إخوان اليمن يشعلون مواجهات لعرقلة تغييرات حكومية تهدد نفوذهم..
تقرير: الانتقالي الجنوبي.. مواجهة تضييق الخناق على العاصمة عدن
وصفت مصادر يمنية المواجهات التي شهدتها محافظة أبين (شرق عدن) بين القوات الحكومية والقوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بأنها الأعنف منذ التوقيع على اتفاق الرياض في نوفمبر الماضي.
وتزامن تجدد المواجهات العسكرية مع عودة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي من زيارة علاجية إلى الولايات المتحدة الأميركية، ما يعزز فرضية محاولة التيار الموالي لقطر في “الشرعية” اليمنية إثناء الرئيس هادي عن أي مساع لإحداث تغييرات في بنية الشرعية قد تُضعف نفوذَ هذا التيار النافذ.
ويشير مراقبون يمنيون إلى أن تصاعد حدة المواجهات العسكرية في أبين، في الوقت الذي تجري فيه مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة في العاصمة السعودية الرياض، محاولة لإفشال الاتفاق وتنفيذ مخطط إخواني مدعوم من قطر لفرض سياسة أمر واقع في جنوب اليمن وتضييق الخناق على العاصمة عدن من محوري أبين وطور الباحة بتعز، بالتوازي مع هجوم الحوثي على الضالع، وهو ما يرسم مثلثا جيوسياسيًّا لمخطط استهداف مناطق نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي وتنفيذ مشروع نقل الصراع إلى جنوب اليمن.
واعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر أن المواجهات بين القوات المحسوبة على الحكومة اليمنية في أبين والمجلس الانتقالي الجنوبي، محاولة جديدة لاستفزاز الجنوبيين، وإجبارهم على التمسك بقرار سابق حول تعليق المشاورات المتعلقة باتفاق الرياض، لاختلاق ذرائع بهدف شن عملية عسكرية لاستهداف المحافظات الجنوبية، وتقليص المساحة التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي وفرض واقع جديد في المفاوضات، والاجتزاء من حصة المجلس الانتقالي في الحكومة والاستحقاقات السياسية التي حصل عليها بموجب الاتفاق.
وفي تصريح لـ”العرب” شكك الطاهر في إمكانية التوصل إلى توافق حول شكل الحكومة القادمة وفقا للبرنامج الزمني المحدد في آلية تسريع تنفيذ اتفاق الرياض، نظرا إلى التعقيدات التي تتخلل مشاورات توزيع الحقائب الوزارية، والعوائق التي يضعها حزب الإصلاح المسيطر على القرار السياسي والعسكري في الشرعية أمام تنفيذ الاتفاق؛ وهو ما يعني بحسب الطاهر أن هناك تناغما واضحا بين محاولات إفراغ المشاورات السياسية من محتواها، وتأجيج الأوضاع العسكرية بهدف تأجيل تنفيذ الاتفاق.
ويعتقد الطاهر أن الحديث عن تنفيذ اتفاق الرياض في الوقت القريب، غير مطابق للواقع؛ بسبب ما يسميه التحايل الذي تمارسه جماعة الإخوان، وعدم وجود نية من قِبلها لتوحيد الجهود باتجاه مواجهة المشروع الإيراني، وعدم الرغبة في خسارة المصالح التجارية للقيادات العسكرية والسياسية التي باتت تتربح من الحرب.
يضاف إلى ذلك تماهي تيار عريض مع الأجندة التركية والقطرية، التي باتت تتقاطع مع الأجندة الإيرانية، وهو ما يستدعي تحركا سريعا من التحالف العربي لمحاصرة هذا التيار المتنامي داخل الشرعية وممارسة الضغط للدفع بالمشاورات السياسية وإخراج الحكومة إلى النور، بحيث تشارك فيها كل المكونات السياسية اليمنية الفاعلة على الأرض والتي تتعرض لحالة من الإقصاء من قِبل الإخوان.
وكشفت مصادر يمنية مطلعة لـ”العرب” عن تطور مرتقب في سيناريو توسيع دائرة الحرب وإجهاض اتفاق الرياض عبر أجندة مدعومة من قطر وتركيا تستهدف إخراج الوضع عن نطاق سيطرة التحالف العربي وجرّ الأطراف المناهضة للانقلاب الحوثي إلى صراع عسكري وسياسي وإعلامي مفتوح، يعزّز نفوذ دول إقليمية أخرى معادية لدول التحالف العربي تعمل على إيجاد موطئ قدم لها في المشهد اليمني عبر استثمار نفوذها الأيديولوجي وتحريك أدواتها النافذة في مؤسسات الحكومة اليمنية.
وقالت المصادر إن الإشاعات الإعلامية التي بثها ناشطون وإعلاميون يمنيون مقربون من الدوحة وتركيا في اليومين الماضيين، ادعوا مشاركة طائرات مسيرة في استهداف الجيش اليمني في أبين، تهيئة مسبقة من أجل تبرير استخدام مجاميع تابعة للإخوان في الفترة القادمة طائرات مسيّرةً حصلت عليها من تركيا.
وأشارت إلى أن ضباطا أتراكا في محافظة شبوة يقومون منذ مايو الماضي بتدريب عناصر مسلحة تابعة لما يعرف بمعسكر “الحشد الشعبي” الممول من قطر (يشرف عليه وزير النقل اليمني السابق صالح الجبواني) على استخدام طائرات مسيرة في التصوير الجوي وتحديد ورصد الأهداف الثابتة والمتحركة، في ظل معلومات عن بحث إمكانية نقل تجربة الحوثي في توجيه طائرات مفخخة إلى ميليشيات الإخوان.
وكانت “العرب” قد كشفت في وقت سابق عن طلب جماعة الإخوان في اليمن والتيار الموالي للدوحة في الشرعية اليمنية الحصول على دعم عسكري من أنقرة في أعقاب المواجهات التي شهدتها عدن في أغسطس 2019 والتي انتهت بسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على المدينة.
ولفتت حينها إلى أن الطلب تركّز حول تقنيات تهدف إلى تحييد طيران التحالف العربي الذي يتهمه الإخوان بقصف “الجيش الوطني” ومجاميع الإخوان في مواجهات أغسطس وعرقلة تقدم تلك القوات نحو العاصمة.
وكشف تسجيل مسرب للقائد العسكري الإخواني في تعز عبده المخلافي الشهير بـ”سالم” عن تلقي الحشد الشعبي وقوات الجيش الخاضعة لسلطة الإخوان وعودا من تركيا بتقديم أسلحة وعربات، بحسب ما جاء في التسجيل الذي هاجم فيه “سالم” التحالف العربي وسخر من طريقة تعامله مع الهجمات الحوثية.