"قواسم مشتركة"..

"الحوثيون وإخوان اليمن".. ما هي عوامل عودة التنظيمات المتطرفة إلى الجنوب؟

"العملية الانتحارية التي أعلن عنها داعش في منطقة عفار بمديرية الملاجم، التي تسيطر عليها الحوثيون، ما هي إلا توفير ذريعة للمليشيات لبدء تصعيد عسكري في مناطق لا تسيطر عليها في الجنوب"

مركبة عسكرية تابعة للقوات الأمنية الجنوبية في العاصمة عدن - أرشيف

عدن

 قال تنظيم مفترض في اليمن إنه نفذ عملية انتحارية ضد ميليشيات الحوثي في محافظة البيضاء، لمصلحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، الأمر الذي دفع وسائل إعلام إقليمية من بينها منصة "السياق"، الى التأكيد ان هذا الإعلان من قبض التنظيمات المتطرفة التي توارت خلال السنوات الماضية، هي إلا توفير ذريعة للمليشيات لبدء تصعيد عسكري في مناطق لا تسيطر عليها في الجنوب.

 وقالت المنصة الالكترونية "إن إعلان تنظيم داعش الإرهابي في اليمن، عن تنفيذ هجوم على موكب لقيادات حوثية بمحافظة البيضاء، اثار العديد من التساؤلات عن استئناف التنظيم أنشطته مرة أخرى، وتحديدًا في هذه المحافظة التي تتمتع بوجود إخواني كبير.

الهجوم الإرهابي، الذي قال التنظيم إنه استهدف حافلة لقيادات حوثية في مديرية ملاجم بالمحافظة، هو الأول منذ يوليو 2021، ما يشير إلى ارتباط بحالة الجمود العسكري بين قوات مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين، ومحاولات استئناف العملية السلمية.

 

ذريعة لهجوم حوثي

 

وقال المحلل السياسي، الكاتب اليمني عاصم الصبري، بعد السيطرة على العاصمة صنعاء من قِبل مليشيا الحوثي، حاول التنظيم النزول إلى المحافظات الوسطى والجنوبية، ورغم أن هناك رفضًا شعبيًا له، فإنه دخلها بزعم محاربة الإرهاب.

 

وبحسب الصبري، فقد اتخذ الحوثي عملية انتحارية نفذها تنظيم داعش في مسجدين بصنعاء أثناء صلاة الجمعة، ذريعة للهجوم على محافظات الوسط والجنوب، بعد إيهام الرأي العام بأنه يحارب التنظيمات الإرهابية.

ولفت المحلل السياسي اليمني إلى أن تنظيم داعش لم يكن موجودًا في اليمن قبل استهداف المسجدين في صنعاء، بل إن التنظيم الإرهابي لم تكن له حاضنه شعبيه لدى أي من الشباب اليمني، ما يشير إلى ثمة تنسيق وتعاون بين الحوثيين وداعش لتنفيذ أجندة المليشيات الانقلابية.

وشدد الصبري على أن لديه معلومات من مصادر متطابقة، أكدت أن تنظيم داعش في اليمن يدار من قِبل ما يسمى "الأمن القومي" التابع لمليشيات الحوثي في صنعاء، وكل العمليات التي نفذها التنظيم في المحافظات الجنوبية والوسطى كانت لخدمة أجندة الحوثي.

وأوضح أن أولى عمليات داعش في عدن عام 2015، استهدفت "فندق القصر" الذي كانت تسكن فيه الحكومة اليمنية، وتم استهدافها حتى تغادر عدن، وهو الهجوم الذي نفت الخارجية الأمريكية وقتها أن يكون مرتبطًا بتنظيم داعش.

وأكد المحلل السياسي اليمني، أن هناك معلومات مؤكدة لوجود شبكات تهريب ترسل مسلحي داعش خارج اليمن إلى مناطق سيطرة الحوثيين في محافظة البيضاء، بل إن المليشيات الانقلابية منحتهم مساحة لحرية العمل.

ويرى الصبري أن العملية الانتحارية التي أعلن عنها داعش في منطقة عفار بمديرية الملاجم، التي تسيطر عليها الحوثيون، ما هي إلا توفير ذريعة للمليشيات لبدء تصعيد عسكري في مناطق لا تسيطر عليها، سواء في البيضاء أم مأرب أم شبوة، لمحاربة الإرهاب، وهو المبرر الذي تستخدمه لتبرير قتل اليمنيين.

 

ثلاثية الإرهاب

وأكد صالح أبوعوذل رئيس مؤسسة اليوم الثامن للإعلام والدراسات، أن طبيعة العلاقات المتشابكة بين الحوثيين وحلفائهم من الإخوان والتنظيمات الإرهابية، دائمًا ما تطرح فرضية عودة داعش والقاعدة للمشهد اليمني.

وأشار أبو عوذل إلى أن هناك عوامل عدة لعودة التنظيمات المتطرفة إلى اليمن، في الوسط والجنوب تحديدًا، منها تسليم محافظة شبوة الغنية بالثروات النفطية لتنظيم الإخوان في أغسطس 2019، وانسحاب قوات النخبة المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي، التي نجحت في طرد القاعدة من مواقع عدة، منها ما تسمى "إمارة عزان".

