الإمارات تقدم 230 مليون دولار..
تقديم مليارات الدولارات في مؤتمر المانحين والسعودية تتصدر القائمة
بكثيرٍ من الامتعاض ينظر كثير من اليمنيين إلى مؤتمر المانحين الذي انعقد مطلع مارس 2021، وذلك استناداً إلى تجربتهم مع عدد من المؤتمرات المماثلة السابقة بعد اندلاع الصراع في بلادهم.
خلال السنوات الماضية، أعلن تقديم مليارات الدولارات في هذه المؤتمرات، لكن اليمنيين يتحدثون عن أنها لم تحدث فارقاً على مستوى المجاعة التي تعيشها بلادهم، وتحول الحرب الدائرة في اليمن إلى مصدر دخلٍ للمنظمات الدولية ولقيادات في مليشيا الحوثيين والحكومة اليمنية.
وثمة إجماع على أن المساعدات والهبات الدولية التي لم تجد الكثير من النفع في أوقات السلم، لم تكن كذلك في ظل الحرب، مع تراجعٍ مشهود لما تقدمه الدول سنوياً مقابل سنوات سابقة.
مؤتمر مخيّب
بينما كانت الأمم المتحدة تأمل في جمع 3.85 مليار دولار لليمن، أعلنت على لسان أمينها أن تعهدات الدول المانحة لتمويل عمليات الإغاثة في اليمن خلال مؤتمر افتراضي نظمته في الأول من مارس2021، بلغت 1,7 مليار دولار، أي أقل من نصف ما يحتاجه البلد لتنجب المجاعة.
وقال الأمين العام للمنظمة الأممية انطونيو غوتيريش في بيان إنّ هذه التعهدات "مخيبة للآمال"، وأن "أفضل ما يمكن أن يقال عن اليوم هو أنه يمثل دفعة أولى" بعدما كانت الأمم المتحدة تتطلع لجمع 3,85 مليارات دولار.
وقال غوتيريش في كلمته أمام ممثلين عن نحو 100 دولة وجهة مانحة عبر الشاشة: "أناشد جميع المانحين أن يمولوا نداءنا بسخاء لوقف المجاعة التي تخيم على البلاد"، مضيفاً: "كل دولار مهم". وتابع: "خفض المساعدات هو بمثابة عقوبة إعدام لعائلات بأكملها".
وتصف الأمم المتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن بأنها الأسوأ على الإطلاق في العالم، حيث تعصف المجاعة بأكثر من ثلثي سكان البلاد، جراء الحرب المستمرة منذ اجتياح الحوثيين للعاصمة صنعاء عام 2014.
الدعم الخليجي الأعلى
كانت السعودية أكثر الدول خليجياً وعالمياً في تقديم الدعم لليمن، بعدما أعلنت على لسان عبد الله الربيعة، المشرف على "مركز الملك سلمان للإغاثة"، تعهدها بتقديم 430 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام في اليمن.
وقال الربيعة خلال كلمته بمؤتمر المانحين: إن "السعودية تصدرت قائمة الدول المانحة لليمن"، مضيفاً أن مليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً، تهدد مأرب التي تعتبر ملاذ النازحين.
فيما أعلنت الإمارات تقديم 230 مليون دولار كدعم إضافي للشعب اليمني، حيث شهد تراجعاً على ما كانت تدفعه سابقاً.
كما تعهدت الكويت، عبر وزير خارجيتها بـ 20 مليون دولار، فيما لم تعلن عُمان والبحرين عن أي أموال ستقدمها.
من جانبها قالت وسائل إعلام قطرية من بينها "الجزيرة"، إن وزير الشؤون الخارجية سلطان بن سعد المريخي، أعلن أن بلاده تعهدت بتقديم 70 مليون دولار لدعم خطة الاستجابة الأممية في اليمن، مؤكداً أهمية السعي لحل الأزمة اليمنية عبر الحوار بين اليمنيين.
لا استفادة
يتحدث المحلل الاقتصادي ناصر محمد، عن عدم الاستفادة من هذه الأموال، خصوصاً أن نصفها تذهب للنفقات التشغيلية للمنظمات الأممية التي تتولى إيصال هذه المساعدات.
ويشير في تعليقه لـ"الخليج أونلاين"، إلى مشكلة كبيرة تؤثر أيضاً على الوضع الاقتصادي في اليمن المتمثل في "عدم استفادة البنك المركزي اليمني والبنوك المحلية من العملة الأجنبية، من التمويلات والمساعدات لزيادة أرصدتها".
