رغم عرقلة الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات..
تقرير: هل يستطيع "التحالف العربي" الحسم العسكري السريع في اليمن؟
تؤكد إدانة أعضاء مجلس الأمن الدولي الغارات التي شنتها الميليشيا الحوثية، واستهدفت من خلالها المواقع المدنية في المملكة بالطائرات من دون طيار والهجمات بالصواريخ الباليستية، الموقف الدولي الموحد تجاه انتهاكات وتجاوزات هذه الميليشيا للقانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية.
حيث يجمع الموقف الدولي على رفض الاعتداءات الحوثية المتكررة على الأهداف المدنية في المملكة، والمطالبة بالالتزام بالوقف الفوري للأعمال العدائية، فاستمرار هذه الاعتداءات يؤكد طبيعة الميليشيا الحوثية بأنها ذراع عسكرية، ترتبط عضويا بالحرس الثوري الإيراني، ولا تتمتع بأي استقلالية في القرار.
الحوثيون رفضوا القبول بوقف إطلاق النار، الذي عرضه التحالف في أبريل الماضي والتزم به، ومارسوا عشرات الخروقات لوقف إطلاق النار، واستمروا في الاعتداء على أهداف مدنية داخل المملكة وفي الأراضي اليمنية.
ولا يمكن أخذ تصعيد الحوثيين بشكل مستقل عن الاستراتيجية الإيرانية للعام 2020، والتي بنيت على أساس الانتقام من تصفية قاسم سليماني مطلع العام الجاري، خاصة مع الانتشار الكبير لفايروس كورونا في الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي وجود فرصة سانحة لإخراج الأميركيين من المنطقة، والأهم إخراج الرئيس دونالد ترامب من البيت الأبيض، على أمل أن يعيد جو بايدن أيام الود التي عاشها النظام الإيراني إبان فترة أوباما.
الحوثيون، على الرغم من الظروف الإنسانية والمعيشية الصعبة التي يعانيها أبناء الشعب اليمني، يواصلون دون أدنى شعور بالمسؤولية عرقلة الجهود المبذولة لاستئناف المفاوضات، ورفض التجاوب مع المقترحات التي تمّ التوصل إليها عن طريق أطراف الوساطة، ويستمرون في السيطرة على ميناء الحديدة بخلاف ما أقروا به في اتفاق ستوكهولم، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
كما أن استمرار سيطرتهم على ميناء الحديدة، يعطل تطبيع الحياة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، عبر تحكمهم في تدفق السلع والاستيلاء على الإيرادات الجمركية الموجهة لسداد رواتب موظفي القطاع العام، بالإضافة إلى تعنتهم حول الكارثة البيئية المحتملة من ناقلة النفط التي لم تتمّ صيانتها منذ 2014، وعدم سماحهم للخبراء الفنيين التابعين للأمم المتحدة بالوصول إلى مكان الناقلة لتقييم حالتها، وإجراء أي إصلاحات عاجلة، وتقديم توصيات بالاستخراج الآمن للنفط من الناقلة وضمان التعاون الوثيق مع الأمم المتحدة.
بينما سعت المملكة خلال العام الجاري للعمل على محورين في اليمن، الأول هو توحيد صف اليمنيين وحل أي خلافات بين الحكومة الشرعية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي، والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحيث تنصب الجهود على تحرير اليمن من الانقلاب الحوثي، وتخليصه من الأجندة الإيرانية، التي لا ترى اليمن أبعد من عاصمة جديدة تسيطر عليها طهران، ويدير شؤونها الحرس الثوري وحزب الله اللبناني.
وعملت المملكة أيضا على نشر مراقبين لوقف إطلاق النار تابعين للتحالف في أبين وعدة محافظات جنوبية، على أن يقدر اليمنيون أنفسهم هذه الرعاية، بالتجاوب معها والعمل على تنفيذ بنود اتفاق الرياض، الذي تأخرت عدة أطراف في تطبيقه على الأرض.
كما بذلت المملكة بالتعاون مع المانحين الدوليين جهودا كبيرة لمعالجة الوضع الإنساني في اليمن، ودعم الجهود المبذولة لمنع انتشار فايروس كورونا بين الأشقاء اليمنيين في جميع المحافظات اليمنية دون استثناء. حيث تدرك المملكة الضعف والتردي الذي لحق بالبنية الصحية في اليمن، خاصة في المناطق التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، حيث فقدت أكثر من 65 في المئة من تجهيزاتها نتيجة تعامل الحوثيين البدائي مع المنشآت الصحية.
ويوم الاثنين الماضي سلط وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، برفقة براين هوك، الممثل الأميركي الخاص بشؤون إيران وكبير مستشاري السياسات لوزير الخارجية الأميركي، الضوء على الممارسات الإيرانية في المنطقة، والتي يعد الحوثي أحد تفاصيلها، وشملت تلك الممارسات اعتداءات متكررة على السفن في الخليج العربي، واستهدفت العراقيين والقواعد العسكرية داخل الأراضي العراقية.
يضاف إلى ذلك كله، دعم آيات الله نظام بشار الأسد، الذي قتل أكثر من نصف مليون مواطن، وهجر أكثر من 12 مليون آخرين. وصولا إلى الميليشيا التي تمثل جوهرة التاج الإيراني الإرهابي، وهي حزب الله اللبناني، الذي سلب لبنان كل ما يتميز به من قدرات سياحية ومصرفيه، ولم تسلم منه الصحافة الحرّة والإعلام.
وتناول الجبير وهوك الخطر الكبير الذي قد تتعرض له المنطقة في حالة رفع حظر تصدير الأسلحة إلى إيران، أكتوبر القادم، كما ينص الاتفاق النووي، حيث من المتوقع أن تزيد عدائية إيران والميليشيات التابعة لها. وأوضح الجبير أن إيران ستصبح أكثر عدائية في حال رفع حظر التسلح عنها، فهي المزود الرئيسي لمنظمات إرهابية بالسلاح، مثل حزب الله والحوثيين.
وخلال اللقاء عرض الجبير الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على المواقع المدنية في السعودية، وقدم أدلة تنفي أيّ روايات عن قدرة الحوثيين على الصناعات العسكرية، وتؤكد أن جميع الأسلحة التي يطلقها الحوثيون هي صناعة إيرانية، وصلت إلى اليمن في مخالفة للقرار الأممي 2216، وبدعم تقني على الأرض من عناصر حزب الله اللبناني.
ولأن القرار الذي سيتخذ في أكتوبر القادم غير مضمون، في ظل تباين كبير في وجهات النظر بين واشنطن من جهة، وبكين وموسكو من جهة أخرى، رغم التنديد القوي من قبل روسيا باستهداف الأراضي السعودية من قبل الحوثيين، ستبقى الكرة في ملعب الشرعية وباقي القوى العسكرية الموالية، وعلى رأسها المجلس الانتقالي، لحسم المعركة مع الحوثي عسكريا قبل أكتوبر القادم، وعدم الدخول في مرحلة من الاحتمالات قد لا تكون في صالحهم إذا ما نجحت إيران في رفع حظر استيراد الأسلحة ونجحت في تزويد الحوثيين بأسلحة نوعية.