وثائق حصرية تكشف استمرار سياسة الإقصاء للجنوبيين..
تقرير: "البنك المركزي".. حين يكرس حكم الهضبة الزيدية
محمد منصور زمام محافظ البنك المركزي اليمني في عدن

كشفت وثائق حصلت عليها (اليوم الثامن) تكريس حكومة الرئيس اليمني الانتقالي المعترف بها دوليا، حكم الهضبة الزيدية ومواصلة إقصاء الطرف الجنوبي على غرار ما حصل بعد حرب الانقلاب على مشروع الوحدة السلمي صيف العام 1994م، على الرغم من المتغيرات التي طرأت جراء الانتصار الذي تحقق في الجنوب بدحر القوات الشمالية الغازية سابقا ولاحقاً، في العام 2015م، ناهيك عن المتغيرات التي دفعت بأول جنوبي لرئاسة اليمن خلفا عقب ثلاثة عقود من الحكم الدكتاتوري الذي كانت تمارسها ما يطلق عليها بالهضبة الزيدية.
وتشير مصادر عليمة وأخرى سياسية إلى أن الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي اتخذ قرارا بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن، لكن قوى النفوذ في الهضبة الزيدية أفشلت ذلك، جراء استمرار التعامل مع المركزي اليمني في صنعاء "كبنك مركزي، وأخر في مأرب رفض الاعتراف بقرار هادي او بالبنك المركزي في عدن، وهو ما دفع هادي إلى اتخاذ قرار اخر بتسليم البنك المركزي إلى محافظ جديد ينتمي إلى الهضبة الزيدية التي يقول يمنيون إنها سبب في كل مشاكل اليمن (شمالا وجنوبيا)، في محاولة لكسب ود الهضبة فصيل في قبائل شمال الشمال، غير ان ذلك تسبب في تدهور العملة اليمنية وانهيارها بشكل لم يسبق له مثيل.
وقالت المصادر لـ(اليوم الثامن) "إن محافظ البنك المركزي محمد بن زمام، بدأ منذ تعيينه على اقصاء الكوادر الجنوبية واحلال بدلا عنها بكوادر شمالية، وقيامه بإفشال أي مساعي تقوم لمحاولة منع انهيار العملة المحلية".
وبينت الوثائق ان جهودا جبارة بذلها مصرفيون خبراء في محاولة لوقف عملية الانهيار، الا ان زمام أحبط تلك الجهود ومنها جهود قام بها وكيل المحافظ للعمليات المصرفية والبحوث خالد العبادي، الا ان زمام على تلك الجهود بالقول "خبرتك ليست كافية".
وحصلت الصحيفة على وثيقة فند فيها العبادي وهو خبير اقتصادي عدني يحمل الجنسية الامريكية، كل ما ذكره محافظ البنك المركزي.
وقالت الوثيقة الموجهة من الوكيل خالد العبادي إلى أعضاء مجلس ادارة البنك المركزي اليمني ردا على تحذير المحافظ زمام له.
وأكد عبادي ان ما اورده محافظ البنك المركزي في رسالته الموجهة إليه من خلال القول -بانه خبرته الادارية قليلة وان تخصصه بعيدا عن الجوانب المصرفية والمالية - "أنه خريج أفضل الجامعات الأمريكية واعرقها في تخصصات ومجالات مثل الاقتصاد والسياسة الدولية والتنمية الدلية، ويمتلك خبرة كمحاضر في التحليل الكمي في جامعة نيويورك بالاضافة الى عمله كمستشار لسفير اليمن في الأمم المتحدة".
وقال "تمكنا خلال عامين من تأسيس قطاع الاعمال المصرفية الخارجية والبحوث من لا شيء".
وفند العبادي في الرد على رسالة المحافظ زمام "اشير الى مذكرة الأخ محافظ البنك المركزي اليمني الموجهة لشخصي والمنسوخة لحضراتكم واخرين بتاريخ 12 أغسطس 2018 تحت عنوان "انذار اخير" .ولان مذكرة المحافظ تطرقت لبعض المواضيع التي قد لا تكون واضحة لأعضاء مجلس الإدارة, لذا أردت أن أغتنم هذه الفرصة لتوضيح هذه القضايا.
الخبرة والتخصص
وقالت الوثيقة الصادرة "إن محافظ البنك المركزي محمد زمام أشار إلى شخص العبادي بقوله" خبرتك الإدارية القليلة وكون تخصصك بعيدا عن الجوانب المصرفية والمالية".
لذلك يقول العبادي "تروني أرفق مع هذه المذكرة نسخة من سيرتي الذاتية المحدثة حتى يتمكن أعضاء مجلس الإدارة من اتخاذ هذا القرار بأنفسهم. وفي هذا الصدد سوف تجدون أن شهاداتي تم الحصول عليها من أفضل الجامعات في الولايات المتحدة و اعرقها في تخصصات ومجالات مثل الاقتصاد والسياسة الدولية و التنمية الدولية. و علاوة على ذلك سوف تجدون خبرتي كمحاضر في التحليل الكمي في جامعة نيويورك NYU أو كمستشار لسفيرنا في الأمم المتحدة, أو حتى كمدير أعمال, بالإضافة إلى خبرتي لمدة عامين تقريبا كوكيل العمليات المصرفية الخارجية والبحوث في البنك المركزي اليمني. لكن الأهم من ذلك, المعيار الحقيقي هو تقييم إنجازات الفرد في منصبه وكما ذكرت سابقا للمحافظ إنجازاتي بارزة وشاخصة أمام الجميع".
