نظمها اتحاد أدباء وكتاب الجنوب ومجلة فنار عدن الثقافية..

"نصف قرن من الصحافة الثقافية في الجنوب".. حلقة نقاشية في العاصمة عدن

"الصحافة عامة والثقافية منها خاصة، لها دور مهم، عبر حقب التاريخ، وهي المدرسة الأولى لممارسة الكتابة أكثر من المدارس وكليات الجامعات، فممارسة الكتابة ثقافة تنمي التذوق الفني والرؤية النقدية وتساعد على النقاش بالشأن الثقافي المتخصص وتطور العمل المؤسسي الثقافي"

الصحافة كانت رائدة في تاريخ الجنوب من أزمنة بعيدة وشكلت ريادة على مستوى الجزيرة العربية والعالم العربي

علاء حنش
صحافي وكاتب جنوبي
عدن

نظم اتحاد أدباء وكتاب الجنوب ومجلة فنار عدن الثقافية، وبرعاية من المجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأحد 4 سبتمبر 2022م حلقة نقاشية بعنوان "نصف قرن من الصحافة الثقافية في الجنوب 1940-1990"، بمركز التدريب والتأهيل التابع للهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي في العاصمة الجنوبية عدن.

واُستهلت حلقة النقاش بكلمة رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب الدكتور جنيد محمد الجنيد، الذي رحب بالحضور، مؤكدًا على الأهمية والدور الذي تمثله الصحافة الثقافية في حياة المجتمع من وظائف متعددة ورسائل متنوعة وفق الأجندة التي تتبناها هذه المنافذ الحيوية وتسعى لتعميمها ونشرها من خلال رسالتها التي تستهدف شرائح المجتمع كافة، وبما يتلاءم ومستويات الثقافة والإدراك والفهم"، مُشيرًا إلى أن: "للصحافة الثقافية خصوصية تتركز على نوع الحدث الذي تهتم به، وهي أحداث نخبوية محورها الآداب والفنون والتراث وغيرها".

وقال: "الصحافة عامة والثقافية منها خاصة، لها دور مهم، عبر حقب التاريخ، وهي المدرسة الأولى لممارسة الكتابة أكثر من المدارس وكليات الجامعات، فممارسة الكتابة ثقافة تنمي التذوق الفني والرؤية النقدية وتساعد على النقاش بالشأن الثقافي المتخصص وتطور العمل المؤسسي الثقافي".

وأكد أن الصحافة كانت رائدة في تاريخ الجنوب من أزمنة بعيدة وشكلت ريادة على مستوى الجزيرة العربية والعالم العربي، أنجز فيها الرواد الجنوبيون الأوائل في داخل الوطن والمهاجر التي استوطنوها كثير من الرسائل الصحفية الثقافية الإبداعية، واستطاعوا أن ينسجوا وعي هذه المجتمعات بكل نواميس الحضارة وصفحات المدنية العابقة بسحر الكلمة وفن اللوحة وجمالية الصورة الفوتوغرافية، وبهاء الشاشة الفضية لتلفزيون عدن الأول في الجزيرة العربية والثالث على مستوى الوطن العربي، وطلاوة الأثير لإذاعة عدن وشقيقاتها في محافظات الجنوب كافة، والتي رسخت مداميك الهوية الجنوبية الخالدة".

وأشار إلى أن الحلقة تهدف لرصد وعرض وتحليل وتقييم الإنتاج الثقافي بكل أبعاده وصوره وأشكاله، ومتابعة السـاحة الثقافية ورصد الحدث الثقافي بكل تجلياته وإيصاله للمتلقي عن طريق الصحافة، والعمل على رفع سقف المساهمة والمنافسة على الجودة النوعية واحتراف الكلمة والإبداع المهني بالصحافة، وكذا الإفادة من الإرث الثقافي لمرحلة الرواد في صحافتنا الثقافية وتقصي سيرهم وإبداعاتهم.

بدوره، ألقى عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، والمتحدث الرسمي للمجلس، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي الأستاذ علي الكثيري كلمة نقل خلالها تحايا الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، مُستعرضًا الارتباط المهم بين الثقافة والصحافة والصراع الثقافي بما يتم ممارسته في هذا السياق.

