تطورات اقليمية
صراع السيطرة والبقاء..
هل أقتربت نهاية سيطرة الاذرع الايرانية اليمنية على ميناء الحديدة الاستراتيجي؟
تُستخدم عائدات الميناء لتمويل أنشطة الحوثيين العسكرية، مما يُطيل أمد الحرب ويُعيق جهود السلام
يعد ميناء الحديدة نقطة استراتيجية وحيوية لجماعة الحوثيين في اليمن، حيث يمثل الشريان الأساسي الذي تعتمد عليه الجماعة في تلقي الأسلحة المهربة من إيران، وخاصة الأسلحة المتطورة. يدرك الحوثيون أهمية هذا الميناء، ولذلك يعملون باستمرار على ضمان بقائه تحت سيطرتهم، مما يعزز من قدراتهم العسكرية ويوفر لهم دعماً مستمراً في صراعهم ضد الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.
ومع تصاعد الحملة العسكرية التي تقودها السعودية والإمارات لدعم الحكومة اليمنية، نجح الحوثيون في تحسين صورتهم لدى بعض الأطراف الدولية، حيث ساهمت وسائل إعلامية مثل قناة الجزيرة في تضخيم موقفهم، مستفيدة من سياسة قطر المناهضة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في ذلك الوقت.
كما تبنى التقدميون في الحزب الديمقراطي الأميركي واليساريون الأوروبيون وأوساط المجتمع الإنساني خطاباً يحذر من التكلفة الإنسانية العالية لأي محاولة عسكرية لإخراج الحوثيين من الحديدة، خوفًا من تعطيل عمليات الميناء وتوقف المساعدات الإنسانية.
وسعت الأمم المتحدة إلى إشراك مختلف الأطراف في جهود الحوار لتخفيف المعاناة الإنسانية، ما أدى إلى توقيع اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر 2018. نص الاتفاق على إدارة محايدة للميناء، واستخدام عائداته لدفع رواتب القطاع العام، إلا أن الحوثيين رفضوا الالتزام ببنوده، وطالبوا بالحفاظ على موظفيهم في الميناء، مما أدى عملياً إلى تمويل الأمم المتحدة لعناصر الحوثيين.
ورغم إطلاق الأمم المتحدة لنظام تفتيش للسفن عبر جيبوتي، إلا أن الثغرات الواسعة في النظام سمحت للسفن بتجاوز الرقابة وإيصال الأسلحة مباشرة إلى ميناء الحديدة، حيث يتم تفريغها من قبل عمال تابعين للحوثيين.
ولقد قدمت اتفاقية ستوكهولم ذريعة لتجنب العمل العسكري المباشر ضد الحوثيين، حيث أصبح بإمكان المجتمع الدولي الادعاء بأن الاتفاقية حلت مشكلة تهريب الأسلحة عبر الميناء. ومع ذلك، يرى مايكل روبين، مدير تحليل السياسات في منتدى الشرق الأوسط، أن هذه الاتفاقية لم تجلب السلام بل عززت من سيطرة الحوثيين وفاقمت تهديدهم على الملاحة البحرية.
ويرى روبين أنه إذا كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها جادين في إنهاء تهديد الحوثيين، فعليهم التخلي عن وهم نجاح اتفاقية ستوكهولم واتخاذ إجراءات صارمة.
- تنفيذ عمليات إسقاط جوي للمساعدات الإنسانية عبر طائرات أوسبري المتمركزة في مطار بربرة في أرض الصومال، لضمان عدم استخدام الحوثيين للمساعدات كوسيلة للسيطرة.
ويشير التقرير إلى أن الحوثيين لا يحظون بدعم شعبي كبير في الحديدة، مما يجعل فرص انهيار سيطرتهم عليها محتملة في حال تنفيذ استراتيجية عسكرية محكمة. ويؤكد روبين أن الحوثيين قد يواجهون مصيراً مشابهاً لحزب الله في حال تبني تحرك دولي حاسم.
ويبدو أن المرحلة المقبلة تحمل بوادر تحولات كبيرة، حيث يشير تقرير روبين إلى أن اليمنيين ينتظرون الفرصة المناسبة للتخلص من الحوثيين، مشيرًا إلى أن تطورات الأحداث قد تؤدي إلى زوال سيطرة الحوثيين على الحديدة، ما لم يتمكنوا من تعزيز وجودهم عبر استغلال الفجوات في السياسة الدولية.