عقب لقاء بن سلمان بترامب
لماذا يهاجم إخوان اليمن المملكة العربية السعودية؟
"تدرج مصر والسعودية والإمارات جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية. وتخشى الرياض من أن جماعة الإخوان المسلمين تحاول حشد التأييد داخل المملكة منذ قيام ثورات الربيع العربي".
هذه فقرة ختم بها "محلل استراتيجي غربي" تقريرا له عن العلاقة "الغمضة والمرحلية دئما " بين المملكة العربية السعودية وجماعة الاخوان المسلمين.
المملكة التي تصنف "الجماعة " على لائحة المنظمات الارهابية تحتضن "قيادات الجماعة فرع اليمن"(حزب التجمع اليمني للإصلاح) رغم منعها لهم من دخول اراضيها بتعميم وزاري قبل سنوات.
مرت علاقة الجماعة بالمملكة بفترة "ازدهار مرحلي " كالعادة بعد وصول حلفاء ايران "الحوثيين " الى العاصمة اليمنية صنعاء وسيطرتهم على مقاليد الدولة بالتحالف مع عدو الجماعة الاخوانية (الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح) الذي كانت الجماعة سنام انتفاضة شعبية تدخلت على اثرها المملكة بمبادرة انتهت بتسليمه الحكم لنائبه (محدود الامكانات) عبدربه منصور هادي والذي اصبح "يدار من قبل الاخوان المسلمين).
ومنذ قدوم الادارة الامريكية الجديدة بقيادة الرجل "الجديد على السياسية" دونالد ترامب ومرحلة اعادة الاولويات الامريكية في المنطقة قامت القيادة السعودية بمحاولة احتواء وتماهي مع متطلبات المرحلة الجديدة والتركيز على "الملفات الاهم" بالنسبة لها وهي "تحجيم دور ايران" في شمالها وجنوبها والاقليم ككل وبراغماتية يبدو ان المملكة قررت التخلي عن "ملفات للاحتفاظ بالاهم" في مناورة سياسية "ذكية".
وكانت جماعة الاخوان المسلمين في صلب تلك الملفات لاسيما ان ادارة ترامب بدأت لها نفس النظرة "بالنسبة لإيران والاخوان المسلمين" كاتجاه "اسلام سياسي" دون النظر الى الفروق المذهبية وتعتقد انهما عاملين "عدم استقرار عالمي ".
وفي المكالمة الاولى التي جرت بين الرئيس الامريكي والملك سلمان واعقبت عملية امريكية في اليمن(يكلا البيضاء) قال الأمريكيين انها انتهت بالاستحواذ على معلومات مهمة "تربط تنظيم القاعدة" بجماعات وشخصيات "في اشارة الى الاخوان المسلمين" اتفق الجانبان ان جماعة "الاخوان المسلمين " كانت سبب دائم لضرب العلاقات "الامريكية السعودية" عبر تنظيم القاعدة.
وأفاد المصدر السعودي (حسب وكالة رويترز العالمية ) بأنه قد جرى خلال المكالمة "تبيان أن أسامة بن لادن تم تجنيده منذ مرحلة مبكرة من قبل جماعة الإخوان المسلمين كما أفاد بذلك زعيم تنظيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري في تسجيله المصور الشهير بعد وفاة بن لادن وأن بن لادن قام بتأجيل عمليات أحداث 11 سبتمبر حتى يتمكن من تجنيد 15 سعوديا من بين كل الجنسيات الأخرى وبشكل مقصود وممنهج لكي يقوموا بالعمليات الإرهابية في الولايات المتحدة."
وأضاف المصدر "ذلك كان بهدف ضرب العلاقات الاستراتيجية بشكل تام بين البلدين مما يوفر لتنظيم القاعدة البيئة الخصبة في السعودية للتوسع وتجنيد الشباب وإعطاء تنظيم القاعدة الشرعية التي يفتقدها في العالمين العربي والإسلامي" مشيراً إلى أن هذا الأمر معروف ومثبت لدى مخابرات البلدين ولن ينطلي أبداً على الدولتين الصديقتين.
