على المستوى الداخلي والخارجي..
تقرير: هل يكون 2019 عام التنازلات لإيران؟

النظام أمام خياري الاعتدال أو الانهيار
يدخل نظام ولاية الفقيه عامه الأربعين في الحكم في إيران خلال عام 2019، في ظل استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية التي زعزعت صورة النظام على المستوى الداخلي والخارجي، مما يمكن أن يجعل العام المقبل مصيريًا بالنسبة للنظام، ويجعله أمام خياري العدول عن سياسته المعادية والتوسعية التي ينتهجها منذ سنوات في المنطقة، أو مواجهة مصير الانهيار وانتهاء زمن حكم نظام الفقيه وحلم تصدير الثورة الإيرانية من خلال الاستمرار في مواجهة المجتمع الدولي.
معاناة النظام الإيراني من تبعيات العقوبات الأمريكية المفروضة عليها في أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين على خلفية إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي 2015، ظهرت جليًا على الوضع الاقتصادي خلال 2018 بارتفاع معدلات التضخم في البلاد جراء الانهيار الذي لحق بالريال الإيراني الذي فقد حوالي 400% من قيمته، والتي جعلت مدخرات البلاد تصل إلى الصفر، بحسب ما أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني في كلمة أمام البرلمان الإيراني، خلال استعراض مشروع موازنة البلاد للعام الفارسي الجديد، الأمر الذي كشف عن مدى الأزمة التي تواجه النظام؛ وذلك بخفض موازنة وزارة الدفاع والجيش والحرس الثوري والباسيج إلى النصف، وخفض حصة صندوق التنمية الوطني من صادرات النفط بواقع 13% مقارنة بموازنة العام الماضي.
ومع استمرار هذه المعاناة وتفاقمها، سيكون النظام الإيراني مهددًا بالانهيار والسقوط من قبل الشعب الذي تتوسع مظاهراته يومًا بعد آخر؛ احتجاجًا على الوضع الاقتصادي والمعيشي والفساد في البلاد. وبهذا، سيكون هم النظام الأول وهدفه الوحيد خلال العام المقبل البقاء في السلطة وتجنب الانهيار، عبر تطبيقه عدد من الخيارات التي ربما تسهم في تحسن الأوضاع الاقتصادية وتخفف من حدة الاحتجاجات الشعبية في البلاد، إذ سيسعى النظام إلى تفعيل اتفاقيات تعاون إستراتيجية مع الهند والصين وباكستان وروسيا وتركيا والعراق، كما سيعمل على تكثيف الجهود لتفعيل آلية مالية، بعيدًا عن الدولار، تسمح بالتجارة مع إيران وانتقال موارد النفط، ومحاولة تنفيذ مبادرة إطلاق عملة رقمية مشفرة مدعومة من الدولة التي أعلنت عنها في الأشهر الماضية على غرار فنزويلا، للتهرب من العقوبات الاقتصادية والنفطية، لكن شبح الجزاءات الأميركية قد يقلب الطاولة على أي ترتيبات من هذا النوع، خصوصًا في ظل التصعيد المستمر من إدارة ترامب، التي تبدو أكثر جدية في تطبيق العقوبات من الإدارة السابقة برئاسة باراك أوباما.
وفي حال فشل هذه الخطوات، سيكون النظام الإيراني أمام خيار الانصياع للشروط الأمريكية والتوجه إلى تحسين العلاقات مع دول المنطقة، خصوصًا الخليجية، وهذا الأمر الذي يعيه المسؤولون الإيرانيون، مما اضطرهم إلى تخفيف لهجتهم المعادية ومحاولة كسب بعض الود من الدول التي تعاديها عبر تصريحاتهم في الآونة الأخيرة، وهو ما ظهر في تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، لمجلة «لي بوينت» الفرنسية، حين قال إن “بلاده ستهرع إلى مساعدة السعودية في حال وقوع هجوم عليها، بالطريقة نفسها التي دعمت بها قطر خلال الأزمة الخليجية، والكويت حين تعرضت لهجوم من العراق أوائل التسعينيات”.
كما نفى ظريف الاتهامات بأن طهران تسعى إلى محو إسرائيل، قائلًا إن «بلاده لم تقل أبدًا إنها ستمحو إسرائيل من الخريطة»، الأمر الذي يتنافى مع التصريحات السابقة التي جاءت على لسان أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، محسن رضائي، خلال مهرجان نظمه الحرس الثوري في فبراير/شباط الماضي، ردًا على ما جاء في كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمؤتمر ميونيخ الأمني، حين قال: “نحن نقول له (نتنياهو) إنّه في حال أقدمت إسرائيل على أصغر تحرّك ضد إيران، فإننا سنسوي تل أبيب بالأرض، ولن نمنح نتنياهو فرصة الهرب”.