تحليلات

الأزمة السورية..

تقرير: لماذا تتجنب تركيا معركة إدلب؟

قوات تركية

سعت تركيا خلال الأشهر الماضية إلى توحيد جميع الفصائل المقاتلة في إدلب، للحفاظ على مصالحها وكبح عملية عسكرية يستعد النظام السوري بدعم من روسيا لشنها على المحافظة التي ضمت جميع مسلحي المعارضة مع أسرهم، بعد تهجيرهم من مدنهم وقراهم إثر خساراتهم المتتالية لصالح النظام.

ورغم نجاح أنقرة، عبر تشكيل "الجبهة الوطنية للتحرير" من دمج الفصائل المسلحة، باستثناء هيئة تحرير الشام أو جبهة النصرة سابقاً، باعتبارها منظمة إرهابية، إلا أن ذلك لم يمنع روسيا من رفض الهدنة، بعد إعلان النظام السوري عزمه شن هجوم عسكري واسع لاستعادة السيطرة على إدلب، آخر معاقل المعارضة الكبرى.

مواجهة عسكرية
يبدو أن تركيا بدأت تستعد لمعركة إدلب عبر المشاركة العسكرية فيها، وقامت اليوم الأحد، بإرسال قوات وتعزيزات إلى نقاط المراقبة التركية شمالي حماة، في خطوة ربما تحمل رسائل إلى موسكو ودمشق بعدم تخلي أنقرة عن مصالحها شمالي سوريا، حتى لو أدى ذلك إلى حرب دولية. 

وكشفت تقارير ومصادر ميدانية، عن تحركات عسكرية تركية على الحدود السورية قرب إدلب فجر اليوم، موضحة أن رتلاً عسكرياً تركياً محملاً بدبابات وعربات مصفحة وراجمات صواريخ وذخائر، دخل الأراضي السورية من معبر كفرلوسين، باتجاه إدلب، لدعم وتعزيز القواعد التركية المنتشرة في المنطقة.

وأضافت أن الجيش التركي نقل مئات الجنود والضباط عبر مروحيات عسكرية تركية إلى نقطة عسكرية التابعة مقابل مطار هاتاي، استعداداً لنقلهم إلى الحدود السورية.

وكانت وكالة "الأناضول" التركية، ذكرت في وقت سابق هذا الأسبوع، أن قافلة عسكرية جديدة ضمت شاحنات محملة بالدبابات والمدافع والعربات المصفحة، وصلت إلى ولاية كليس، جنوبي تركيا، لتعزيز القوات المتمركزة على الحدود مع سوريا، فيما رفع الجيش التركي أخيراً، من مستوى تعزيزاته على حدوده الجنوبية، استعداداً للهجوم المحتمل للنظام وروسيا على إدلب.

يذكر أن محافظة إدلب محاطة بـ12 موقعاً عسكرياً تابعاً إلى تركيا بمثابة نقاط مراقبة ضمن اتفاق "خفض التصعيد" الذي تم الاتفاق عليه في أستانة العام الماضي.

قمة طهران
لم تحقق "قمة طهران" يوم الجمعة الماضي، أي مؤشر إيجابي لتركيا أو للمعارضة السورية، بعد فشلها في إعلان هدنة في إدلب، بطلب من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وطالب أردوغان، خلال القمة بهدنة في المحافظة الواقعة شمال غربي سوريا، محذراً في الوقت نفسه من حمام دم في حال شن النظام السوري هجوماً عسكرياً عليها، موضحاً أمام نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني أن "هجوماً على إدلب سيؤدي إلى كارثة، إلى مجزرة ومأساة إنسانية، لا نريد على الإطلاق أن تتحول إدلب الى حمام دم".

لكن بوتين رفض اقتراح أردوغان، مؤكداً أنه من حق النظام السوري استعادة كامل أراضيه. وقال إنه "يعارض أي وقف لإطلاق النار في المحافظة الخاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا، لأن عناصر جبهة النصرة وتنظيم داعش المتمركزين هناك، ليسوا طرفاً في محادثات السلام".
 
وأضاف بوتين أن "الحكومة السورية، الحليف الوثيق لروسيا، يجب أن تستعيد السيطرة على كامل أراضي البلاد".

تضارب مصالح 
الخلاف حول معركة إدلب المحاذية لتركيا، يضع التعاون بين أنقرة وموسكو أمام أكبر اختبار. إذ تسعى روسيا إلى دعم النظام السوري الذي يريد استعادة السيطرة على المحافظة لاستكمال سلسلة من النجاحات العسكرية.

فيما تركيا لديها مصلحة كبيرة في إبقاء إدلب تحت سيطرتها، كمنطقة نفوذ، إضافة إلى حماية حدودها خوفاً من موجات لجوء جديدة، أو من انتقال محتمل للمتشددين إلى أراضيها، إلا أن النفوذ التركي في إدلب يتنافى وطموح النظام في استرداد كامل سوريا.

تركيا التي نفذت عمليات عسكرية على الأراضي السورية في السابق، تبدو مستعدة للتوسع، وللرد عسكرياً على أي استفزاز لمصالحها، أو تجاهل لطلباتها.

التحركات الأخيرة لأنقرة، وانتقالها من التخطيط ومحاولة وقف معركة محتلة على إدلب، إلى تعزيز تواجدها العسكري واستعدادها للدخول طرفاً في المعركة، يؤكد استماتتها على المطامع مهما كان الثمن، ما لم يكن بالسلم، فبالحرب.
123

التعليقات

شروط التعليقات
- جميع التعليقات تخضع للتدقيق.
- الرجاء عدم إرسال التعليق أكثر من مرة كي لا يعتبر سبام
- الرجاء معاملة الآخرين باحترام.
- التعليقات التي تحوي تحريضاً على الطوائف ، الاديان أو هجوم شخصي لن يتم نشرها

المزيد من الأخبار