تحليلات
الحرب اللبنانية – الإسرائيلية..
حرب التخابر بين إسرائيل وإيران.. هل أصبحت الجمهورية الإسلامية دولة مثقوبة أمنيًا؟
المقدمة: شهدت الساحة الإيرانية مؤخراً أحداثاً متسارعة وجدلا كبيرا حول مستقبل الاذراع الإيرانية في المنطقة حيث أطلقت شرارة نقاش واسع حول طبيعة الصراعات الحديثة، ودور العمل الاستخباراتي والجاسوسي فيها. وفي هذه الحادثة، التي تعتبر نموذجاً لحروب الجيل الرابع التي تستهدف البنية الأنظمة استخباراتيا من الداخل، فقد أثارت تساؤلات حول القدرات الاستخباراتية المتقدمة التي تستخدمها أطراف الصراع، وكيفية اختراق أجهزة تعتبر آمنة مثل قيادات الصف الأول في دول مثل غيران. كما أبرزت الاغتيالات الأخيرة في إيران ولبنان وسوريا.
إن التخابر هو أحد الوسائل الأمنية التي تستخدمها دوما ما ضد جهة أخرى سواء أكانت دولا أم تنظيمات أم افراد وهو كل اختراق يتم عبر أشخاص أو مؤسسات أو جهات بعينها سواء أكانت من داخلها أم خارجها ويشكل ذلك التخابر تهديدًا وجوديًا للدول والمؤسسات. فوجود عملاء أو متسللين داخل هذه الأنظمة يمنحهم قدرة فريدة على الوصول إلى معلومات حساسة وتقويض الأمن من الداخل، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. وتتعدد الدوافع التي تدفع الأفراد إلى ارتكاب مثل هذه الجرائم، فبالإضافة إلى الدوافع المادية والانتقامية، قد يكون هناك دوافع أيديولوجية تدفع بعضهم للعمل لصالح جماعات متطرفة، أو دوافع شخصية نابعة من الشعور بالإحباط أو الاستياء. كما أن الضغوط النفسية والاجتماعية قد تلعب دورًا هامًا في دفع بعض الأفراد إلى اتخاذ مثل هذه الخطوات.
وقد تتعدد أساليب تجنيد العملاء، فبالإضافة إلى الإغراء المادي والتهديد، تستخدم أجهزة الاستخبارات والأجسام الإرهابية وسائل التواصل الاجتماعي والهندسة الاجتماعية لتجنيد الأفراد المستهدفين. كما أنها تقدم وعودًا كاذبة بالثراء والسلطة، أو تهدد بفضح أسرارهم أو إيذاء أحبائهم.
ويتخذ الاختراق من الداخل أشكالاً متعددة، منها التجسس وجمع المعلومات السرية ونقلها إلى أطراف معادية، والتخريب وإلحاق الضرر بالأنظمة والبنية التحتية، والابتزاز واستخدام المعلومات السرية لابتزاز الأفراد أو المؤسسات، والتحريض على التمرد وتشجيع الموظفين على القيام بأعمال تخريبية أو العصيان.
يترتب على الاختراق من الداخل آثار وخيمة على الأمن القومي، منها تسريب المعلومات الحساسة مما يؤدي إلى خسائر اقتصادية وسياسية وعسكرية، وتدمير البنية التحتية وتعطل الخدمات الأساسية، وتدهور الثقة في المؤسسات الحكومية والشركات، وتسهيل العمليات الإرهابية وتوفير المعلومات التي تساعد الجماعات الإرهابية على تنفيذ هجماتها.
بين الموساد والسافاك.. من ربح حرب الجواسيس بين طهران وتل أبيب؟
أولا: خارطة الاستخبارات الإسرائيلية
يتألف مجتمع الاستخبارات الإسرائيلي من وكالات مختلفة تتعامل مع مهام مختلفة، لكنها متداخلة في بعض الأحيان.
