الشهر المقبل..

الأندية الشعبية المصرية تدخل بقوة على صفقات الموسم الكروي الجديد

لم يبق في الدوري المصري سوى عدد قليل من الأندية الجماهيرية بعيداً عن الأهلي والزمالك اللذين يتصدران القمة، وظلت فرق الإسماعيلي والمصري والاتحاد وغزل المحلة في ذيل ترتيب جدول الموسم المنقضي ونجت بأعجوبة من دوامة الهبوط لتقبع في المراكز الأربعة الأخيرة قبل الفرق الثلاثة التي هبطت إلى دوري الدرجة الثانية.

الاستعانة برجال الأعمال خطة سحرية لمواجهة أندية الشركات.

أحمد جمال
القاهرة

الاحتراف في كرة القدم قوامه المال، فالفرق الغنية هي التي تتصدر الترتيب وهي التي تحصل على الألقاب وتشارك في البطولات القارية لأن ميزانياتها تسمح لها بانتداب أفضل اللاعبين الذين يقدمون الإضافة، لذلك تسعى اليوم هذه الفرق للبحث عن حلول مالية تجعلها تخرج من ذيل الترتيب.

دخلت الأندية الشعبية بالدوري المصري المنافسة بقوة على صفقات الموسم الكروي الجديد المقرر انطلاقه الشهر المقبل، وقامت بعض الفرق التي لديها جماهيرية في المحافظات والأقاليم بتغيير جلدها من خلال التعاقد مع عدد كبير من اللاعبين في خطوة ليست معتادة بعد أن أضحت رهينة لرغبات أندية الشركات والأندية الكبرى التي فرغتها من مواهبها وفشلت في الحفاظ على قوامها بسبب عثرات مالية مرت بها.

ولم يبق في الدوري المصري سوى عدد قليل من الأندية الجماهيرية بعيداً عن الأهلي والزمالك اللذين يتصدران القمة، وظلت فرق الإسماعيلي والمصري والاتحاد وغزل المحلة في ذيل ترتيب جدول الموسم المنقضي ونجت بأعجوبة من دوامة الهبوط لتقبع في المراكز الأربعة الأخيرة قبل الفرق الثلاثة التي هبطت إلى دوري الدرجة الثانية.

ومن المقرر أن تشارك الفرق الأربعة إلى جانب نادي أسوان الصاعد حديثًا إلى الدوري الممتاز في الموسم الجديد الذي يشهد حضور 11 فريقاً تتبع شركات خاصة وهيئات استثمارية تنافس بقوة على المراكز الأولى بجدول الترتيب، ما يفرز الحاجة إلى التحرك نحو إبرام صفقات تدعم بقاءها في الدوري وإن لم تتمكن من المنافسة على صدارة جدول الترتيب في ظل أزمات تعرضت لها جراء هزائم تلقتها في الموسم المنقضي.

وأعلن المدرب الإسباني خوان كارلوس جاريدو المدير الفني السابق للأهلي الثلاثاء تولي مهمة تدريب الإسماعيلي، قائلاً في فيديو نشره بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك “سأكون مدربا للإسماعيلي وسعيد بالعودة من جديد إلى الدوري المصري”.

وتعاقد الإسماعيلي مع عشرة لاعبين من جنسيات مختلفة، واستعان المصري بالمدير الفني السابق للمنتخب المصري إيهاب جلال الذي يمتلك خبرات كبيرة بالدوري المصري لتولي الإدارة الفنية للفريق، وتعاقد أيضًا مع ثمانية لاعبين جدد.

ولجأ فريق غزل المحلة إلى الخبرات الأجنبية لتولي الإدارة الفنية للفريق وتعاقد مع القبرصي نيكوديموس بابافاسيليو المدير الفني السابق لفريق وادي دجلة، ولم يعلن الفريق بعد عن صفقاته الجديدة التي من المتوقع أن تصل إلى سبعة لاعبين.

وحقق نادي أسوان وهو ممثل أندية الصعيد (جنوب مصر) بالدوري طفرة على مستوى الصفقات الجديدة، وتعاقد مع 11 لاعبًا، واستعان بمدرب منتخب مصر للشباب سابقًا ربيع ياسين على رأس قيادته الفنية.

والعامل المشترك بين الفرق الشعبية الأربعة أنها استعانت برجال الأعمال ليكونوا على رأس مجالس إدارتها بحثًا عن توفير الدعم المادي المطلوب لإبرام الصفقات.

وأبرم نادي أسوان تعاقداً مع أحد وكلاء اللاعبين البارزين ليتولى منصب المدير الرياضي لقطاع كرة القدم بالنادي، وبدا أن هناك علاقة استثمارية بين الطرفين.

