تأسيس مرحلة جديدة..

«القمة العربية الصينية».. تنسق في وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية

تعد السعودية أكبر مورد للنفط للصين، وأكد البيان المشترك على أهمية استقرار السوق العالمية والتعاون في مجال الطاقة، مع السعي لتعزيز التجارة غير النفطية وزيادة التعاون في الطاقة النووية لأغراض سلمية

الملك سلمان بن عبدالعزيز مستقبلا الرئيس الصيني شي جينبينغ في حضور الأمير محمد بن سلمان (واس)

الرياض

انطلقت القمة الخليجية الصينية في الرياض برئاسة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وذلك على هامش زيارة الرئيس الصيني، شي جينبيغ، للمملكة العربية السعودية.

وقبل القمة الخليجية الصينية عقد المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي اجتماعه 43 برئاسة الأمير محمد بن سلمان وسط غياب الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أول قمة خليجية تعقد منذ انتخابه رئيسا للدولة الصيف الماضي.

وبدأ زعماء الدول العربية في الوصول إلى الرياض، الخميس، عندما استقبل الأمير محمد الرئيس الصين بحفاوة. ووقع شي اتفاقية شراكة بين البلدين مع الملك سلمان، في مؤشر على تعزيز العلاقات.

وتراقب الولايات المتحدة بحذر النفوذ المتزايد لمنافستها الاقتصادية في المنطقة التي تضعها الصين نصب عينيها إذ أنها أكبر مستهلك للطاقة في العالم وتتوسع شركاتها في التكنولوجيا ومجالات أخرى للبنية التحتية.

وتأتي زيارة شي أيضا في وقت يشهد فيه تحالف الرياض طويل الأمد مع واشنطن توترا بسبب حقوق الإنسان وسياسة الطاقة وروسيا، فضلا عن شكوك الخليج بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة.

وفي بيان مشترك مطول، الجمعة، تعهدت بكين والرياض بتعزيز التعاون والتشديد على مبادئ السيادة و"عدم التدخل"، مع التأكيد على أهمية الحل السلمي للصراع الأوكراني.

وقاومت السعودية وحلفاؤها في الخليج الضغوط الأميركية للتخلي عن روسيا، العضو في مجموعة أوبك+، بعد غزوها لأوكرانيا وللحد من التعاملات مع الصين، إذ تحاول تلك الدول التعامل مع نظام عالمي يشهد استقطابا مع التركيز على اقتصاداتها ومصالحها الأمنية.

وتعد السعودية أكبر مورد للنفط للصين، وأكد البيان المشترك على أهمية استقرار السوق العالمية والتعاون في مجال الطاقة، مع السعي لتعزيز التجارة غير النفطية وزيادة التعاون في الطاقة النووية لأغراض سلمية.

وفي إشارة إلى المخاوف الأمنية الخليجية بشأن إيران، وهي مورد آخر للنفط للصين وتربطهما علاقات جيدة، اتفقت الرياض وبكين على الحاجة إلى "تعزيز التعاون المشترك لضمان الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي" وضرورة احترام طهران "لمبادئ حسن الجوار".

قال الزعيم الصيني إن زيارته، التي سيلتقي خلالها بزعماء آخرين من منطقة الخليج وسيحضر قمة أوسع مع أعضاء جامعة الدول العربية اليوم الجمعة، تمهد لما وصفها بأنها "حقبة جديدة" في العلاقات.

وأكد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، اليوم (الجمعة)، أن «القمة الخليجية الصينية للتعاون والتنمية» تؤسس لانطلاق تاريخي جديد للعلاقة بيننا، تهدف لتعميق التعاون في جميع المجالات، وإلى تنسيق وجهات النظر حيال القضايا الإقليمية والدولية «انطلاقاً من الأهداف السامية والغايات التي بني عليها مجلس التعاون، واستناداً إلى عمق العلاقة والصداقة التاريخية التي تربط بلداننا مع الصين».

جاء ذلك خلال ترؤسه نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، أعمال القمة، بحضور قادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون، والصين، وذلك في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وقال الأمير محمد بن سلمان، «نجتمع اليوم في ظل تحديات عديدة تواجه المنطقة والعالم وظروف استثنائية تحتم علينا تفعيل العمل الجماعي المشترك لمواجهة هذه التحديات».