الموساد:
وتشمل هذه الكيانات (الموساد)، الذي يتعامل مع الشؤون الخارجية، وجهاز الأمن الإسرائيلي (شين بيت أو الشاباك)، المكلف بالجبهة الداخلية، ومديرية الاستخبارات العسكرية (أمان)، المكلفة بالشؤون العسكرية. والموساد يعرف أيضا باسم معهد الاستخبارات والمهام الخاصة، لأن كلمة الموساد بالعبرية تعني "معهد". وهذا الجهاز مسؤول عن جمع المعلومات الاستخباراتية البشرية والعمل السري ومكافحة الإرهاب. ويركز على الدول والمنظمات العربية في جميع أنحاء العالم. كما أن الموساد مسؤول عن النقل السري للاجئين اليهود من سوريا وإيران وإثيوبيا. ويعمل عملاء الموساد في الدول الشيوعية السابقة، وفي الغرب، وفي الأمم المتحدة.
ويقع المقر الرئيسي للموساد في تل أبيب. وكانت هوية مدير الموساد سراً من أسرار الدولة، أو على الأقل لم تكن معروفة على نطاق واسع، حتى أعلنت الحكومة في مارس 1996 تعيين داني ياتوم خلفاً لمدير الموساد شبتاي شافيت، الذي استقال في أوائل عام 1996. وابتداء من يونيو 2021، أصبح ديفيد برنياع رئيسه الـ13 خلفا ليوسي كوهين.
وتأسس الموساد، المعروف سابقاً باسم المعهد المركزي للتنسيق والمعهد المركزي للاستخبارات والأمن، في الأول من أبريل 1951، وأسسه رئيس الوزراء آنذاك ديفيد بن غوريون، الذي أعطى التوجيه الأساسي للموساد: "بالنسبة لدولتنا التي كانت منذ إنشائها تحت حصار أعدائها. تشكل الاستخبارات خط الدفاع الأول.. يتعين علينا أن نتعلم جيداً كيف نتعرف على ما يجري حولنا"، وفقا لموقع الموساد.
ويتألف الموساد من ثمانية أقسام، رغم أن بعض تفاصيل التنظيم الداخلي للوكالة لا تزال غامضة، وفقا لموقع "برنامج موارد الاستخبارات". ويعد قسم التحصيل هو الأكبر، وهو مسؤول عن عمليات التجسس، وله مكاتب في الخارج تحت غطاء دبلوماسي وغير رسمي. ويتألف القسم من عدد من المكاتب المسؤولة عن مناطق جغرافية محددة، وتوجيه ضباط الحالات المتمركزين في "محطات" حول العالم، والعملاء الذين يسيطرون عليهم. وبدءًا من عام 2000، شرع الموساد في حملة إعلانية للترويج لتجنيد ضباط التحصيل.
ويعتبر قسم العمل السياسي والاتصال معنيا بأنشطة سياسية والاتصال بأجهزة الاستخبارات الأجنبية الصديقة ومع الدول التي لا تربط إسرائيل بها علاقات دبلوماسية طبيعية. وفي المحطات الأكبر، مثل باريس، كان لدى الموساد عادة مراقبين إقليميين تحت غطاء السفارة، أحدهما لخدمة قسم التحصيل والآخر قسم العمل السياسي والاتصال.
أما بالنسبة لقسم العمليات الخاصة، المعروف أيضًا باسم "ميتسادا"، فيقوم بإجراء مخططات اغتيال وعمليات شبه عسكرية وحرب نفسية شديدة الحساسية.وفيما يتعلق بقسم علم النفس (LAP)، فمسؤول عن الحرب النفسية والدعاية وعمليات الخداع.
ثم يأتي قسم الأبحاث والمسؤول عن إنتاج المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك التقارير اليومية عن الوضع، والملخصات الأسبوعية والتقارير الشهرية التفصيلية. وهذا القسم منظم في 15 قسماً أو "مكتباً" متخصصاً جغرافياً، بما في ذلك الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأوروبا الغربية وأميركا اللاتينية ودول الاتحاد السوفييتي السابق والصين وأفريقيا والمغرب (المغرب والجزائر وتونس) وليبيا والعراق والأردن وسوريا والسعودية والإمارات وإيران. ويركز مكتب "النووي" على قضايا خاصة تتعلق بالأسلحة.
