"اليوم الثامن" تبحث في ابعاد الصراع التأريخي..

تحليل : اليمن .. حروب عبثية دموية من الإمامة إلى الجمهورية 3-3

الامامة بصورتها القديمة الجديدة - ارشيف

د. علوي عمر بن فريد
كاتب وباحث تاريخي جنوبي يكتب لدى صحيفة اليوم الثامن

الجمهورية الرابعة
من اليمن الجمهوري : تولى علي عبدالله صالح السلطة والذي كان يعمل قائدا للواء تعز برتبة نقيب وكان الرجل طموحا لشغل المناصب العليا وانتهاز الفرص للظهور منذ أن كان عسكري في الكتيبة السادسة مدرع في تعز ضمن معسكر خالد بالمخا وكان حينها برتبة ملازم
ونظرا للفراغ المحدث في السلطة العليا ..وعدم الترشح للرئاسة والذي كان رئيس مجلس الشعب التأسيسي القاضي عبد الكريم العرشي تولى الرئاسة المؤقتة إلى حين ترشح رئيسا جديدا
فهيئ الرجل نفسه وأوعز لجماهير تعز الذين هبوا لدعمه والحشد إلى صنعاء لترشيحه وتوجهوا إلى مجلس الشعب لانتخابه ومن ثم انتخب من قبل أعضاء مجلس الشعب في 17 يوليو 1978م..رئيسا للجمهورية..وصالح هو المتهم الثاني لمقتل ابراهيم الحمدي من حيث تنفيذ القتل بمسدسه
حينها قام علي صالح بترتيب حاشيته إلى جانبه و ترتيب حراسته من سنحان مسقط رأسه ، ثم مد علاقاته مع مشايخ القبائل المؤثرين وأشركهم بالغنائم ..وفي الاتجاه السياسي اتفق مع الأحزاب السياسية التي كانت تعمل في الإطار السري ..اتفق معهم على تشكيل حوار فكري وطني وصياغة أدبياته ومن ثم الاستبيان عليه من الشعب وتم بعد ذلك الخروج بصياغة : الميثاق الوطني)