وأضاف أن «دول مجلس التعاون تعتبر بكين شريكاً أساسياً مهماً لها، وقد انعكست ثمار إيجابية لهذه الشراكة على مصالحنا المشتركة وعلى أمن منطقتنا واستقرارها، وإن النمو الاقتصادي المتسارع والتطور التقني الكبير الذي وصلت إليه الصين تحت قيادة الرئيس شي جينبينغ، قصة نجاح تتجلى في مكانة بلاده الرائدة الاقتصادية العالمية».

ونوه ولي العهد السعودي لأن دول الخليج تولي أهمية قصوى لرفع مستوى الشراكة الاستراتيجية مع الصين «باذلة جهودها لتعظيم مكاسب هذه الشراكة»، لافتاً إلى تطلعها لتبادل الخبرات وخلق شراكات متنوعة في ظل خططها التنموية الطموحة.

وأعرب عن إشادتهم بالتطور المتسارع في العلاقة الخليجية الصينية، وبالتنوع الواضح في مجالات التعاون الاستراتيجي بين الجانبين؛ كالتجارة والاستثمار والطاقة والتعليم والبحث العلمي والبيئة والصحة، وتطلع دول المجلس إلى رفع مستوى هذا التعاون إلى آفاق أرحب، وتثمينها الشراكة الاستراتيجية بينها والصين، وإشادتها أيضاً بخطط العمل المشترك للمدة (2023 - 2027) لأهميتها في تعزيز الإطار الاستراتيجي للتعاون بين الجانبين.

وأشار الأمير محمد بن سلمان إلى الارتفاع الملحوظ في حجم التبادلات التجارية بين دول مجلس التعاون والصين خلال السنوات الماضية، متوقعاً استمرار النمو بعد تناول المفاوضات الخاصة بإقامة منطقة تجارية حرة بين الجانبين، وذلك لتسهيل تجارة وحوكمة المصالح التجارية المتبادلة، بما يتيح الاستفادة القصوى من فرص الاستثمار الواعدة وتعميق توسع مجالات الشراكة بين الجانبين.

وأبان أن دول المجلس تهتم بالعمل جنباً إلى جنب مع الصين لاستكشاف سبل عملية لمواجهة التحديات العالمية، بما في ذلك الأمن الغذائي وتحسين تكامل سلاسل الإمداد العالمية وأمن الطاقة، كما تؤكد استمرار دورها مصدراً موثوقاً لتلبية احتياجات العالم للطاقة والصين.

وأشار ولي العهد السعودي إلى أن دول الخليج تثمن سعي الصين لطرح مبادرات تعنى بتنشيط مسار التعاون وتعزيز العمل الدولي متعدد الأطراف، وعلى رأسها مبادرة أصدقاء التنمية العالمية، كما تشارك التفكير مع بكين حول أهمية إعادة توجيه تركيز المجتمع الدولي نحو التعاون والتنمية ومجابهة التحديات المشتركة التي تواجه الإنسانية.

وشدد على استمرار دول الخليج في بذل جميع الجهود لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، ودعمها الحلول السياسية والحوار لجميع التوترات والنزاعات الإقليمية والدولية «من منطلق أن ذلك هو المسار الكفيل بتحقيق السلام والأمن والازدهار»، مؤكداً أن هذه الغايات لن تتحقق إلا بخروج الميليشيات المرتزقة من جميع الأراضي العربية، ووقف التدخلات الخارجية في شأنها.

بدوره، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، إن بلاده تتواصل مع مجلس التعاون الخليجي منذ نشأته، لافتاً إلى نجاحه في تخطي التحديات العالمية، وإمكانية تحقيق التكامل الاقتصادي والصناعي بين الجانبين.

وأوضح جينبينغ، أن العلاقات مع دول الخليج تقوم على الثقة المتبادلة، والصين ترحب بمشاركتها في مبادرة الأمن العالمي، وستواصل دعمها الثابت لأمنها، واستيراد النفط بكميات كبيرة منها.

وأكد العمل على إنشاء مجلس استثمار ومركز للأمن النووي بين الجانبين، وتعزيز التعاون في الاستثمار بالطاقة النظيفة، وفي مجالات الحوسبة والاقتصاد الرقمي والثقافة، منوهاً بتضافر الجهود لتفعيل نظام المدفوعات بالعملات المحلية، وحرص بكين على إطلاق سلسلة من مشروعات التعاون مع الخليج في مجالات الفضاء، ونرحب بدخول رواد عرب وخليجيين لمحطتها.