ويلفت إلى التحالفات بين الحوثيين وتنظيم القاعدة، موضحًا أن مليشيات الحوثي شنت هجمات ضارية في الوسط والجنوب بزعم محاربة القاعدة وداعش، لكن في واقع الأمر كان هذا التحرك للتغطية على دعم تنظيم القاعدة في تعزيز مواقعه ببلدة يكلا الواقعة بين محافظتي مأرب وذمار.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة نفذت عملية عسكرية واسعة شاركت فيها فرقة من الكوماندوز، وقُتل في تلك العملية أمير التنظيم ويدعى عبدالرؤوف الذهب، لكنها أسفرت عن قتل نساء وأطفال بينهم "نورة (8 أعوام) ابنة زعيم القاعدة الراحل الأمريكي أنور العولقي".

وتابع أنه في أغسطس 2019، قبل أيام من معركة شبوة، أطلق الحوثيون في صنعاء سراح قيادات بارزة في تنظيم القاعدة، بعضهم مضى على اعتقاله أكثر من 20 عاماً، وقد أكد المجلس الانتقالي الجنوبي حينها أن أمراء القاعدة المفرج عنهم شاركوا في القتال إلى جانب تشكيلات إخوان اليمن المسلحة، التي اجتاحت شبوة وأجزاء من أبين.

وينوه أبو عوذل إلى أنه في أكتوبر من العام الماضي، تعرضت عدن لهجمات انتحارية، كانت الأولى تستهدف محافظ العاصمة ورئيس اللجنة الأمنية أحمد حامد لملس، والثانية استهدفت بوابة مطار عدن الدولي، والثالثة تفجير مركبة خاصة بالصحفي محمود العتمي وقتل زوجته الصحفية رشا الحرازي.

وأشار أبوعوذل إلى أن التحقيقات كشفت عن تعاون بين الحوثيين والإخوان في تنفيذ تلك الهجمات، حيث أظهرت وحدة مكافحة الإرهاب في عدن، التي يرأسها الجنرال العسكري شلال علي شائع، ورود اسم قائد عسكري في إخوان اليمن يدعى أمجد خالد فرحان، بصفته المدبر الأول لتلك العمليات العسكرية، بالتعاون مع الحوثيين الذين يسيطرون على شبكة الاتصالات المحلية في اليمن.

ومؤخرًا تعرض الجنرال العسكري صالح السيد، قائد قوات الحزام الأمني وأركان القوات البرية الجنوبية، لثاني محاولة اغتيال خلال أقل من شهرين، لكنه نجأ بأعجوبة، وأشار بالاتهام إلى القاعدة وداعش، وهو المطلوب رقم 1 لدى الإخوان والحوثيين، بحسب أبوعوذل.

وفي الأخير، يرى الكاتب اليمني أن نتائج التحقيقات الصادرة عن وحدة مكافحة الإرهاب في عدن، تؤكد أن التنظيمات المتطرفة في اليمن ما هي إلا أجنحة مسلحة لـ"الحوثيين والإخوان"، وما يعزز ذلك أن تلك التنظيمات تستهدف قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، الخصم الأوحد لهما.

 

موجة إرهاب جديدة

من جانبه، يرى وليد الإبارة، الخبير الاستراتيجي اليمني في تصريحات لـ«السياق»، أن وجود وتأثير تنظيم داعش في اليمن مازال هامشيا.

ويستدل الإبارة على رأيه، بفشل التنظيم في اختراق البنى القبلية والاجتماعية، وهو ما يؤكد أنه لا وجود لحاضنة شعبيه له، كما لم يثبت -حتى اللحظة- وجود يمنيين في بنية التنظيم العالمي لداعش.

ويؤكد الخبير الاستراتيجي اليمني أنه في ظل فشل داعش في إيجاد بيئة حاضنة له، لجأ مسلحوه للتعاون مع الحوثيين لتسهيل تحركات التنظيم، مقابل التعاون بينهما.

ورأى أن إعلان التنظيم استهداف قيادي حوثي "محاولة بائسة للتمويه"، ولا يستبعد أن يكون الإعلان مقدمة لموجة جديدة من الأعمال الإرهابية، التي ينوي كلاهما تنفيذها ضد أهداف تابعة للشرعية، وهو ما يجب التنبه له.

ويرى الإبارة أيضاً أن هذا الإعلان، رسالة موجهة بدرجة رئيسة للغرب والاتحاد الأوروبي تحديدًا، إذ طالما رأت دول أوروبا باستثناء فرنسا، مليشيات الحوثي لها دور غير مباشر في محاربة الارهاب، وهو ما أدى إلى الحيلولة دون تصنيفهم جماعة إرهابية.

ولكن، والحديث للخبير الاستراتيجي اليمني، أحدثت الحرب الروسية الأوكرانية تغيرًا جيواستراتيجي في الموقف الأوروبي من الحرب اليمنية، إذ جرى الدفع بوتيرة إعادة ترميم العلاقات الأوربية الخليجية، التي أثمرت اتفاقية تعاون استراتيجي بينهما، ما دفع بالحوثيين إلى إعادة تذكير الأوروبيين بقدرتهم على احتواء خطر داعش.

ويؤكد الإبارة أن أوروبا مقتنعة بأن الحوثيين وكلاء إيران لتقويض الأمن والسلم الإقليمي، وأن استحالة هزيمة تنظيم إرهابي بتنظيم إرهابي آخر، وهي تلك الاستراتيجية التي أثبتت فشلها الذريع.