بريطانيا تنتقد الحوثيين عشية التمديد الثالث..
هدنة اليمن.. هل تصل إلى طريق مسدود بعد تعنت الاذرع الإيرانية؟
يشترط فريق الحوثيين أن يتم صرف مرتبات موظفي قطاعات الدولة، في مناطق سيطرتها، من عائدات مبيعات النفط الخام والغاز في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، إلى جانب تمسكهم بفتح طرق فرعية في مدينة تعز المحاصرة منذ 8 سنوات.
تصل الهدنة الأممية في اليمن، إلى مفترق طرق مع انتهاء فترة تمديدها الأخيرة مساء الأحد، بعدما رفضت جماعة الحوثي مقترحا محدّثا من المبعوث الأممي إلى اليمن، وتهديدها بعودة الحرب.
وكان المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، شدّد على أن تمديد الهدنة الإنسانية المقرر انتهاؤها اليوم (الأحد)، ضرورة إنسانية وسياسية ملحة، ملمحاً إلى أن الفرصة لن تأتي مرة ثانية، وأن إمكانية العودة إلى حالة الحرب قائمة في حال تعنّت جماعة الحوثي.
إلى ذلك، أكد مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية، تلقيها أمس (السبت) مقترحاً محدثاً من هانس غروندبرغ، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، لتمديد وتوسيع الهدنة ابتداءً من 2 أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء «سبأ نت».
وأشار المصدر إلى أن الحكومة اليمنية «تعمل على دراسة المقترح المحدث وستتعامل معه بإيجابية انطلاقاً من حرصها وبذلها جميع الجهود الرامية للتخفيف من المعاناة الإنسانية لجميع أبناء شعبنا في كل المحافظات دون أي تمييز؛ حيث إن الهدف الرئيسي للهدنة هو إيقاف نزيف الدم الذي تزهقه حرب الميليشيات الحوثية، وضمان حرية حركة المدنيين والسلع التجارية والمساعدات الإنسانية».
وأوضح المصدر أن الحكومة تسعى من خلال تجديد الهدنة إلى توسيع الفوائد لجميع اليمنيين وتسهيل حركتهم وضمان دفع المرتبات للتخفيف من معاناتهم الإنسانية التي تسبب بها انقلاب الميليشيات الحوثية.
ولفت إلى أنه رغم تخلف الميليشيات الحوثية عن الوفاء بالتزاماتها المتصلة برفع الحصار عن تعز ووقف نهب إيرادات موانئ الحديدة التي يجب تسخيرها لدفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة تلك الميليشيات وفقاً لكشوفات الرواتب في عام 2014، فإن الحكومة اليمنية لا تدخر جهداً في إبداء جميع أشكال المرونة والتعاون مع المبعوث الخاص لتجاوز العقبات التي تختلقها الميليشيات الحوثية.
وأكد على دعوة الحكومة اليمنية، في هذا الصدد، مجلس الأمن والمجتمع الدولي للضغط على الميليشيات الحوثية لوقف انتهاكاتها اليومية للهدنة والانخراط بإيجابية مع جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتنفيذ بنودها كافة، وعلى رأسها إيقاف استخدام الشعب اليمني كرهينة وتوظيف معاناته كورقة تفاوضية ووقف تسخير موارد الدولة وإيرادات موانئ الحديدة للإثراء الشخصي لقيادات ميليشيا الحوثي وإطالة أمد الحرب وضرورة الرفع الفوري للحصار عن تعز.
كما أكد على دعم الحكومة اليمنية لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن لتحقيق السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني وعلى رأسها القرار 2216.
وشهد الأسبوع الماضي جهوداً كثيفة من أجل التوصل إلى اتفاق لتمديد الهدنة الأممية، التي تنتهي اليوم، ستة أشهر أخرى؛ إلا أن تلك الجهود لم تتضح بعد إلى أين انتهت، بعد العراقيل التي وضعتها ميليشيات الحوثي، وعدم إعلان غروندبرغ عمّا توصل إليه معها خلال زيارته إلى العاصمة صنعاء للتباحث معها.