ونقلت وزارة الخارجية عن شي قوله "تتطلع الصين إلى العمل مع السعودية والدول العربية لتحويل القمتين إلى علامة فارقة في تاريخ العلاقات الصينية العربية والعلاقات بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والارتقاء بهذه العلاقات إلى آفاق جديدة".

ومن بين من سيحضر القمة أمير قطر وولي عهد الكويت ورؤساء مصر وتونس وجيبوتي والصومال وموريتانيا، إلى جانب قادة ورؤساء حكومات العراق والمغرب والجزائر والسودان ولبنان.

وقبيل القمتين، أجرى شي محادثات ثنائية مع ولي عهد الكويت، الشيخ مشعل الجابر الصباح، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وقال دبلوماسيون إن الوفد الصيني سيوقع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع عدة دول، بالإضافة إلى السعودية التي وقعت مذكرة تفاهم مع شركة هواوي بشأن الحوسبة السحابية وبناء مجمعات عالية التقنية في المدن السعودية.

وشاركت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة في بناء شبكات الجيل الخامس في معظم دول الخليج على الرغم من المخاوف الأمريكية من مخاطر أمنية محتملة من استخدام تقنياتها.

وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمته، اليوم الجمعة، خلال القمة العربية الصينية، على ضرورة السعي لإقامة نظام عالمي أكثر عدالة.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي “إن من بين أخطر ما يواجهه العالم اليوم هو أزمة الغذاء وتبعاتها.. مشيرا إلى أن ”الأزمات أثقلت كاهل دولنا وموازناتها مما يتطلب حوكمة الاقتصاد الدولي ليكون أكثر عدالة.
وشدد السيس على أنه هذه القمة هي نقطة انطلاق جديدة للتعاون العربي الصيني.. مؤكدا أن “السياسات الصينية المتوازنة تجاه قضايانا محل تقدير واحترام بالغين في العالم العربي”.

ودعا الرئيس المصري إلى وضع قضية الأمن المائي العربي على رأس أولوياتنا".

وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، يوم الجمعة، الحرص على إقامة علاقات متميزة مع الصين.

وقال أبو الغيط في كلمة ألقاها بالقمة العربية الصينية للتعاون والتنمية في الرياض “إن العلاقات العربية الصينية تقف على أرضية صلبة من المبادئ المشتركة، والصين هي الشريك التجاري الأكبر للدول العربية خلال الوقت الحالي”.
وأضاف "نتطلع إلى دعم الصين للمسعى الفلسطيني في الحصول على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، لافتا إلى أن مواجهة التغير المناخي تقتضي تقاسما عادلا للأعباء لأجل الانتقال إلى نظام اقتصادي أقل إضرارا بالبيئة.
وأكد على أهمية عدم حصول انتشار نووي، بينما تسعى إيران بشكل حثيث لامتلاك تقنيات المستخدمة للتسليح النووي، مع إصرارها على عدم إخضاع منشآتها للتفتيش.

وسجلت السعودية رقماً جديداً باستضافتها الجمعة، ثلاث قمم في ظرف يومٍ واحد، ما بين القمم ذات الصفة الاعتيادية والصفة الاستثنائية.
ففي حين ينتصف النهار في الرياض، تنعقد القمة الخليجية في دورتها الـ43 بحضور قادة وممثلي دول مجلس التعاون الخليجي، قبل أن ينتقل القادة الخليجيون في كنف مضيفهم السعودي إلى الاجتماع بالرئيس الصيني شي جينبينغ في «قمة الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية».
وعقب اختتام القادة الخليجيين والرئيس الصيني اجتماعهم، سينتقل القادة مجتمعين مع الرئيس الصيني للانضمام إلى قادة وممثلي الدول العربية في «قمة الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية».

وقال رئيس الوزراء الجزائري، أيمن عبد الرحمن، إن "الشراكة العربية الصينية انتقلت إلى مرحلة جديدة، منذ إنشاء منتدى التعاون الصيني العربي"، مشددا على أهمية "تعميق التعاون بين الجانبين"، وذلك خلال افتتاح أعمال القمة العربية الصينية، الجمعة.

