شعر..

النهر يرتدي قميص الماء

لَا يُضِيءُ عَتَمَةَ النَّفْسِ الْغَارِقَةِ بِالْوَهْمِ.

وهيب نديم وهبة

جُبِلَ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينَةِ الْوَهْمِ، 

وَالْغَفْلَةُ تَسْرِقُ الْيَقظَةَ 

وَالْوَهْمُ أَخْيِلَةٌ لِخُيُولٍ تَجْرِي، 

فِي سُحُبٍ تَعْدُو... وَتَغَيبُ...

وَالْفِكْرُ: هَذَا الشَّيْخُ الْهَرِمُ الْقِمَّةُ، 

هَنْدَسَ الْعَالَمَ،

أَضَاءَ ظُلُمَاتِ الْكَوْنِ بِالْحِكْمَةِ، 

بِنُورِ اللَّهِ وَطَلْعَةِ الْأَنْبِيَاءِ. 

لَا يُضِيءُ عَتَمَةَ النَّفْسِ الْغَارِقَةِ بِالْوَهْمِ. 

لَا يُضِيءُ نُجُومَ الْعَقْلِ بِالْبَدِيعِ... 

يَقِفَ عَاجِزًا مَشْلُولًا، يَقْبَعُ فِي الْعَتَمَةِ... 

يقتُلُكَ الْوَهْمُ، الْمَرَضُ، الْحُزْنُ، الْخَوْفُ، 

الْيَأْسُ، يَغْتَالُكَ الْعِشْقُ، الشَّوْقُ، 

الْبُعْدُ، 

يَحْرِقُكَ الْحِرْمَانُ، تَأْكُلُكَ الْحَسْرَةُ وَالنَّدَمُ... 

يَحْصُدُكَ الْمَوْتُ  .

 

الْفِكْرُ يَقِفُ عَاجِزًا مَشْلُولًا، يَقْبَعُ بِالْعَتَمَةِ، 

يَحُثُّ الْخُطَى وَرَاءَ الْمَادَّةِ... تَتَعَثَّرُ خُطَاهُ، 

تَسْقُطُ...

 

تَسْقُطُ... 

وَأَنْتَ تَسْقُطُ مَعْ خُطْوَتِي عِنْدَ حَافَّةِ النَّهْرِ...

 

أَوْقَفَنِي النَّهْرُ عِنْدَ عَاصِفَةِ التَّيَّارِ وَقَالَ: اجْرِ – 

لَم أَجْرِ –  يَذُوبُ طِينِي وَيَمْحُونِي الْغُبَارُ. 

أَنَا لُغَةٌ تَجْرِي بِعَكْسِ التَّيَّارِ، تُقَاوِمُ الْإِعْصَارَ 

وَالْوَهْمَ وَالدَّمَارَ، وَتَفْتَحُ نَافِذَةً لِلْعَاصِفَةِ،  كَيْ 

تَسْتَفِيقَ الصَّحْرَاءُ وَتَرْتَدِي اللُّغَةَ الْأَرْضُ، 

كَمَا يَرْتَدِي النَّهْرُ قَمِيصَ الْمَاءِ...

 

يَعُودُ الْوَهْمُ... 

يُحَاوِلُ أَنْ يَسْتَوْطِنَ لُغَتِي، 

يَفْتَحُ جَسَدِي كِتَابَ الْإِنْسَانِ، 

وَيَرْكُضُ نَحْوَ الشَّمْسِ، نَحْوَ الْغَدِ الْمَوْعُودِ... 

لِقِيَامَةِ السَّمَاءِ نَحْوَ الْوَرْدِ. 

تَعُودُ بَوَّابَاتُ النُّورِ... الْفَرَحِ الْحُرِّيَّةِ... 

تَعُودُ كُلُّ الْأَحْلَامِ، مَع مِصْحَفِ الْفُقَرَاءِ، 

رَغِيفُ الْخُبْزِ، يُعْلِنُ: سَيَأْتِي زَمَنُ الْإِنْسَانِ.