ويضيف: "لأن معظم تلك الأموال لا تدخل اليمن وإنما تتحول إلى سلع عينية ومستلزمات يتم التعاقد عليها من قبل المنظمات الدولية في الأغلب، ولذلك يساهم في ذلك تدهور العملة؛ وهو ما ينعكس على الوضع الإنساني".
كما يتحدث عن الفساد الموجود داخل المنظمات الدولية قائلاً: "هناك فساد غير محدود من المنظمات الدولية، التي أيضاً تتواطئ مع الحوثيين وتسلم قياداتهم أموال ضخمة، وبعض المسؤولين الحكوميين، فيما لا يصل للمواطنين المحتاجين سوى فتات الأموال التي لا يستفيد منهم سوى القليل".
وعن الدعم الخليجي، يقول محمد: "من الطبيعي أن نرى مثل السعودية تقدم هذه الأموال لأن المجتمع الدولي ينظر لهم كشريك فيما يحدث باليمن، لذلك لا غرابة إن دفعت هذه الأموال، والغريب حقاً هو تقلص ذلك الدعم مؤخراً".
آلية صرف جديدة
أما المحلل الاقتصادي وفيق صالح، فيرى أن تعهدات المانحين، "عن طريق منظمات الأمم المتحدة، لتمويل تدخلاتها الإنسانية والاغاثية في اليمن، على مدار العام الجاري، وليست مخصصة لدعم الاقتصاد اليمني بشكل مباشر، أو دعم المجالات التنموية بشكل مستدام".
ويضيف في حديث لـ"الخليج أونلاين": "اعتقد أنه لو تم مصارفه هذه المبالغ بشكل صحيح، وبشكل شفاف، وبعيداً عن تدخلات مليشيا الحوثي، فيمكن لها أن تحفف من حدة الأزمة الإنسانية وتساهم في إغاثة ملايين المواطنين الذين يواجهون مخاطر المجاعة".
ويستدرك بالقول: "لكن من خلال التجارب السابقة، خلال السنوات الماضية، فإن المساعدات الإنسانية صاحبها الكثير من عمليات الفساد، والعشوائية، ولم يحصل المواطن في الداخل سوى على النزر اليسير من هذه المخصصات التي تذهب معظمها نفقات تشغيلية للمنظمات الدولية، وقيادات مليشيا الحوثي، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان أن تذهب مخصصات ومواد الإغاثة إلى مستحقيها".
ويوصي بوضع آلية جديدة في عملية صرف مخصصات الإغاثة، وأن تتم عبر البنك المركزي اليمني، وأن تكون الأولوية لدعم استقرار الاقتصاد وإنقاذ العملة الوطنية، وأن تتحول أموال المانحين إلى دعم التعافي الاقتصادي وبرامج التنمية المستدامة لضمان المساعدة في حل الأزمة الإنسانية، دون الاكتفاء بالعمل الإغاثي.
مؤتمرات سابقة
عقد أول مؤتمر للمانحين لليمن في 17 نوفمبر2006 في لندن، وحصد ما يقارب 4.7 مليارات دولار كانت مخصصة لدعم برامج التنمية.
وفي 5 ديسمبر2012 عقد مؤتمر آخر للمانحين في الرياض وجمع ما قيمته 6.4 مليارات، وكان هذا أول مؤتمر للمانحين لتعهدات تنموية بعد تنفيذ المبادرة الخليجية وتسليم السلطة للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
وفي أبريل2017 التأم في جنيف مؤتمر ثالث حصل على نحو 1.1 مليار من أصل مليارين كانت مطلوبة لمواجهة الأزمة الإنسانية بعد اندلاع الحرب.
أما المؤتمر الرابع فانطلق في الثالث من أبريل 2018 وبلغ مجموع تعهداته نحو ملياري دولار ويعد الثاني لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية بعد الحرب، هذا عدا عن مساعدات ووديعة سعودية بنحو مليار ومائتي مليون دولار.
أما في فبراير 2019، فقد بلغ إجمالي التعهدات التي قدمها المانحون الدوليون من 16 دولة حول العالم بـ2.6 مليار دولار.
وفي 2020 تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر المانحين لليمن بتقديم 1.35 مليار دولار وهو المبلغ الذي لا يغطي ما طلبته الأمم المتحدة التي تطمح لدعم يصل إلى 2.4 مليون دولار.