وفيما يتعلق بقسم التكنولوجيا، فهو مسؤول عن تطوير التقنيات المتقدمة لدعم عمليات الموساد. وفي أبريل 2001، نشر الموساد إعلاناً في الصحافة الإسرائيلية عن "مطلوب مساعدة" يبحث عن مهندسين إلكترونيات وعلماء كمبيوتر لوحدة تكنولوجيا الموساد[1].
ويحتفظ الموساد بالعديد من العملاء السريين الإسرائيليين في الدول العربية وغيرها. وكان أشهر هؤلاء إيلي كوهين، وهو يهودي من أصل مصري تسلل إلى أعلى مراتب الحكومة السورية متنكراً في هيئة رجل أعمال سوري قبل أن يتم اكتشافه وإعدامه في عام 1965، وفقا لموسوعة "بريتانيكا".
ونفذ الموساد وعملاؤه عمليات سرية ضد أعداء إسرائيل ومجرمي الحرب النازيين السابقين الذين يعيشون في الخارج. وتعقب عملاء الموساد واغتالوا المسؤولين عن مذبحة الرياضيين الإسرائيليين في دورة الألعاب الأوليمبية في ميونيخ عام 1972، كما ارتبط الموساد بعدة اغتيالات لقادة فلسطينيين في أوروبا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحسب موقع الموسوعة.
أمان:
وفقًا لموقع Jewish Virtual Library، تُعرف "أمان" باسم شعبة الاستخبارات العسكرية، وكان يرأسها أهارون حاليفو قبل أن يقدم استقالته في أبريل الماضي إثر هجوم السابع من أكتوبر.
وتعد أمان من بين أقدم أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، والتي تم تأسيسها فور تشكيل إسرائيل. وتتبع أمان الجيش الإسرائيلي، ومسؤولة عن جمع المعلومات العسكرية وتحليلها، وتعمل بالتنسيق مع باقي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى مثل الاستخبارات الخارجية (الموساد)، وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك).
وكما يوحي اسمها، فإن وظيفتها هي توفير المعلومات الاستخباراتية التي ستسمح للحكومة بالحفاظ على أمن وأمان البلاد. وتجمع التقارير اليومية المستخدمة لإحاطة رئيس الوزراء والحكومة، وتقييم احتمالات الحرب، واعتراض الاتصالات وإدارة المهام عبر الحدود.
وتتألف أمان من ثلاث وحدات رئيسة، هم 8200 و9900 و504. وقالت صحف إسرائيلية إن العملية الاستخباراتية المسؤولة عن نجاح استهداف نصر الله تحديدا تعاونت فيها هذه الوحدات الثلاث.
وتعتبر الوحدة 8200 أكبر الوحدات في شعبة الاستخبارات العسكرية. ومهمتها جمع المعلومات الرئيسية، إضافة إلى تطوير أدوات جمع المعلومات وتحديثها باستمرار، مع تحليل البيانات ومعالجتها، وإيصال المعلومات للجهات المختصة، وكثيرا ما تشارك هذه الوحدة وتمارس عملها من داخل مناطق القتال.
أما الوحدة 9900، فمسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية الجغرافية والمرئية، وتتعامل مع مجالات فك التشفير البصري ورسم الخرائط الدقيقة وخرائط الأقمار الاصطناعية.
وتؤدي الوحدة دورا أساسيا في التخطيط الاستراتيجي للعمليات والتدابير المضادة، ويطلق عليها "الأخت الصغرى" للوحدة 8200، تأسست عام 1948 في شكلها الأولي، قبل أن تتطور وتتوسع وتضم تحتها عدة وحدات أصغر.