واعتقب مكالمة الملك سلمان بفترة ليست طويلة "زيرة لوزير الدفاع السعودي" الامين محمد بن سلمان الى واشنطن ولقائه بالرئيس الرئيس الامريكي كان ملف الاخوان احد ابرز ملفات النقاش واتى تحت بند "مكافحة الارهاب وتمويله ومكافحة أنشطتهم فكريا "وقالت قناة العربية عن فحوى الزيارة :"وأكد الطرفان على ضرورة تعزير الجهود لمكافحة الاٍرهاب والسعي إلى إحداث نقلة نوعية وشراكة استراتيجية في هذا الجانب خصوصا فيما يتعلق بمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية ومكافحة أنشطتهم فكريا.
وعقب الزيارة شن صحفيين محسوبين على جماعة الاخوان المسلمين باليمن هجمة منسقة "على المملكة العربية السعودية" زادت في الفترة الاخيرة" قابلها هجوم من كتاب سعوديين مقربين من دوائر صنع القرار ضد الجماعة.
وقال ياسين التميمي في مقال "نقدي للمملكة والتحالف ":"خلف هذا التحول في الموقف السعودي، عوامل جوهرية، أهمها أن التحالف العربي، تحول بصورة أكبر إلى هيكل فضفاض وأقل تماسكاً ويعاني من تعارض مُخل في أجندات أعضائه ليس تجاه اليمن فقط ولكن تجاه قضايا جوهرية أخرى أهمها الموقف من القوى السياسية التي تندرج في إطار الإسلام السياسي."
واعقب ذلك مقال لمروان الغفوري وهو ـ المقرب من الملياردير الاخواني حميد الاحمر الذي "طرد من المملكة" بواسطة عنصر في اللجنة الخاصة السعودية الخاصة باليمن قبل ايام ـ في مقال بعنوان (اليمن.. ألف حربٍ في حرب واحدة) :"انهماك التحالف في فكرة "قطع اليد الإيرانية"، لا في إنهاء الانقلاب واستعادة القدرة الوظيفية للدولة، عقد المأساة اليمنية. في العامين الماضيين دأب إعلاميون عرب على القول إن تعز تحارب من داخلها ضد داخلها، وأن مشكلتها مع جزء منها قرر أن يخوض حرباً لصالح الحوثيين. الإحصاءات الميدانية جعلت من هذا الزعم مزحة قذرة. ففي شهر مارس الماضي سقط للحوثيين، في إجمالي معاركهم، مئات القتلى، ينتمون إلى محافظات عدة. ٢ من قتلاهم ينتمون إلى محافظة تعز، مقابل ٨٩ من صنعاء.
بعد عامين لدينا حربٌ في كل مكان. وفي أكثر من ٧٠٪ من الجغرافيا لا يوجد أثر للحوثيين ولا لأجهزة الدولة أيضاً. في حديثه لصحيفة الرياض، مؤخراً، قال هادي إن مسؤولاً إيرانياً قال لموفد رئاسي إن دولته تمد الحركة الحوثية بالأكسجين، وأن ذلك الهواء سيستمر. يختار الإيرانيون كلماتهم جيداً، ويعنونها. وإذا أنتجت هذه الحرب يمناً ممزقاً، يمن الدويلات الصغيرة وحرب الكل ضد الكل فإن الأكسجين الإيراني سيجد طريقه دائماً. وما من خيار حيال ذلك سوى مد أنابيب الأكسجين في رئة الدولة اليمنية الأم، وإنعاشها." انتهى الاقتباس من مقال مروان.
