزيرة وبالتبعية ازدادت حالات السرقة.
ومع بداية الحرب العالمية الأولى تم إنشاء مكتب بريد عسكري ميداني كغيرها من المناطق التابعة للبريطانيين، وبعد انتهاء الحرب تم إعادة الخدمات البريدية إلى إدارة مدنية في العام 1922م. في هذه الأثناء كان يتم نقل البريد من المكتب الرئيسي إلى بريم عن طريق البواخر التابعة للشركة وكانت باخرتين الأولى تحمل اسم Sheikh Bukhurd والثانية Meegen
وفي العام 1927 تمت إضافة سفينة ثالثة حملت اسم The Preserver إلا أن دوام الحال من المحال، مع التغيير الذي حصل للسفن والبواخر وتخليها عن الفحم كمصدر للطاقة ودخول المشتقات النفطية كلاعب أساسي في تزويد السفن بالوقود بدأت الشركة بتكبد الخسائر وانسحاب الشركة من جزيرة بريم وإغلاق مكتب بريد بريم عام 1936م.
وبعد إغلاق مكتب البريد لم تتوقف الخدمات البريدية والتي كانت تحت إشراف الشرطة البريطانية عام 1937م وكانت تنقل البريد مرة في الشهر من وإلى الجزيرة.
المبحث الثالث: مفاوضات الاستقلال والجزر الجنوبية
لقد ظلّت الجزر الجنوبية العربية ( ميون وكمران وكوريا موريا...) تحت الاحتلال البريطاني خلال فترة احتلالها للجنوب الذي دام 129 عامًا، وأثناء مفاوضات الاستقلال بين الجبهة القومية بقيادة الرئيس القائد قحطان الشعبي، ووزير الخارجية البريطاني لرابطة الشعوب البريطانية "اللورد شاكلتن" شكلت تلك الجزر قضية محورية في مفاوضات الاستقلال، حيث أعلن في مجلس العموم البريطاني عن وثيقة عدن المتعلقة بجزيرة بريم" ميون" وجزر كوريا موريا وهي وثيقة تخوّل بموجبها إنهاء السيادة البريطانية على تلك الأجزاء من الجنوب العربي الواقعة تحت الحكم البريطاني المباشر وفي سياق النقاش حول هذه الوثيقة صرح السيد بروان أنه أيّد فكرة تدويل جزيرة البحر الأحمر بريم "ميون" ونقلها نوعا ما الى ضمن سيطرة الأمم المتحدة"([v])
استمرت الجبهة القومية في رفض المفاوضات المنقوصة وقامت الجبهة أيضا بإحباط محاولات الأمم المتحدة للاجتماع بوزراء الاتحاد والترتيب لحل وسط ـ وفي 8 أغسطس أصدرت الجبهة بيان نصه" ليس امامنا خيار سوى ضربات اشد على العدو حتى تعترف بريطانيا فعليا بالثورة..."([vi])
وبضغط الجبهة القومية في الميدان حيث لحقت ضربات قوية وفي مقدمتها اعلان جيش الجنوب العربي مناصرة الجبهة القومية وطلب قيادة الجيش من البريطانيين التفاوض مع الجبهة حينها فشلت مؤامرة تدويل الجزر الجنوبية ولم يلق مقترح تدويل جزيرة بريم "ميون" دعما في الأمم المتحدة ولهذا ستبقى الجزيرة جزءا من الدولة الجديدة.
واستأنف المفاوضات بين الطرفين وبرز خلاف حول المطالب الرئيسة للجبهة والمتمثل في الاعتراف بهم كحكومة للجنوب العربي وأن تبقى الجزر الملحقة بالجنوب العربي الواقعة تحت الحكم البريطاني جزءا من الجمهورية الجديدة وهي (جزيرة ميونـ، أبدأ البريطانيون الموافقة على أن تكون جزيرتي بريم (ميون) وكمران جزاء من الجمهورية الجديدة، تم استفتى من قبل الاستعمار البريطاني بإشراف الأمم المتحدة في مايو 1967، وتم العرض على أهالي الجزيرة بأن تبقى تحت الحكم البريطاني والأراضي البريطانية ما وراء البحار أو الانضمام إلى الدولة القادمة للجنوب " عدن " والتي حصلت على الاستقلال في 30 نوفمبر 1967م، وقد اختار أعيان الجزيرة الانضمام إلى عدن والجنوب؛ لأنهم جزء من هذه الأرض وثقافة المواطنين ولهجتهم العامية هي نفس لهجة عدن.
