"عدن وساحل تهامة.. المناطق الأكثر استقراراً"..
تحليل: الإخوان وهادي.. كيف فشل الحلفاء في خلق نموذج دولة مستقرة
لا تزال قضية اختطاف فريق أممي في محافظة أبين، تلقي بظلالها على الوضع العسكري الهش لحكومة الرئيس اليمني المؤقت عبدربه منصور هادي، وحلفائه تنظيم الإخوان (الحاكم)، بعد أصبح عاجزا في مواجهة الحوثيين الموالين لإيران، الذين قالوا انهم حققوا مكاسب جديدة على القوات الموالية لهادي ونائبه الجنرال العجوز علي محسن الأحمر، في بلدة حرض الحدودية مع السعودية، الأمر الذي بات من الواضح ان الحكومة المدعومة سعودياً فشلت في محاربة الانقلابيين ناهيك عن تورطها بالتحالف مع التنظيمات الإرهابية المتطرفة.
ولم تكن هزيمة جبهة حرض، الأحدث في سلسلة الانتكاسات التي تتعرض لها قوات الحكومة اليمنية التي يتحكم فيها تنظيم الإخوان الحاكم منذ بعد انتفاضة 2011م، حتى كانت عملية اختطاف فريق أممي في أبين بمثابة ضربة جديدة تؤكد على هشاشة الحكومة اليمنية المؤقتة.
وكان مسلحون يعتقد انهم من تنظيم القاعدة قد قاموا بعملية إرهابية قرب بلدة «الوضيع» مسقط رأس هادي، حيث اعترضوا مركبة تقل فريق الأمن والسلامة التابع لمكتب الأمم المتحدة في عدن برئاسة آكم سوفيول، بلغاري الجنسية، إضافة إلى مسؤولين اثنين وثلاثة موظفين، والخمسة جميعهم يمنيون يعملون في مكتب الأمم المتحدة، وجرى اختطافهم ونقلهم جهة مجهولة".
وبالنظر الى حروب حكومة هادي وحلفائه المحليين في اليمن، لم تحقق القوات أي مكاسب ضد الحوثيين، على الرغم من الدعم المهول الذي تقدمه الرياض، بل على العكس تعرضت لانتكاسات طويلة، وهي انتكاسات جاءت نتيجة تقاطع مصالح تنظيم إخوان اليمن المدعوم قطريا مع الحوثيين الموالين لإيران، والتي فضحتها عملية تسليم جزء من محافظة شبوة الجنوبية في سبتمبر أيلول من العام المنصرم، وهي عملية التسليم التي دفعت القوات الجنوبية الى خوض عملية إعصار الجنوب، التي اثارت غضبا لدى حكومة هادي، الامر الذي دفع الحلفاء في مأرب الى القيام بردة فعل من خلال إيقاف تصدير الغاز الى عدن ومدن الجنوب الأخرى، وهو ما تسبب بأزمة إنسانية كبيرة لا تزال دون حلول.
وتؤكد العديد من التقارير أن الجنرال العجوز علي محسن الأحمر لا يزال يستخدم القاعدة في مواجهة خصومه الجنوبيين، وهو ما دفعه الى إعادة تفعيل تحالف قديم مع المجاهدين في الحرب التي شنها التنظيم على الجنوب في العام 2019م، واستمرت لنحو عامين، قبل ان تتوقف عقب وساطة سعودية.
والتحالف مع القاعدة كان في البداية لمحاربة الحوثيين، من خلال محاولة حكومة هادي الاستفادة من قدرات عناصر التنظيم في تنفيذ عمليات انغماسية ضد الحوثيين "الشيعة"، غير ان صعود الأحمر في العام الثاني للحرب (2016م)، غير موازين الحرب والتحالفات، فالحوثيون سرعان ما أفرجوا عن قيادات بارزة في تنظيم القاعدة من السجن المركزي في صنعاء، ضمن صفقة تبادل كبيرة تكررت لاحقا أكثر من مرة.
وعلى الرغم من بروز تنظيم انصار الشريعة (القاعدة)، الا انه بعد الحرب ضد تنظيم مفترض آخر اسمه تنظيم داعش، لكن وفق تقارير صحافية انحصرت هجماته في مدن الجنوب المحررة من الحوثيين، لكنه وجه اتهامات لتنظيم القاعدة بعدم الجدية في قتال الحوثيين.
وتقول مصادر أمنية ان التنظيمات المتطرفة تخوض قتالها وفق اجندة سياسية، وليست دينية، ولكن في نهاية المقام تؤكد مصادر سياسية جنوبية وجود ادلة على تورط حكومة هادي بالتحالف مع القاعدة في مواجهة الجنوبيين.
واظهرت منصات إعلامية جنوبية صورا زعمت انها لقيادات في تنظيم القاعدة وهي تقاتل في صف قوات الاخوان ضد الحوثيين.
وبالعودة الى قضية اختطاف الفريق الأممي، تؤكد المطالب ان الخاطفين طالبوا بإطلاق عناصر معتقلة لدى قوات مكافحة الإرهاب في عدن، الأمر الذي طرح تساؤلات حول من هي تلك الجهة التي تقف وراء عملية الاختطاف، على الرغم من ان الاتهامات تشير الى ضلوع قيادات عسكرية او على الأقل تواطؤ قوات موالية لهادي مع الخاطفين.
