مبعوثو مجلس الأمن إلى اليمن..

تقرير: إخفاقات متتالية ورهانات خاسرة للحوثيين

مجلس الأمن

واشنطن

يعد مجلس الأمن بمثابة الأداة التنفيذية الخاصة بمنظمة الأمم المتحدة، ويعتبره البعض أهم جهاز ضمن أجهزتها المختلفة؛ لأنه المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين، وهو أخطر مهام المنظمة على الإطلاق، بالإضافة إلى إنزال العقوبات بالدول المخالفة، وقمع كل صور العدوان والخروج عن القانون الدولي، وتتعهد كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها.

ولم يكن مجلس الأمن بعيدًا عن الأزمة اليمنية منذ بدايتها، فقد اهتم بها وأوفد أكثر من مبعوث أممي لمحاولة حل تلك الأزمة، نظرًا للموقع الجغرافي المهم لليمن، وكذلك صعوبة الأزمة على القطاع الإنساني داخل البلاد، إلا أن دور الأمم المتحدة عمومًا ومجلس الأمن خصوصًا داخل البلاد قد أسهم في إثارة العديد من التساؤلات حول مدى جدية المجلس في أداء دوره.

بداية التدخل الأممي في الأزمة اليمنية كان في العام الثاني للأزمة، وتحديدًا حين كلف بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة وقتها، جمال بن عمر، مغربي الأصل، بالعمل كمبعوث لهيئة الأمم المتحدة داخل اليمن؛ وذلك بهدف الوصول إلى صياغة تحقق أهداف الشعب اليمني في الحصول على دولة قائمة على عمل المؤسسات، بما يسمح ببناء دولة ديمقراطية تحقق أحلام الشباب اليمني.

وجمال بن عمر هو ناشط سياسي مغربي معارض للنظام الملكي المغربي، دخل السجن في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، قبل أن يطلق سراحه نتيجة ضغوط دولية، وبعد ذلك سافر إلى الخارج للانضمام إلى طاقم منظمة العفو الدولية، ثم معهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ثم مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجنيف، ثم تولى رئاسة شعبة التعاون الفني في المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وقد عمل كمبعوث أممي في العراق، وكوسوفو، والبوسنة، وجنوب أفريقيا.

ويعتبر الكثير من اليمنيين بن عمر مهندس الانطلاقة الحوثية داخل اليمن، معتبرين أنه حاول إعادة رسم ما فعله في العراق ما بعد الغزو داخل اليمن، من خلال محاولة الوصول إلى دستور فيدرالي للبلاد، يسمح بإعادة تقسيم الدولة طائفيًّا ومذهبيًّا، فقد أصر بن عمر على المشاركة السياسية للحوثيين، خصوصًا في الحوار اليمني، ولم تمض أيام على مشاركتهم حتى بدأت عمليتهم العسكرية في الظهور بقوة، وعلى الرغم من استمراره لثلاث سنوات، إلا أنه لم يحقق أي إنجاز يُذكر في هذا الملف، لذا تمت إقالته في مارس 2015.

وبعد فشل بن عمر في مهمته، تولى منصبه الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد، كمبعوث أممي جديد الى اليمن، وقد ولد إسماعيل في نواكشوط، ودرس الاقتصاد في فرنسا، ثم حصل على الماجستير في تنمية الموارد البشرية في بريطانيا، ثم درجة علمية متقدمة في تحليل السياسات الاجتماعية في هولندا، وعمل في مفوضية الأمن الغذائي بموريتانيا، ثم في اليونيسف، ثم منسق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قبل أن يتم تعيينه المبعوث الأممي في ليبيا، والمنسق لمواجهة مكافحة فيروس إيبولا بأفريقيا.

واعتبر ولد الشيخ بأن الحل في اليمن يأتي عبر شقين، الأول يتم من خلال إيجاد صورة توافقية بين الدولة وجماعة أنصار الله، وحاول تحقيق ذلك من مؤتمر جنيف، والحل الثاني يقوم على العمل الأممي العاجل لحلِّ الأزمة الإنسانية التي تضرب الشعب اليمني، نتيجة الحصار والأزمات المتفاقمة الناجمة عن الحرب العسكرية الدائرة بالبلاد، وعلى الرغم من منطقية خطة ولد الشيخ إلا أنه فشل في تحقيق خطته.

وفي فبراير 2018، أعلن أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة بعد بان كي مون، تعيين مارتن غريفيث، كمبعوث أممي  إلى اليمن، ويعد مارتن من أبرز الدبلوماسيين الأوروبيين في الأمم المتحدة، وعمل مديرًا تنفيذيًّا للمعهد الأوروبي للسلام في بروكسل، كما عمل مديرًا مؤسسًا لمركز الحوار الإنساني في جنيف، كما عمل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة، ومنسق الإغاثة الطارئة في نيويورك، كما عمل رئيسًا لمكتب الأمم المتحدة في دمشق خلال الأزمة السورية.

وبعد جولات مارتن المتعددة داخل اليمن ما بين أطراف النزاع اليمني، استطاع مارتن أن يجمع الفرقاء اليمنيين في جولات متعددة من المحادثات في عدة دول، حتى وصل إلى المفاوضات الأخيرة في السويد، والتي نتج عنها اتفاق استوكهولم، والذي نص على الوقف الفوري لإطلاق النار في مدينة الحديدة وموانئها، وتبادل الأسرى في مدينة تعز، ودخول القرار حيز التنفيذ بصورة فورية، وعلى الرغم من الصعوبات التي تواجه تنفيذ القرار على أرض الواقع، إلا أنه يعد نجاحًا مهمًّا للأمم المتحدة في الأزمة اليمنية.