وحاولت الجبهة حينها أن تضغط على جزر "كوريا موريا" لكن البريطانيون أدعوا أن عددا من سكان الجزيرة اختاروا الانضمام الى سلطة عمان؛ رغم أن البريطانيين ضموها مؤقتا إلى مستعمرة عدن([vii]).
وفي مؤتمر جنيف أدّعت الجبهة القومية أن البريطانيين أوهموهم على أنهم كانوا بصدد تسليم جزر " كوريا موريا لسلطان عمان ولم يخبروهم بأن هذا قد حصل مسبقا وتم تأجيل قرار مجلس الشورى الملكي للمصادقة عليه على نقل الملكية.
وبعد إعلان استقلال الجنوب العربي عام 1967م، أصبحت جزيرة بريم "ميون" جزءًا من جمهورية اليمن الجنوبية العربية، وأعلن في بيان بعد اتفاقيات جنيف" أن الجبهة القومية قد رفضت اقتراح تعيين بعثة بريطانية للقوات المسلحة اليمنية الجنوبية" وذكر نص العبارة" محاولات من أجل التنحي عن جزء من بلدنا" يقصد بها جزر كوريا موريا.
وقد كان القرار الجمهوري رقم 4 لعام 1967م، الذي أصدره الرئيس القائد قحطان محمد الشعبي عند توليه منصب رئيس جمهورية اليمن الجنوبية وهو تعيين علي ناصر محمد محافظ "جزر بريم، وكمران وكوريا موريا".
وفي مقال للسيد الرئيس علي ناصر محمد بعنوان "الطريق إلى باب المندب" نشر في عام 2021م، قال فيه: " كان رئيس الجمهورية قحطان الشعبي يريد أن يثبت للعالم حق اليمن الجنوبية على سيادة هذه الجزر، ويومها تفاجأت في هذا القرار فأنا لا أعرف هذه الجزر وعددها وسكانها وبُعدها عن عدن في البحر الأحمر والمحيط الهندي وبحر العرب. وكان عليّ أن أنفذ قرار رئيس الجمهورية الذي قال لي حينها مشجعاً بعد أن أخبرته بالصعوبات وشحة المعلومات والامكانيات وصعوبة الوصول إليها بحراً وجوا، قائلاً: “نحن معك، والدفاع معك، والخارجية معك والوزارات معك والله معك”.
وشدّ على يدي مُصافحاً وهو يودعني، وقال: “المهم، صرِّح للعالم بعد صدور القرار بأنّ هذه الجزر يمنية جنوبية، وأننا سنحميها وسنحافظ عليها، ولن نفرّط بسيادتنا عليها”.
ويؤكد ناصر أنه بعد خروجه من مكتب الرئيس قائلا: لقد توجهت إلى وزارة الخارجية وأرشيفها التي تأسست قبل الاستقلال وكان وزيرها الشيخ محمد فريد العولقي الذي كان يعتبر من أكثر الوزراء ثقافة وإدارة وسياسة ودبلوماسية، ولكنه غادر عدن قبل استقلال الجنوب كغيره من وزراء الاتحاد الفيدرالي في الجنوب.
وقد وجدتُ بعض المعلومات عن الجزر في أرشيف وزارة الخارجية كما استعنت بوزير الخارجية حينها المناضل سيف الضالعي المثقف والسياسي والخبير بالشؤون السياسية والذي كانت له علاقاته قبل الاستقلال مع بعض الدول والمنظمات كممثل للجبهة القومية. وكان من القيادات التي اشتركت في مفاوضات جنيف مع الرئيس قحطان الشعبي والذين قال عنهم اللورد شاكلتون وزير المستعمرات بـ"أنهم رجال من عيار ثقيل".
وقد حدثني الوزير عن جزيرة بريم (ميون) التي حاول البريطانيون تدويلها باعتبارها بوابة البحر الاحمر، ولكن هذا العرض رُفض من قبل السكان ومن قبل قيادة الجبهة القومية، كما حدثني عن الخلاف في مفاوضات جنيف على جزر كوريا موريا، باعتبار هذه الجزر كما قال البريطانيون أُهديت للملكة فيكتوريا من سلطان عُمان عند توليها للعرش وأنهم اتفقوا على ألّا يتفقوا. وبدأت بجمع المعلومات عن هذه الجزر لأتمكن من معرفتها وزيارتها لاحقا.
