آثار قاسية جراء المقاطعة..
صندوق قطر السيادي يبيع أصوله وينقل أمواله للحكومة
كشفت مصادر مطلعة في أسواق المال العالمية أمس أن جهاز قطر للاستثمار قام مؤخرا بنقل حيازات من أسهم محلية تزيد قيمتها على 30 مليار دولار إلى وزارة المالية.
وأكدت أن صندوق الثروة السيادية للبلاد قد يبيع أصولا أخرى في إطار خطة لإعادة الهيكلة بدأت قبل الأزمة الأخيرة، لكن وتيرتها تسارعت بعد مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين ومصر لحكومة الدوحة التي تتهمها بدعم الإرهاب.
وقالت تلك المصادر إنه تم بالفعل نقل حصص في 18 شركة في وقت سابق من العام الحالي، وأن تلك الحصص تضمنت حيازات رئيسية في عدد من أكبر الشركات المحلية مثل بنك قطر الوطني وأوريدو للاتصالات والكهرباء والماء القطرية.
ويرى محللون حجم التحركات يكشف قلق الدوحة من استمرار المقاطعة وقد يفاقم انحدار ثقة المستثمرين بالاقتصاد القطري ويؤدي إلى موجة نزوح للأموال.
وأكد أحد المصادر إنه تم نقل الأصول إلى وزارة المالية القطرية حتى تستطيع الوزارة الإشراف على تلك الحيازات بطريقة أكثر فعالية بعد التخبط الذي اعترى طريقة إدارتها في السنوات الماضية.
وأضافت أن قطر تقول إنها تتحرك صوب فرض مزيد من التدقيق الحكومي ومراقبة الصناديق وأنها تأمل بأن تكون لوزارة المالية مشاركة فعالة في الاستثمارات العامة.
وكان مصرفيون في بنوك تجارية قطرية قد أكدوا أن صندوق الثروة السيادي ضخ إيداعات دولارية في بعض البنوك المحلية الأسبوع الماضي، لتخفيف أزمة السيولة بعد الضغوط التي تعرض لها نتيجة مقاطعة عدد من أكبر مصارف المنطقة.
ونسبت وكالة رويترز إلى مصدر آخر قوله إن إعادة هيكلة داخلية لجهاز قطر للاستثمار بدأت في وقت سابق من العام الحالي بهدف التأكد من أن الصندوق يركز على مكامن قوته، وبصفة خاصة الاستثمارات الدولية.
وامتنع جهاز قطر للاستثمار عن التعقيب بينما لم ترد وزارة المالية على طلبات للتعليق. ومن المعتقد أن جهاز قطر للاستثمار، الذي نادرا ما يناقش عملياته علنا، له أصول حول العالم تزيد قيمتها عن 300 مليار دولار.
وقالت المصادر إن الحيازات التي جرى نقلها إلى وزارة المالية تشمل حصصا في أرجاء القطاع المصرفي في البلاد مثل مصرف الريان والبنك الأهلي القطري وبنك قطر الإسلامي وبنك قطر الدولي الإسلامي وبنك قطر التجاري وبنك الخليج التجاري.
30 مليار دولار قيمة الأسهم التي نقل جهاز قطر للاستثمار ملكيتها مؤخرا إلى وزارة المالية
وتشمل أيضا شركات صناعية وتجارية وشركات للنقل، بينها قطر الوطنية لصناعة الإسمنت والميرة للمواد الاستهلاكية وقطر لنقل الغاز والخليج الدولية للخدمات ومجمع شركات المناعي ومزايا قطر للتطوير العقاري والقطرية للصناعات التحويلية وشركة قطر وعمان للاستثمار.
ولم تذكر المصادر على وجه التحديد كيف سيجري إدارة هذه الشركات بطريقة أكثر فعالية. وتوقعت أن يجري تجهيزها للخصخصة أو لمبيعات استراتيجية بعد نقلها إلى وزارة المالية.
والتغييرات في جهاز قطر للاستثمار جزء من مسعى لدمج شركات في أرجاء البلاد يتضمن اندماجات مزمعة بين قطر للغاز وراس غاز، وهما منتجان للغاز الطبيعي المسال مملوكان للدولة، وبين قطر للبتروكيماويات مع فينيل قطر.
وأكد مصدر آخر أن الأصول التي ربما يبيعها جهاز قطر للاستثمار تشمل شركة حصاد الغذائية أكبر مستثمر في البلاد في قطاعي الزراعة والثروة الحيوانية، والتي التي يملكها الجهاز بالكامل.
وقدر مصرفي يعمل في قطر إجمالي الودائع الجديدة التي ضخها جهاز قطر للاستثمار في النظام المصرفي بنهاية الأسبوع الماضي بعدة مليارات من الدولارات. ووصف الودائع بأنها إجراء “احترازي”.
وأكد المصرفي أنه إذا استمرت الأزمة الدبلوماسية لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر أخرى وسحبت البنوك السعودية والإماراتية ودائعها من قطر، فإن البنوك المحلية قد تحتاج إلى مساعدة رسمية.
وحاول البنك المركزي القطري تفنيد ما تتناقله وسائل الإعلام عن نقص حاد في السيولة بتأكيده أن “البنوك في قطر لم تشهد عمليات سحب كبيرة” وأن المقاطعة لم يكن لها سوى تأثير محدود على القطاع المصرفي، بعكس ما أكدته معظم المصارف وشركات الصرافة وتحويل الأموال.
وباتت البنوك القطرية تعتمد على التمويل الأجنبي خلال السنوات القليلة الماضية التي شهدت نموا اقتصاديا قويا. وارتفعت الالتزامات الأجنبية للبنوك في نهاية مارس الماضي إلى نحو 124 مليار دولار بزيادة نسبتها 45 بالمئة عن مستويات بداية العام الماضي.
وكان الرئيس التنفيذي لمركز قطر المالي يوسف الجيدة، قد أكد بداية الأسبوع الحالي أن مؤسسات من السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين لديها ودائع بنحو 18 مليار دولار في البنوك القطرية تستحق في غضون شهرين.
وأكد المصرفي الذي يعمل في الدوحة أن جهاز قطر للاستثمار والبنك المركزي أبلغا القطاع المصرفي أنهما على استعداد لتقديم المزيد من المساعدة للبنوك المحلية عبر التمويل بالدولار أو الريال.