تطورات اقليمية
واقع اقتصادي مأساوي..
نصف قرن من الانهيار الاقتصادي في إيران: أزمات متواصلة وقمع داخلي
شهدت إيران على مدى الخمسين عامًا الماضية انهيارًا اقتصاديًا شاملًا أثّر على منازل وسبل عيش الملايين من الإيرانيين. وكان المحرك الرئيسي لهذا الانهيار سياسات النظام بقيادة المرشد الأعلى علي خامنئي، خليفة مؤسس النظام روح الله الخميني، والتي اعتمدت على إثارة الأزمات داخليًا وخارجيًا.
ووفقًا لتقرير نشره الكاتب شمسي سعداتي على موقع أوراسيا ريفيو، فإن قمع القوى التقدمية في الداخل، إلى جانب تصدير الإرهاب والأصولية إلى الخارج، خلقا دوامة مدمرة قضت على ظروف معيشة الإيرانيين وإنتاجيتهم ورفاهيتهم. ورغم ضعف النظام الفاشي الديني في السنوات الأخيرة، إلا أن تأثير هذه السياسات ما زال مستمرًا بحدة.
في إيران اليوم، يواجه الشعب خيارًا صعبًا: إما تحمل الهواء الملوث المليء بالوقود الرديء والمخاطر الصحية، أو مواجهة انقطاعات متكررة في التيار الكهربائي. أما توفير وجبة بسيطة، مثل العجة، فقد أصبح مكلفًا للغاية، حيث يصل سعر كيلوغرام الطماطم إلى 700 ألف ريال.
حتى وسائل الإعلام الحكومية لم تعد قادرة على إنكار حجم الأزمة. فقد أشارت صحيفة جهان صنعت في 16 نوفمبر إلى أن "جميع الحكومات المتعاقبة ساهمت في خلق هذا الاقتصاد المضطرب"، مؤكدة أن السياسات الخارجية الإيرانية والسياسات الاقتصادية غير المستقرة لعبت دورًا رئيسيًا في تدهور الوضع.
وتشير تقارير مركز أبحاث مجلس الشورى الإسلامي إلى أن الاستثمار في القطاع الصناعي الإيراني يعاني من تراجع مستمر منذ عام 2007، مما دفعه إلى حالة من الركود الطويل. وذكرت صحيفة اعتماد في 5 نوفمبر أن التدخل الحكومي المفرط والسياسات الاقتصادية غير المستقرة أدى إلى ركود استمر 17 عامًا.
كما تُعد أزمة اختلال التوازن في الطاقة واحدة من أبرز القضايا التي تم تجاهلها لعقود، رغم الاعتراف المتزايد بخطورتها مؤخرًا.
وصرح وزير الاقتصاد والمالية الإيراني عبدالناصر همتي بأن متوسط النمو الاقتصادي خلال الثلاثين عامًا الماضية لم يتجاوز 3%، وهو نمو يعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، مما زاد من حدة التضخم وأثقل كاهل السكان الفقراء. كما أشارت تقارير الخبراء، مثل مركز أبحاث مجلس الشورى وصندوق النقد الدولي، إلى توقعات بنمو اقتصادي منخفض يتراوح بين 2.5% و3.5%، مع تضخم مرتفع يصل إلى 34% في السنوات القادمة.
إلى جانب ذلك، تتكرر الأخبار عن هروب رؤوس الأموال، الذي بلغ حوالي 16 مليار دولار خلال السنوات الأخيرة، والتهريب بقيمة 31 مليار دولار سنويًا، فضلًا عن تفشي الفساد الذي وضع إيران في المرتبة 149 عالميًا من بين 180 دولة في مؤشر الشفافية.
في مقال نُشر بصحيفة ستارة صبح في 12 نوفمبر، أُشير إلى أن غياب النقد الحر والإعلام المفتوح ساهم في تفاقم الأزمات. كما انتقدت الصحيفة المزاعم المبالغ فيها حول الاكتفاء الذاتي والتجاهل المتكرر لآراء الخبراء، ما أدى إلى انهيارات بيئية واقتصادية متزايدة.