وبالنسبة، للوحدة 504 وتسمى أيضا "مجموعة الاستخبارات البشرية"، هي وحدة استخبارات عسكرية في الجيش الإسرائيلي، وتجمع معلوماتها الاستخباراتية عبر تجنيد عملاء لها خارج أماكن السيطرة الإسرائيلية في المناطق الحدودية في سوريا ولبنان ومصر وأيضا في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتركز الوحدة 504 على العمل داخل لبنان أكثر من أي منطقة أخرى، وتجمع معلوماتها عبر استخدام المعدات المتطورة، وجمع البيانات من الميدان، وإحضار المعلومات حول البنى التحتية المختلفة، وتستعمل جميعها غالبا في التخطيط للعمليات العسكرية للجيش الإسرائيلي.
الشاباك:
أما الشاباك، فوفقًا لموقع مكتبة الدفاع اليهودية، يتعامل هذا الجهاز مع شؤون الاستخبارات الداخلية في إسرائيل، ويُعتقد أنه يعادل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. والشاباك يُعرف أيضًا باسم شين بيت، وشعاره هو "يدافع ولا يُرى". ويحمي الشاباك رئيس وزراء إسرائيل وكبار القادة الآخرين وأمن الخطوط الجوية الوطنية ويحمي المواقع الحساسة محليًا وخارجيًا.
وفقًا لبريتانيكا، تعرضت سمعته لضربة في الثمانينيات بعد أن تم الكشف عن أن عملاءه ضربوا حتى الموت فلسطينيين محتجزين فيما يتعلق بحافلة مخطوفة. كما تعرض لانتقادات بسبب تعذيب المعتقلين الفلسطينيين واغتيال النشطاء الفلسطينيين. كما تعرض الشاباك لانتقادات شديدة بسبب اغتيال رئيس الوزراء آنذاك إسحاق رابين عام 1995، والذي استقال رئيسه بعد ذلك.
ثانيا: دوائر الأمن الاستخباراتية الإيرانية
المؤسسات الثورية والأجهزة الأمنية بتصنيفاتها المختلفة. وتتكون المؤسسات الثورية من مجلس قيادة الثورة، الذي يُعدُّ أول مؤسسة ثورية شُكِّلت قَبل عودة الخميني من منفاه في فرنسا إلى طهران، إذ اختارَ أعضاءه في 24 ديسمبر 1978م. أما الأجهزةُ الأمنية فهي متعددةٌ ومتداخلة، ولها هيكلٌ ضبابي، وللمرشد نفوذٌ في كلِّ هذه الأجهزة، وهي المجالس الإشراقية والتنظيمية، والقوات الأمنية المكوَّنة من «اللجان الثورية» و«الحرس الثوري» و «البسيج» و«قوات إنفاذ القانون».
ودوائر الاستخبارات الإيرانية»، على الأجهزة الاستخبارية قَبل الثورة الإيرانية، تمثَّلت في منظمة الأمن والمعلومات (سافاك) التي أنشأها الشاه محمد رضا بهلوي عام 1957م، وكان الغرضُ منها هو حماية النظام من المعارضة الداخلية، وعدم اختراق اليساريين للقوات المسلحة أو المنظمات الحكومية الأخرى. بيدَ أنَّ المنظمة لم تتمكَّن من التعامل مع التهديدات الداخلية بعد تصاعُد الثورة الإيرانية 1979م لوجود مشاكلَ أساسية في النظام السياسي قلَّلت من قُدرة المؤسسات الأمنية على التعامل مع تِلك التهديدات، والتي كان يتعرَّض لها النظامُ من القاعدةِ الشعبيةِ الإيرانية بمكوناتها العِرقية والأيديولوجية.
ثم شكلت أجهزةَ الاستخبارات بعد الثورة، وهي مكونةٌ من وزارة الأمن والاستخبارات «واواك»، وكانت أول منظمةٍ استخباراتية أُنشِئت في أغسطس 1979م، وكان اسمها «سافاما» ثم تحوَّلت في أغسطس 1983م إلى وزارة الاستخبارات والأمن «واواك»، ومهامُّها موزعةٌ على أقسام: التحليل والإستراتيجية، والأمن الداخلي (حماية مؤسسات الدولة)، والأمن القومي (المسؤول عن مراقبة حركات المعارضة في الخارج)، والاستخبارات المضادة، والاستخبارات الأجنبية، مع الإدارات التحليلية والأقسام الإقليمية الجغرافية.
