بالتعاون مع غاليري سربنتين ومعهد إفريقيا..
مؤسسة الشارقة للفنون تنظم معرضاً فردياً لأعمال كمالا إبراهيم إسحق
تعتبر إسحق واحدة من أبرز رواد الحداثة في السودان، وقد أثّرت ممارستها الفنية الممتدة لخمسة عقود في مشهد الفن الحديث على المستويين العربي والإفريقي، وكانت من أوائل المتخرجات في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1963.
تنظم مؤسسة الشارقة للفنون وغاليري سربنتين ساوث بالتعاون مع معهد إفريقيا معرضاً فردياً لأعمال الفنانة السودانية الرائدة كمالا إبراهيم إسحق، في الفترة ما بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2022 و29 يناير/ كانون الأول 2023.
يقام المعرض في غاليري سربنتين ساوث في لندن، ويتأسس على معرضها الاستعادي الأول «نساء في مكعبات بلورية» الذي نظمته مؤسسة الشارقة للفنون عام 2016. ويقيّم المعرض كلٌّ من الشيخة حور القاسمي رئيس مؤسسة الشارقة للفنون؛ وصلاح محمد حسن مدير معهد إفريقيا وأستاذ بجامعة كورنيل؛ وميليسا بلانشفلور قيّم المعارض والفن العام في سربنتين؛ وسارة حامد قيّم مساعد في سربنتين.
تعتبر إسحق واحدة من أبرز رواد الحداثة في السودان، وقد أثّرت ممارستها الفنية الممتدة لخمسة عقود في مشهد الفن الحديث على المستويين العربي والإفريقي، وكانت من أوائل المتخرجات في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية في الخرطوم عام 1963، وساهمت في مدرسة الخرطوم قبل أن تشارك في تأسيس المدرسة البلورية في السبعينيات، وهي حركة فنية مفاهيمية سعت إلى تخطي تقاليد الأطر الذكورية، حيث نادى بيانها، الذي وقعته مع طلابها، بعناصر جمالية جديدة تركز على الشفافية والتنوع.
تتأسس ممارسة إسحق على التاريخ الثقافي السوداني من عصور ما قبل التاريخ وصولاً إلى العصور المسيحية والإسلامية، وتتأثر أيضاً بالميثولوجيا، والنباتات في حديقتها الخاصة في الخرطوم، والحكايات التي تناقلتها الأجيال، فضلاً عن ذلك، يظهر جلياً انشغالها بأعمال الرسام والشاعر البريطاني ويليام بليك، لا سيما استكشافاته للروحانية عبر قوة الشعر السامية، وذلك من خلال تأملاتها بطقوس الزار السوداني.
يحتفي المعرض بأهمية إرث الفنانة الفني وسعة أفقه، ويتضمن أعمالاً تُعرض للمرة الأولى بما يتيح للجمهور فرصة التعرف على عوالمها الثرية، وتقول إسحق في سياق معرضها في لندن: «تشكل إقامة المعرض في غاليري سربنتين، مناسبة خاصة بالنسبة لي، إذ درست في الكلية الملكية للفنون وعشت في لندن خلال فترة الستينيات، كما قمت برسم لوحات جديدة خصيصاً لهذا العرض، إلى جانب مجموعة من الأعمال التي أنتجتها على امتداد مسيرتي الفنية، وهي في مجملها ترتبط بصورٍ للناس والنباتات والعناصر الحيوية التي تكوّن الحياة».
وقالت الشيخة حور القاسمي: «تتضح أهمية وعمق ممارسة إسحق الفنية من خلال معرضها الاستعادي الأول الذي أقامته المؤسسة عام 2016، فخلال التحضير لهذا العرض كان لي شرف قضاء وقت معها في الخرطوم، وكنت شاهدة على تأثيرها الكبير كفنانة ومعلمة على أجيال من الفنانين الذين علّمتهم عبر عقود من الزمن». وأضافت: «إن هدف المؤسسة الرئيس من تنظيم هذا المعرض، هو تسليط الضوء على الاشتغال الفني المهم لفنانة مثل كمالا، وتقديمه للجمهور العالمي، لذا فإنه من دواعي سرورنا التعاون مع سربنتين في سبيل تحقيق ذلك».