وأضاف "في العامين الماضيين, تمكنا من تأسيس قطاع العمليات المصرفية الخارجية والبحوث من لا شيء و هو الان قطاع فاعل. لقد تمكنا أيضا من إنشاء القطاع من خلال التوظيف بشكل انتقائي من القطاع الخاص و عن طريق إنشاء إدارات مهمة يمكن أن تنفذ عمليات الحوالات, و الاعتمادات, و الضمانات, ومطابقة وتدقيق الحسابات , والعلاقات الخارجية. خلال فترتي كوكيل القطاع تمكنا أيضا من إنشاء قدرة SWIFT, وتطبيع العلاقات المصرفية مع بنك الاحتياط الفيدرالي (FRBNY) وبنوك اخرى, واستئناف الخدمات المصرفية الخارجية للحكومة اليمنية, وتنفيذ الاعتمادات التجارية من خلال برنامج تسهيلات تجارية. وقد تم تحقيق نتيجة العمل الجاد والتخطيط الاستراتيجي والمفاوضات السياسية الدقيقة, بالإضافة إلى العمل الجماعي الذي لا يقد بثمن لجميع المدراء التنفيذيين و الموظفين في البنك المركزي اليمني. و علاوة على ذلك, أتحدث الإنجليزية والعربية والاسبانية بطلاقة ومعي الوسيلة للسفر التي سهلت هذا العمل بشكل كبير خلال هذه الأزمة الشديدة. لذا, أترك الأمر لمجلس الإدارة ليقرر ما اذا كانت شهاداتي وتخصصي وخبرتي كافية للوفاء بواجباتي في هذا المنصب. وفي الوقت الذي أشعر بالأسف لكلمات الأخ المحافظ بحقي فإنني احتفظ بحقي بالمطالبة بإجراء مقارنة بين سيرتي الذاتية و والسيرة الذاتية للأخ المحافظ وجودة الشهادات والتخصصات وسنوات الخبرة لكلينا".
نقاش العبادي مع وزارة النفط
و بهذا الصدد, أشارت مذكرة المحافظ إلى نقاشات العبادي مع التنفيذيين في وزارة النفط مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية, ووصفت هذه النقاشات بأنها "تجاوزات" في القانون والعرف الإداري للبنك المركزي".
وقال "إن هذه التوصيف يسيء قراءة لمبادرات الفعلية التي اتخذتها نيابة عن البنك المركزي, وكل ذلك على أمل تخفيف الأزمة المالية وأزمة الخدمات في المحافظات المحررة, و أعني بذلك كبح جماح تدهور أسعار العملة, دعم السيولة في البنك, ضمان خدمات الكهرباء وتدفق الوقود, وهي أزمات مركبة تواجه الحكومة وليست خافيه على احد".
وكشفت مصادر وثيقة في المركزي اليمني سعي المحافظ الذي ينتمي إلى قبيلة حاشد اليمنية بإقصاء الكوادر الجنوبية واستبدالها بشخصيات مصرفية من صنعاء، في اعقاب تحميل هذه الكوادر مسؤولية انهيار العملة تجار وكلاء للزعيم الزيدي علي محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني والذي يعد بالرجل الأول في الحكم.
وقال مصدر وثيق لـ(اليوم الثامن) "إن انهيار العملة بهذا الصورة تم بتواطؤ من مسؤولين في الحكومة الشرعية، فهناك من لا يرغب في ان تنهض عدن اقتصاديا، وهناك من يحارب عدن بشكل علني وممنهج لكبح مطامع دعوات استقلال الجنوب.
من المسؤول عن انهيار العملة؟
وحلمت وثيقة أخرى تاجر النفط أحمد صالح العيسي مسؤولية انهيار العملة المحلية اليمنية، حيث اشارت الوثيقة التي وجهها خالد العبادي إلى محافظ البنك المركزي، وهي الوثيقة التي ربما تكون السبب وراء سعي زمام إلى الاطاحة به من منصبه.
