خاطرة..
العراق.. بين ملجأ العامرية وبلد المليون شهيد
"انا واثقة من انكِ سوف تحققين امنيتكِ ذات يوم وتزورين بلاد الرافدين وتزورين اثارها فأجمل شيء في هذه الارض ماضيها"
يقول أحمد شوقي (وما شهداء الحرب إلا عمادها .. وإن شيد الأحياء فيها وطنبوا) ..
قالت لي من اي بلد انتِ قلتُ لها من بلاد الرافدين
قالت: عشقتُ العراق منذ الطفولة ودائماً حلمتُ بزيارته
فقلت لها : انا واثقة من انكِ سوف تحققين امنيتكِ ذات يوم وتزورين بلاد الرافدين وتزورين اثارها فأجمل شيء في هذه الارض ماضيها ، نحن نملكُ ماضٍ عظيم نتباهى به منذُ الآف السنين، ثم أردفتُ : وانا ايضاً احلم بزيارة الجزائر العظيمة .
سادَ صمتٌ بيننا ثم قالت : عشقت العراق من صغري فقد كنت طفلة أبلغ من العمر 7 سنوات عندما شاهدتُ خبر قصف ملجأ العامرية تأثرت جداً وبكيت كثيراً وانا اسمع اهلي يتحدثون بآثار هذا العدوان على الابرياء والنساء والأطفال ، اكثر من ٤٠٠ مدني قتلوا في هذا القصف الغير مبرر على الملجأ ، حادثة بشعة
راح ضحيتها خمسون طفلاً رضيعاً ، لم استطع يومها النوم وبكيتُ كثيراً بقلب طفلة لم تبارح خيالها صورة الأطفال وهم يحترقون في ذلك الفجر الحزين 1991/2/13
.وبقلب تلك الطفلة قررتُ بعد ذلك اليوم ان اجمع مصروفي المدرسي لإنقاذ اطفال العراق ، ثم ظهر على وجهها شبح ابتسامة حزينة وقال ( تخيلت يومها ان مصروفي قد يكفي كل اطفال العراق) .
تخيل عزيزي القارئ تخيل روعة هذا الحوار ، طفلة جزائرية من بلد المليون شهيد ، هذا البلد العربي الذي اعطى مليون شهيد ثمناً لطرد الفرنسيين من ارضه الطاهرة الزكية ، مااعظم هذا البلد ومااجمل براءة الأطفال ، كم احببتُ تلك اللحظة التي اخبرتني بها تلك الصديقة الجزائرية العزيزة إنها كانت تجمع مصروفها المدرسي لكي تساعد فيه اطفال العراق
قلت لها : كما يقول المصريون ( عمر الدم ميبقى مي) يااختي الحبيبة لقد وصلنا الآن ماهو اغلى من المال ، هذه المشاعر الطفولية النبيلة اغلى من المال عند اهل العراق، وفي تلك اللحظة افاقت هذه الصحفية ذات القلب الطفولي الرائع من ذكريات الماضي وقالت لي : آسفة لأني شغلتك بهذه الذكريات ، ابتسمت في تلك اللحظة وانا اعدُ نفسي ان اكتب كل كلمة شعرتُ فيها بحنوها ودفئها ، ان انقل لكم مشاعر طفلة جزائرية كانت تدخر مصروفها في سنة 1991 لتساعد به اطفال العراق ، ياعزيزتي ان كان مصروفك لن يكفي لمساعدة كل هؤلاء الاطفال لكن صدق مشاعرك يشعر بها حالياً كل عراقي قارئ لهذه السطور ، مهما بعدت المسافات يبقى الأخ أخ وتبقى الجزائر بلد المليون شهيد أختً للعراق.