مصانع الجنوب..

تقرير: جنوبيون يطالبون بعودة مصانع دولتهم

دعوات لإعادة مصانع دولة الجنوب لم تلق اي استجابة

فريق الابحاث والدراسات
فريق البحوث والدراسات في مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات

لعل الهزيمة التي مني بها الجيش الجنوبي في منتصف تسعينات القرن الماضي والتي مكنت النظام اليمني من السيطرة على كل مفاصل الدولة الجنوبية التي كان قائمة الى قبل الاتحاد مع الشمال اليمني , قد افقدتهم كل شيء بدأ من الوظيفة العامة وانتهاء بتدمير كامل المؤسسات المنتجة الحيوية.
وبحسب احصائيات فأن نحو ثمانين الف من موظفي المؤسسات الحكومية في اليمن الجنوبي قد تم ابعادهم قسرا عن وظائفهم بعد الحرب التي هزم فيها جيش بلادهم بعد محاولة تصدي استمرت زهاء الف ساعة.
وتوحد اليمنيين الشمالي والجنوبي في مايو 90م في خطوة اعتبرها جنوبيون انها غير موفق بالنسبة لبلادهم التي دمرت لاحقا بالحرب.
وبعد مرور اقل من اربعة اعوام على توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية حصلت احتقانات سياسية من بينها الاحتجاج على تصفية كوادر جنوبية , ادت لاحقا على اعلان الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح الحرب على الجنوب في الـ27 من ابريل العام 1994م , وشنت القوات اليمنية والتي تم تعزيزها بمليشيات دينية وقبلية يقودها جهاديون عادوا من افغانستان حربا استمرت نحو الف ساعة تمكنت عقبها القوات الشمالية من السيطرة على اليمن الجنوبي بما فيه العاصمة عدن.
ودفع النظام اليمن عقبها الى تسريح عشرات الآلاف من موظفي الدولة الجنوبية قبل ان يقوم بتدمير مؤسسات ومصانع تلك الدولة , بما فيها مصانع ضخمة كانت تعتمد عليها الدولة في اقتصادها الوطني.
وظل الجنوبيون لسنوات وهم يطالبون بارجاع حقوقهم المسلوبة لكن تلك المطالب لم تنفذ في ظل تكبر وغرور لنظام صنعاء , مما دفع متقاعدون عسكريون للخروج عن النظام والمطالبة علانية باستقلال بلادهم المندثرة.
ورغم ممارسة النظام اليمني من اعمال قمع وحشية للاحتجاجات الشعبية التي خرجت تطالب باستعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية , الا انها تزايدت وتيرتها وباتت اعلام اليمن الجنوبي تغطي معظم المدن والبلدات الجنوبية , وخرج غالبية الشعب في الجنوب عشر مرات في تظاهرات مليونية احتضنتها مدن عدن وحضرموت والضالع في مناسبات عدن خلال العامين الماضي والحالي.
قبل ثلاثة دشن ناشطون من منظمات مدينة حملة المطالبة بتسوية اوضاع من تم ابعادهم قسرا من وظائفهم من خلال افتتاح معرض يحتوي على بعض ما انتجته مصانع ومؤسسات الجنوب , حيث دشنت حملة (اعــيدوها .. مصانعنا ثروتنا) برعاية مؤسسة (رسيل) لتنمية الإعلامية وبالتعاون مع مركز (جدارية ميديا) , وهي حملة يقول منظموها انها تهدف إلى استعادة المصانع وإعادة تشغيلها لخلق فرص عمل جديد.
وقالت الناشطة حليمة محمد المسئول الإعلامي للحملة ان " هدف حملة (اعيدوها .. مصانعنا ثروتنا) إحياء ذكرى منتجات المصانع والمؤسسات المخصخصة تحت شعار( حكاية مصانع)، لتأكيد على التنوع في الإنتاج والجودة التي كانت تتبعها هذا المصانع ودورها المهم في المساهم برفع الاقتصاد الوطني".
وأكدت حليمة ان " فكرة المعرض جاءت من قبل العمال وتبنت الحملة الفكرة كونهم شركاء فيها ، وبدأت عملية جمع المواد من قبل العمال بالتعاون مع عدت افراد واستمرت أكثر من شهرين.. وجرئ بعد ذلك عملية التحضير والتنسيق وصولا إلى افتتاح المعرض من قبل العمال في يوم الخميس 26يوليو ويستمر إلى 5 يونيو2014م".