فبعد استقلال الجنوب من بريطانيا تم انشاء قاعدة عسكرية بحرية جنوبية في الجزيرة إلى عام 1994م. وقد نص القانون البحري لدولة الجنوب، بأن المياه التي تقع على الجانب الممتد نحو الإقليم القاري والجزري من الخط الذي يقاس ابتداءً من البحر الإقليمي هي مياه إقليمية. وذلك يؤكد بان مضيق باب المندب الذي تقسمه جزيرة بريم إلى مضيقين:
1) المضيق الصغير يتراوح عرضه بين (3-15) ميل بحري تقريباً وطوله (3) أميال بحرية، وهو يقع بكامله ضمن البحر الإقليمي لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أي بين جزيرة بريم والساحل الداخلي للدولة، وهو حق تاريخي لدولة الجنوب بدون منازع، حيث كانت ومازالت تمتلك السيادة الكاملة عليه وتنظم الملاحة الدولية فيه، وفق القانون الدولي والتشريع الوطني.
2) المضيق الكبير يقع بالاتجاه الاخر لجزيرة بريم وطوله (10) اميال بحرية تقريباً وعرضه (10،5) ميل بحري ويقع بين جزيرة بريم والساحل الافريقي. وبذلك فأن عرض المضيق الكلي الصغير والكبير يتجاوز (12) ميلاً بحرياً بنسبة بسيطة، ذلك يبين بان جزء من المضيق يقع ضمن المياه الدولية أي خارج عن (12) ميل بحري التي حددتها الدولة كمياه إقليمية للدولة، لذلك فأن الدولة الجنوبية تنظم الملاحة فيه وفقاً لأحكام القانون الدولي والاتفاقيات الدولية والتشريع الوطني.
إن النظام الخاص بالمضايق لا يمس النظام القانوني للمياه الواقعة خارج البحار الإقليمية المطلة على المضيق بوصف تلك المياه مناطق اقتصادية خالصة أو من أعالي البحار، ذلك يدل على أن عدم تأثر المياه الداخلية لأي دولة تكون خاضعة لسيادتها.
لقد اعطى القانون الدولي الحق لسلطات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في السيطرة على المضيق والمنطقة الاقتصادية الخالصة في محيطه، لكونهما يدخلان ضمن المياه الإقليمية لدولة الجنوب، والتي تمتلك أكبر جرف قاري في المنطقة، إلا ان الدولة لا يحق لها وقف المرور البري في مياهها الإقليمية كل ذلك في الظروف العادية.
كما أعطى القانون الدولي الحق للدولة بحماية أراضيها واعتراض سفن العدو التي تشكل خطراً على امنها القومي وذلك في الظروف الاستثنائية وفي الحروب، وذلك مثلما حصل مع السفن الإيرانية التي تم ضبطها محملةً بالأسلحة دعماً لجماعة أنصار الله الحوثيين، أو السفن والقوارب التي تحمل مهاجرين غير شرعيين من القرن الافريقي أو السفن التي تقوم بعمليات تهريب البضائع.
وفي حرب 6 أكتوبر 1973م، بين مصر وقوات الاحتلال الصهيوني، فقد اتخذت قيادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية قرار بمنع سفن العدو الصهيوني من المرور في المضيق ومنع امداده عبر المضيق.
وفي عام 1974م، بعد فك الحصار البحري على اسرائيل، تم وضع جزيرة بريم "ميون" تحت القيادة المصرية، باتفاق مع دولة الجنوب مقابل تدفع بموجبه السعودية عشرة مليون دولار سنويا، إلى جمهورية اليمن الديمقراطية وبعد انتهاء الخطر الاسرائيلي، على جزيرة بريم "ميون" عادت إدارة الجزيرة إلى دولة الجنوب.
كل ذلك يدل على أن جزيرة بريم " ميون" ومضيق باب المندب يخضع لسيادة دولة الجنوب، والدولة هي من ينظم الملاحة فيه دون أي تدخل دولي، ملتزمةً بالقانون الدولي والمعاهدات الدولية والتشريع الوطني.
المبحث الرابع: دور الاحتلال اليمني في تهميش جزيرة بريم"ميون"
ثلاثة عقود مضت وجزيرة بريم "ميون" الجنوبية العربية تعاني الإهمال والطمس والتهميش فمنذ صيف 1994م وبعد احتلال الجنوب من قبل نظام صنعاء زاد الإهمال للجزر الجنوبية بشكل عام وجزيرة بريم" ميون" على وجه الخصوص، وكان رئيس نظام الاحتلال اليمني قد زار الجزيرة قبل قرابة عقدين؛ لكنه عرقل تنميتها وتم تجاهلها من قبل المسؤولين اليمنيين على مدار السنوات.