واعقب الغفوري مقاله الاول بمقال اخر اكثر حدة ضد المملكة عنونه بـ(الهوشمة الانتحارية: جلد عُميرة في سياق تاريخي) وقال فيه مستدعيا التاريخ :"استقرت الجمهورية بعد العام ١٩٧٠، بعد سنوات مريرة من الحرب الهجينة. خاضت السعودية تلك الحرب إلى جانب الملكية الأمامية معتقدة أنها أقل ضرراً على وجود المشروع السعودي من الجمهورية. مع الأيام استوعبت السعودية، واحتوت، مشروع الجمهورية على أن يعيش بمعزل عن الديموقراطية. حصلنا، خلال العقود الماضية، على مشروع لجمهورية إمامية. تنكر الإماميون في الهندام الجمهوري، ومثلنا تحدثوا عن الدولة والحقوق. وبدلاً عن فكرة الدولة الديموقراطية، في نقاش القوى الوطنية، كان محمد عبد الملك المتوكل يقفز دائماً إلى الحديث عن "الدولة العادلة"."
وكان الغفوري قد اتهم الخليج بمحاولة (اجتثاث الاصلاح في الجنوب ) في مقال عنوانه (عن العقلية المُراهقة.. اجتثاث حزب الإصلاح من جنوب اليمن)وقال فيه: "ركز الخليجيون على جزء يسير من الصورة، الجزء الذي سيطر على رؤيتهم للسياسة كلها، وهو أن الحوثيين سيقوضون حزب الإصلاح القريب من الإخوان المسلمين، كانت المعادلة أن يغض الخليجيون الطرف عن قيام جماعة دينية مسلحة، طائفية الطابع، بالقضاء على حزب سياسي، لا توجد دول تعنى بأمنها القومي بمقدورها تقبل مثل هذه المعادلة الخطرة في دولة جارة.
استطاع الحوثيون، بالفعل، تجريف كل حزب الإصلاح من المناطق التي دخلوها، ومؤخراً من صنعاء، لكنهم كانوا يفعلون ذلك كشيعة، ويفعلون بالإصلاح ذلك كحزب سني كبير، قاتلوه كشيعة وقتلوه كسني، جاءوا مسلحين وقتلوه في مقراته الحزبية، كانت تلك هي الحقيقة التي أفزعت نظام الحكم الجديد في السعودية، وعجز نظام الحكم السابق عن التنبؤ بها، وقبل أن يجتث الحوثيون حزب الإصلاح كان نظام الحكم الجديد في السعودية قد اجتث سلفه كلياً.
لقد كلف السعوديين الإصرارُ على إنهاء نظام صدام حسين ظهور نظام جديد تبدو عدوانيته تجاه الخليج مغروسة في كتبه المقدسة، لا في برنامجه السياسي، جاء النظام الجديد في بغداد فقتل صدام حسين كرئيس سني لا كرئيس طاغية، نتائج المخاطرة مع الجماعات الدينية المسلحة، والمراهقة، وخيمة، ويبدو أن الخليج يعيد الكرة من جديد، ".
وعلى ذات الصعيد رد الكاتب السعودي النافذ عبدالرحمن الراشد بمقال يحذر فيه "الحكومات من التقارب مع الجماعة " كونها تمثل خطر حقيقي وجاء المقال تحت عنوان (الجماعة وخطر اللعبة التحريضية)وقال فيه :"تجبرنا الأحداث على العودة من جديد إلى قضية العالم الأولى، الإرهاب. ففي ثمان وأربعين ساعة ارتكبت نفس الفصيلة من المتطرفين أعمالا استهدفت الناس الآمنين، في الشوارع والكنائس في السويد ومصر. حادثان في مصر في نهار واحد برهنا على أن العنف المؤدلج ليس محصورا في صحراء سيناء ولا هو معركة مع الجيش أو الدولة، بل استهداف للمجتمع المصري، الحادثان ضربا الأقباط في يوم عيدهم.
والهجوم الإرهابي الآخر في السويد بين أنه أخطر من قدرات أجهزة الأمن عندما استخدم أسلحة خارج الرقابة، بسرقة شاحنة ودهس المارة بها في الشارع.