ولجأ فريق غزل المحلة، وهو أحد الفرق المملوكة لإحدى الشركات الحكومية ومن أبرز الأندية الشعبية، إلى فكرة لم تحقق نجاحاً على أرض الواقع لكنها عبرت عن رؤية استثمارية أصبحت طاغية على مجال كرة القدم من خلال عرض أسهم شركة “غزل المحلة لكرة القدم” للاكتتاب في البورصة، ومضاعفة رأس مالها.

ولم يحقق الاكتتاب العام لأسهم شركة كرة القدم التي تأسست مطلع العام الماضي لتصبح أول شركة مساهمة مصرية متخصصة في نشاط كرة القدم المستويات المأمولة بعد انتهاء الفترة المحددة ومدها مرتين قبل نهاية الشهر الماضي، وتمكنت من جذب 900 ألف دولار فقط كأسهم جديدة واستهدفت الوصول إلى خمسة ملايين.

وقال الناقد الرياضي أشرف زوف إن الأندية الجماهيرية استشعرت مؤخراً خطر الاندثار بشكل كلي بعد انتشار أندية الشركات الاستثمارية بشكل كبير، وأضحت على قناعة أنها ستواجه مصير أندية جماهيرية أخرى بعضها لم يتمكن من الصعود مجدداً إلى الدوري الممتاز، وأخرى تقبع في دوريات الدرجتين الثالثة والرابعة ولم تستطع الصمود أمام سطوة رأس المال المسيطر على كرة القدم.

وأصبحت مجموعة من الأندية الشعبية التي ظلت في الدوري العام لفترات طويلة في طي النسيان، مثل الكروم والأوليمبي ودمياط والسويس والمنصورة وكفر الشيخ والشرقية والمنيا وبني سويف وسوهاج، وهناك أندية في دوري الدرجة الثانية منذ سنوات طويلة ولم تتمكن من الصعود إلى دوري الدرجة الأولى، بينها فرق بلدية المحلة والترسانة والسكة الحديد والقناة.

وأضاف أشرف زوف لصحيفة العرب أن جماهير الأندية الشعبية لعبت دوراً في تحريك اتجاهات الجمعيات العمومية للأندية نحو التخلي عن انتخاب شخصيات لديها حضور اجتماعي بالأندية لصالح الاستعانة برجال الأعمال، وأن التجربة السابقة التي مر بها فريق الإسماعيلي، وهو ثالث الأندية المصرية حصولاً على البطولات، خلال المواسم الماضية وصراعه مع الهبوط كان بمثابة جرس إنذار لباقي الأندية.

وبدأت الأندية الشعبية في البحث عن أسماء حققت نجاحات سابقة مع أندية بالدوري المصري لزيادة قيمتها السوقية التي تراجعت كثيرا في السنوات الماضية، وانعكس ذلك على عزوف رعاة الدوري المصري عنها.

وتنظر الإدارات الحالية نظرة استثمارية وراء تلك الصفقات التي ستكون لديها عوائد إعلانية وإعلامية تساهم في انتشالها من الأزمات الراهنة.

وتؤكد الصورة العامة للصفقات التي أبرمتها تلك الفرق أنها تعاقدت مع لاعبين كبار في السن، لديهم خبرات يمكن أن تسهم في بقائها بالدوري المصري، مع تصعيد لاعبين شباب لإحداث قدر من التوازن المطلوب، وهو ما يحقق مكاسب مادية لها حال استطاعت أن تصعد لاعبين جددا تستقطبهم الأندية التي تصارع على القمة.

ويتوقع زوف أن تشتد المنافسة على المراكز الستة الأولى بالدوري المصري الموسم المقبل، مع دخول أندية المصري والإسماعيلي المنافسة على المراكز الثلاثة الأولى من ترتيب الجدول، لكن شريطة أن تكون لدى إدارات الأندية الاحترافية المطلوبة في منح الفرصة كاملة للمدربين والصفقات الجديدة لأخذ فرصتها والتأقلم دون التسرع في عملية إقالة المديرين الفنيين، ما شكل أزمة واجهها الإسماعيلي الموسم المنقضي.

ويشير العديد من النقاد إلى أن الصفقات وحدها لا تكفي لانتشال الفرق الجماهيرية، وأن قدرتها على دفع رواتب اللاعبين الجدد وتوفير قدر من الاستقرار لفرق كرة القدم بعيداً عن الشحن الجماهيري المستمر سيكون حاسماً في قدرتها على البقاء والمنافسة، مع ضرورة تطوير أساليبها الاستثمارية التي تضمن استمرار توفير الموارد اللازمة.