وهناك وزارة الاستخبارات والسياسة الخارجية الإيرانية، ووزارة الاستخبارات الإيرانية ووسائل الإعلام وشبكة الإنترنت، وهيئة استخبارات «الحرس الثوري»، ومنظومة الالتقاط والتنصُّت (IBEX)، فيما ناقشَ الخلافَ بين «الحرس الثوري» ووزارة الاستخبارات، وتناولَ مشروعَ مكافحة التجسُّس (عقاب 2)، والجيش الإلكتروني الإيراني (Iranian Cyber Army)، والهجمات السيبرانية للجيش الإلكتروني الإيراني.
وشكل النشاط الاستخباري الإيراني»، عملياتِ الاغتيال داخل إيران والنشاطَ الاستخباري خارجها، وعمليات تهريب الأسلحة ومحاولات النيلِ من أمن بعض الدول على المستويين الإقليمي والدولي، مدعومًا بكثيرٍ من الأدلَّة التي تُثبت تورُّطُ وزارة الاستخبارات و«الحرس الثوري» الإيراني في هذه العمليات. [2]
طبيعة التخابر إسرائيل وإيران
منذ بداية الصراع بين إسرائيل وإيران ظهرت هناك بدايات أولى للعمل التخابر التجسسي فقد أكدّت كثير من التقارير عن محاولات كل من الطرفين لاختراق شبكات الطرف الآخر وجمع المعلومات. وبدأت إسرائيل بالترقب عن كثب حول برنامج إيران النووي الذي بدأ في التطور في التسعينات. وبعد تسارع برنامج إيران النووي بدأت الحرب الاستخباراتية بين البلدين تأخذ طابعاً أكثر تركيزاً على البرنامج النووي الإيراني. وقامت إسرائيل بعمليات عدة لوقف تطور هذا البرنامج منها:
1- اغتيالات العلماء الإيرانيين: بين 2010 و2012، حيث تعرض العديد من العلماء النوويين الإيرانيين للاغتيال، وهو ما اتهمت إيران إسرائيل بالوقوف خلفه.
2- تعرضت إيران لعدة هجمات سيبرانية في 2010، بواسطة فيروس "ستاكسنت" Stuxnet، الذي أضر بمرافق تخصيب اليورانيوم الإيرانية. ويُعتقد أن إسرائيل بالتعاون مع الولايات المتحدة كانتا وراء هذا الهجوم.
3- في العقد الأخير (2010-2020) تصاعد الهجمات السيبرانية المتبادلة بين إيران وإسرائيل وتورطتا في سلسلة من الهجمات السيبرانية المتبادلة. وقادت إيران هاجمت مشابهة ضد أهدافاً إسرائيلية مدنية، بينما استهدفت إسرائيل بنى تحتية حيوية في إيران، تعرضت مواقع نووية إيرانية مثل مفاعل نطنز لتفجيرات، وأعلنت إسرائيل ضمناً مسؤوليتها عن العديد من هذه العمليات.
4- اغتيال قاسم سليماني: في 2020، قتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية نُسبت إلى تعاون استخباراتي بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي الأعوام ما بين (2021-2022 -2023): استمرار الصراع السيبراني والميداني: العمليات الاستخباراتية والهجمات السيبرانية لا تزال مستمرة. في الآونة الأخيرة، تم الإبلاغ عن المزيد من الهجمات الإلكترونية والتجسس الصناعي بين الجانبين. وكذلك توسع النفوذ الإيراني في المنطقة: تدعم إيران حركات مقاومة ومليشيات في سوريا ولبنان والعراق واليمن، مما يعزز من صراعها مع إسرائيل على النفوذ الإقليمي.