فيما أشار كل من بيتينا كورك المدير التنفيذي لسربنتين وهانس أولريخ أوبريست المدير الفني في الغاليري، أن معرض كمالا يأتي في أعقاب مجموعة من العروض التي قدمتها الغاليري لفنانين بارزين مثل لوتشيتا هورتادو، فيث رينغولد، وجيمس بارنر، كجزء من سلسلة من البرامج التي تهدف لتقديم تجارب فنية أكثر تنوعاً من شأنها أن توسع تجارب ومعارف الجمهور بممارسة هؤلاء الفنانين العالميين، وقالا: «يسعدنا التعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون ومعهد إفريقيا لعرض أعمال هذه الفنانة الرائدة في لندن، والتي نتشارك معها في رؤيتها المتمثلة بعدم حصر الفنان ضمن إطار واحد، إذا نعتقد بأنه حتى يكون الفن مؤثراً في القضايا الحياتية والمجتمعية، يجب ألا يقيّد بأي حدود».
أما صلاح محمد حسن مدير معهد إفريقيا، فقال: «تحدّت كمالا كل ما هو تقليدي عبر صياغة أسلوب جديد مهّد الطريق أمام العديد من الفنانين والفنانات الذين علمتهم وأرشدتهم عبر السنوات بما في ذلك المدرسة البلورية. ونتطلع من خلال هذا المعرض لتوسيع نطاق المعرفة بالممارسة الفنية الحداثية والمعاصرة للفن الإفريقي، عبر إظهار التأثير الكبير لإسحق في الفن السوداني باعتبارها أحد أهم الرسامين المعاصرين في إفريقيا والعالم».
يضم المعرض أعمالاً أنتجتها إسحق منذ الستينيات إلى الوقت الحاضر، وتتراوح ما بين اللوحات الزيتية، والأعمال الفنية على الورق، والمصنوعات اليدوية من نبات الكالاباش، وورق الترشيح والطبول الجلدية، إلى جانب أعمال التصميم الغرافيكي وبعض المواد من أرشيفها الشخصي، بغية وضع سياق متسق مع مسيرتها البارزة وتجاربها الحياتية التي عايشتها في السودان حيث أقامت وعملت معظم حياتها، أو خلال الفترة القصيرة التي أمضتها في لندن وعمان في التسعينيات وبداية الألفية الثالثة.
لا تعتمد إسحق في ممارستها المتفردة والمترامية على أسلوب واحد أو مدرسة واحدة، حيث تتبنى مختلف المشاهد والتواريخ والشخصيات وتعبّر عنها من منظور تجربتها الخاصة، وتتمحور أعمالها حول مواضيع متعددة، لتشمل قضايا المرأة والروحانية وسرديات الثقافة السودانية.
تستقطب مؤسسة الشارقة للفنون طيفاً واسعاً من الفنون المعاصرة والبرامج الثقافية، لتفعيل الحراك الفني في المجتمع المحلي في الشارقة، الإمارات العربية المتحدة، والمنطقة. وتسعى إلى تحفيز الطاقات الإبداعية، وإنتاج الفنون البصرية المغايرة والمأخوذة بهاجس البحث والتجريب والتفرد، وفتح أبواب الحوار مع كافة الهويّات الثقافية والحضارية، وبما يعكس ثراء البيئة المحلية وتعدديتها الثقافية. وتضم مؤسسة الشارقة للفنون مجموعة من المبادرات والبرامج الأساسية مثل «بينالي الشارقة» و«لقاء مارس»، وبرنامج «الفنان المقيم»، و«البرنامج التعليمي»، و«برنامج الإنتاج» والمعارض والبحوث والإصدارات، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات المتنامية. كما تركّز البرامج العامة والتعليمية للمؤسسة على ترسيخ الدّور الأساسي الذي تلعبه الفنون في حياة المجتمع، وذلك من خلال تعزيز التعليم العام والنهج التفاعلي للفن.