"مسقط والدوحة وساطة وخصومة"..
تقرير: كيف أًصبح "انتصار الجنوب" ورقة السعودية للتفاوض مع إيران
بعد سنوات من الخطاب الإعلامي السعودي الذي يصف ميليشيات الحوثي المدعومة من طهران بـ"الإيرانية"، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إنهم "أي الحوثيين" يمنيون ولهم نزعة عروبية، طالبا الجماعة التي دخلت بلاده في حرب معها منذ العام 2004م، العام الذي بدأ فيه الحوثيون تدشين قتالهم للسيطرة على اليمن وإيجاد موضع قدم لإيران في خاصرة السعودية.
وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في مقابلة تلفزيونية بثتها "القنوات السعودية"، أن بلاده تنظر لإيران بوصفها دولة جارة، مشيرا إلى أن الرياض تطمح لتكوين علاقات جيدة معها، لكن المشكلة هي سلوك طهران السلبي سواء عبر برنامجها النووي أو دعم ميليشيات خارجة عن القانون.
وقال "لا نريد أن يكون وضع إيران صعبا، بالعكس، نريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في المملكة العربية السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار".
وشدد الأمير محمد بن سلمان، على أنه لا يمكن للسعودية القبول بوجود ميليشيات مسلحة على حدودها تهدد أمنها، مجددا دعوة الحوثيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وقال بن سلمان، إن "الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني"، مضيفاً: "انقلاب الحوثي على الشرعية في اليمن أمر غير قانوني".
وأضاف: "لا شك أن الحوثي له علاقة قوية بالنظام الإيراني لكن أيضا الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة العروبية واليمنية التي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر".
وذكرت تقارير إخبارية سابقة إلى وجود وساطة قطرية وعمانية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأمر الذي يؤكد على ان الوسيط في هذه الملف هم خصوم بلا شك للجنوب، من خلال مطامع البلدين في السيطرة على أجزاء من الجنوب.
تسعى سلطنة عمان للسيطرة على المهرة، فيما تسيطر قطر بشكل كلي منذ أغسطس (آب) العام 2019م، على شبوة النفطية المطلة على بحر العرب.
ويشارك الدوحة في هذا النفوذ "انقرة" الحليف الثالث "الإيراني القطري التركي".
ودخلت السعودية الشهر الماضي في مفاوضات (غير معلنة مع إيران) في العاصمة العراقية بغداد، وذلك تتويجا لوساطة قطرية عمانية، تهدف الى تقريب وجهات النظر بين البلدين المتنازعين على العديد من الملفات الإقليمية.
وجاءت الوساطة القطرية تتويجا لرفع السعودية المقاطعة عنها وانهاء الخلاف معها في مطلع يناير الماضي، حين تم التوقيع على إنهاء المقاطعة السعودية لقطر المتهمة بالتورط في دعم جماعات إرهابية في اليمن.
وتدخل السعودية المفاوضات وفي جعبتها "انتصار وحيد تحقق على اذرع إيران في الجنوب"، وسلسلة انتكاسات كبيرة في الشمال، بل انها تفاوض في الوقت الذي يكثف الحوثيون من هجومهم على مأرب للسيطرة على أخر معاقل حلفاء الرياض، وهم تنظيم الإخوان الموالي لقطر والمتحكم الرئيس في الرئاسة اليمنية بزعامة عبدربه هادي المقيم منذ سبع سنوات في المنفى الاختياري بالعاصمة السعودية.
التفاوض الإيراني السعودي، لا بد له من أوراق فكل طرف قد يقدم تنازلات، الأمر الذي يبدو ان السعودية تريد من الجنوب ان يكون الحلقة الأضعف، فهي التي سمحت لإخوان اليمن، بالسيطرة على شبوة وأجزاء من أبين، بل ان سفيرها محمد سعيد ال جابر قال في العام الأول للحرب ان بلاده تسعى لتسليم مدن الجنوب المحررة للحكومة اليمنية التي تقع تحت هيمنة تنظيم الإخوان.
ورعت السعودية اتفاقية بين الجنوب وحكومة هادي، الا ان هذه الاتفاقية لم يتم البت في بنودها، فحتى الحكومة التي تشكلت ضمن مخرجات الاتفاق لا تزال تتعرض لضغوط كبيرة من الرئاسة اليمنية.
وتوقع سياسيون جنوبيون نهاية وشيكة وسريعة للحرب، متسائلين اين دور الجنوب في مفاوضات الحل، فالجميع قرر إنهاء الحرب، وتقاسم الكعكة، وهو ما يؤكد عليه الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد النسي "يبدو إننا وصلنا الى لحظة تقاسم الكعكة وكلاً سيحصل على نصيبة، الجميع كان يعلم إننا سنصل إلى هذه اللحظة واعتمد على نفسه وكان يعلم ماذا يريد وماذا يعمل الإ الجنوبيين اعتمدوا على الأخرين وأصبحوا تابعين ولم يتعاملوا مع الواقع وفقاً لأهدافهم لهذا سيكونون الخاسر الأكبر".
اما المحلل السياسي عارف ناجي فقد أكد "أن السعودية ستفاوض الشيطان الاهم تضمن مصالحها بمن يحمي حدودها وهي اراضي اساسا يمنية سابقا غير اهمية تنفيذ اهدافها الاستراتيجية مد انبوب لبحر العرب وتشجيع المهرة وحضرموت على الانفصال مستقبلا بما يتماشى مع مصالحها".
وأكد ناجي في حديث خاص لصحيفة اليوم الثامن "أن السعودية يهمها تحقيق مصلحتها قبل أي شيء، فاليوم تفقدها مع هادي وتتجه نحو الحوثين لكون الحوثين أكثر سيطرة على أطراف حدودها وكذلك لإنهاء الحرب لكون الفاتورة باهظة الثمن وللأسف فاتورة لم تقدم وتخدم الشعب بل خدمت حكام فاسدين دمروا البلد".
وكان الجنوب قد حقق في الأشهر الأولى للحرب "الانتصار الوحيد" على الحوثيين، ونجحوا بإسناد القوات الإماراتية المسلحة في دفع الحوثيين حتى من مناطق شمالية، كالساحل الغربي وريف إب وتعز.
ويقول جنوبيون ان السعودية تسعى إلى تمكين الإخوان من الجنوب، كثمن لصفقة انهاء الحرب المنهكة لها اقتصاديا وسياسيا وعسكرياً، الأمر الذي يتطلب من الجنوبيين القيام بخيارات تضمن لهم الحل العادل والمستحق لقضيتهم التي تتعرض لحرب عسكرية وتحريض من بعض الأطراف الإقليمية المعادية والتي تلعب اليوم دور الوسيط بين إيران والسعودية.