الرد الإيراني بالهجمات السيبرانية على اسرائيل:
الهجوم على منشآت المياه الإسرائيلية: في 2020، نفذت إيران هجومًا سيبرانيًا استهدف محطات المياه الإسرائيلية، ولكن الهجوم تم إحباطه. الهجوم على أنظمة الوقود الإيرانية: في 2021، تعرضت شبكة توزيع الوقود في إيران لهجوم سيبراني كبير أدى إلى تعطل واسع في إمدادات البنزين. تم تعليق المسؤولية على إسرائيل بسبب الحوادث السابقة التي تورطت فيها.
أشهر الاختراقات الاستخباراتية الإيرانية لإسرائيل
قالت أجهزة الأمن الإسرائيلية إنها اعتقلت مواطنا للاشتباه في تورطه في مؤامرة إيرانية لاغتيال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين كبار آخرين. وقالت الشرطة والمخابرات الداخلية الإسرائيلية إن الرجل جرى تهريبه إلى إيران مرتين، وتلقى مكافآت مالية لإنجاز عدد من المهام. وجاء في بيان مشترك للأجهزة الأمنية أن المتشبه به رجل أعمال أقام في تركيا، وله علاقات تركية مكنته من الوصول إلى إيران.
ويتزامن هذا الإعلان مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، العدوين اللدودين في المنطقة. يقول محققون إن الإسرائيلي طلب الحصول مسبقا على مليون دولار، وناقشت المجموعة قتل معارضين للنظام الإيراني في أوروبا والولايات المتحدة، وتجنيد عميل في الموساد ليصبح "عميلا مزدوجا"، حسب التحقيقات الإسرائيلية. ويعتقد أن الإسرائيلي تلقى مكافأة قيمتها 5 آلاف يورو لحضور الاجتماعين. وقال مسؤول كبير في الشين بيت إن هذه القضية: "تعكس الجهود الضخمة، التي تبذلها المخابرات الإيرانية، من أجل تجنيد مواطنين إسرائيليين، وتشجيع الأعمال الإرهابية في إسرائيل".
كيف تمكنت إسرائيل من اختراق إيران استخباراتيا؟
منذ بداية عام 2024م تكثفت العمليات الاستخباراتية الإسرائيلية ضد بنية النظام الإيراني لاسيما بعد التوسع الكبير لأذرع إيران في المنطقة (سوريا – لبنان- العراق- اليمن) حيث حشدت إسرائيل كافة أجهزتها الاستخباراتية المحلية والدولية لتنفيذ عدد كبير من الاختراقات الأمنية للمنظومة الإيرانية.
أبرز الاختراقات والعمليات الاستخباراتية الإسرائيلية ضد إيران خلال عامي 2023- 2024
1- الهجوم على شحنات الأسلحة الإيرانية في سوريا (2023)
2- استهداف قيادات إيرانية في سوريا (يونيو 2023
3- ضربات جوية على مطار دمشق 2023
4- تفجيرات سرية داخل إيران 2023
في عام 2024م غيرت تل أبيب خطتها ورمت معادلة من نوع جديد وسعت الى نقل ثقل الحرب إلى الجبهة اللبنانية التي ظلت تستعد للحرب عليها منذ عام 2006، ووجهت ضربات نوعية للحزب بلغت أوجها بقصف مقر قيادة حزب الله أسفل الضاحية الجنوبية مستهدفة أمين عام حزب الله حسن نصر الله وعددا كبيرا من قادة وكوادر الحزب في هجوم يرجح أن ينقل الحرب لمربع آخر أشد ضراوة.
