بعد أن عاشت حالة انسداد طيلة الشهور الماضية..

الكويت تدخل حالة من الفراغ السياسي على مستوى مؤسسات الحكم

أدت التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت إلى إعاقة عمل الحكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في الـ5 من كانون الأول/ ديسمبر 2020، تم على إثرها تقديم الحكومة استقالتها في 3 مناسبات.

الكويت

بإعلان ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح الأربعاء حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات عامة، تكون الكويت قد دخلت حالة من الفراغ السياسي على مستوى مؤسسات الحكم بعد أن عاشت حالة انسداد طيلة الشهور الماضية.
ويتولى ولي العهد صلاحيات واسعة منذ الـ 10 من أيار/ مايو بعد أن صدر أمر أميري فوضه بمعظم صلاحياته وتكليفه بتصريف العاجل من الأمور.
وأدت التوترات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت إلى إعاقة عمل الحكومة منذ الانتخابات البرلمانية التي جرت في الـ5 من كانون الأول/  ديسمبر 2020، تم على إثرها تقديم الحكومة استقالتها في 3 مناسبات.
وانتقد الشيخ مشعل الأحمد "تدخل التشريعية في عمل التنفيذية وتخلي التنفيذية عن القيام بدورها المطلوب منها بالشكل الصحيح وعدم التزام البعض بالقسم العظيم الذي تعهّد به على نفسه بالعمل على تحقيق الاستقرار السياسي وتكريس خدمته للوطن والمواطنين".
وزادت تحركات المعارضة داخل البرلمان في تعميق أزمة البلاد السياسية التي طلبت استجواب رئيس الوزراء مما دفع بالحكومة للاستقالة.
وعقب استقالة الحكومة واستمرار حالة الانسداد السياسي طُرحت مسألة حل البرلمان التي علق عليها المحلل السياسي ناصر العبدلي في تصريح لرويترز بالقول إن "حل البرلمان لن يكون مجديا لأنه قد يأتي بمعارضة أقوى من المعارضة الحالية، مشيرا إلى أن "المسألة تحتاج إلى تسوية داخل الأجنحة المختلفة في الأسرة الحاكمة".
 

وإزاء تأخر تشكيل حكومة جديدة لأكثر من شهرين، نفذ نواب المعارضة الذين يشكلون قرابة ثلث أعضاء المجلس، اعتصاما داخل مبنى البرلمان مطالبين "بإنفاذ تشكيل حكومي والعودة للحياة السياسية الطبيعية، والدعوة إلى عدم تعطيل أحكام الدستور".
وهي التهم التي حاول ولي العهد نفيها في كلمته حين قال "لن نحيد عن الدستور ولن نقوم بتعديله أو تعطيله".
وشدد رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية أحمد الجار الله على أن بلاده "تعيش أزمة فراغ سياسي". 
وكتب الجار الله في الصحيفة مقالة ذكر فيها أنه "للمرة الأولى في تاريخ الكويت، ليس منذ الاستقلال، بل منذ 400 عام، تشهد البلاد أزمة فراغ على المستويات كافة، فلا السلطة التنفيذية تعمل، ولا مجلس الأمة يمارس دوره، بينما الأصوات تتعالى من كل حدب وصوب مطالبة بالحسم".
وأكد الجار الله على أن الحل يكمن في "الذهاب إلى انتخابات نيابية مبكرة وفقا لما تطالب به الغالبية الشعبية التي أتت بالنواب الحاليين، لكن أملها خاب من ممارساتهم، أو تكليف شخصية جديدة لتأليف حكومة فاعلة، وإنهاء حال الجمود التي تعانيها الكويت منذ ثلاث سنوات".
وبلهجة لا تخلو من الحسرة أضاف قائلا "ما يجري حالياً في الكويت يوحي بأنها متروكة لمصيرها".
وفي أيار/ مايو الماضي عنونت صحيفة القبس إحدى افتتاحياتها قائلة إن "الكويت ليست بخير" و"تسير نحو المجهول بسبب الفراغ الحكومي الذي شل المؤسسات التنفيذية وعطل المشاريع بكافة القطاعات الاقتصادية والتنموية".
ولئن يتفق الكثير من المتابعين على أن الكويت تمر اليوم بمرحلة فراغ مؤسساتي، فقد وصف الكاتب الصحفي ناجي الزيد منذ آذار/ مارس من العام الماضي في مقال نشره بموقع الجريدة الكويتية الوضع في الكويت بـ"الفراغ السياسي والاجتماعي من النوع الذي لا يمكن تفسيره، وليس هناك عذر أبدا في عدم وجود حلول لملء هذا الفراغ".
 

ورغم أنه لم يتم حل البرلمان بعد في تلك الفترة فإن الزيد يرى أن الحكومة والبرلمان منشغلان بالمشاحنات والمناكفات بينما "يعيش الكويتيون ويمارسون حياتهم اليومية دون حكومة، ودون مجلس أمة، ولم يلاحظوا الفرق".
ويرى متابعون للشأن الكويتي أنه من الوارد إعادة إنتاج نفس الأزمة ما لم تتغير القواعد التي أتاحت للمجلس التغول وتعطيل الأداء الحكومي. 
ويتمتع البرلمان الكويتي بنفوذ أكبر مما يحظى به أي مجلس مماثل في دول الخليج العربية الأخرى، ويشمل ذلك سلطة إقرار القوانين ومنع صدورها، واستجواب رئيس الوزراء والوزراء، والاقتراع على حجب الثقة عن كبار مسؤولي الحكومة.
بينما ينتقد مراقبون تخلّف الكويت عن السباق نحو إنجاز المشاريع الضخمة واستقطاب كبرى الشركات العالمية لتطوير البلاد وتحقيق مزيد من الرفاه لشعبها على غرار مثيلاتها من دول الخليج، منشغلة عن كل ذلك بالمناكفات السياسية والاستجوابات والاستقالات.
وتعرض المجلس الذي تأسس عام 1963 إلى الحل في مناسبات عديدة كان أولها عام 1976 بعد تعاظم دور القوى السياسية المطالبة بالإصلاحات، وآخرها عام 2016 على خلفية تواتر الاستجوابات التي استهدف مجلس الأمة من خلالها مجموعة من الوزراء.
ويقتضي دستور الكويت إجراء انتخابات مبكرة في حال حل البرلمان في أجل لا يتجاوز الشهرين، وإلا فإن المجلس المنحل يعود لممارسة صلاحياته كاملة.
وتوعد ولي العهد بأخذ إجراءات ثقيلة الوطأة في ما لو عادت الأمور السياسية إلى التأزم من جديد بعد الانتخابات المقبلة.