تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية..
حفريات: هل ربطت واشنطن الصراع اليمني بالبرنامج النووي الإيراني؟
جاء إعلان واشنطن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، بناء على ارتباطها القوي بإيران، في المقام الأول، ثم جرائمها الإرهابية بحقّ الشعب اليمني، ودول الجوار، خاصة السعودية، وهي أسباب لا تنفصم عن بعضها، فلولا التحوّل الحوثي نحو الأيديولوجية الإيرانية، والدعم الذي قدمته طهران، لما وصلت الجماعة إلى وضعها الحالي.
وتأتي الخطوة الأمريكية تأكيداً على نهج إدارة ترامب تجاه إيران، الذي لا يفصل بين البرنامج النووي، وبرامج الصواريخ الباليستية، والتدخلات في دول الجوار، على عكس نهج إدارة أوباما التي وقعت الاتفاق النووي مع إيران، في 2015، دون بحث مسألتي الصواريخ، والتدخلات الخارجية.
بومبيو أكد أنّ المفاوضات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة لم تسفر عن شيء، خلال سنوات طويلة، ما استدعى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية
وبهذا القرار بات الصراع في اليمن على أجندة المباحثات الأمريكية - الإيرانية المتوقعة، مع تولي إدارة بايدن السلطة، جنباً إلى جنب قضية الأذرع الإيرانية في لبنان وسوريا والعراق، وهو أحد المكاسب الكبرى لإدارة ترامب، التي نجحت في فرض القضايا الثلاث كحزمة واحدة، ضمن أي مفاوضات دولية تتعلق ببرنامج إيران النووي.
الحوثي: ذراع إيراني
دائماً ما تتلون موقف إيران تجاه الإعلان عن صلاتهم بالحوثيين؛ تارة بين الترويج لاستقلال القرار الحوثي، وتارة بين الاعتراف الصريح بدعمهم، في محاولة لتجنيب الجماعة العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، لكنّ الأعوام الثلاثة الماضية كشفت عن قوة التغلغل الإيراني فكرياً وعسكرياً في الصراع اليمني، عبر دعم الحوثيين، وكان آخر ذلك إرسال سفير إلى صنعاء.
واستفاد الحوثي من شبه الاستقلالية عن القرار الإيراني في كسب اعتراف الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كشريك أساسي في مفاوضات حلّ الأزمة، لكنّ جاء القرار الأمريكي بتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، وربطها بإيران مباشرةً، ليفرض على المجتمع الدولي إعادة النظر في مفاوضات السلام في اليمن.
وفي العاشر من الشهر الجاري، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تصنيف الحوثيين (جماعة أنصار الله)، منظمةً إرهابية أجنبية، على أن يدخل التنفيذ في 19 من الشهر الجاري، قبيل يوم من انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وصنفت الوزارة الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية بموجب القسم 219 من قانون الهجرة والجنسية، وصنفتها ككيان إرهابي دولي، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، ووضعت ثلاثة من قيادات الجماعة على قائمة الإرهابيين الدوليين، وهم؛ عبد الملك الحوثي، وعبد الخالق بدر الدين الحوثي، وعبد الله يحيى الحكيم.
وجاء في بيان الخارجية الأمريكية: "تعزز هذه التصنيفات من أدوات مواجهة النشاط الإرهابي للحوثيين، المدعومين من إيران". وأشار البيان إلى بذل واشنطن جهود كبيرة لحث الحوثيين على قطع علاقاتهم بإيران، والتخلي عن الممارسات الإرهابية، دون جدوى.
وذكر البيان؛ أنّ الحوثيين زادوا من صلاتهم بإيران، وتلقوا مساعدات عسكرية من الحرس الثوري، تضمنت؛ التدريب، والصواريخ، والطائرات المسيرة، التي استخدمتها الجماعة في ضرب الأهداف الحيوية والبنى التحتية في اليمن، وفي السعودية، إلى جانب تهديد أمن الملاحة الدولية، وكان آخر جرائم الحوثيين قصف مطار عدن، في 30 كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
مخاوف دولية
وأعربت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمات إغاثية من قبل عن رفضهم تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، وذلك قبل صدور قرار واشنطن، الذي كان متوقعاً خلال عهد إدارة ترامب، بسبب الخوف من تأثير القرار على عمليات الإغاثة، وجهود حلّ الأزمة.
ولفت وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو في بيانه إلى هذه المخاوف، مؤكداً على مراعاة جهود العمل الإنساني الأمريكي والدولي، عبر إصدار وزارة الخزانة الأمريكية تراخيص لهذه الأنشطة، بشكل لا يؤثر سلباً على جهود الإغاثة، التي تعتبر الولايات المتحدة أكبر المانحين فيها، حيث قدمت 630 مليون دولار، لدعم هذه الجهود في اليمن، عام 2020، بالإضافة إلى 18 مليون دولار للمساعدة على مواجهة جائحة كورونا.
وعن جهود السلام، أشار بومبيو إلى أنّ المفاوضات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة لم تسفر عن شيء، خلال سنوات طويلة، ما استدعى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، لتغيير سلوك الجماعة، لدفع عملية السلام.
