تطورات اقليمية
عجز ميزانية النظام الإيراني يصل إلى 1000 تريليون تومان..
الاقتصاد الإيراني يرزح تحت ضغط العجز المالي: مخاوف من انهيار اقتصادي
في يوم الأحد، 22 أكتوبر 2024، قدم رئيس النظام الإيراني، بزشكيان، مشروع قانون موازنة العام المقبل إلى البرلمان الإيراني. وأثناء تقديمه المشروع، استعرض بعض الجوانب المتعلقة بالميزانية، ولكنه تجاهل السمة الأساسية والمثيرة للقلق فيها، وهي العجز الكبير الذي بلغ 1000 تريليون تومان. وكان هذا العجز قد أثار الكثير من الجدل في الأوساط الاقتصادية والسياسية.
وقبل تقديم الميزانية بيومين، في 20 أكتوبر، وخلال مؤتمر التصدير الذي عُقد في العاصمة طهران، أشار بزشكيان إلى وجود "اختلالات في الميزانية"، إلا أنه لم يفصح عن الرقم الدقيق، مكتفياً بالإشارة إلى أنه ورث حكومة مثقلة بالمشكلات البنكية والمالية. وأضاف: "نحاول إخفاء هذه الحقيقة"، في محاولة للتخفيف من حجم الأزمة أمام الجمهور. لكنه، أثناء تقديم الميزانية، استمر في هذا النهج، محاولاً التغطية على العجز الضخم. ومع ذلك، من الصعب جداً إخفاء هذا العجز بسبب حجمه الهائل، والذي وصفه الخبراء الاقتصاديون بأنه "أحد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الإيراني" وأنه "في تزايد مستمر"، حسب ما أوردته صحيفة "أرمان إمروز" في عددها الصادر بتاريخ 21 أكتوبر.
في هذا الإطار، أعلن وزير الاقتصاد، عبدالناصر همتي، أن العجز وصل إلى 850 ألف مليار تومان، وهو رقم أقل من الحقيقة، حيث أفادت صحيفة "جهان صنعت" الرسمية، بتاريخ 21 أكتوبر، بأن العجز يتجاوز هذا الرقم بكثير. وأوضحت الصحيفة أن العجز يصبح أكبر بكثير عند احتساب النفقات المخصصة للدعم، مشيرة إلى أن نسبة عجز الميزانية تتخطى 40% عند دمج هذه النفقات. وفي نفس السياق، أكدت صحيفة "أرمان إمروز" بتاريخ 14 أكتوبر أن العجز الحقيقي يشمل ديوناً تصل إلى 1.5 تريليون تومان، بالإضافة إلى 600 ألف مليار تومان كعجز.
وفي 23 أكتوبر، كشفت صحيفة "فرهيختكان" أن العجز الحقيقي أكبر بكثير مما أُعلن عنه رسمياً، حيث أشارت إلى أن العجز يبلغ 1805 ألف مليار تومان، أي بزيادة تقدر بـ80% عن الرقم المعلن سابقاً. واستندت الصحيفة في تقديراتها إلى الميزانية التشغيلية لعام 1404 هـ.ش (2025 م) والتي تحتسب البنود خارج الميزانية وتلك المخصصة للدعم.
هذا العجز الكبير دفع الحكومة إلى الاستدانة من النظام المصرفي لتغطية النفقات وسد الفجوة المالية. وبهدف تقليص هذا العجز، لجأت البنوك إلى طباعة المزيد من الأموال، مما أدى إلى تضخم السيولة بمقدار 9000 تريليون تومان، وهو ما تسبب في تدهور الاقتصاد وزيادة معاناة الشعب الإيراني، الذي يرزح تحت وطأة أزمة اقتصادية مستمرة. وفي ظل هذا الوضع، تضطر الحكومة مجدداً إلى الاقتراض من البنك المركزي والنظام المصرفي للتعامل مع آثار التضخم، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية.
هذه الحلقة المفرغة ليست مجرد خلل عارض، بل هي نتيجة مباشرة لمصالح الطبقة الحاكمة المرتبطة بالنظام. وقد اعترفت الصحف الرسمية بأن أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأزمات هو تقديم قروض غير منتجة وغير فعالة. حيث منحت البنوك قروضاً لشركات ومشاريع مرتبطة بعصابات السلطة أو تحت ضغوط سياسية واقتصادية، لم تحقق أي عوائد اقتصادية، ما أدى إلى تراكم الأصول غير القابلة للتحصيل، ودفع البنوك إلى الاقتراض مجدداً من البنك المركزي، مما زاد التضخم وفاقم ديون الحكومة.
من الواضح أن هذا العجز المالي الهائل الذي بلغ 40% من الميزانية هو نتيجة مباشرة للهيكل الفاسد للنظام الحاكم، بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي. وهذا الفساد المستشري، الذي يشبه "تنيناً ذا رؤوس سبعة"، يستمر في سحق أكثر من 80 مليون مواطن إيراني تحت وطأته. وبدون تغيير سياسي جذري، يستحيل إيجاد حل اقتصادي لهذه الكارثة. السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد من هذه الحلقة المدمرة هو من خلال إسقاط النظام الحالي وإقامة حكومة شعبية ديمقراطية توفر حلولاً اقتصادية عادلة ومستدامة للشعب الإيراني.