وذكرت الناشطة حليمة الى ان المعرض يحتوي على منتوجات من مصانع وشركات " (مصنع الشباشب) المؤسسة اليمنية للصناعات المطاطية , مصنع المسامير , مصنع المرمر , مصنع الإسفنج , مصنع السجائر والكبريت , مصنع الغزل والنسيج , مصنع الكهرباء FM , مصنع البلاستيك , المؤسسة العامة الملح , دار الهمداني للطباعة والنشر , مؤسسة أوسان لصناعة البسكويت والحلويات , مصنع الثورة , مصنع الطلاء والأملشن , مصنع الطماطم الفيوش , المؤسسة العامة للنقل البري – عدن , شركة الطيران اليمن الديمقراطي – اليمدا , الشركة الوطنية للتجارة الادوية , مصنع الجند للبلاستيك , مصنع الاكياس الورقية , المخبر الشعبي , والمخبز الآلي المنصورة , الشركة اليمنية للتأمين وإعادة التأمين".
ودعت الناشطة حليمة الى التفاعل مع الحملة من أجل الانتصار للعمال الذي تم تسريحهم بشكل قسري من وظائفهم واعمالهم وكذا اعادة تأهيل المصانع التي تم تدميرها.
وفتحت حملة (أعيدوها .. مصانعنا ثروتنا ) ما اسمتها بملفات الكادحين .. حيث اورد الناشط دفاع صالح قصة احد الموظفين المبعدين قسرا من وظائفهم وكتب الناشط " (حيمود ) .. مأساة لا تختصر
عشرون ألف ريال يمني يتلقاه نظير خدمة (35) سنة مع الدولة ، وهو العائل الوحيد لعشرة أفراد ..
هادي عوض حيمود .. أحد الذين سلبت حقوقهم بعد خصخصة شركة الملاحة الوطنية – عدن وهي احدى شركات القطاع العام في دولة الجنوب ( ج. ي. د. ش ) والتي انشأت بموجب قانون رقم (37) لعام 1969م ، وكانت مملوكة للدولة 100% و تتمتع بشخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة.
في حملة ( أعيدوها .. مصانعنا ثروتنا ) التي ترعاها مؤسسة رسيل للتنمية الاعلامية بالتعاون مع مركز جدارية ميديا – قدمت الكثير من ملفات التظلمات لعمال وعاملات سلبت حقوقهم بأياد عابثة ، وعلى مدى سنوات طويلة وهم يكابدون مصاعب الحياة، ويرفعون رسائل التظلمات ولكن (لا حياة لمن تنادي) .
وفي ملفات تختصر معاناة الكادحين، يحكي حيمود مأساته التي بدأت بعد الخصخصة حيث تم ارسال ملفه مع ثلاثة آخرين من زملائه إلى محافظة حضرموت لغرض المراجعة والموافقة عليها لإحالتها إلى صندوق المعاشات، فعادت الملفات – حسب رسائل التظلم – من محافظة حضرموت إلى عدن بعد استكمال إجراءات الفحص والموافقة من قبل اللجنة المعنية بالأمر على الملفات الأربعة لإحالتها إلى المعاش .
واستكمالا لرسالة التظلم فإن صندوق المعاشات استلم الملفات وأحال ثلاثة منهم إلى الصندوق والملف الرابع الخاص بـ ( هادي عوض حيمود ) تم إحالته إلى الهيئة العامة للمعاشات كونه الملف الوحيد الذي أكمل خدمة (35) سنة .
يقول حيمود : " قامت الهيئة العامة للمعاشات بعمل التسوية على موجب فتوى وزارة العمل التي أقرت الراتب بمبلغ ( 41) ألف ريال مع وقف تمرير الملف بسبب طلب الهيئة تسديد من الشركة التي قد تمت خصخصتها – المبلغ المكمل لفترة ( 180 ) شهرا ، وتم توقيف المعاش اعتبارا من يوليو 2009م حتى نوفمبر 2010م دون صرف أي مستحقات خلال هذه الفترة ( 16) شهرا"
ويضيف : " أنهيت الخدمة بتاريخ 30 يونيو 2009م وهو التاريخ الذي أغلقت الشركة التي تمت خصخصتها "
ثم يتساءل : " متى سيصرف راتبي المستحق بدلا من إذلال الـ(20)ألف ؟
" وأين معاش الفترة الممتدة من يوليو 2009م حتى نوفمبر 2010م ؟" .
وهل هذه هي مكافأة نهاية الخدمة ؟
تساؤلات (حيمود) تبحث عن إجابات . ونحن ننتظر ونشعل الهمم ( وإن غدا لناظره لقريب )".
يأمل جنوبيون اليوم بعد ان ترأس أول رئيس جنوبي لدولة ما بعد 1994م , عبدربه هادي في ان يتم معالجة الكثير القضايا بما فيها قضايا المبعدين قسرا من وظائفهم , في حين ان أخرين يرون ان تسوية اوضاعهم لن تتم في الوقت الراهن الا باستعادة كامل تراب وطنهم ومعه يستعيدون كامل مؤسساتهم المدمرة.