وغادر غروندبرغ، الخميس الماضي، العاصمة صنعاء، بعد زيارة استغرقت يومين، بحث فيهما مع قادة الميليشيات الحوثية جهود تجديد الهدنة في اليمن، موضحاً في تغريدات على «تويتر» أنه بحث بشكل مكثف مع قادة الميليشيات بنود توسيع الهدنة، ودفع رواتب الموظفين، ودخول مزيد من سفن الوقود عبر موانئ الحديدة، وتسيير رحلات تجارية إضافية عبر مطار صنعاء الدولي.
ووفقاً للتغريدات؛ فإن المبعوث الأممي ناقش مع قادة الميليشيات أهمية الحفاظ على وقف الاشتباكات المباشرة في جبهات القتال الأمامية، دون أن تتطرق التغريدات إلى النتائج التي أسفرت عنها هذه المباحثات، مكتفية بتأكيد المبعوث الأممي على أن تجديد الهدنة وتوسيعها ضرورة إنسانية وسياسية، وفرصة قد لا يحظى بها اليمن لفترة طويلة.
وتمسك غروندبرغ بالفوائد التي قال إنها تحققت من الهدنة، مطالباً جميع الأطراف اليمنية بالتحلي بالشجاعة والقيادة والمسؤولية من أجل تحقيق السلام، في حين قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في تغريدة له عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، إنه بحث هاتفياً مع غروندبرغ جهود تمديد الهدنة في اليمن.
وعلى الرغم من حالة الحراك الدبلوماسي والجهود الدولية الداعمة لتمديد الهدنة في اليمن وتوسيعها لفترة أطول، إلا أن الحوثيين أعلنوا رفض مقترح الأمم المتحدة الأخير، مصرّين على تنفيذ شروطهم وتضمينها ضمن بنود توسعة الهدنة وتمديدها.
وأصدر الفريق الممثل عن جماعة الحوثي، مساء السبت، بيانا أوردته قناة "المسيرة" الفضائية الناطقة باسم الحوثيين أعلن فيه عن وصول تفاهمات الهدنة إلى "طريق مسدود"، تزامنا مع تهديدات أطلقها المتحدث العسكري باسم الحوثيين، العميد يحيى سريع، على تويتر، عن إمكانية عودة الحرب مجددًا، فور انتهاء الهدنة.
وقال البيان إن "تفاهمات الهدنة وصلت لطريق مسدودة، رغم الجهود التي بذلناها لاستثمار الهدنة كفرصة للتقدم في معالجة الأوضاع الإنسانية وإنهاء الحصار وتثبيت وقف إطلاق النار في عموم اليمن".
وأضاف "قبلنا بالتمديد الأول والثاني على أمل أن يكون هناك أدنى شعور بالمسؤولية أو تفهم من قبل دول التحالف العربي والحكومة اليمنية".
وأردف البيان "خلال 6 أشهر من عمر الهدنة لم نلمس أي جدية لمعالجة الملف الإنساني كأولوية عاجلة وملحة".
وأشار إلى أن "رغبة الطرف الآخر ليست السلام بقدر ما هي إبعاد دول التحالف عن تداعيات الحرب والاستهداف المباشر، ومحاصرتها داخل اليمن"، وهدد البيان بخيار المواجهة العسكرية.
ويشترط فريق الحوثيين أن يتم صرف مرتبات موظفي قطاعات الدولة، في مناطق سيطرتها، من عائدات مبيعات النفط الخام والغاز في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، إلى جانب تمسكهم بفتح طرق فرعية في مدينة تعز المحاصرة منذ 8 سنوات، غير التي تم التوافق عليها قبيل انطلاق الهدنة في أبريل الماضي.
