إنتهاك للحقوق
المغرب: منع تسويق النقاب
أصدرت السلطات المغربية تعليمات بمنع خياطة وتسويق النقاب في مختلف مدن البلاد
أصدرت السلطات المغربية تعليمات، هي الأولى في نوعها على الإطلاق، صباح الاثنين 9 يناير/ كانون الثاني قضت بمنع خياطة وتسويق النقاب في مختلف مدن البلاد.
وقالت صحف مغربية إن مسؤولين من السلطات المحلية في عدد من المدن قصدوا محلات تجارية متخصصة في بيع أزياء المنقبات، وسلموا أصحابها وثيقة موقعة من طرف وزارة الداخلية، تبلغهم رسميا بوقف اقتناء وبيع النقاب والتخلص من مخزونهم منه في غضون يومين، وإلا تعرضوا لعقوبات يمكن أن تصل حد غلق محلاتهم.
ولم يصدر عن وزارة الداخلية أي إعلان أو بيان رسمي يشرح أسباب وخلفيات القرار. لكن بدا لمتابعين محليين أن وراء هذه الخطوة مخاوف أمنية من استغلال هذا الزي من قبل مجرمين أو مشتبه بهم في قضايا تتعلق بالإرهاب. وذهب بعضهم إلى اعتبارها مقدمة في أفق المنع الرسمي لارتداء هذا الزي في الأماكن العامة كإجراء جديد لمكافحة ظاهرة التشدد الديني في المجتمع المغربي.
وقد أثار قرار وزارة الداخلية جدلا وردود فعل متباينة بين مؤيدة ورافضة في الصحف المحلية وبعض التيارات السياسية والجمعيات الحقوقية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وتجلت أقوى الردود الرافضة من التيار السلفي في تدوينة نشرها عمر الحدوشي أحد نشطاء هذا التيار على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك. ووصف من يقفون وراء هذه القرار بـ"السفهاء".
وقال الحدوشي، في تعليق: " أين الحرية التي يتبجحون بها؟ اللهم لا تعاقبنا بما فعل السفهاء منا"...سيبدؤون بمحاربة النقاب، والدفاع عن التبان، ثم محاربة اللحية، ثم محاربة الصلاة... تونس دولة علمانية، ولم تمنع النقاب... للأسف نكون أو لا نكون، أين سنهاجر ونفر بديننا".
وتساءل حسن الكتاني، وهو داعية سلفي معروف، على حسابه على فيسبوك: "هل يتوجه المغرب لمنع النقاب الذي عرفه المسلمون لمدة خمسة عشر قرنا؟" مضيفا "مصيبة هذه إن صح الخبر".
وانتقد عدد من الجمعيات الحقوقية والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان قرار الداخلية المغربية. وجاء في بيان لمرصد الشمال لحقوق الإنسان، الذي يتخذ مدينة تطوان في شمال البلاد مقرا له، إن القرار "انتهاك غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير وارتداء اللباس الذي يعد تعبيراً عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية".
غير أن تيارات أخرى رحبت بالقرار وشددت على أنه لا يمس بالحريات الفردية. وأصدرت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب بيانا ثمنت فيه قرار الوزارة. وبررت تأييدها له بكون هذا الزي، الذي يستحيل معه التمييز بين النساء والرجال، قد يستغل لارتكاب جرائم عادية أو إرهابية.
وأضافت الجبهة في بيانها: "إن النقاب/ البرقع لباس أفغاني دخيل لا يمت بصلة للخصوصية المغربية ويكتسي تطرفا واضحا في المظهر واللباس حتى بالنسبة لشرعنا الحنيف. ولعل نهي الرسول، عليه الصلاة والسلام، عن استعمال البرقع أو النقاب في العمرة والحج لدليل على صواب هذا الموقف".
وأوصت الجبهة بسن نص قانوني مستقبلا يوجب الكشف عن ملامح الوجه في الفضاء العمومي؛ وإلزامية التعرف مؤقتا على هوية كل شخص يستعمل ذلك اللباس الأفغاني من طرف السلطات المختصة.
وعجت فضاءات التواصل الاجتماعي الافتراضية والمواقع الالكترونية بتعليقات متباينة فمنها من رحب بالقرار. ومن هؤلاء من قال إن النقاب زي دخيل على الثقافة المغربية الغنية بألبسة تقليدية محتشمة للنساء. وذهبت آراء أخرى إلى اعتبار القرار جسا لنبض الشارع المغربي إزاء المنع الكامل للنقاب في المستقبل.
كما نشط المعارضون للقرار ودونوا مقالات وجهت انتقادات حادة للسلطات المغربية وقال أحدهم متسائلا " إذا كان النقاب لباسا مستوردا ودخيلا على المغرب، فإن ألبسة مثل التنورة والميني مستوردة هي أيضا من الغرب".
ونقلت صفحات سلفية رسائل قالت إن نساء مغربيات بعثنها تفيد بأنهن مباشرة بعد قرار الداخلية، وقبل انتهاء مهلة 48 ساعة، اشترين قطعا كثيرة من النقاب لاستخدامها في مرحلة ما بعد المنع.