تؤكد مصادر عسكرية عدم وجود أي معتقلين على ذمة التنظيمات الإرهابية لدى حكومة هادي، وهو ما طرح صحافيون جنوبيون على فريق اعلامي أجنبي زار عدن مؤخراً، بل على العكس باتت الاتهامات تحاصر حكومة مأرب المحلية باحتضان التنظيمات الإرهابية والفارين من وادي حضرموت الذي حررت القوات المسلحة الإماراتية بالاعتماد على قوات محلية دربتها الشريك الفاعل في التحالف العربي الذي تقوده السعودية.
في مطلع العام 2020م، اعترف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بمقتل الأمير قاسم الريمي، الذي لقي حتفه، اثر غارة أمريكية استهدفت مزرعة كان يختبئ فيها في محافظة مأرب اليمنية المعقل الرئيس لتنظيم إخوان اليمن الممول قطرياً، وهو ما عزز الاتهامات باحتضان التنظيمات المرتبطة بالقاعدة.
والعام الماضي 2021م، قدمت صحيفة اليوم الثامن تحليلا حول "إخوان اليمن".. ومستقبل تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية، والتي شرح فيها الزميل رئيس التحرير تنظيم القاعدة ونشأته ومستقبله في ظل هيمنة اخوان اليمن على سلطات الرئيس المؤقت عبدربه منصور هادي.
لكن بالنظر الى الأطراف الأخرى التي يعتبرها تنظيم الاخوان خصما وجوديا له في الجنوب المجلس الانتقالي الجنوبي بزعامة عيدروس الزبيدي، وفي الساحل التهامي المكتب السياسي للمقاومة الوطنية اليمنية بقيادة العميد طارق صالح.
لكن ما يمكن التأكيد عليه ان تحالف حكومة هادي، مع تنظيم القاعدة او بشكل عام مع اخوان اليمن، قد قوض الشرعية اليمنية لمصلحة الحوثيين الذين تتقاطع مصالحهم مع الاخوان في الجنوب.
في الجنوب استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي تحصين الجبهة الداخلية في مواجهة التنظيمات المتطرفة والحوثيين معاً، بل ان العمليات العسكرية التي يشرف عليها المحارب المخضرم اللواء عيدروس الزبيدي، قد أربكت حلفاء هادي واصابتهم بإرباك شديد، حتى انهم حاولوا إطلاق عملية عسكرية شمال غرب صنعاء، لكن تلك العملية العسكرية فشلت في اليوم التالي من اطلاقها.
ومؤخرا فكرت السعودية التي تقود التحالف جيداً في انشاء قوات بديلة للإخوان في مأرب لمواجهة الحوثيين، لكن هذه القوات التي تتلقى تدريبات قاعدة العلم العسكرية بشبوة تعرضت لضربة صاروخية، وهو الأمر الذي قال عسكريون انه قصف يكشف التنسيق بين الاخوان والحوثيين في مواجهة أي قوة حديثة تقوض هيمنة الاخوان على الموارد في مأرب.
يخوض الجنوب معركة عسكرية مشابهة للتي يخوضها ضد الحوثيين، ويتحالف المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل واضح مع المكتب السياسي اليمني الذي يتزعمه طارق صالح في تهامة.
وهو التحالف الذي وفر بيئة صالحة لتأسيس مقاومة حقيقية للحوثيين في اليمن، على غرار مقاومة الجنوب التي لم تخسر أي معركة في مواجهة الحوثيين الموالين لإيران.
تبدو المناطق الخاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي وقوات المقاومة الوطنية اليمنية أكثر استقرارا مقارنة بالمناطق الخاضعة لحلفاء حكومة هادي، فالأخيرة فشلت في تأمين وادي حضرموت الذي بات مسرحا لعمليات قتل يومية تستهدف المدنيين من أبناء حضرموت.
وبالنظر الى الوضع الاقتصادي، قدمت حكومة هادي أسوأ نموذج في الإدارة فقد فشلت في إلزام بنوك مأرب والمهرة ووادي حضرموت في توريد الموارد الى البنك المركزي الرئيس في عدن، ناهيك عن قيامها بطباعة عملة جديدة أدت الى انهيار غير مسبوق في استعار صرف الريال اليمني امام العملات الأجنبية.
لكن يظل مضي السعودية في إيجاد خيارات بديلة لقوات الاخوان العسكرية هو الطريق السليم والاسهل في مواجهة الحوثيين، لكن هذا الطريق يظل محفوف بالمخاطر فيما اذا اتيحت للإخوان فرصة لنسف هذا التوجه، خاصة وان اطراف الحكومة اليمنية المقيمة في الرياض، تحظى بدعم من تيار اللجنة الخاصة التي يتحكم فيها اخوان السعودية، لكن تظل المسألة مرتبطة بجدية السعودية في مواجهة الحوثيين ولكن بشرط إزاحة الاخوان او تجاوزهم بتقوية حلفاء أخرين بعيدين عن التنظيم الذي اصبح مثار سخط واسع في اليمن والجنوب.