وتمثّل نقطتا صرف مرتبات موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين، وفتح الطرقات في مدينة تعز والمحافظات الأخرى، جوهر الخلاف بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، إذ تتهم الحكومة الشرعية الحوثيين بالاستيلاء على الإيرادات المالية لموانئ الحديدة الخاضعة لسيطرتهم، بدلا من تسخيرها لدفع مرتبات المواطنين وفقًا لكشوفات الرواتب في العام 2014، إلى جانب رفضها فتح طرق تعز والمدن الأخرى، وفق التزاماتها تجاه الهدنة.
في غضون ذلك، دعا رئيس ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" التابع للحوثيين، الشركات النفطية والملاحية الأجنبية العاملة في اليمن، إلى إيقاف أنشطتها بشكل كامل في البلاد، ابتداءً من مساء الأحد، موعد انتهاء الفترة الأخيرة من الهدنة، وفقًا لما نقلته النسخة الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي من وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".
وهدد المتحدث العسكري لجماعة الحوثي، يحيى سريع، عبر تويتر، الشركات الأجنبية العاملة في اليمن، بأن "القوات المسلحة بصدد الاستعداد والجاهزية لأية تطورات"، محمّلًا الشركات الأجنبية "مسؤولية تجاهل ما سيصدر خلال الساعات المقبلة".
وشددت كل من الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والصين، على ضرورة تمديد الهدنة وتوسعتها، نظرا لانعكاساتها الإيجابية على حياة اليمنيين خلال الأشهر الماضية، داعية جميع الأطراف إلى انخراط بناء مع جهود مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.
ورحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اتصال هاتفي بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، السبت، بدعم المملكة العربية السعودية لتمديد الهدنة في اليمن. وفق بيان لوزارة الخارجية الأميركية.
وأضاف البيان أن الطرفين تبادلا وجهات النظر حول جهود إرساء السلام هناك، حيث شدد بلينكن على أهمية استمرار دعم المجتمع الدولي لمجلس القيادة الرئاسي في البلاد.
وأتت هذه التطورات بينما عبر السفير الأميركي لدى اليمن ستيف فاجن عن قلقه لعدم إحراز تقدم يذكر في هذا الملف.
ودعا السفير عبر حسابه على تويتر، الأطراف اليمنية إلى عدم إهدار جهود الأشهر الستة الماضية، وقبول تمديد الهدنة وتوسيعها.
وأعلن الاتحاد الأوروبي، السبت، دعمه دعوة المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ الأطراف اليمنية لقبول مقترحه تمديد الهدنة.
وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، إن التكتل "يدعم وبشكل كامل دعوة الأمين العام للأمم المتحدة للأطراف (اليمنية) لقبول مقترح الهدنة المقدم من قبل المبعوث الأممي".
وأضافت في تغريدة عبر حسابها الرسمي "حان الوقت لتعزيز وتطوير الهدنة، بما في ذلك فتح الطرق والاتفاق على دفع الرواتب".
وأكدت أن الهدنة "حققت الكثير من الفوائد ويمكن أن تجلب المزيد للشعب اليمني".
وقال وزير الخارجية البريطاني، جيمس كليفرلي، في بيان له السبت، إن الحوثيين يواصلون تعريض المحادثات للخطر، وحرمان اليمنيين من مستقبل سلمي، مشيدًا في الوقت نفسه بالتزام الحكومة اليمنية في تعاطيها تجاه الهدنة.
وطوال الأشهر الستة الماضية من عمر الهدنة اليمنية، لم تبد جماعة الحوثي أي التزام تجاه بنودها، خاصة في ما يتعلق بفتح الطرقات في مدينة تعز المحاصرة والمحافظات الأخرى، ورفضها دفع مرتبات موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها من عائدات سفن المشتقات النفطية الواصلة إلى ميناء الحديدة، إلى جانب استمرارها في ارتكاب خروقات ضد الجيش اليمني، ومواصلتها عمليات التحشيد العسكري في أكثر من محافظة.