وبحسب معلومات تلقتها مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات تشير أن مسؤولين في النظام السابق، حولوا الجزيرة إلى مكان لتهريب السلاح والمخدرات، والاتجار بالبشر وتهريب الأموال؛ فضلاً عن مواد أخرى للتهرّب من دفع رسوم جمركية عليها.
كما حرصوا على تعقيد حياة سكانها، الذين شكوا دائماً من مضايقات كانوا يتعرضون لها لطردهم منها.
- سياسة التغيير الديغرافي للجزيرة
ومن أبرز التحديات والمخاطر التي تعرضت جزيرة بريم" ميون" من قبل الاحتلال اليمني الذي عمد على اصدار قرار جمهوري في عام 1997م، الذي أقرّ بضم جزيرة بريم" ميون" إلى مديرية "ذباب" بمحافظة تعز اليمنية، بغرض تغيير ديموغرافيا الجنوب؛ للسيطرة على منافذه البحرية والبرية. إلا أن هذا القرار قوبل بالرفض من قبل الأمم المتحدة، مما جعل علي عفاش يصدر توجيهات رئاسية بتعليق قرار ضم الجزيرة إلى محافظة تعز؛ ويعود ذلك التراجع؛ بسبب ضغوط واحتجاج الأمم المتحدة؛ حيث رفضت دفع المنحة المالية السنوية المقدمة من الأمم المتحدة لفنار إرشاد السفن؛ بسبب ضم الجزيرة إلى تعز، حيث إن الأمم المتحدة كانت تدفع المنحة لميناء عدن منذ استفتاء الأهالي في 1967وانضمامهم إلى عدن وبقت الجزيرة تتبع عدن انتخابيا ويتبع الفنار ميناء عدن حتى هذه اللحظة رغم المؤامرة التي تتعرض له الجزيرة.
وعلى هذا الأساس جرت وتجري سياسة يمننة الجزيرة ومحاولة طمس هويتها، من خلال محاولات السلطة اليمنية تزوير الحقائق التاريخية وتغيير معالم الجزيرة وخلط المصطلحات، حيث وضعت مقررات المنهج الدراسي لوزارة التربية اليمنية بأن جزيرة ميون تتبع منطقة (باب المندب)، وعلى هذا الاسم يجري التسويق في وسائل الإعلام اليمنية وأدلتها السياحية التي تقوم بالترويج لها في المحافل الدولية ولدى الشركات السياحية العالمية.
ومن ضمن المخططات اليمنية لجأت إلى سياسة تهجير السكان الأصليين منها، واستبدالهم بسكان من المناطق اليمنية وتم منحهم تسهيلات وامتيازات للاستيطان داخل الجزيرة بما فيها الاستحواذ على أماكن الصيد وتسويقها، بالإضافة إلى الانتشار العسكري المتواجد فيها حيث يمارس غالبية الجنود أعمال الصيد وآخرين يعملون على مساعدة عصابات التهريب على تهريب النفط والمخدرات والأسلحة من وإلى القرن الأفريقي بالإضافة إلى أخذ مبالغ كبيرة من النازحين الأفارقة الذين يجري تهريبهم إلى شواطئ عدن.
- الأطماع الحوثية الإيرانية في جزيرة بريم" ميون"
وفي 25 مارس 2015م تقدمت قوات الحوثيين في اتجاه قاعدة العند الجوية بالقرب من العاصمة الجنوبية عدن متجهين إلى ميناء المخا على البحر الأحمر المؤدي إلى مضيق باب المندب الاستراتيجي.
وتلك الحرب التي خاضتها القوى اليمنية ضد الجنوب كانت جزيرة ميون هدف رئيس لهم حيث تم احتلالها ودفعت هذه الأهمية التي تحتلها الجزيرة مليشيات الحوثيين للتقدم نحو الجزيرة تنفيذا للاستراتيجية الإيرانية، إذ تولي إيران أهمية للمضيق والجزيرة كون السيطرة عليهما يتيح لها تهديد دول الخليج ومصر، نظراً لموقعهما الاستراتيجي، وذلك ضمن سياسة التهديد التي كانت تعتمدها بما في ذلك تلويحها مراراً بإغلاق مضيق هرمز.
