عرض الصحف العربية..

تقرير: هل وقع مارتن غريفيث في الفخ الحوثي؟

صحف عربية

أشار الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في مجلس التعاون الخليجي عبد العزيز العويشق، إلى فشل محادثات السلام اليمنية التي كان من المقرر أن تبدأ الخميس الماضي بسبب عدم حضور ممثلي الحوثيين. أضاف العويشق في مقاله بصحيفة "ذي آراب نيوز" أن لا شيء جديداً في إخفاق اجتماعات أو وساطات تقودها الأمم المتحدة، لكنّ الإخفاق الأخير كان يرتسم على مهل وطوال ثلاثة أيام على شاشات التلفزة كي يستطيع الجميع مشاهدته.

على الوسطاء الأممين عدم نسيان أنّ الحوثيين سيستمرون في إعاقة جهود السلام لسببين أساسيين

وجّه الموفد الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث دعوة إلى الحكومة اليمنية وممثلين عن الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومجموعة الدول التسع عشرة الأكثر اهتماماً بالنزاع اليمني، وممثلي المجتمع المدني اليمني إضافة إلى صحافيين ومنظمات إقليمية ودولية. انتظر ممثلو المجتمع الدولي والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً سدى، حين حطت طائرة أممية في مطار صنعاء واستعدت لنقل الوفد الحوثي إلى جنيف، لكنّ الحوثيين واصلوا رفع المزيد من المطالب كي يتم تنفيذها مباشرة تحت طائلة مغادرة صنعاء.

لماذا مكافأة الحوثيين؟

لا شك في أنّ الحوثيين يتحملون المسؤولية الأساسية في فشل المحادثات، لكن فريق الأمم المتحدة يُلام أيضاً لسوء إدارته هذا الملف. إذ لم يكن الفريق الأممي قادراً على تنظيم مسألة لوجستية صغيرة نسبياً مثل ضمان التزام جميع الفرقاء بتعهدهم حضور المحادثات بالحد الأدنى، فكيف يتعامل مع مسائل أكثر جوهرية ترتبط بالحل السياسي. انتقد وزير الخارجية اليمني خالد اليمني عدم تعامل الأمم المتحدة بصلابة مع الحوثيين، وهو انتقاد غالباً ما تم توجيهه إليها أثناء تعاملها مع الحوثيين. ووصف منتقدون سلوك الأمم المتحدة بأنّه مكافأة متكررة للحوثيين على تمردهم.

غريفيث وقع في الفخ الحوثي

إنّ تطمين الحوثيين والتسامح مع فشلهم من أجل حماية القرار 2216 الصادر عن مجلس الأمن، أخفق في إقناعهم بحجز مقعد في طاولة المفاوضات. تم تبني القرار 2216 تحت الفصل السابع مما يعني أنه يمكن تنفيذه من خلال استخدام القوة. من هنا، أبدى العويشق تشكيكه بمستقبل الوساطة اليمنية طالما أنه لا يتم احترام تنفيذ القرار. بعد فشل المحادثات في جنيف، امتنع الموفد الأممي عن نشر الأسباب علناً. عوضاً عن ذلك، أعلن أنّه ستجري استشارات منفصلة مع الحوثيين.

وقال دايف هاردن، خبير في شؤون المنطقة ومسؤول بارز في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية حتى فترة قريبة، إنّ الموفد الأممي أخطأ في فهم الأحداث مضيفاً: "لا يستطيع المفاوضون مكافأة السلوك السيئ ولا أن يريدوا السلام أكثر من الأفرقاء". ويشرح العويشق أنّ هذا ما تعلمه هاردن خلال عقود من الخبرة في هذا المجال. وأشار هاردن إلى أنّه "ليست هذه الطريقة التي يجب على أحد التفاوض من خلالها (إذا كنت موفداً خاصاً)". من الواضح أنّ غريفيث وقع في فخ نصبه الحوثيون وقد غير "ديناميات التفاوض لصالحهم".

سببان لسلوك الحوثيين
على الرغم من أنّ عدم ظهور الحوثيين قد يكون أكسبهم الجولة الأولى، إنّ قيمة هذه التكتيكات ستكون قصيرة الأجل وقد ترتد سلباً عليهم بما أنهم أظهروا أنّهم غير جديين في إيجاد حل سياسي لإنهاء النزاع. للأسف، وكما قال هاردن، إنّ اليمنيين العاديين هم من سيتحملون عبء استمرار النزاع. يجب على الوسطاء الأممين عدم نسيان أنّ الحوثيين سيستمرون في إعاقة جهود السلام لسببين أساسيين. أولاً يعتقد الحوثيون أنّ السلام سيقلص نفوذهم وفقاً لحجمهم الحقيقي أي سيكون عليهم التخلي عن سيطرتهم على الكثير من الأراضي اليمنية وكذلك العائدات الحكومية التي استولوا عليها منذ سنة 2014.

ثانياً، تواجه إيران عقوبات أمريكية، لذلك يمثل الحوثيون أداة قيّمة تعتقد طهران أنّه يمكن استخدامها ضد الولايات المتحدة. كي تواجه إيران الجهود الأمريكية الرامية إلى مكافحة تمددها العسكري وتدخلها في شؤون جيرانها، تحتاج لتمكين تحالفاتها الدولية وإبقاء أقصى عدد ممكن من الوكلاء كي تنشر نفوذها إقليمياً.

لا لتحويلها إلى أضحوكة
يوم الأحد تحدث المرشد الإيراني علي خامنئي خلال خطاب أمام قادة من القوات الجوية الإيرانية، مشيراً إلى حاجة إيرانية لتعزيز عتادها وشراء المزيد من التجهيزات العسكرية من أجل الاستعداد للحرب مع أمريكا كما هو مفترض. في هذه الحال ستشجع زبائنها مثل الحوثيين على عرقلة جهود السلام. يأتي موقف إيران المتحدي في وقت تنهار عملتها في سوق الصرف الأجنبية وفي وقت ينسحب المستثمرون من أسواقها تماشياً مع العقوبات الأمريكية. لقد بدأت تحركات واشنطن تؤذي إيران حتى قبل فرض العقوبات النفطية أوائل (نوفمبر) المقبل.

لهذه الأسباب، يجب على غريفيث الضغط على الحوثيين لا تطمينهم. يجب أن يدفع باتجاه تطبيق القرار 2216 كجزء أساسي من معادلة السلام. إنّ التنازلات للحوثيين ستدفعهم إلى مواصلة السخرية من الأمم المتحدة وموفدها الخاص، كما فعلوا في جنيف.