عند ذلك تم تأسيس ( المؤتمر الشعبي العام) الذي جمع في إطاره من كل الأحزاب المشاركة في الحوار الوطني وصياغة الميثاق الوطني
وأضاف إليه أيضا من المناوئين له من أعضاء الجبهة من المناطق الوسطى
بدء النفط وظهوره شكل فرحا لدى الشعب غير انه ارتد عليهم بالنكوص والإحباط ولم يتحسن الوضع الاقتصادي للفرد والمجتمع في حين كان يوزع الثروة لأهله والمقربين له ويوسع في شراء الأسلحة وتجهيز الجيش والمعسكرات لحمايته والنظام الجمهوري كما يعلنه ، واستمر الحال على ما هو عليه بحيث تم احتواء الأحزاب بمظلته السياسية وامن خوفهم بالرغم من محاوله انقلاب من الناصريين وأخرى من الجيش ولكنها وئدت في مهدها وتم إعدام من شارك بها
تم تفعيل وزارة شئون الوحدة بين الشطرين الشمال والجنوب وإجراء الحوارات تارة وتارة تتوقف ويبدأ الحرب ويستأنف الحوار ويتم توقيع الاتفاق لتقريب الوحدة المنشودة ولكن كل طرف يريدها على طريقته ..كانت الكويت والقاهرة وطرابلس ليبيا محطات للاتفاق واستمر الحوار بروتين ممل قرابة عشرين عاما..إلى أن تصارع الأضداد في الجنوب عام 1968م واستفاد الشمال من هذا الصراع وانتقال الطرف المهزوم إلى صنعاء بقيادة علي ناصر محمد الرئيس وأركان حربه عبد ربه منصور هادي الرئيس الحالي للجمهورية
في عام 1978م خسر الاتحاد السوفيتي الحرب في أفغانستان ..وتأكل الحزب الشيوعي بفقدان قياداته التاريخية تزامن ظهور طله جديدة للبروستريكا بقيادة جورباتشوف من الصف الثاني المجدد وسلم أموره كلها للولايات المتحدة الأمريكية المنتصرة عسكريا وسياسيا وتوالت انهيار منظومة الدول المنطوية للاتحاد السوفيتي
وعلى اثر ذلك تقارب الشمال والجنوب بخطوات متسارعة نحو الوحدة اليمنية ساعد في ذلك الرئيس ( صدام حسين) وحدد قيامها .
تم إعلان دولة الوحدة في 22 مايو عام 1990ومن يومها تم التقاسم بين ائتلاف الوحدة الإصلاح والمؤتمر والاشتراكي وانهار الريال اليمني مقابل الدولار بشكل رهيب نتيجة حوافز وإغراءات وإفساد للمنقولين من الجنوب إلى الوحدة بقصد سياسي وما لبث الأمر أن تبدأ بالاغتيالات السياسية على كوادر وقيادات الحزب الاشتراكي من قبل الحزبين الإصلاح والمؤتمر غير أن تلك الجرائم ظلت دون معرفة الجناة إلى أن تكاشفوا مؤخرا في مؤتمر الحوار الوطني بعد 2011
وعندما أجريت الانتخابات البرلمانية في 1993م وحصل شريك الوحدة الاشتراكي على المرتبة الثالثة بعد الإصلاح والمؤتمر الأول ..لم يتغير الأمر إلا إلى الأسوأ حتى احتدم الخلاف بين الشريكين ولم يتفقا على المبادئ التي اتفقا عليها في الأردن ورجع الحوار من الطرفين على تنميط الإصلاحات السياسية والعسكرية ودمج بقية الوزارات ..ولكن كل فريق تشبث برأيه ووصل الطرفان إلى طريق مسدود أمام اللجان المشكلة محليا ...أسفر عن ذلك إعلان الانفصال من قبل نائب الرئيس علي سالم البيض ، وبدء الحرب في صيف1994م
لم تستقر الأحوال حينها وتشابكت صعده مع الحراك الجنوبي وقامت ستة حروب وغليان في الجنوب وفساد ونهب الأراضي من قبل المتنفذين ولم يتم التقدم خطوه باتجاه المصالحة الوطنية
وغلب على ذلك فقط التذاكي لمن يغلب
إلى أن جاء الربيع العربي في يناير 2011 كانت اليمن قد تأثرت بهذا المشروع ولامس غليان الواقع فانفجر الوضع في فبراير 2011 وسميت بثورة الشباب
إلى أن جاءت المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية لتضع معالجات سياسيه لليمن ..وجاء عبد ربه هادي بانتخابات توافقيه ، وتشكلت لجان للحوار وعقد مؤتمر للحوار بإشراف الأمم المتحدة وتشكلت حكومة وفاق وطني برئاسة باسندوه ثم بعد صياغة الدستور وتم تشكيل حكومة سميت بالكفاءات ولازالت حتى اللحظة
غير أن الأوضاع تفجرت فجأة وبرغم دمج الجيش بهيكليه مختلفة إلا أن تأثير صالح وولده احمد لهما التأثير على الجيش الذي سمي ( بالجيش العائلي)
وتم تسليم معسكرات الجيش لقيادة الحوثيين من قبل صالح وتفجر الوضع في عمران ودماج وصولا إلي صنعاء واعتقال الرئيس الشرعي هادي بينما الحوار في موفمبيك بإشراف بنعمر المبعوث الاممي جاريا بين الأحزاب
والحوثيين بالرغم من لجان ثوريه وإعلان وإصدار إعلان دستوري من قبل الحوثيين وإغلاق مجلس النواب والحوار يمضي
حتى تمكن الرئيس هادي من الفرار إلى عدن ، وإعلان صالح الحرب فيما أعلن الحوثيين الحرب على ما سموهم ( با لدواعش ) يعني الحرب الطائفية من طرفهم على غرار ثقافة ولاية الفقيه في طهران وبدء الحرب على تعز ومدن الجنوب والوسط واحتلالها واستحلال دماء المكون السني الدواعش الأغلب بنحو80%
من السكان ..في حين بعد شهرين تدخل التحالف العربي بطلب من الرئيس هادي لإنقاذ السكان وحمايتهم وعودة الشرعية فيما السعودية أيضا كانت مهدده وأعلنت الحرب عليها من الحوثيين وطهران وأجريت مناورات على حدودها وكان من الطبيعي أن تتدخل وفقا للقانون الدولي والجوار والدفاع على النفس ومن دوافع الدفاع العربي المشترك والأمن القومي العربي وفقا لميثاق الجامعة العربية
ولازال القتل والتدمير على المواطنين قائما بحيث تكاملا المقاصد ونوايا الحرب وتسليم اليمن إلى إيران ولا يتشاركوا مع الشعب في الثروة والسلطة بيد أن الدستور أكد على قيام دولة اتحاديه فيدراليه من ستة أقاليم وهو الحل الذي ارتضاه الشعب ولازال يتضح بإصرار انه الحل وفقا للوقائع الذي يكتشف جليا بتوغل اقليه طائفيه في الاستحواذ على كل شيء بالقوة والتطهير العرقي ..ولازالت الحرب قائمة وأشك أن تحسم عسكريا والسبب أن اليمن أصبحت ساحة مفتوحة لجميع القوى الدولية والإقليمية وفق مصالحها وأصبح الأمن والاستقرار في اليمن من رابع المستحيلات. ( انتهى )

----------------------------------

باحث ومؤرخ في صحيفة اليوم الثامن