قصة قصيرة..
وقار مبكر

ملكة متوجة برداء أبيض - ارشيف

كاتبة وصحافية لدى صحيفة الجمهورية المصرية ومجلة حريتي وصحيفة اليوم الثامن
إتسعت حدقة عيناها وهي تشاهدها لأول مرة ،، وفتحت فمها من فرط الدهشة ،، كانت ناصعة البياض تتلألأ في الظلام الدامس ، إختارت لنفسها مكانا في المنتصف وكأنها أبت إلا أن تكون ملكة متوجة برداءها الأبيض الذي يميزها عن مثيلاتها اللواتي فضلن الرداء الأسود ظنا منهن أنه ملك الألوان ... لم تتخيل يوما أن تراها في هذه السن الصغيرة ، فقد كانت علي قناعة تامة أن مثلها لا يقتنيها إلا الكبار ، شاهدتها كثيرا عند جدتها في أواخر أيامها ،، تذكرت إنزعاج خالتها عندما شاهدتها تنمو بشكل كبير وهي مازالت في أوائل العقد الرابع من حياتها وتذكرت حينها كيف أن الإكتئاب والخوف يتسرب إلي قلب خالتها ظنا منها أن ظهورها مرتبطا بنهاية الأجل ، وبرغم محاولات خلعها من الجذور كثيرا إلا أنها كانت في تحدي دائم معها ، وما إن تقتلع واحدة حتي تتفاجيء بظهور عشرات يتراقصن تحديا لها ، ، وهنا قررت الخالة الدخول معها في صراع من نوع آخر ، وانتقمت منها بكثرة الألوان ، حتي جعلتها أشبه بقوس قزح ، ولكن ماهي إلا شهورا وتعود لطبيعتها كما كانت ، وفي النهاية استسلمت الخالة ورفعت الراية البيضاء كانت نظرتها لها مختلفة عن باقي النساء ، وظلت في إنتظارها منذ أن دخلت عالم الأنوثه ، كان يروق لها وجودها ، وكأنها هي المفتاح السحري الذي سيجعلها تتحرر من قيود الطفولة والمراهقة ،وستتخذ ما يحلو لها من قرارات تخصها وحدها دون أدني تدخل من عائلتها ، تتنهد بسعادة بالغة الأن وهي تراها ناصعة البياض أمامها حاولت أن تمد يدها لكي تري تأثير ملمسها الحريري ولكنها ترددت خوفا من أن تدنس هذا البياض الذي تراه مقدسا ، فاكتفت بالنظر إليها خلسة من وقت لآخر ،، مرت أيام وهي تراقبها من بعيد ، وسعادتها لا توصف وهي تراها تكبر أمامها بعد أن كانت في حجم عقلة الإصبع ،، الأن هي بحجم إصبع كامل وبدأت تتمايل راقصه مع كل نسمة هواء ، الأن من الممكن أن تتحسسها وتنعم بملمسها ، وتهدهدها بأصابع يدها ، أخبرها من حولها أن ظهورها يرجع " لخضتها " مبكرا أو رعبها من شيء ، وآخرون أخبروها أنها قد تكون بسبب العوامل الوراثيه وعليها أن تبحث في تاريخ عائلتها وتري هل ظهرت لهم في سن مبكر أم لا ،، صمت أذانها عن كل هذا الهراء وابتسمت في صمت وهي فرحة بشعرتها البيضاء التي منحتها وقارا مبكرا وهي علي أعتاب عامها العشرين