لينينجراد..

تقرير: صفعة بوجه هتلر دفع ثمنها الألاف

استمر الحصار المفروض على لينينجراد

واشنطن

بعد مرور 75 عامًا، لا زالت مدينة بطرسبرج الحالية شاهدة على بطولة وصمود مدينة لينينجراد أمام حصار ومدافع القوات النازية وحليفتها الفنلندية خلال الحرب العالمية الثانية، والتي كانت جزءًا من خطة الحرب ضد الاتحاد السوفيتي، إلا أن قيادة الجيش الأحمر تمكنت وبعد 872 يومًا من اختراق الحصار وطرد القوات النازية باستخدام قوات من الداخل والخارج لأول مرة في تاريخ الحروب.

وبمناسبة تحرير مدينة لينينجراد من الحصار النازي المفروض عليها (27 يناير 1944)، أقامت روسيا في ساحة القصور بمدينة بطرسبرج عرضَا عسكريًا شارك فيه حوالي 2.5 ألف من العسكريين، ومجموعة من الأليات الحربية ضمت 80 قطعة من تلك التي شاركت في الحرب الوطنية العظمى(1941 – 1945) بما في ذلك دبابات T34 الشهيرة وراجمات الصواريخ من طراز "كاتيوشا".

حصار لينينجراد

الاستيلاء على لينينجراد كان جزءًا من خطة الحرب ضد الاتحاد السوفيتي التي وضعتها هيئة الأركان العامة للجيش الألماني، وكان زعيم النازية أدولف هتلر يعطيها أهمية استراتيجية كبيرة، لأن نجاحها سيحول بحر البلطيق إلى بحيرة داخلية ألمانية، كما كان يعتقد بأن سقوط لينينجراد مهد الثورة البلشيفية سيقرب هزيمة الدولة السوفيتية.

من جهتها، لم تخطط القيادة النازية لإبقاء لينينجراد في حال استسلامها، فكان الهدف محوها من الخريطة وهو ما يفسر شراسة القصف الذي تعرضت له المدينة عندما أعلنها هتلر مسرحًا للعمليات العسكرية مع تقدم القوات الألمانية باتجاه موسكو.

وبعد شهر من الحصار قلت المواد الغذائية وبعد شهرين بدأت المجاعات وتوالى سقوط الضحايا جراء القصف والمدافع المستمرة، إلا أنه في عام 1941 تمكنت القوات السوفيتية من الحفاظ على الممر الوحيد الرابط بين لينينجراد وسائر البلاد وهو مياه بحيرة لادوجا، الذي أطلق عليه فيما بعد "طريق الحياة" لأنه حافظ على أرواح أولئك الذين عاشوا في تلك الظروف القاسية.

ومع اختراق الحصار من قبل القوات السوفيتية عام 1944، تبين أن عدد سكان لينينجراد تناقص من 3.5 مليون نسمة إلى 600 ألف فقط، بعد حصار استمر 872 يومًا، مُخلفًا أعداد هائلة من الضحايا تترواح بين 600 ألف و1.5 مليون شخص.

وجاء فك حصار لينينجراد ليشكل حدثًا مهمًا سواء في تاريخ تحرر الاتحاد السوفيتي من الاحتلال النازي أو في تاريخ الحرب العالمية الثانية بأسرها، كإحدى نقاط التحول في مسار هذه الحرب لصالح الحلفاء وبداية النهاية لجيوش دول "المحور" الموالي لنظام أدولف هتلر النازي.

عملية فك الحصار

بعد مرور 75 عامًا من فك الحصار على لينينجراد، نشرت وزارة الدفاع الروسية، مواد رفع عنها مؤخرًا صفة السرية، وتشمل تلك المواد وثائق مختلفة تروي قصة الجهود التي بذلتها قيادة الجيش الأحمر لفك الحصار عن "العاصمة الشمالية" للاتحاد السوفيتي.

ومنها قائمة من مهمات استطلاعية وغيرها، نفذتها غواصتان صغيرتان نقلهما الأسطول الحربي الروسي من بحر البلطيق إلى بحيرة لادوجا (شرقي لينينجراد).

كما تكشف الملفات الملغاة سريتها أوامر صادرة عن قيادة جبهة لينينجراد لتنظيم فتح "طريق الحياة" عبر البحيرة نفسها التي ظلت طوال فترة الحصار ممرًا وحيدًا يربط المدينة المحاصرة بسائر الأراضي السوفيتية وتم عبره إمداد لينينجراد بالمواد الغذائية والأسلحة والوقود.

استمر الحصار المفروض على لينينجراد (سان بطرسبورغ حاليًا) من قبل جيش ألمانيا النازية من 9 سبتمبر 1941، إلى 18 يناير 1943 عندما استطاعت القوات السوفيتية فتع معبر بري إلى المدينة، ورُفعَ الحصار تماما في 27 يناير 1944، أي بعد 872 يومًا.

وجاء كسر الحصار نتيجة لعملية "إيسكرا" التي شنها الجيش الأحمر في لينينجراد وفولخوف التي التقت جنوبي بحيرة لادوجا لربط المدينة من جديد بباقي أراضي البلاد برًا، حيث تم فك حصار لينينجراد باستخدام قوات من الداخل والخارج لأول مرة في تاريخ الحروب.

وخلال العملية، واستخدم الجيش السوفيتي 300 ألف عسكري وحوالي 5 آلاف مدفع وأكثر من 600 دبابة و800 طائرة حربية استطاع من خلال منع أي مبادرة للعدو على الجبهة الشمالية الغربية، ولكنه خسر خلال العملية 33940 قتيلا.

رفات وتعويضات

ما حدث في لينينجراد مأساة حقيقية خلفت مئات الألاف من الضحايا، لا تكفي السنوات الماضية لحصر أعدادها، حيث عثر عسكريون روس في المنطقة العسكرية الغربية على رفات  300 جندي من الجيش الأحمر السوفييتي لقوا حتفهم في معركة لينينجراد ولم ترد أسماؤهم في الأرشيف.

ووفقا للمكتب الإعلامي التابع للمنطقة العسكرية الغربية، فقد عثر على رفات الجنود الروس من قبل كتيبة متخصصة بعمليات بحث بالقرب من قرية كراسني بور في مقاطعة لينينجراد، وتبين أن الجنود قتلوا في فبراير عام 1943 على يد النازيين الألمان أثناء الحرب العالمية الثانية.

من جانبها، خصصت الحكومة الألمانية مبلغ 12 مليون يورو لأسر ضحايا الحصار النازي لمدينة لينينجراد السوفيتية أثناء الحرب العالية الثانية، ولتحديث مستشفى المحاربين القدامى وإنشاء مركز ألماني - روسي في مدينة سان بطرسبرج الروسية، القرار رحب به وزير الخارجية الألماني هيكو ماس ونظيره الروسي سيرغي لافروف بقرار السلطات الألمانية.