وقال أيمن عبد الرحمن: "الرئيس (الجزائري) عبد المجيد تبون، يتابع أشغال القمة ويتمنى لها النجاح، باعتبارها خطوة جديدة في مسار بناء شراكة استراتيجية بين الصين والدول العربية، مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر والنمو المشترك".

وتابع: "اجتماعنا اليوم يدفعنا لاستذكار التواصل بين الحضارتين العربية والصينية، وارتباط الجانبين بعلاقات على مدار أكثر من ألفي سنة، من خلال طريق الحرير، برا وبحرا، وكان السلام والانفتاح والتعاون سمات التواصل بين الجانبين".

وشدد عبد الرحمن على أن "تاريخنا المعاصر يشهد على استمرار الإرث التاريخي المتميز، إذ لم تتردد الصين في دعم القضية الفلسطينية ومساندة حركات التحرر في الدول العربية. والدول العربية لم تتأخر عن دعم مبدأ الصين الواحدة واستعادة مقعدها الشرعي في الأمم المتحدة".

ثم استطرد وزير خارجية الجزائر، في الحديث عن القمة العربية الصينية، قائلا: "يأتي اجتماعنا اليوم.. لنواصل تعميق التعاون بين الجانبين، الذي عرف خلال السنوات الأخيرة قفزة بلغت معها معدلات التبادل التجاري والاستثمارات مستويات قياسية، جعلت من الصين الشريك التجاري الأول للدول العربية، التي أصبحت بدورها سابع شريك تجاري للصين وموردها الأول للنفط الخام".

كما اعتبر أن "الشراكة انتقلت إلى مرحلة جديدة عند تأسيس منتدى التعاون العربي الصيني سنة 2004، كإطار شامل للتعاون الجماعي".

أضاف: "أشيد بالدعم الذي قدمته الصين للدول العربية لمكافحة جائحة كورونا، بنموذج تضامن لا تنفصل فيه الأبعاد الإنسانية عن العلاقات الاقتصادية والتجارية".

وعلى صعيد العلاقات الثنائية بين الجزائر والصين، قال عبد الرحمن: "ترتبط الجزائر والصين بعلاقات تاريخية واستراتيجية تمتد لثورة التحرير الجزائية، إذ كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بالحكومة المؤقتة سنة 1958".

وتابع: "يتقاسم البلدان وجهات النظر إزاء العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، ويتبادلان الدعم الثابت حول المسائل التي تخص المصالح الجوهرية والاهتمامات الكبرى لهما".

وأشار رئيس وزراء الجزائر، إلى أن مسار التعاون بين البلدين تكلل بتوقيع عدد من الاتفاقيات المهمة.. "مما يعكس الرغبة المشتركة للجزائر والصين في خدمة وتعزيز التعاون الشامل بين العالم العربي والصين".

واختتم عبد الرحمن حديثه، بالقول: "في ظل حالة الاستقطاب التي يعيشها النظام الدولي، فإن تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين العالم العربي والصين يسهم في بروز عالم متعدد الأقطاب، بعيدا عن السياسات الأحادية ومساعي الهيمنة".

وقال ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الجمعة، إن المملكة تؤكد دعمها الكامل للوصول إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.

وأضاف ولي العهد السعودي، في كلمة افتتاح القمة الخليجية الثالثة والأربعين في الرياض، أن دول الخليج تؤكد ضرورة التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية.

وعلى صعيد آخر، ذكر الأمير محمد بن سلمان أنه على إيران الالتزام بالمواثيق والمعاهدات الدولية.

ويأتي الموقف السعودي بينما تشهد المملكة 3 قمم بالتزامن مع زيارة الرئيس الصيني، شي جين بينغ، في مسعى لتعزيز التعاون بين بكين والدول العربية.

والقمة الأولى "سعودية - صينية" برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الصيني، ومشاركة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وتشهد المملكة "قمة "الرياض الخليجية الصينية للتعاون والتنمية" بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي.

والقمة الثالثة هي قمة "الرياض العربية الصينية للتعاون والتنمية"، بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية.

تناقش القمم الثلاث المنعقدة في السعودية، تعزيز العلاقات بين الصين والدول العربية في كافة المجالات.