وهذه الخطة الاستراتيجية لم تكن وليدة اللحظة بل كانت من ضمن مخرجات مشروع نفذه معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي ((INSS، ونُشر غالبية محتوى المشروع في عام 2021 بعنوان "الحرب القادمة في الشمال: السيناريوهات والبدائل الاستراتيجية والتوصيات"، بينما لم تُنشر بعض مضامينه الأخرى لحساسيتها الأمنية مع تسليمها كملحق سري للجهات المعنية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
لقد أُدرجت هذه الدراسة لبنان برفقة سوريا ضمن "الدائرة الأولى" الأكثر خطورة، بينما أُدرج العراق ضمن "الدائرة الثانية"، فيما أُدرجت إيران واليمن ضمن "الدائرة الثالثة". وظل الكابوس الذي يخشى منه الخبراء العسكريون الإسرائيليون هو حدوث حرب متزامنة متعددة الجبهات في الدوائر الثلاثة بالتزامن مع اشتعال غزة والضفة الغربية، ضمن ما أطلقوا عليه "حلقة النار" الإيرانية.
وكانت نتائجه كبيرة ومدمرة حيث شنت حرب ضد غزة وتبعتها حرب ضد لبنان وضربات عسكرية في اليمن وسوريا. وهذه أبرز الاحداث الأمنية التي بنيت على العمل الاستخباراتي وهي
1- قصف القنصلية الإيرانية في بيروت 2024م الذي أدى الى اغتيال الجنرال محمد رضا زاهدي بغارة إسرائيلية على القنصلية الإيرانية بدمشق في نيسان/أبريل هذا العام.
2- اغتيال فؤاد شكر، القيادي البارز في حزب الله، في هجوم استهدف سيارته في الضاحية الجنوبية لبيروت 2024
3- شهد لبنان سلسلة من التفجيرات المنسقة التي استهدفت أجهزة الاتصال مثل أجهزة البيجر والواتش، مما أسفر 2024عن مقتل 42 شخصًا وإصابة حوالي 3500 آخرين.
4- غارة جوية إسرائيلية على مبنى يضم قيادات من حزب الله. أسفرت عن مقتل إبراهيم عقيل، قائد عمليات الحزب، بالإضافة إلى العديد من القيادات الأخرى. تم الإبلاغ عن مقتل ما لا يقل عن 45 شخصًا، من بينهم نساء وأطفال، في هذا الهجوم، مما أثار ردود فعل واسعة من الحكومة اللبنانية وحزب الله 2024.
5- في غارة جوية استهدفت علي كراكي، قائد الجبهة الجنوبية لحزب الله، مما أدى إلى إصابته لكن دون قتله، 2024م
6- قتل في غارة جوية إسرائيلية إبراهيم القبيسي قائد وحدة الصواريخ والمدفعية في حزب الله،2024م
7- ل في غارة جوية إسرائيلية محمد حسين سرور قائد وحدة الطائرات المسيرة في حزب الله، 2024م
8- قتل في غارة جوية إسرائيلية كل من حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله، وكركي قائد الجبهة الجنوبية لحزب الله، ونيلفوروشان قائد قوة القدس في لبنان، 2024م.
9- اغتيال صفي هاشم نائب رئيس الحركة 2024م
الاختراق الأكبر
لقد شكلت الشكوك التي تحوم حول تخابر رئيس مكتب إسماعيل قاآني مع إسرائيل قاسمة الظهر للنظام الإيراني، حيث أدى هذه الاختراق الى فقدان الثقة في راس اهم مؤسسة إيرانية وهي الحرس الثوري وقد أدت هذه الشكوك إلى فتح تحقيقات واسعة النطاق .
السؤال الذي يطرح نفسه هل إيران "دولة مثقوبة" ؟
إن القلق الكبير بشأن مدى التغلغل الإسرائيلي داخل هرم القيادة الإيرانية. ينبئ بوجود خلافات داخل أجنحة فيلق القدس منذ اغتيال قائده السابق قاسم سليماني وهي خلافات ضغطت باتجاه عزل قاآني، ويرجع عدد من المحللين ان هذا الاختراق ناتج استبدادية النظام الايراني، حيث تعمل في الظلام، مما يسمح لبقاء المسؤولين لفترات طويلة، ما يؤدي إلى ترهل الدولة وتغليب الولاء على الكفاءة. وهذا التغليب يترتب عليه ظواهر مثل النفاق والرياء، في ظل غياب الشفافية. وغياب الرقابة وتحجيم دور الإعلام والرأي العام ساهم في وصول الأمور إلى هذا الحد.