وأكد على ضرورة تواجد موسوعة ثقافية لدى الإعلاميين وتقديم كل ما هو أفضل بهذا الشأن، حاثًا جميع الرواد والمشاركين بمضاعفة الجهود في تقديم الثقافة والهوية الجنوبية وتاريخها التي تعرضت للتغييب من قبل أعداء الجنوب منذ ما بعد حرب صيف 1994م وتقديم كل ما يلزم في هذه الجبهة التي لا تقل أهمية عن الجبهات الأخرى.

تفاصيل كاملة لحلقة نقاش

بعدها، بدأت مجريات حلقة النقاش التي حضرها عضو هيئة رئاسة المجلس العميد طيار ناصر السعدي، وممثل الشؤون الخارجية للمجلس الانتقالي بإثيوبيا والاتحاد الافريقي السفير قاسم عسكر جبران، ورئيس الدائرة الإعلامية بالأمانة العامة د.باسم منصور، وعددًا من الدكاترة والأساتذة والكُتاب الجنوبيون، حيث قدم نخبة من أدباء الجنوب سبع أوراق تناولت بالتحليل الصفحات الثقافية في عشر من الصحف الأهلية والحكومية التي صدرت في مدن الجنوب منذ 1939م إلى 1990م.

وبدأت الورشة بورقة رئيس تحرير مجلة (فنار عدن الثقافية) أ.د.مسعود عمشوش المعنونة بـ"الصفحات الثقافية في (14 أكتوبر) و(الثوري) من 1985 إلى 1990"، أكد فيها أن: "الصحافة في الجنوب، لاسيما في مدينة عدن، حظيت باهتمام كبير من قبل الدارسين والباحثين بسبب ظهورها المبكر منذ منتصف القرن التاسع عشر، لكن معظم الكتب والدراسات التي تناولتها اختارت في الغالب التوقف عند 1967م، واكتفت تلك الدراسات القليلة بحصر الصحف والمجلات وتصنيفها، ولم تتعمق في النظر بالمواد التي بلورتها تلك الصحف والمجلات"، مُشيدًا بما كتبه محمد عمر بحاح ونجيب مقبل حول بعض الكتاب الذين أسهموا في كتابة خلال تلك الفترة، وعلاقتهما بهم.

وقال: "ومثل معظم الصحف بالعالم، لم تغلق الصحف في الجنوب نفسها في نشر الأخبار والمتابعات اليومية، بل تضمنت موادا اجتماعية وسياسية وثقافية ورياضية".

وتحدث عمشوش بالتفصيل على الصفحات الثقافية في صحيفتي (الثوري) و(14 أكتوبر)، وما نشرتاه من مواد ثقافية وأدبية في الفترة من 1985 إلى 1989م بالنسبة لـ(الثوري)، و1990 بالنسبة لـ(14 أكتوبر).

وذكر أبرز الكتاب الذين أسهموا في تحرير المواد الثقافية في (الثوري) و(14 أكتوبر) منذ تأسيسهما وحتى نهاية 1990م، مؤكدًا أن: "مدينتي عدن والمكلا قد شهدتا نشاطا كبيرا في مجال الصحافة العربية قبل الاستقلال، وبعد الاستقلال تمَّ إغلاق جميع الصحف الأهلية التي كانت تصدر فيهما، والتحق بعض الصحفيين الذين كانوا يكتبون في تلك الصحف الأهلية".

وأشار إلى أن الأعداد الأولى من الصحيفتين كانت تنشر كثيرا من المقالات دون ذكر اسم الكاتب؛ وقبل نهاية 1974، برزت في صحيفة (الثوري) أسماء لها حضور كثيف، مؤكدًا انه لم يكن معظم المساهمين بالكتابة الثقافية للصحيفتين حينها من الصحفيين المحترفين، بل كانوا من المثقفين، بالمعنى الواسع لكلمة مثقف، مشيرًا إلى أن: "من كتب في المجال الثقافي بالصحيفتين هم في الغالب أقلام موهوبة صقلتها ممارسة الكتابة في الصحيفتين".

وتطرق عمشوش إلى المساهمون العرب في صحيفتي (الثوري) و(14 أكتوبر)، الذين ساهموا في الكتابة في (الثوري و14 أكتوبر)، ومشاركة بعضهم في إدارة الصحيفتين.

وتحدث عمشوش بالتفصيل عما جاء في الصفحات الثقافية في صحيفة (الثوري) من 1985-1989م، إلى جانب ما جاء في الصفحات الثقافية في صحيفة (14 أكتوبر) في 1990م.

