بعد انتكاسة نهم..
تقرير: "التحالف العربي" .. من أين تبدأ معالجة الأخطاء الاستراتيجية
قالت وزارة دفاع الجيش اليمني في مأرب انها انسحبت تكتيكا من سلسلة جبال نهم شرق صنعاء، باتجاه مأرب، فيما شددت مصادر في حكومة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، على تدارك ما حصل في الجبهة والبدء فورحا في معالجة الأمور، وسط انباء تتحدث عن تحشيد للقبائل لاستعادة السلسلة الجبلية التي أعلن الحوثيون السيطرة عليها.
وقالت مصادر قبلية لـ(اليوم الثامن) "إن قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، أكبر الأحزاب اليمنية، بدأ تحشيد القبائل للدفاع عن مأرب".. معتبرة ان ما حصل انتكاسة يجب معالجتها فوراً، حتى لا تصبح مدينة مأرب والمصالح الاستراتيجية في قبضة الموالين لإيران.
وكشف محللون سياسيون ومصادر سياسية مقربة من الرئاسة اليمنية جملة من الاسباب التي أدت إلى عدم حسم أي مواجهة مع الحوثيين الموالية لإيران في شمال اليمن، وهي الاسباب والاخطاء الاستراتيجية التي جعلت مدينة مأرب "المحافظة اليمنية الشمالية شبه محررة"، تحت خطر السيطرة الحوثية، ومن ابرز تلك الاسباب الدفع بعلي محسن الأحمر ان يكون الرجل الثاني في الشرعية والنافذ الأول في القرار.
وقال المحلل السياسي مروان السياري لـ(اليوم الثامن) "ان قواعد الاحزاب اليمنية الكبيرة ومنها المؤتمر صمتت حيال الممارسات التي مارسها الإخوان، ليس من 2011م، التي تسلموا فيها حكم اليمن، ولكن منذ العام 2016م، عندما شعروا انهم الشرعية، بوصول الزعيم العسكري الإخواني علي محسن الأحمر إلى منصب نائب رئيس الجمهورية اليمنية ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية، ومن هنا بدأ الخطاء الاستراتيجي الذي كان يمكن تلافيه مع الأزمة الخليجية والعربية مع قطر، ولكن لم يحصل".
وأضاف "لن يكن الإصلاح"(الإخوان)، دولة وشرعية قادرة على الدفاع عن كل اليمن، لانه ذهب إلى اقصاء كل من يعارض الحزب، حتى اضحت الحكومة الشرعية بنظر الكثير من ابناء اليمن "هي علي محسن الأحمر ومدير مكتب الرئيس عبدالله العليمي"، وهما من يقررا كل شيء، وأصبح الرئيس رهن هذه السياسة القذرة".
وأضاف السياري "ان العاصمة السعودية شهدت خلال العام الماضي عقد سلسلة من اللقاءات، مع الرئيس هادي ومسؤولي الشرعية، وشدد كثيرون على ضرورة اشراك الجميع ودعم الجميع للتخلص من الحوثي أولا ثم نبدأ حوارات مع مختلف القوى اليمنية الأخرى، ولكن حصل العكس، تم تفجير الأوضاع في شبوة وتوغلت قوات مأرب صوب عدن والجنوب، واعادة احياء حرب صيف 1994 وحرب 2015مـ، في نفوس الناس، والأمر كان مستغربا كيف تتجه قوات ضخمة بكل عتادها صوب الجنوب، في حين ان مأرب لم تصبح أمنة من الحوثيين بعد".
وأكد السياري ان من أهم الاخطاء الاستراتيجية التي حدثت هي الصمت حيال الهجوم الإخواني على التحالف العربي، وعمله الدؤوب خلال العامين الماضيين على الوقيعة بين السعودية، بصورة مسيئة، وبمزاعم كاذبة، تارة نهب شجرة دم الأخوين واحتلال جزيرة سقطرى وموضوع السيادة اليمنية، وأخرى بشأن مزاعم السجون السرية وغيرها، من المواضيع المصطنعة للوقيعة بين السعودية والإمارات وضرب التحالف العربي، الا ان التماسك والاستراتيجية المتبعة احبطت الكثير من المشاريع الإخوانية المدعومة من قطر وتركيا وإيران، والجميع يعرف مطامع هذه الدول الثلاث في الجنوب قبل الشمال".
