اتهام نائبة رئيس البرلمان الأوروبي إيفا كايلي بالرشاوي..

كيف يرى المراقبون مشاكل (فيفا) مقارنة بالتأثير في القرار السياسي الأوروبي؟

تحقيق يسلط فيه الأضواء العالمية على قطر التي تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم وسط انتقادات لسجل حقوق الإنسان فيها ومعاملتها للعمال الأجانب

مشاكل فيفا عنصر هامشي مقارنة بالتأثير في القرار السياسي الأوروبي.

الدوحة

حذر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الاثنين من أن مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك، وذلك بعد مزاعم بأن قطر أغدقت على مسؤولين في البرلمان الأوروبي الأموال والهدايا للتأثير على صنع القرار في بروكسل، خاصة أن المتهمة الرئيسية النائبة اليونانية إيفا كايلي هي نائبة رئيس البرلمان الأوروبي.

وأعلن البرلمان الأوروبي عن فتح تحقيق داخلي بشأن تهم الفساد التي تمس نائبة الرئيس، ويأتي هذا في خضمّ التساؤل عما إذا كانت هذه الأموال لنائبة رئيس البرلمان فقط أم أن الهدف هو إيصالها إلى آخرين داخل البرلمان وخارجه؟

وبالتزامن مع ذلك يرى مراقبون أن الجرأة في تسليم الأموال بأكياس إلى مشرعين أوروبيين تظهر أن هذه ليست المحاولة الأولى، بل إنها تكررت إلى درجة أنها تشير إلى تاريخ طويل واعتياد، وأن تسليم الأموال خرج من الطرق الالتفافية إلى أن أصبح يسلّم في أكياس.

ويشير المراقبون إلى أن الموضوع الآن لم يعد قضية فساد مالي وتحصيل رشاوى دون وجه حق، فهذا مستوى من القضية يمكن التعاطي معه من خلال التحقيقات وعرضه على القضاء، وإنما تنامت المخاوف لتطال التأثير السياسي في القرارات، وهو ما قد يفتح الأبواب أمام شكوك كبرى في الأداء السياسي لمؤسسات الاتحاد الأوروبي.

وإذا كانت الأموال تغدق بهذا الشكل على مشرعين، فكيف سيكون الحال بخصوص المسؤولين التنفيذيين أصحاب القرارات المباشرة التي تمس التعاملات اليومية؟ ولهذا دقّ جرس الإنذار في الاتحاد الأوروبي وليس في البرلمان فقط.

ويرى المراقبون أن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ومشاكله وطريقة حصول قطر على حق استضافة المونديال ستبدو مشهدا ثانويا بالمقارنة مع التأثير في القرار السياسي الأوروبي.

ونفّذت الشرطة البلجيكية الاثنين عملية تفتيش داخل مكاتب البرلمان الأوروبي في بروكسل، وذلك في إطار التحقيق في شبهات الفساد المرتبطة بقطر للتأثير على قرارات الهيئة الأوروبية، وفق ما أفادت به النيابة الفيدرالية البلجيكية.

وقال مصدر قضائي “إنها عملية التفتيش العشرون خلال أربعة أيام في إطار هذا التحقيق”.

واعتبرت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا الاثنين أن “الديمقراطية الأوروبية تتعرض لهجوم”، معربةً عن “غضبها الشديد وحزنها” لفضيحة الفساد المرتبطة بقطر والتي اتُهمت على إثرها نائبتها اليونانية إيفا كايلي.

ووعدت ميتسولا بأنه “لن يكون هناك أي إفلات من العقاب (…)، لن يتمّ إخفاء أي شيء”، معلنةً فتح “تحقيق داخلي للنظر في كافة الوقائع المرتبطة بالبرلمان” الأوروبي للسماح بإصلاح هذه الهيئة.

وجمدت اليونان الاثنين أصول إيفا كايلي، وهي مشتبه بها رئيسية في القضية وواحدة من أربعة أعضاء تم اعتقالهم وتوجيه اتهامات لهم في بلجيكا مطلع الأسبوع.

وفي إطار التحقيق فتش ممثلو الادعاء في بلجيكا 16 منزلا وصادروا 600 ألف يورو (نحو 632 ألف دولار) في بروكسل الجمعة.

وقال ممثلو الادعاء في بيان الأحد إنه تم اتهام المشتبه بهم الأربعة، الذين لم تذكر أسماؤهم، “بالمشاركة في منظمة إجرامية وغسل الأموال والفساد”.

وكشف البرلمان الأوروبي مطلع الأسبوع أنه أوقف كايلي عن العمل بينما أعلن حزب باسوك الاشتراكي اليوناني فصلها.

وقالت مصادر مطلعة على القضية إن المتهمين الثلاثة الآخرين جميعهم إيطاليون؛ وهم النائب الأوروبي السابق بيير أنطونيو بانزيري والأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال لوكا فيسينتيني والمساعد البرلماني فرانشيسكو جورجي وهو شريك حياة كايلي.

واعتبرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لدى وصولها لعقد اجتماع دوري مع نظرائها بالاتحاد الأوروبي في بروكسل أن “هذا أمر لا يصدق ويجب أن يعالَج بالقوة الكاملة للقانون… الأمر يتعلق بمصداقية أوروبا”.

وعبّر وزير الخارجية الأيرلندي سيمون كوفيني عن قلقه. وقال “هذا مدمّر. نحن بحاجة إلى الوصول إلى حقيقة الأمر”.