بعدها، استعرض رئيس قطاع التدريب والتأهيل بالمجلس الانتقالي الجنوبي د.عبد الله الحو في ورقته المعنونة بـ"المعالجة الصحفية للشئون الثقافية في صحيفة (الطليعة) الحضرمية"، أهم ملامح تغطية الشؤون الثقافية في الصحافة الحضرمية الأسبوعية في خمسينيات وستينيات القرن العشرين من خلال تحليل مضمون صحيفة "الطليعة" الحضرمية الصادرة خلال 1959-1967م.

وأكد أن الورقة تهدف لتحديد اهتمام الصحافة بالقضايا والشؤون الثقافية وخصائص المعالجة الصحفية لها، وصولا إلى التعرف إلى السياسات التحريرية التي تتبعها الصحف الحضرمية نحو الشؤون الثقافية.

وتطرق إلى بداية نشأت صحيفة "الطليعة"، وكيف كانت بدايتها، وهدفها في نشر الوعي بالمجتمع والإرشاد والإصلاح، ومساهمة كتاب من الوطن وإندونيسيا والقرن الافريقي.

وأشار إلى أن "الطليعة" تُعد أول صحيفة صدرت في حضرموت بالطباعة والتبويب الحديث، وكان الصحفي والأديب والمؤرخ أحمد عوض باوزير رئيس تحريرها ومدير تحريرها والمصحح والمخرج وكل شيء بالصحيفة.

وأكد "الطليعة" الحضرمية مثلت في ذلك الوقت أضافة جديدة ونقلة نوعية في العمل الصحفي بحضرموت خصوصا والمنطقة بشكل عام"، مشيرًا إلى انه: "ورغم الامكانيات الشحيحة والقيود المفروضة من قبل سلطات ذلك العهد، فقد كانت "الطليعة" من الصحف الأسبوعية، التي استطاعت أن تحقق معايير منضبطة ومتميزة أهلتها لاحتلال مواقع الصدارة، كواحدة من الصحف التي كانت تصدر بحضرموت.

ونوه بأن: "القيم المهنية هي التي حكمت الأداء المهني للطليعة، النابعة من تلبيتها لاحتياجات القراء وتحقيقها للسبق والانفراد ببعض الأخبار، واعتمادها على عدد من الصحفيين والكتاب المتميزين، وقد تميزت الطليعة باتباعها لنمط الثقافة البناءة، التي ترتكز على سعي الصحيفة نحو تحقيق السبق الصحفي دون الإخلال بمعايير الصدق والأمانة والنزاهة، وتشجيع الكتاب والصحفيين على طرح أفكارهم لتطوير العمل الصحفي وتشجيع المبدعين".

وأكد أن: "الطليعة حاولت خلال مسيرة الـ(8) سنوات من العمل الصحفي والثقافي الدفع بالمثقفين أو الطليعة الواعية للاندماج بحركة المجتمع والسعي لتغييره وتطويره.

وأشار إلى أن "الطليعة" كانت بمثابة المرآة، التي عكست صوت الناس، وعبرت عن همومهم، وسجلت آمالهم، وحملت المشروع الذي تطلعت إليه النخبة الواعية لدورها في بناء المجتمع الجديد المزدهر، والمستقر، والحر.

وتحدث الحو بالتفصيل عما جاء في صحيفة الطليعة الحضرمية، ووجود اهتمام كمي بالشؤون الثقافية.

بدوره، استعرض د.محمد علي ردمان ورقته المعنونة بـ"الدور الريادي لعبد الله باذيب في مسار الصحافة الثقافية".

وتحدث عن نشأة باذيب، وبداية مشواره المُبكر مع الكتابة، وتوليه مهمة رئاسة مجلة (المستقبل)، والذي كان يكتب فيها تحت اسم مستعار.

وأشار إلى الدور النهضوي والتنويري لباذيب ومساهماته الريادية في إرساء أسس الصحافة الثقافية والأدبية، وذلك من خلال تقييم الدور الذي قامت به مجلة (المستقبل) في الحياة الثقافية.

واستعرض ردمان بالتفصيل الأبواب التي كانت يكتبها باذيب في مجلة (المستقبل)، مشيرًا إلى أن باذيب استمر في الكتابة بمجلة (المستقبل) حتى عام 1950م، وهو العام الذي اغلقت فيه المجلة، وتوقفت عن الصدور.