وقالت الوثيقة المرسلة من خالد العبادي وكيل المحافظ للعمليات المصرفية الخارجية والبحوث إلى محافظ البنك المركزي "لقد تابعنا بقلق شديد ارتفاع سعر الدولار الامريكي مقابل الريال اليمني, كما متأكدون أنكم كذلك متابعون هذا التطور الخطير. نتجا من هذا القلق الشديد, عقدنا عددا من الاجتماعات مع وزارة النفط والمعادن اليمنية والشركات التابعة لها, بالتنسيق مع القطاعات ذات الصلة في البنك المركزي اليمني من أجل معالجة هذه المسألة. ايضا اجرينا اتصالات مع نظرائنا في وزارة المالية السعودية لمعرفة بإمكانهم التخفيف من الامر من خلال الوديعة السعودي. فيما يلي ملخص لهذه المشاركات:
1- اجتماع مع وزارة النفط والمعادن اليمينة: يوم الجمعة 3 أغسطس 2018 والسبت 4 أغسطس 2018, عقدت اجتماعات مطولة مع وزارة النفط والمعادن لمناقشة كيفية تحويل إدارتهم المحلية بالريال اليمني إلى البنك المركزي اليمني مقابل خدمات مصرفية التي تشمل التحويلات في العملات الأجنبية من الحسابات الخارجية حق البنك المركزي اليمني. عقد الاجتماع مع السيد أوس آلعود , وزير النفط والمعادن , والدكتور سعيد الشماسي نائب وزير النفط والمعادن والدكتور نجيب الاعوج , المدير العام لشركة النفط اليمنية , ومديرين اخرين في وزارة النفط والمعادن. وتم الاتفاق على ضرورة ان يلتقي البنك المركزي اليمني وشركة النفط اليمنية مع فرقهما الفنية لمناقشة الخدمات اللوجستية وبدء التحضيرات في محافظة عدن كخطوة أولى.
2- اجتماع مع شركة النفط اليمينة: في يوم الاثنين 6 أغسطس 2018 , راس وكيل محافظ للعمليات المصرفية الخارجية وفد من المتخصصين من البنك المركزي اليمني يمثلون الادارات في قطاع العمليات المصرفية الخارجية (التحويلات والاعتمادات) , وقطاع الرقابة على البنوك , وقطاع العمليات المصرفية. كان الاجتماع حول إدارة KYC (اعرف عميلك) على شركة النفط اليمنية وتشخيص احتياجاتها للسيولة في الريال اليمني والعملات الاجنبية. لقد أخذنا علما بما يلي:
.a تودع شركة النفط اليمنية ما يقارب من 700 مليون إلى 1مليار ريال يوميا مع محلات الصرافة بناء على طلب من مقاولهم.
- b. تحتاج شركة النفط اليمنية إلى 20 مليون دولار شهريا على الاقل ( مع وجود مؤشر قوي على أنها اكبر بكثير) لشراء المشتقات النفطية لخدمة محطات الوقود الخاصة بها ومحطات المالكين في عدن ( 41 محطة وقود ) على المستويات الحالية.
- a. تحتاج شركة النفط اليمنية غير قادرة على تلبية احتياجات محطات الوقود في عدن , وهي في حاجة لشراء ما يقارب 2000 طن من مشتقات النفط يوميا لتلبية احتياجات السوق المحلية ( حوالي 50 مليون دولار شهريا بحوالي 800 دولار للطن )
- b. لم تعود استخدام شركة النفط اليمنية حساباتها (النشطة) في الدولار والريال اليمني في البنك المركزي اليمني والبنك الاهلي اليمني بسبب عجزها بتوفير السيولة وخدمات مصرفية دولية.
راتب محافظ البنك المركزي يفوق راتب الرئيس الأمريكي
وكشفت وثيقة أن محافظ البنك المركزي المعين في مطلع فبراير 2018 وهو من قبيلة حاشد كبرى القبائل الزيدية "يتقاضى راتبا شهريا يفوق 55 ألف دولار شهريا منها 40 الف يستلمها من البنك المركزي في عدن، و15 ألف دولار راتب من الحكومة الشرعية ويصرف له في الرياض"؛ هو الرقم الذي تجاوز راتب الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي يتقاضى راتبا شهريا يصل إلى 35 ألف دولار.
وعين هادي زمام كأول قرار جمهوري يصدر في العام 2018م، خلفا لمحافظ البنك السابق منصر القعيطي الذي عين خلفا للخبير الاقتصادي محمد بن همام.
لكن كوادر الاقتصاد الجنوبية، تقول مصادر انه يجري ازاحتهم بشكل متتالي في صورة تؤكد ان الحكومة الشرعية تسعى لإقصاء الكوادر الجنوبية واستبدالها بكوادر شمالية، تحت ذريعة منع الانفصاليين الجنوبيين من التوغل في مفاصل الدولة.
ويتهم مسؤولون مصرفيون جهات نافذة في الحكومة الشرعية بالعمل على افشال عملية نقل البنك المركزي إلى عدن.. مشيرة الى ان هذه الجهات يدعمها نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر والتي ابقت على بنك مأرب بنكا مركزيا بعيدا عن عدن قريبا من بنك صنعاء.
ورفضت مأرب توريد أي موارد الى مركزي عدن، في حين تورد مؤسسة الاتصالات في عدن كل الاموال الى البنك المركزي في صنعاء والذي يسيطر عليها الحوثيون، فيما تذهب ايرادات منفذ الوديعة الجنوبي الى بنك مأرب المركزي.
وتقول حكومة الشرعية انها لا تريد اقامة أي مقومات دولة في الجنوب خشية من ان يساعد ذلك في تحقيق الانفصال.