وقال مصدر قبلي في مأرب "إن المحافظة عانت كثيرا من الحكم الإخواني الذي اقصاء الجميع وحارب ابناء القبائل، وخير كثير منهم بين العزل او اعلان الولاء للإخوان".. معتبرا ان مقتل اللواء الشدادي شكل ضربة قاصمة لمأرب، ومكنت قيادات إخوانية هاشمية في فتح قنوات تواصل مع الحوثيين في مأرب، وهي قيادات معروفة انها تبيع الاسلحة وتزود الحوثيين بكل شيء".
وأضاف المصدر "ان الأمر لم يتعلق بمأرب وسياسية السيطرة عليها من قبل الإخوان والهضبة الزيدية، بل ان التنظيم جعل من المحافظة منصة لمهاجمة الجنوب والنيل من القيادات الجنوبية التي كان لها دورا كبيرا في الحرب ضد الحوثيين، ومنهم عيدروس الزبيدي والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي حاول الإخوان النيل منه بأسم مأرب والدفاع عن الشرعية، والزج بالمغرر بهم من ابناء في معركة مع قبائل الجنوب".
وكشف المصدر عن أن من اهم الاخطاء التي حصلت في مأرب هو صمت الرئيس والحكومة والتحالف العربي على الفساد الذي استشرى بجنون في المحافظة وأصبحت الكثير من القيادات الإخوانية التي استثمرت في كل شيء بما في ذلك ميناء الوديعة، تمتلك أموال طائلة حولتها للاستثمار في اسطنبول.
وشدد على ان معالجة المشكلة وقبل ان تصبح مأرب في قبضة الحوثيين على التحالف العربي بقيادة السعودية ان يفكر في استراتيجية لإعادة تصويب المشهد العسكري في مأرب.
وحول ما هي الخيارات لذلك، قال المصدر القبلي الذي تحتفظ اليوم الثامن بعدم نشر اسمه "ان اهم اجراء استراتيجي يجب ان يتم وعلى عجالة هو الدفع بالعميد طارق صالح إلى مأرب لقيادة القوات العسكرية باتجاه صنعاء، خاصة وان معركة الحديدة لا تزال متوقفة".
وهاجم المحلل السياسي سعيد بكران رئيس مؤسسة دار المعارف البحثية، تنظيم الإخوان في اليمن، في تعليقه على انتكاسة الجيش اليمني في جبال نهم، قائلا "الشرعية ليست لكم وحدكم الحرب ليست ملككم والسلم أيضاً، سيطرتم على الشرعية من مكتب هادي إلى صناديق النظافة والتحسين في المدن فماذا كانت النتيجة خلقتم الأعداء ومزقتم الصفوف وقدمتم الخدمات العظيمة بعدو الجميع ذراع إيران التي تهدد دول المنطقة كلها وتتوعدها وليس فقط الشمال والجنوب في اليمن".
وقال "إن المعركة كبرى والخطر شامل وانتم (الإخوان) مصرون على خوضها بعقل وروح ونظر الجماعة الضيق الغبي المليء بالأحقاد، أحقاد الماضي والحاضر".
وطالب بكران الإخوان "أن يعيدوا قراءة علاقتهم بكل من يرى الحوثي عدواً وهو ليس منهم ولا يقبل مشروعهم أيضاً".. مؤكدا ان " ان الاستمرار على نهج العشر السنوات الماضية والإصرار عليه والتهرب من مسؤولية المراجعة سيجلب لكم المزيد من الهوان والانتكاسات ولن تستطيعوا ابدا منع الهزائم ، الهزيمة الحقيقية هي من عند أنفسكم".
وقال بكران "وقت الحروب كل منتصر انتصر فيها لأنه أخذ بأسباب النصر، وانتم غركم وضللكم من قال لكم ان الشرعية الدولية هي كل شيء وطريق النصر الوحيد فبذلتم كل جهدكم للسيطرة عليها وصبغتم كل تشكيلاتكم بالشرعية وارتبطتم بالمنظمات الدولية سرا وجهراً ليلاً ونهاراً وهللتم للبند السابع والتدخل الدولي".. مضيفا "ها هي هذه الأكاذيب تحطمها جماعة متمردة لا تملك الشرعية كما تقولون".
وقال بكران مخاطبا الإخوان "راجعوا أنفسكم قللوا العداوات في الداخل ذلكم هو أول أسباب النصر وليس الاعتماد على الخارج، أعيدوا حساباتكم لن تنتصروا على كل الناس لن تهزموا الجميع دفعة واحدة الجنوب والساحل وآل عفاش والسلفيين والإمارات والحوثيين وايران واحيانا السعودية والشرق والغرب، قبل فوات الأوان، وقولوا هو من عند أنفسنا".