وقالت مجلة نيوزويك الأميركية في تقرير نشرته، قبل سيطرة الميليشيات الانقلابية على جزيرة ميون العام الماضي 2015م: «إذا ما اتجه الحوثيون إلى مناطق جنوب غربي اليمن، سيمنحون حلفاءهم الإيرانيين السيطرة على مضيق باب المندب، الرابط بين خليج عدن والبحر الأحمر، ويمر منه الجانب الأكبر من التجارة بين أوروبا وآسيا، و30% من نفط العالم بشكل يومي».
في حين قالت مجلة فورين بوليسي، إن «نجاح الحوثيين في السيطرة على باب المندب سيمكنهم من السيطرة على ممر الملاحة من الخليج العربي لقناة السويس». وكان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قال في تصريحات صحافية: «من يمتلك مفاتيح باب المندب ومضيق هرمز لا يحتاج إلى قنبلة نووية».[viii]
- دور القوات الجنوبية والإمارات العربية في تحرير الجزيرة
بعد أشهر من احتلال الجزيرة قامت القوات المسلحة الجنوبية وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة وبقيادة القائد البطل قائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء أحمد سيف اليافعي بتحريرها من المليشيات الحوثية، وعقب تحريرها، زارها نائب الرئيس، رئيس الوزراء، خالد محفوظ بحاح إلى حدودها عقب زيارته لمضيق باب المندب عقب تحريره.
أعلنت القوات المسلحة الجنوبية سيطرتها على مضيق باب المندب وجزيرة ميون الاستراتيجيان، في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي 2015 محرزة نصرا عسكريا وسياسيا مكنها من السيطرة على أهم منفذ بحري يربط بحر العرب والمحيط الهندي جنوبا والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط شمالا.
ويعدّ تحرير الجزيرة بريم «ميون» من قبل القوات المسلحة الجنوبية والتحالف العربي هزيمة كبيرة للانقلابيتين الذين ما زالوا يسيطرون على مدينة الحديدة وميناءها الاستراتيجي.
وفي نهاية شهر ديسمبر2023م قام الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، بزيارة تفقدية إلى جزيرة بريم "ميون" ومضيق باب المندب، رافقه خلالها كل من عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الشيخ عبدالرحمن جلال، ووزير الدفاع الفريق محسن الداعري، ووزير النقل د. عبد السلام حُميد، واللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع الأسبق، وعدد من القادة العسكريين ووكلاء الوزارات.
وأثناء تلك الزيارة أكد الزبيدي على استعداد قواتنا المسلحة للمشاركة في أي جهدٍ أو تحالف دولي لتأمين خطوط الملاحة الدولية في هذه المنطقة الهامة من العالم.
وتفقد الرئيس الزُبيدي خلال زيارته، عددا من المشاريع الحيوية الجاري تنفيذها في جزيرة ميون وفي مقدمتها مطار جزيرة ميون، ومحطة تحلية المياه، والوحدة السكنية التي يجري العمل فيها بدعم من الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي هذا الإطار، وجّه الرئيس الزُبيدي بسرعة تنفيذ مشروع اللسان البحري في الجزيرة، ومشروع مركز الإنزال السمكي ومصنع إنتاج الثلج وبناء محطة تحلية إضافية لخدمة سكان الجزيرة([ix]).
- التحديات والتهديدات:
تواجه جزيرة بريم العديد من التحديات والتهديدات، أهمها:
أولا: التحديات والتهديدات البيئية
1- التلوث البحري: تُعدّ ناقلات النفط والقمامة من أهم مصادر التلوث البحري في الجزيرة.
2- الصيد الجائر: يُهدد الصيد الجائر الحياة البحرية في الجزيرة، خاصةً الأسماك.
3- التغير المناخي: يُهدد ارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات المناخية الأخرى سلامة الجزيرة وسكانها.
ثانيا: التحديدات والتهديدات السياسية والأمنية
1- أن الخطر المحدق بجزيرة بريم" ميون" هي سياسة الاحتلال اليمني التي عمدت على إصدار قرار جمهوري قبل عدة سنوات أقر بضم الجزيرة الى محافظة تعز اليمنية وعلى هذا الأساس جرت وتجري سياسة يمننة الجزيرة ومحاولة طمس هويتها من خلال محاولات السلطة اليمنية تزوير الحقائق التاريخية وتغيير معالم الجزيرة وخلط المصطلحات، حيث وضعت مقررات المنهج الدراسي لوزارة التربية اليمنية بأن جزيرة ميون تتبع منطقة (باب المندب)، وعلى هذا الاسم يجري التسويق في وسائل الإعلام اليمنية وأدلتها السياحية التي تقوم بالترويج لها في المحافل الدولية ولدى الشركات السياحية العالمية.
