فيلم "أطياف"..

"محاكمة" سينمائية لفوضى ما بعد الثورة في تونس

فيلم ”أطياف“

واشنطن

يطرح فيلم ”أطياف“ للمخرج التونسي الشاب مهدي هميلي جوانب من الحياة الاجتماعية في تونس، بتناقضاتها ومساوئها وأوجاعها وتحررها وحريتها وفوضاها بعد ثورة كانون الثاني/يناير 2011.

والفيلم الذي شارك مؤخرًا في مهرجان لوكارنو السينمائي في سويسرا، هو من تأليف وإخراج مهدي هميلي، ويشارك في بطولته نجوم تونسيون، منهم: عفاف بن محمود، وحكيم بومسعودي، وإيهاب بويحيي، وسارة حناشي، وسليم بكار، والفنانة الاستعراضية زازا في أول تجربة سينمائية لها، بينما أنجز الموسيقى التصويرية للفيلم الموسيقي التونسي أمين بوحافة.

و“أطياف“ هو إنتاج مشترك بين: تونس، و لوكسمبورغ، وفرنسا، والولايات المتحدة، وكندا، وفاز بجائزة أفضل سيناريو من المعهد الفرنسي، وحصل على جائزة منصة الجونة السينمائية في مصر لمرحلة ما بعد الإنتاج، كما حصل على دعم من المركز الوطني للسينما والصورة التونسي، وصندوق الدعم في لوكسمبورغ، ومركز السينما والصورة الفرنسي.

وتدور أحداث الفيلم في العاصمة تونس، حيث تُسجن بطلة الفيلم ”آمال“ على خلفية اتهامها بالزنا وممارسة الدعارة، وبعد إطلاق سراحها تبحث عن ابنها الوحيد لاعب كرة القدم ”مؤمن“ الذي غرق في أزقة تونس وشوارعها، مما يمكنّها من اكتشاف تونس القاع، والهامش، والتعرّف على كل الفئات والشرائح الاجتماعية، ومن ثمّة تعثر على ذاتها وتتصالح مع نفسها في مواجهة مجتمع عنيف ومتطرف.

ويقول المخرج مهدي هميلي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن فيلمه الطويل الثاني ”هو اشتغال على سينما الجسد، و قيمة الحرية بكل وجوهها، وهو أيضًا محاكمة سينمائية لفوضى ما بعد ثورة تونس 2011، وما نتج عنها من تغوّل لمنظومة الفساد، وتدهور لأوضاع البسطاء والمواطنين، وانسداد الآفاق، وضيق الأحلام“، وفق تعبيره. 

ويضيف هميلي أن الفيلم ”يركّز على رغبة الشباب في التحرر من السلطة الأبوية والدينية، وكل ذلك بالفعل يتم وراء الستائر المغلقة، فهم لا يستطيعون العيش كما يشاءون في العلن، وأردت أن أضع الكاميرا وأصوّر بالضبط ذلك وأظهره للعلن، وأقول للعالم هناك في تونس مجتمع للمثليين يُمكنك أن تعيش فيه، وهناك أيضًا أشخاص يرغبون في التحرر والعيش فيه، ولكنني أظهر أيضًا أن هناك ممارسة لتجارة الجنس، وفسادًا منتشرًا بين صفوف الشرطة، والجهاز الأمني المُسيطر بنفسه على عالم الليل ذاك“، بحسب قوله.

ويُعدّ هذا الفيلم الروائي الثاني لمهدي هميلي، بعد فيلمه ”تالة مون آمور“ (تالة حبيبتي) الذي أنتجه وأخرجه العام 2016، وشارك به في عدة مهرجانات عالمية، ويقول إن الفيلمين لهما نفس التوجه ولكن الطرح في ”أطياف“ جاء برؤية مُغايرة تختزل فوضى الثورة التونسية في أزمة امرأة تبحث عن ابنها المفقود بعد خروجها من السجن، ليغوص من خلال تسلسل الأحداث في تفاصيل وطن مفقود عصفت به المطامع السياسية والصراعات الأيديولوجية التي أهملت آمال المواطنين الحالمين بتونس أخرى أكثر عدلًا وأمنًا وكرامة، وأعرضت عن مطالب الشعب، وانهمكت في صراعات وخصومات جانبية لم تزد البلد إلا تشتتًا.

يشار إلى أن مهدي هميلي هو كاتب ومخرج أفلام تونسي، درس السينما في تونس قبل تخرّجه في المعهد العالي للسينما في باريس، وخلال إقامته هناك أخرج 3 أفلام تتناول مفاهيم الحب والمنفى: وهي “لحظة” (2009) و”ليلة” (2011) و”ليلة بدر” (2012)، ثمّ أخرج بعدها فيلمه الروائي الأول “تالة مون آمور”.