شفت دراسة إيرانية عن تراجع أداء مختلف أجهزة الاستخبارات في إيران، مؤكدة أن غياب التنسيق بين هذه الأجهزة ومنافسة بعضها البعض من أهم الأضرار التي تواجه العمل الاستخباراتي في البلاد.
وتناولت الدراسة، المنشورة في مجلة "الدراسات التخصصية للعلوم الاستراتيجية" التابعة لجامعة "الدفاع القومي" الإيرانية، ما اعتبرته "الأضرار التي تطارد بنية وعمل الأجهزة الاستخباراتية في إيران، وأثر هذه الأضرار في تراجع الأداء الاستخباراتي بالبلاد".
وخلصت إلى أن "أغلب الأضرار التي تواجه أجهزة الاستخبارات ناجمة بالأساس عن قوانين عمل هذه الأجهزة، خاصة القوانين المتعلقة بتعيين أفراد وعناصر الأجهزة الاستخباراتية"، لافتة إلى أن "أحد القوانين الخاصة بتعيين وزير الاستخبارات في إيران تلزم أن يكون رجل دين بل وحاصلا على درجة الاجتهاد في المذهب الشيعي، وأن هذا القانون ألحق أضرارا ومآزق بمهام وزارة الاستخبارات".
ولفتت إلى "عدم وضوح آلية تنفيذ قرارات مجلس تنسيق الاستخبارات الذي يشرف على التنسيق بين الأجهزة الاستخباراتية الإيرانية البالغ عددها 16 جهازا؛ وبالتالي غياب التنسيق بين الأجهزة نظرا لعدم اكتراثها بتنفيذ قرارات المجلس المختص"، موضحة أن "تخصيص موازنة خاصة لكل جهاز استخباراتي من 16 جهازا لتوفير القوى البشرية والمعدات أسفر عن ارتفاع نصيب تكاليف العمل الاستخباراتي في إيران".
ورصدت ما وصفته بـ"ظاهرة الهضبة الوظيفية بين عناصر وأفراد الأجهزة الاستخباراتية، ودورها في ظهور حالة من غياب دافع استمرار العمل لدى العناصر الاستخباراتية"، واصفة الأداء الاستخباراتي في جمع المعلومات وتحليلها بـ "الضعيف، وأنه لا يزال يعتمد على الذهنيات دون اللجوء إلى التحاليل وسائر الفرضيات الخاصة بالعمل الاستخباراتي".[3]
مما سبق أصبحت إيران منكشفة تقنياً أمام إسرائيل، وأن انكشاف حزب الله يعكس انكشاف الحرس الثوري الإيراني أيضاً. لاسيما حين تتعرض قيادات كبيرة نحو قاسم سليماني وعلماء نوويين وكذلك استهداف إسماعيل هنية في عقر دار إيران السياسي وأخيرا اغتيال الذراع الأيمن لإيران في المنطقة العربية كل هذه الأحداث تدل على أن إيران "دولة مثقوبة".
وربما أن قادم الأيام ستظهر الضربة القوية والمفاجئة لإيران لاسيما إذا كانت إسرائيل تمتلك معلومات دقيقة حول الوضع الداخلي الايراني. ورغم أن إيران كانت تتحدث عن نفسها كقوة عظمى، إلا أن ذلك اتضح أنه غير صحيح. مما سبق تبين أن الاختراقات الأمنية للمنظومة الإيرانية توغلت في بنية النظام الإيراني وهذا يعد تحولا كبيرا في بنية الصراع الاستخباراتي بين إسرائيل وإيران.
هوامش
[1] الموساد والشاباك وأمان.. خارطة أجهزة المخابرات الإسرائيلية https://www.alhurra.com/israel
[2] «دوائر الأمن والاستخبارات الإيرانية» https://rasanah-iiis.org/%
[3] دراسة تكشف أسباب الضعف في أداء أجهزة الاستخبارات الإيرانية https://www.eremnews.com/news/2359223