2- أن جزيرة بريم" ميون" تقع في مضيق (باب المندب)، وليس في (باب المندب)، لأن منطقة باب المندب تعد منطقة من مناطق محافظة تعز اليمنية بينما مضيق باب المندب يتبع الجنوب، وتعمد سلطات الاحتلال اليمني الترويج لاسم (باب المندب) الذي يسمى بمنطقة (الشيخ سعيد)، لذلك فهناك الخطاب الاعلامي والسياسي الجنوبي يقع في خطأ الحديث عن مساحة الجنوب من (المهرة الى باب المندب) وهذه حجة سيستفيد منها الاحتلال اليمني الذي سيثبت أن منطقة باب المندب هي منطقة يمنية وليست جنوبية، لذلك نأمل من الجنوبيين وبالذات هيئات المجلس الانتقالي الجنوبي والإعلاميين الجنوبيين ان يتداركوا هذا الخطأ الفظيع
ثالثا: التحديات والتهديدات الاقتصادية
1- الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها أبناء جزيرة بريم" ميون" نتيجة عدم وجود تسهيلات اصطياد الأسماك رغم توفر الأسماك الجيدة بشكل كبير.
2- ضعف الجانب الخدماتي، الصحية وشبكات الطرق، إضافة إلى ضآلة المياه الصالحة للشرب، وقلة المنشآت التعليمية ومشاريع تنموية سواء كانت اقتصادية أو صحية أو تعليمية، ولم تحظ بأي اهتمام تنموي يشجع التركيز والاهتمام به حتى تشهد الجزيرة نموا حقيقيا.
النتائج والتوصيات
أولا: النتائج:
1- الأطماع الاستعمارية كانت ومازالت مسلطة على جزيرة بريم" ميون" لما تتمتع به من أهمية اقتصادية وأمنية.
2- أن الجزيرة بما تحتويه من آثار متنوعة لفترات تاريخية مختلفة تمثل متحف لتاريخ قديم ووسيط يؤرخ محاولات دخول الجزيرة في لفترات متعددة تاركين بعض التشييدات التي تعود لتاريخ لتلك الحقب التاريخية.
ثانيا: التوصيات:
1- أن المخرج الوحيد للتصدي للتدخلات الإقليمية والمد الحوثي وتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر والبحر العربي وضمان استمرار الملاحة وتدفق السفن عبر مضيق باب المندب يتمثل بدعم تحرير الجنوب ومساندة المجلس الانتقالي الجنوبي باستعادة دولة الجنوب والاعتراف بها ودعمها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لكي تحافظ على الامن والسلم المحلي والدولي.
2- الاستثمار في المستقبل: فجزيرة بريم تعد وجهة سياحية واعدة. تتميز الجزيرة بموقعها الاستراتيجي ومناظرها الطبيعية الخلابة وثقافتها الغنية. مما يُمكن الاستثمار في مشاريع سياحية صديقة للبيئة لخلق فرص عمل جديدة وتحسين حياة السكان. ويُمكن أيضًا الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
3- يجب على القيادة المحلية للعاصمة عدن والمجتمع الدولي العمل معًا لحماية جزيرة بريم من التحديات والتهديدات التي تواجهها، ويتوجب إعلان جزيرة بريم مديرية من مديريات العاصمة عدن.
قائمة الهوامش:
[i] جزيرة ميون الجنوبية ما بين المطامع الإخوانية وتزييف الحقائق - العاصفة نيوز _تقرير _عنتر الشعيبي
[ii]) الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية لجزيرة ميون بدر صالح بدوي، الندوة الدورية الثانية حول الاستراتيجية التنموية لجزيرة سقطرى والجزر اليمنية الأخرى، -1614 ديسمبر 2003م جامعة عدن
[iii]) https://www.britannica.com/place/Perim-Islan
https://www.elbalad.news/4780928#( [iv]
[v]) اليمن الجنوبي، الثورة والسياسة الخارجية 1967م – 1987م، تاليف فرد هاليداي، ترجمة د. عدنان سعيد ثابتـ م، نصر محمد احمد شيخ، إصدارات مركز عدن للدراسات التاريخية، 2024م ص 44
[vi]) المرجع نفسه: ص 44
[vii]) المرجع نفسه: ص49
[viii]) ميون.. جزيرة يمنية تحررت من الإرهاب والانقلاب https://aawsat.com/home/article/7503
[ix]) https://www.3rd-eye.net/news/96