وتحدث عن فترة الخمسينيات لعبد الله باذيب وتنوع اهتماماته في الكتابة، مؤكدًا أن باذيب برز بعد الاستقلال الوطني عام 1967م كأحد القادة السياسيين البارزين في الدولة الجنوبية.

أما الأديب أ.نجيب مقبل فتحدث في ورقته المعنونة بـ"صحيفة (14 أكتوبر) ثقافياً.. رؤية من الداخل" عن البدايات الأولى لتأسيس صحيفة 14 اكتوبر الرسمية التي تأسست في 19 يناير 1968م، أي بعد (50) يوما من نيل الاستقلال الوطني في الجنوب، حيث يعود شرف تأسيسها للسياسي القيادي في تنظيم الجبهة القومية الراحل عبدالباري قاسم.

وأكد تأسيس الصحيفة لم يقم بنيانه على عقل سياسي محض بل على قيادة مثقفة وكان رئيس تحريرها اديبا وقاصا، وربما انعكس هذا على مجرى تشكيل صفحات الصحيفة ومنها التميز بإصدار الصفحة الثقافية من اول ايام التأسيس، مشيرًا إلى أن:" صحيفة 14 اكتوبر تعتبر الصحيفة الرسمية الأولى التي كانت الصفحة الثقافية من الصفحات الثابتة في الإصدار، بل ان إصدارها كان بصورة يومية".
وأشار إلى ان:" مشاركة عدد من المثقفين العرب في إدارة الصحيفة في أيامها الأولى، ودخول عدد من المثقفين المحليين في هيئة تحرير الصحيفة ساهم في تكوين هذه القناعة بأهمية نشر الصفحة الثقافية اليومية في صحيفة 14 اكتوبر".

وقال في ختام ورقته: "لا أستطيع أن أوفي المرحلة منذ تأسيس الصحيفة عام 1968 حتى العام 1977 وهو العام الذي ارتبطت فيه بهذه الصحيفة ارتباطا مهنيا أستطيع فيه الحديث عنه بكل سلاسة عكس المرحلة السابقة لهذا لعدم توفر المعلومات أو التوثيق الذي يسمح بالحديث عنها".

بعدها، تحدث د.سعيد محمود بايونس في ورقته المعنونة بـ"الأغنية الجنوبية في الصحافة الثقافية، مجلة (الفنون) أنموذجا"، عن أهمية صدور مجلة الفنون في فبراير 1980م، بعد توقف المجلات الفنية التي كانت تصدر قبل الاستقلال، والتي كان الجنوب بحاجة إلى صحافة ثقافية تعكس الحراك الثقافي في مجالاته جميعًا.

وأشار إلى الدور الذي اسهمت فيه المجلة في إبراز الحركة الفنية الجنوبية وخاصة الأغنية الجنوبية.

وأكد أن مجلة الفنون اسهمت في أبراز الأغنية الجنوبية من خلال إبراز المبدعين، وإبراز السمات الفنية للمبدعين.

وتحدث بايونس عن ابرز مشكلات المبدعين حينها، وكذا ابراز الأغنية الجنوبية في المهجر، وإسهامات مجلة الفنون في الدفاع عن الأغنية الجنوبية، ودفاعها عن جيل العمالقة، وعن المواهب الصاعدة، وعن الحقوق المادية للفنانين، ورفع التعتيم الإعلامي عن الفنانين.

وعدد اسهامات مجلة الفنون في تكوين ثقافة موسيقية، وتعودها على نشر كلمات الأغنيات مع الشاعر والملحن والمغني، مؤكدًا أن مجلة الفنون اسهمت في تطوير دور الأغنية الجنوبية.

وقبل الختام، استعرض أ.د.سالم السلفي ورقته المعنونة بـ"الصفحة الثقافية في صحيفة (صوت الجنوب)، أعداد 1962م".

وقال أن: "صحيفة "صوت الجنوب" أصدرتها وزارة الداخلية لحكومة الاتحاد الفيدرالي لإمارات الجنوب العربية في 18 يونيو 1961م".