وليس مصادفة استمرار حدوث العنف في مصر مع استمرار التحريض عليها، والتبرير للأعمال الإرهابية التي تنفذها هذه الجماعات، وقد سعت الحكومة المصرية إلى تسجيل اعتراضها على الحملات التحريضية بأنها جرائم لا تقل شراً وأذى عن ارتكاب القتل نفسه. وأنا أرى سحب الغضب العالمي تتراكم ضد هذه اللغة والخطاب الديني والسياسي الذي لا يمكن للخلافات أن تبرره. وعلى جماعات، مثل الإخوان المسلمين، أن تدرك أنها أصبحت هدفا ليس للحكومات التي هي على خلاف معها، بل أيضا مع عدد أكبر من الدول والمؤسسات والمجاميع المدنية. كانت المسوغات في السابق أنها على خلاف مع أنظمة سياسية، واشتغلت لفترة طويلة خلف لوحات مضللة أن الفكر المتطرف الإرهابي من مدرسة أخرى، السلفية التي هي على خلاف معها. هذه كلها تتهاوى اليوم، فالخلاف السياسي لا يجيز التبشير بالعنف والقتل والتحريض عليه والاحتفال به. كما أن إلصاق تهم التطرف الديني المرتبط بالمواقف السياسية بجماعات أو مدارس أخرى افتضح في الأخير.
الجماعة تمر بمحنة كبيرة، فهي تعتقد أن إشاعة الفوضى ستعيد وجودها، من منطلق أحداث فوضى الربيع العربي، وبعد أن رأت استحالة ذلك أصبحت تريد التضييق على الجميع وإثارة الأزمات وإقناع العالم بأنها مرجع الاستقرار ومفتاحه، وهذا ابتزاز لم يعد مقبولا خاصة مع نهاية فترة إدارة الرئيس الأميركي السابق ووصول إدارة لها نظرة عدائية للجماعات الفكرية الإسلامية المتطرفة. والجانب الآخر أن الجماعة تريد استخدام الخلافات الخليجية - الخليجية والركوب عليها لتمويل نشاطاتها وتسويق دعايتها، وهذه تصل الآن إلى مرحلة حساسة وخطيرة، لأن الإرهاب صار قضية دولية سيحاسب عليها المتورط فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.
هذا المآل الذي أوصلت الجماعة نفسها إليه تريد أن تجعل المنطقة رهينة له، وقد مرّ علينا في هذا الحال عدة سنوات، فلا هي التي غيّرت المنطقة بالقوة أو بالتحريض الدعائي وتصبح دولة لها كيانها، ولا استطاعت أن تكون حتى رقماً سياسياً في المعادلة الإقليمية الفكرية حتى يضطر العالم الخارجي للجوء إليها. وهي المشروع الفكري الذي روّج له بعض قادتها في الغرب أنها ولاية الفقيه السنية وكرسي المرجعية.
بعد التفجيرات المتكررة في مصر، والخلافات مع دول المنطقة، والتحذيرات من برامج الإخوان المسلمين الفكرية، يبدو أن المشروع الإخواني أصبح يؤذي نفسه وأتباعه والحكومات التي التصق بها وهو على مشارف أن يكون هدفا دوليا." انتهى مقال الراشد.
ويبدو ان عصرا جديدا بدأ في متوالية عصور العلاقة المتقلبة بين المملكة العربية السعودية وجماعة الاخوان المسلمين فرع اليمن استجابة لمتغيرات دولية كما سبق في فترات سابقة وهو ما يعني ان تكون الجماعة مرة اخرى في الزاوية ووحيدة دون سند خصوصا اذا ما انتهت الازمة اليمنية وهو ما يقول مراقبون ان الجماعة "تتلكأ" في الحسم حتى يبقى "الاحتياج" الخليجي لها في اليمن مستدلين بفشل الجبهات التي يديرها قيادات الجماعة.