وأدانت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي القرار الأمريكي، وكذلك إيران، بينما أيدت العديد من الدول القرار، وكذلك الحكومة اليمنية الشرعية، والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وحول قرار التصنيف، يقول الصحفي اليمني، إياد الهمامي: "لا شك بأنّ الحرب الدائرة في اليمن قد فرضت واقعاً معقداً في المشهد السياسي على المستوى المحلي والعالمي، واليوم يمثل قرار واشنطن تصنيف جماعة الحوثي "جماعة إرهابية" أهمية كبيرة، لاسيما بعد أنّ واصلت الجماعة استهداف المدنيين والمرافق الحيوية في السعوديه واليمن، والذي كان آخرها استهداف مطار عدن الدولي، وسقوط عدد كبير من المدنيين قتلى، مع جرح العشرات".
ويتابع الهمامي، لـ"حفريات": "القرار يفقد جماعة الحوثي صفتها الدبلوماسية، بما في ذلك منع القيادات من السفر، وتجميد الأرصدة والملاحقة والمحاكمات الدولية لأعضاء الجماعة، ومنع الاستيراد وفتح الحسابات المصرفية واستيراد المشتقات النفطية والبضائع، وعزلهم دولياً ووقف التعامل معهم عبر الأجهزة الدبلوماسية الدولية، وهذا الأمر سيجعل جماعة الحوثي تعيش في عزلة دولية، وتفقد الكثير من مصالحها".
مستقبل الأزمة اليمنية
وشهد الربع الأخير من العام الماضي، تحركات حثيثة من المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث بهدف طرح مسودة للحلّ الشامل، حملت اسم "الإعلان المشترك"، ووفق تسريبات صحفية؛ فإنّ المسودة قامت على شرعنة الأمر الواقع، عبر الاعتراف بسلطة الحوثيين في مناطق سيطرتهم، وإجراء مفاوضات مباشرة مع الحكومة الشرعية، وتقليص دور التحالف العربي.
وعن مستقبل مفاوضات حلّ الأزمة اليمنية، عقب القرار الأمريكي، يقول رئيس تحرير صحيفة حضرموت 21 أمجد صبيح "هذا التصنيف أزعج المبعوث الأممي، غريفيث، الذي صرح أنّه يؤخر مباحثات السلام في الملف اليمني، ونحن نعرف جيداً أنّ تلك المباحثات لا جدوى منها في ظل استمرار مليشيات الحوثي الإرهابية في قصف المدن وقتل المواطنين، واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان".
ويتابع أمجد يسلم صبيح: "لن يعترف أحد بسلطة الحوثي أو سلطة أمر الواقع في ظل استمرار جرائم الحوثيين، والتصنيف لن يؤثر على عمليات السلام في اليمن، بل يعززها عبر دفع الأمم المتحدة والمبعوث الأممي لإلزام الحوثيين بالتوقف عن جرائم القتل والبطش بحق المدنيين".
طاولة البرنامج النووي الإيراني
ولم يحظ الدور الإيراني في اليمن بمثل الأهمية التي حظي بها في سوريا، على الرغم من تدخل طهران القوى في الأزمة، بدعم الحوثيين بالسلاح والمال والتدريب والدعم الدبلوماسي.
وتسيطر على صناع القرار الأوروبي فكرة الفصل بين طهران والحوثيين، على الرغم من الاعتراف بتنامي نفوذ طهران عبر التغلغل الأيديولوجي داخل بنية الجماعة، التي بدأت في التخلص من الجناح الذي يميل التفاوض، سواء عبر القتل أو العزل، مع تصعيد جناح الصقور في الجماعة.
ورغم وجود استقلالية حوثية عن طهران، إلا أنّ الجماعة تسير في فلك السياسات الإيرانية، مع خصوصية الحالة اليمنية، فضلاً عن أنّها لن تتنازل عن مكاسبها التي تعتبر أهم ما حصلت عليه طهران خلال الأعوام الماضية، بعد ما باتت تهدد السعودية، خصمها الإقليمي.
وفي حديثه، يقول صبيح: "قرار واشنطن مرتبط كلياً بعوامل دولية، لها صلة بالملف اليمني، خاصة إيران، التي باتت مجبرة على تقديم تنازلات إذا أرادت حماية أذرعها الإقليمية من العقوبات الأمريكية".
وقدم المبعوث الأممي إفادة إلى مجلس الأمن، عقب تصنيف واشنطن الحوثيين جماعة إرهابية، أدان فيها القرار الأمريكي، ورداً على غريفيث غرد آلاف اليمنيين متهمين إياه بدعم الإرهاب الحوثي، ومحاولة شرعنة مكاسب الجماعة.
ولم يسلم غريفيث من نقد الحوثيين، الذين رفضوا من قبل زيارته إلى صنعاء، واتهموه بأنّه ساعي بريد بين الرياض وأبو ظبي، في حين وصف المتحدث باسم الحوثيين الحكومة الشرعية بأنّها "حكومة مرتزقة".