الصراع اليمني..
جهود غريفيث في اليمن تراوح مكانها
لم ينجح المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إلى حدّ الآن في التقريب بين مواقف فرقاء الصراع اليمني وتحقيق تقدّم عملي باتجاه الحلّ السلمي، ما يبقي الحلّ العسكري مطروحا من قبل التحالف العربي والقوات اليمنية التي يدعمها، مع تغييرات محتملة في تكتيكات الحرب، ومواطن تركيز المعارك.
وقال مصدر في الحكومة اليمنية لـ”العرب” إن اللجنة المكلفة بالرد على خطة المبعوث الأممي مارتن غريفيث والمشكّلة برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عبيد بن دغر أنهت مسودة الرد على مقترحات مارتن غريفيث وستقوم بتسليمها له خلال زيارته القادمة للعاصمة السعودية الرياض.
وعن مضمون الرد الحكومي اليمني على خطة المبعوث الأممي لإحلال السلام في اليمن، كشفت مصادر “العرب” عن تمسّك الحكومة الشرعية بحقها في بسط سيادتها على كامل الموانئ المطلة على البحر الأحمر مثل الحديدة والصليف ورأس عيسى، كشرط لتوقف العمليات العسكرية والمشاركة في جولة جديدة من مشاورات السلام المتوقع عقدها في إحدى العواصم الأوروبية.
وأشارت المصادر إلى تجديد الحكومة اليمنية تمسكها بالمرجعيات الثلاث كقاعدة لأي تسوية سياسية، وهي المرجعيات المتضمنة المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي.
وحول طبيعة الرد الحكومي على مقترحات غريفيث أوضح وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب في تصريح خاص لـ”العرب” أنه لا يمكن قبول أي حلول خارج إطار المرجعيات، مشيرا إلى أن الجماعة الحوثية ترمي بثقلها السياسي لتجاوز تلك المرجعيات وخلق مرجعيات بديلة تشرعن لوجودها وهيمنتها وإعادة إنتاجها كمركز مسيطر وإضعاف بقية الأطراف.
وأشار غلاب إلى ما وصفه بإشكالية المأساة الإنسانية التي تُبذل جهود كبيرة للتخفيف منها ومعالجتها للحيلولة دون تحويلها إلى بوابة لتمرير حلول سياسية ناقصة تشرعن للفوضى والحروب الأهلية التي ستتسبب في وصول المأساة الإنسانية إلى ذروتها ولن تجد من يعالجها مستقبلا بعد أن يتم تفكيك المرجعيات ومحاولة إنتاج شرعية جديدة لا وظيفة لها إلا تمكين الحوثيين وهذا لن يرضى به اليمنيون، كما يقول وكيل وزارة الإعلام اليمنية.
وكشفت مصادر مقربة من المبعوث الأممي لـ”العرب” عن طلبه ردودا مكتوبة من الحكومة الشرعية والحوثيين على مسودة خطته التي سلمها للطرفين، قبل المضي قدما في عرضها على مجلس الأمن الدولي.
ولفتت مصادر “العرب” إلى أن غريفيث يسعى لكسب المواقف الإقليمية والدولية لصالح خطته للسلام في اليمن وتحويلها في نهاية المطاف إلى قرار دولي ملزم لأطراف الصراع اليمني، غير أن محاولاته وفقا للمصادر ما زالت تصطدم بتعنت الميليشيات الحوثية التي تتشبث ببقائها في ميناء ومدينة الحديدة وموافقتها على منح الأمم المتحدة دورا رقابيا ولوجستيا في الميناء، فقط. وهو الأمر الذي ترفضه بشدة الحكومة اليمنية، إضافة إلى التحفظات التي تبديها دول التحالف العربي تجاه أي تحركات أممية لا تستوعب القرارات الدولية وتلبي متطلبات الأمن القومي لتلك الدول التي تبدي قلقها من التدخلات الإيرانية في المنطقة.
واستبعد مراقبون سياسيون يمنيون تمكن الجهود الأممية التي يقودها غريفيث من إيصال الأزمة اليمنية إلى أي نقطة انفراج قريبة، في ظل عدم الواقعية التي تتسم بها تلك الجهود.
ويعتقد القيادي في المؤتمر الشعبي العام وعضو اللجنة العامة في الحزب عادل الشجاع أن تحركات غريفيث وصلت إلى طريق مسدود، مضيفا في تصريح لـ”العرب” أنّ “هذا ما توقعناه وحذرنا منه نتيجة لمعرفتنا بالحوثيين الذين يلجأون إلى المفاوضات لاستقطاع الوقت حينما يشعرون بالهزيمة”.
واعتبر الشجاع أن تحركات غريفيث ساهمت في إنقاذ الحوثيين وإطالة أمد الحرب، حيث تسبب توقف المعارك في تزايد وتيرة الحشد الحوثي في الحديدة وحفر الخنادق في الشوارع وتعزيز تواجدهم هناك، بينما تؤكد الكثير من الشواهد أن الحوثيين لن يذهبوا إلى السلام ما لم يهزموا عسكريا”.
وأكدت مصادر مطلعة لـ”العرب” أن هدنة غير معلنة في الساحل الغربي من المفترض أن تنتهي نهاية الشهر الجاري وهو ما يشكل عامل ضغط زمني إضافيّا على جهود المبعوث الأممي مارتن غريفيث، الذي فشل حتى الآن في تحقيق أي اختراق في مسار الأزمة اليمنية عدا إقناع عدد من دول الاتحاد الأوروبي بممارسة ضغوط سياسية مزدوجة على الحكومة الشرعية والانقلابيين.
وعلى الصعيد الميداني تصاعدت وتيرة المواجهات في جبهات صعدة وحجة أقصى شمال اليمن، في ظل مؤشرات على حدوث تحول مهم في استراتيجية التحالف العربي والحكومة الشرعية باتجاه تركيز الضغط على المعاقل الرئيسية للحوثيين بهدف تجاوز الضغوطات الدولية المتعلقة بمجريات الحرب في محافظة الحديدة.