انقلاب دستوري قريب
كيف يمكن عزل ترامب من منصبه؟
رأى الكاتب ريتشارد كوهين، بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أن تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب لمهام منصبه رسمياً في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، ربما يتسبب بانقلاب دستوي في المستقبل القريب.
وفي مستهل مقاله، يصف كوهين ترامب بأنه "رجل يحمل أسوأ الصفات؛ فهو ثرثار وكذاب وعنيف وغوغائي، كما أنه جاهل ومخادع، فضلاً عن أنه شخص عنصري بحق ونرجسي".
ومنذ فوزه في الانتخابات، لم يحاول ترامب أن يجعل سلوكه "معتدلاً"؛ إذ لا يزال، بحسب كاتب المقال، يتصرف "بصبيانية"، ولعل أبرز مثال على ذلك هو تغريداته الساخرة، على توتير، من أرنولد شوازينغر (خليفته في تقديم برنامج "سيلبرتي ابرانتس") لفشله في الوصول إلى معدلات مشاهدة مماثلة لما كان يحققه ترامب. أما الكثير من تغريدات ترامب الأخرى فهي مجرد "أكاذيب" عادية، برأي كوهين، ولكن تصريحاته السابقة المثيرة للقلق بشأن الجهود الروسية للتأثير على الانتخابات تعتبر الأكثر أهمية.
القرصنة الروسية
ويلفت كوهين إلى أن ترامب يجعل الأمور تنقلب رأساً على عقب؛ إذ أنه يرى تقرير أجهزة الاستخبارات الأمريكية حول "القرصنة الروسية" مثالاً للأخبار الوهمية (وليست الأخبار الكاذبة تماماً التي نشرها الروس). ووجه كاتب المقال انتقادات لاذعة إلى رينس بريبوس، رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري سابقاً الذي اختاره ترامب لمنصب رئيس أركان موظفي البيت الأبيض، ووصفه بأنه "عديم الأخلاق" بسبب تصريحاته لشبكة "سي بي اس نيوز" التي قال فيها أن "إعلان النتائج التي توصلت إليها أجهزة الاستخبارات كان ينطوى على دوافع سياسية من أجل تشويه مصداقية فوز ترامب في انتخابات الرئاسة".
ترامب لن يتغير
ويضيف كوهين: "من الحمق أن نعتقد أن مساعدي ترامب في إدارته الجديدة، من أمثال بريبوس، سيكونون قادرين على تحويل ترامب إلى شخص معتدل؛ فهم مجرد معاونين ضمائرهم غائبة ويتحكم بهم الغرور، ولعل الأشد سخافة من ذلك أن نظن أن ترامب نفسه سوف يتغير وهو في السبعين من عمره؛ لاسيما أن انتصاره السياسي جعله مقتنعاً تماماً بأنه معصوم من الخطأ، ومن ثم فإن الأمور سوف تسير من سيئ إلى أسوأ".
عزل ترامب
ويوضح كوهين أن عزل ترامب من قبل مجلس النواب وإدانته من قبل مجلس الشيوخ ربما يكون أحد الحلول لهذه الإشكالية، ولكنه بعيد المنال، ناهيك عن أنها عملية شاقة تتطلب أعمالاً يمكن إثباتها للخيانة أو الرشوة وغيرهما من الجرائم الأخرى، ونظراً لصعوبة تحقيق هذا الحل من الناحية الواقعية، يقترح كوهين طريقة أخرى يمكن اللجوء إليها، إذ أنه بموجب التعديل الـ 25 للدستور الأمريكي، يحق لنائب الرئيس، جنباً إلى جنب مع غالبية كبار الموظفين في الوزارات التنفيذية أو الهيئات الأخرى التي يحددها الكونغرس بموجب القانون، عزل الرئيس لكونه "عاجزاً عن تحمّل أعباء سلطاته ومسؤولياته". ولكن مجرد الإشارة إلى كلمة "عجز" من شأنه أن يستدعي حشد من المحامين إلى واشنطن للاعتراض على ذلك، وعلى معنى كل مصطلح أيضاً.
ومع ذلك، فإنه يبدو واضحاً، بحسب كوهين، أن التعديل الـ 25 للدستور الأمريكي لا يمنح دوراً لأعضاء مجلس الوزراء، ولا يتم الآخذ به في الاعتبار عند استعدادهم للتأكيد. ويحض كاتب المقال على أن يتم سؤال جميع أعضاء مجلس الوزارء هذه المرة عما إذا كانوا على دراية بهذا التعديل من الأساس، وعما إذا كانوا على استعداد لتنفيذه إذا لزم الأمر. وربما يقول بعضهم أنهم لن يستجيبوا إلى افتراضات، ولكن الرغبة في الالتزام بالدستور ليست مجرد افتراض، برأي كوهين، وإنما هي واجب مهم.
فوضى رئاسة ترامب
وعلى رغم ما سبق، فإن كوهين يستبعد حدوث ذلك، ويتوقع أن تشهد فترة رئاسة ترامب حالة من الفوضى مثلما حدث مع بعض الرؤساء الآخرين، ولكن لابد من الآخذ في الاعتبار طبيعة شخصية ترامب وحقده؛ وخاصة عدم احترامه الكامل للدستور وتصريحاته المبتذلة وعنصريته، علاوة على ما ذكرته ميريل ستريب في حفل توزيع جوائر "غولدن غلوب"بشأن سخرية ترامب من مراسل نيويورك تايمز المعاق جسدياً، ويتعجب كوهين من قدرة ترامب على إنكار إرتكابه لشيء من هذا القبيل، ويعتبر سلوك ترامب مثيراً للاشمئزاز.
ويختتم كوهين قائلاً: "منذ انتخابه، لم يفعل ترامب أي شيء لتخفيف القلق من أنه لا يصلح لتولي منصب الرئاسة، وللأسف في غضون أسبوع، سوف يتسلم السلطة الهائلة لهذا المنصب، وربما يكون مجلس وزرائه هو الشيء الوحيد القادر على كبح جماحه، فقد أخطأ ترامب وقام باختيار بعض الأشخاص الجيدين في هذا الفريق".