خلال العقود الماضية..
"قناع الموت الأحمر" لإدغار آلان بو: ترجمة أُخرى
حظيت العديد من نصوص إدغار آلان بو باهتمام عربي لافت خلال العقود الماضية ربما يوازيه في ذلك القليل من الكتّاب الأميركيين، حتى أن أعماله الكاملة صدرت عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة بترجمة وتقديم غادة الحلواني، ومراجعة إدوار الخراط، عام 2011.
من ذلك، اشتهرت بعض قصصه القصيرة بعد ترجمات متعدّدة لها، كما "قناع الموت الأحمر"، حيث نقلتها إلى العربية رانيا عبد المجيد ضمن مختارات قصصية للقاص والناقد والشاعر الأميركي (1809 - 1849)، صدرت عن "المثقفون العرب للنشر والتوزيع" سنة 2019، وكذلك لنجاتي صدقي في مخترات مغايرة نشرها "مركز المحروسة" في 2019 أيضاً، إلى جانب العديد من الترجمات التجارية التي لا تحمل أسماء بعينها.
في هذا السياق، أصدرت "دار البيروني ناشرون وموزعون" مجموعة "قناع الموت الأحمر" التي تضمّ النص ذاته، إلى جانب نصوص لقاصّين آخرين من ثقافات مختلفة، والتي نقلها إلى العربية الكاتب والمترجم عودة القضاة، بتقديم الناقد محمد عبد الله القواسمي.
يضمّ الكتاب القصص التالية: "القتلة" لـ إرنست همنغواي، و"إكسير إيكي شونستاين للمحبة" لـ أو هنري، و"الأموات فقط يعرفون بروكلين" لـ توماس وولف، و"الشارب" لـ غي دي موباسان، و"الأيقونة" لـ جون أوهيرا، و"الترياق" لـ جون كولر، و"العنقاء" لـ سيلفيا تاونسيد، و"المنزل المسكون" لـ فيرجينيا وولف، و"الأشباح" لـ لورد دنساني.
بالعودة إلى بو، فقد أُلّفت عدد من الكتب التي تحاول فهم تأثيره في الثقافة العربية ضمن مستويين أساسيين، حضوره كقاص يتطرق إلى ثيمات تجتذب قرّاء كثيرين؛ مثل الموت ودور الضحية والمراقبة وغيرها في قصص الرعب والجريمة التي كتبها، وكذلك كناقد في تنظيراته حول الفن للفن. من تلك الكتب نذكر: "تأثير إدغار آلان بو في الأدب العربي الحديث" لـ هاني إسماعيل، و"إدغار.. عبقري قصص الرعب" لـ أمين روفائيل.
تُستَحضر قصة "قناع الموت الأحمر"، في ظلّ انتشار وباء كورونا في جميع أنحاء العالم، حيث تصوّر كيف زرع الرعب في بلد لم يكثرت حاكمها إليه أبداً، وبينما أفنى نصف سكان أراضيه، ظلّ الحاكم منغمساً بلهوه وحفلات السهر والشراب.
يشير القواسمة في تقديمه: "لعل سر اهتمام المترجم بهذه القصة يعود إلى تكاملها الفني، وإلى مؤلفها، فضلاً عن ملاءمتها لواقع الحال العربي: فهي تقوم على حدث مهم هو اكتساح الموت الأحمر لتلك البلاد التي يرأسها الأمير بروسبيرو. هذا الأمير الذي يحاول أن ينجو بنفسه وحاشيته الذين لم يصابوا بالوباء باللجوء إلى دير محصَّن بسور عالٍ وبوابات حديدية حتى لا ينفذ منها أيّ مصاب بالوباء".
في أحد مقاطع القصة، يكتب آلان بو: "استجمع رهط من الحاضرين شجاعتهم، واقتحموا الردهة السوداء، وقاموا بإلقاء القبض على المتنكر الغريب الذي كان يقف منتصباً، دونما حراك، وفي البقعة التي سقط عليها ظلُّ الساعة الأبنوسية، ثم ما لبثوا أن اجتاحتهم حالة من الرعب الشديد عندما تبيّن لهم أن الأكفان التي كان يرتديها المتنكر الغريب، والقناع الذي يشبه وجه جثة متصلبة، خاويين تماماً، ولا يوجد داخلهما أي شيء مادي محسوس".