وأضاف: "الصحيفة استمرت في الصدور (7) سنين، وتوقفت في 1967م مع تصاعد التوتر بين الفصائل الثورية من جهة والسلطات البريطانية والاتحادية من الجهة الأخرى، الذي أفضى إلى استقلال الجنوب العربي عن بريطانيا في 30 نوفمبر 1967م وتوقف كل الصحف وظهور صحف جديدة تتماشى مع الوضع الجديد".

وشرح السلفي بالتفصيل أبواب الصحيفة في النصف الأول من عام 1962م، مؤكدًا ان هدف الصحيفة كان في الأصل سياسية، وتقديم وجهة نظر سياسية محددة، هي سياسة الاتحاد، وألحقت بها أبواب تغطي الهدف السياسي، ولكنها كانت مفيدة للباحثين عن المعرفة بجوانبها المختلفة، ومن ثم فهي وثيقة مهمة لحقبة زمنية مهمة".

وقال: "كانت الثقافة تشغل مساحة لا بأس بها في الصحيفة، وقد كان أحد أسباب إقبال الناس عليها أنها كانت "تقدِّم الأبواب الفنية والأدبية، وتنشر أفكار قرائها ومطالبَهم، وتشجع الفن والشعر والقصة والمقال، وتقدم أروع النتاج الفكري المحلي لأبرز الكتاب والشعراء"، بحسب رئيس التحرير أحمد شريف الرفاعي".

وتحدث عن الصفحات التي خصصتها الصحيفة بالتفصيل، شارحًا بتفصيل دقيق ما جاء في الصفحة الثامنة من الصحيفة والتي خُصصت للأدب وقضاياه.

وفي ختام حلقة النقاش التي شهدت مداخلات وملاحظات عديدة، استعرض أ‌.صالح حسين الفردي في ورقته المعنونة: "الرسالة الثقافية لمجلة (الإخاء) 1939-1940م"، مجمل الرسالة الثقافية ومحتواها المعرفي والجمالي، مقالة وشعراً ونقداً وسردا، بوصفها تمثّل نموذجاً لتلك الإرهاصات الأولى لهذه الصحافة في الوطن الجنوبي، كونها قد صدرت في مارس 1938م، أي بعامين قبيل الفترة التاريخية المحددة في حلقة النقاش، وبوصفها، كذلك، توقّفت بعد أن صدر منها (5) أعداد ابتداء من مارس حتى يوليو 1940م، وبذلك تكون قد دخلت في أجواء المرحلة التاريخية من حياة الصحافة الثقافية بالجنوب (1940- 1990م)".

وقال الفردي: "عرف الجنوب الصحافة الورقية منذ مطلع القرن العشرين، فمع بداية العقد الأول منه دخلت الطباعة بالصف اليدوي عدن، وما أن أطلّ عام 1940م حتى كانت الصحف تتسابق في الإصدار والظهور والانتشار وكسب القراء بالعاصمة عدن، ليصبح عددها بعد ستة عشر عاماً من هذه البداية أثني عشرة صحيفة ومجلة، كما يشير الأستاذ عبدالرحمن خبارة في كتابه (نشوء وتطوّر الصحافة في عدن)".

وأضاف: "وتزامنت هذه البدايات والإرهاصات الأولى للصحافة في مدن حضرموت، وجاءت متواشجة مع هذه البواكير في مدينة عدن، إذ تسجّل ذاكرة التاريخ والأرشيف الصحافي بحضرموت أن أول مطبوعة كانت صحيفة (السبيل) التي صدر العدد الأول منها عام 1911م، ثم صدرت في تريم صحيفة (حضرموت) عام 1917م، كصحيفة إخبارية أدبية".

واستعرض بداية وانطلاق مجلة (الإخاء)، والارهاصات الثقافية الجديدة.

واختتم ورقته بالقول: "تصل بنا القراءة الأوليّة لمجمل أرشيف أعداد المجلة الـ(24) إلى حقائق عديدة استطاعت رسالتها الثقافية أن تبلورها في تلك الفترة الزمنية المبكّرة من تاريخ الصحافة عامةً والثقافية خاصّة بالجنوب، ونجحت في بلورة مشروعها الثقافي الذي اختطته في كل محتويات الأعداد التي تضمنتها الورقة"، مشيرًا إلى أن المجلة بقيت امينة على رسالتها التي بدأت بها طيلة مشوارها الذي انطلق وتعثر ثم عاد إلى الواجهة الثقافية ليتوقف في العدد (24) الصادر في يوليو 1940م".