عيد ميلاده العاشر
أيفون: محطة تكنولوجية تغير التاريخ
كيف تنهي إمبراطورية في عالم الهواتف النقالة مثل إمبراطورية نوكيا، وتقدم كمبيوترا محمولا صغيرا، وتسعد الأطفال، وتوفر للنساء فرصة تبادل النكات، وتجعل الشبكات الاجتماعية أهم من بقية الإنترنت، بل وتأتي بدونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة؟
الجواب بسيط جدا. باستخدام الهاتف المحمول الذكي، وليس أي هاتف، بل هو الأيفون. إنه الجهاز الذي يحتفل اليوم بعيد ميلاده (أو صناعته) العاشر وقد يصبح واحدا من أهم محطات تغير التاريخ الحديث.
حرر الأيفون المستخدمين من مكاتبهم وجعل الإنترنت معهم بذكاء في كل مكان. كان نقلة نوعية حقيقية تخطت المراحل المتعثرة للهواتف النقالة التي بدأت لتكون واسطة اتصال متحركة، لكنها سرعان ما أضافت خاصية تبادل النصوص والكاميرات والساعة وبعض التعامل مع تطبيقات بسيطة. لكن الأيفون كان شيئا آخر.
وخلق الأيفون قاعدة واسعة من التطبيقات التي غيرت حياة البشر، إذ شهد عالم الاتصالات ثورة وضعت حدا للبعد الجغرافي، وأجبرت شركات الاتصالات على تحمل الخسائر الناتجة عن تطبيقات أيفون، وتكييف منتجها مع واقعه الجديد.
كما تغير مفهوم متابعة الناس للأخبار اليومية، وبدلا من شراء الصحيفة الورقية كل يوم، أو استخدام الكومبيوتر الشخصي من أجل الدخول إلى المواقع الإخبارية كل ساعة تقريبا، عمل الأيفون على توفير وجبة أخبار دسمة ومجانية لمستخدميه على مدار اليوم.
ووضع أيفون أسس المساعد الشخصي الإلكتروني (سيري) الذي فتح المجال أمام عمالقة التكنولوجيا لابتكار مساعد فعلي سيغير نظرة ربات البيوت للأعمال المنزلية إلى الأبد.
وكان أيفون بداية لظهور أنواع أخرى تحاكيه من الهواتف الذكية، كافحت شركات مثل سامسونغ الكورية وهواوي الصينية، كي تضعها على طريق المنافسة مع الهاتف الشهير من شركة أبل.
وأسهم ذلك في تسريع وتيرة الحياة اليومية وجعل كميات لا حصر لها من المعلومات متوفرة بضغطة زر.
واليوم تسهم الهواتف الذكية في صعود توجهات سياسية جديدة تجيد توظيف إمكانياته إلى السلطة، مثلما حدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي استطاع أن يصل من خلال تويتر إلى هواتف أغلب الناخبين الأميركيين دون عناء.
ويستطيع نفس الجهاز أن يطلب لك السيارة من خلال تطبيق أوبر، كما ينقل لك مباراة كرة القدم، ويجعلك تتصفح صحيفة “العرب” قبل أن تتابع ما يقوله السياسيون على تويتر.
ويقول فيليب شيلر نائب رئيس شركة أبل للتسويق الدولي “من الرائع أنه منذ إطلاق أول نسخة من أيفون وحتى إصدار أيفون 7 العام الماضي، ظل أيفون هو النموذج الذي يتم من خلاله تقييم أيّ هاتف ذكي آخر. بالنسبة إلى الكثيرين بيننا صار أيفون هو الجهاز الأهم في حياتنا”.
وأضاف “أيفون معناه أن نجري اتصالات صوتية أو فيديو عبر تطبيق فيس تايم، وأن نلتقط صورا ومقاطع مصورة ونشاركها مع أصدقائنا في الحال، وأن نستمع إلى الموسيقى، ونتابع وسائل التواصل الاجتماعي، ونلعب ألعاب الفيديو، وأن نصل إلى مقاصدنا من دون أن نضل الطريق، وأن ندفع لقاء مشترياتنا، ونرسل رسائلنا عبر البريد الإلكتروني، ونشاهد التلفزيون والأفلام. أصبح أيفون كل هذه الأشياء وأكثر. أعتقد أن هذه هي البداية فقط”.
بعد عشرة أعوام من إطلاق أيفون في عهد الراحل ستيف جوبز مؤسس شركة أبل، فإن التاريخ لن ينسى مبتكرا قرأ المستقبل على لوحة قبل أن يكتشف الكمبيوتر
اللوحي، وهو شخص رؤيوي لا يتنازل عن رؤيته.
وعندما كان هذا الرجل النحيل الذي هدّه المرض آنذاك، يتحدث عن الكمبيوتر اللوحي أو الكمبيوتر منعدم الأزرار والوصلات، كان يريد للآخرين أن يعيدوا التفكير بكل شيء، اليوم أيفون قطعة واحدة من لوح ما به شيء ولكن فيه كل شيء!