ذا أميركان كونسيرفاتيف:
نهاية صالح تنذر بجولة عنف جديدة في اليمن
غتالت ميليشيا الحوثي الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، الرجل الذي كان، لقرابة 40 عاماً، أقوى رجل في اليمن. وحتى بعد إجباره على التخلي عن السلطة إثر انتفاضة شعبية في عام 2012، ظل يمثل مركز ثقل في السياسات اليمنية.
وكتب، في صحيفة "ذا أميركان كونسيرفاتيف"، مايكل هورتون، محلل بارز في الشؤون العربية لدى مركز جيمس تاون، أن مقتل علي عبد الله صالح جاء في إطار دورة عنف تهدد بتدمير بلده.
شخصية مركزية
ولم يعرف معظم اليمنيين في حياتهم غير علي صالح رئيساً لهم. وكان الرئيس الراحل قاسياً أحياناً، ولكن مكيافيلياً دوماً. ولا شك في أن أصداء مقتله على أيدي خصومه، الذين تحولوا إلى حلفاء ومن ثم إلى أعداء، ستتردد لأشهر بل ربما لسنوات قادمة.
شغف بالشعر
ويذكر الكاتب شغف صالح بالشعر كمعظم اليمنيين، ويقارن بين نهايته وما ورد في قصيدة يمنية قال صاحبها: "جولات الانتقام لا تجلب سوى جولات حزن وأسى". فقد كان اغتياله بمثابة عمل انتقامي، وجزء من دورة أطلقها هو بنفسه عندما أمر بقتل حسين الحوثي في عام 2004، مؤسس الحركة الحوثية. وحينها أقسمت أسرة الحوثي على الانتقام من صالح وأسرته، وبعد13 عاماً، نفذت تهديدها.
انتظار الفرصة
ويقول هورتون إن الحوثيين انتظروا فرصتهم للانتقام، وقد حانت عندما أعلن علي عبد الله صالح أنه منفتح على مفاوضات مع السعودية. وسعى الحوثيون، منذ أشهر، إن لم يكن منذ سنوات، لبناء شبكة متعاونة من كبار الضباط الموالين لصالح ومن زعماء قبائل يمينة. وكان ذلك تكتيكاً تعلمته قيادتهم من صالح نفسه الذي كان خبيراً في صنع التحالفات وتصفية الخصوم.
نشأة متواضعة
ويلفت الكاتب لنشأة صالح المتواضعة في أسرة فقيرة، وكفرد من قبيلة ضعيفة، سنحان. وقد اقتصر تعليمه على التدريب العسكري. وكان اليمنيون يسخرون من خطاباته المتلفزة، التي كان يلقيها بلغة عربية ركيكة. وقد بدأ حياته كمجند، ومن ثم رقي إلى منصب ملازم ثانٍ. وشارك في الانقلاب ضد حاكم اليمن الشمالي الإمام محمد البدر، وبحلول منتصف السبعينات، وصل إلى رتبة عقيد. وهكذا صعد صالح من مجرد فرد عادي من قبيلة صغيرة، ومن مجند إلى عقيد ثم رئيس، في سرعة صاروخية.
قسوة ومهارة
وبحسب هورتون، ما سهل وصول صالح إلى سدة الحكم في اليمن قسوته وفهمه لرجاله والبلد الذي سيطر عليه. وقد امتلك صالح ذاكرة واسعة، وكان ماهراً في الحديث عن امتدادات قبلية بسهوله كبيرة. وكان يعرف من ينتمي لمن، ومن احتاج لكسب وده أو للتخلص منه. وفي نفس الوقت، أدرك طوال 34 عاماً من عهده (بداية كرئيس لشمال اليمن ومن ثم كأول رئيس لليمن الموحد في عام 1990) أن هناك خطوطاً محددة لا يجب تجاوزها. وكانت هناك حدود لقسوته.
تحول كبير
ولكن بعد أحداث 9/11 ، تبدل فهم صالح لحدود سلطته. وبعدما كان يشار إليه بوصفه عمدة صنعاء، لأن سلطته لم تكن تتجاوز العاصمة اليمنية، اكتسب قوة عسكرية واسعة. فقد بدأت الولايات المتحدة، في إطار حملتها ضد الإرهاب، بتدريب وتمويل القوات المسلحة اليمنية من أجل مواجهة القاعدة. وكانت تلك فرصة سانحة لصالح ولأقرب أعوانه، لاعتبار الحرب على الإرهاب بمثابة هدية. فقد عزز تدفق الأموال الأمريكية، والأسلحة الفائقة التقنية والمدربين من القوات الخاصة الأمريكية، سلطة قوات النخبة في الحرس الجمهوري، التي سيطر عليها أحمد علي صالح، نجله البكر، وكانت تلك المساعدات بمثابة الدجاجة التي باضت ذهباً.
ولكن، بدلاً من محاربة القاعدة، اتجه صالح، وبانتقام شديد، لمحاربة الحوثيين والانفصاليين في جنوب اليمن. فقد نسي، برأي هورتون، حدود سلطته، ونسي أنه كان يحارب قوة محلية تنظر للانتقام بوصفه واجباً مقدساً، ولو تطلب ذلك سنوات من الانتظار.