وقال ممثلو الادعاء إنهم اشتبهوا منذ أشهر في أن دولة خليجية تحاول التأثير على صنع القرار في بروكسل.

وقال مصدر مطلع على الأمر “إن الدولة الخليجية هي قطر”. ونفى مسؤول قطري في مطلع الأسبوع الاتهامات بضلوع بلاده في أي مخالفات.

وقال المسؤول “أي (أخبار عن) ارتباط الحكومة القطرية بالادعاءات المثارة لا أساس لها من الصحة ومضللة تماما”.

ويأتي التحقيق في الوقت الذي تسلط فيه الأضواء العالمية على قطر التي تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم وسط انتقادات لسجل حقوق الإنسان فيها ومعاملتها للعمال الأجانب.

ومع بدء البطولة التي تستمر شهرا هاجمت كايلي في كلمة بالبرلمان الأوروبي في 21 نوفمبر الماضي منتقدي قطر وأشادت بالدولة الخليجية باعتبارها “رائدة في مجال حقوق العمال”.

وقالت “إنهم (القطريون) التزموا برؤية من اختيارهم وفتحوا (أبوابهم) للعالم. مازال البعض هنا يدعو إلى التمييز ضدهم. يستأسدون عليهم ويتهمون كل من يتحدث إليهم أو يتعاون معهم بالفساد”.

الجرأة في تسليم الأموال بأكياس إلى مشرعين أوروبيين تظهر أن هذه ليست المحاولة الأولى، بل إنها تكررت إلى درجة أنها تشير إلى تاريخ طويل واعتياد

والفضيحة محرجة بشكل خاص للبرلمان الأوروبي الذي يعتبر نفسه البوصلة الأخلاقية في بروكسل؛ إذ يسعى لتشديد القواعد الخاصة بالبيئة أو الشركات ويصدر قرارات تنتقد انتهاكات حقوق الإنسان في العالم ويوبخ الحكومات الأوروبية.

ولدى وصولهم إلى اجتماع الاتحاد الأوروبي الاثنين سارع الوزراء إلى إدانة الفساد المزعوم.

وقال وزير الخارجية التشيكي يان ليبافسكي “إنه أمر غير مقبول إطلاقا، أي نوع من الفساد”.

وأضاف أن “قطر شريك مهم للاتحاد الأوروبي في قطاع الطاقة… بالطبع، يجب أن تُبنى العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وقطر على مجموعة من السياسات بما في ذلك حقوق الإنسان وحقوق العمال”.

وذكر بعض الدبلوماسيين الأوروبيين الشهر الماضي أن الضغط يتزايد للحفاظ على علاقات جيدة مع قطر في الوقت الذي تواجه فيه القارة عجزا في الطاقة خلال فصل الشتاء بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ومن المقرر أن يصوت البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع على اقتراح لتمديد السفر دون تأشيرة إلى الاتحاد الأوروبي لمواطني الكويت وقطر وسلطنة عمان والإكوادور. واقترح بعض النواب تأجيل التصويت بينما دعا آخرون إلى مناقشة المداهمات التي تتعلق بالفساد.

ووجهت النيابة العامة البلجيكية الأحد تهما إلى نائبة رئيسة البرلمان الأوروبي اليونانية إيفا كايلي وثلاثة أشخاص آخرين وسجنتهم احتياطيا في تحقيق حول شبهات فساد على صلة بقطر داخل المؤسسة، وفق ما أفاد مصدر قضائي.

وأصبحت إيفا كايلي على الأرجح مفتاح القضية المثيرة للجدل والتي قد تكشف طريقة انسياب المال السياسي الفاسد داخل المؤسسة الأوروبية سواء لتلميع صورة دولة معينة أو للتأثير على دوائر صناعة القرار في الاتحاد الأوروبي.

وباتت هذه القضية تثير تساؤلات حول مدى قدرة المال السياسي الفاسد على اختراق مؤسسات أوروبية ذات تأثير قوي في صناعة القرار مثل مؤسسة البرلمان الأوروبي وتعيد للأذهان أيضا جدل سابق حول الاستثمارات القطرية في أوروبا وحول المساعدات التي كانت تخصصها الدوحة للضواحي الباريسية التي تقطنها غالبية من المسلمين المهاجرين.

ويأمل المحققون في تفكيك هذا اللغز سريعا، بينما ترخي القضية بظلال ثقيلة على اجتماعات البرلمان الأوروبي الذي من المقرر أن يعقد غدا الاثنين اجتماعا بمقره في ستراسبورغ بفرنسا.

ويفترض أن يقرر الاجتماع المرتقب بدء محادثات بين البرلمان (الأوروبي) والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بهدف وضع اللمسات الأخيرة على نص يلغي التأشيرات للمواطنين القطريين والكويتيين.

ويشمل النص الذي حصل على الضوء الأخضر من الدول الأعضاء في نهاية يونيو/حزيران، على إعفاء مواطني قطر والكويت المسافرين إلى التكتل الأوروبي من التأشيرات لمدة أقصاها 90 يوما بموجب اتفاقيتي معاملة بالمثل مع البلدين، لكن التطورات الأخيرة قد تعطل جدول الأعمال.

ولم تذكر النيابة العامة الفدرالية اليوم الأحد أي أسماء عند إعلانها عن الحبس الاحتياطي لأربعة من ستة أشخاص أوقفوا خلال الـ48 ساعة الماضية، لكن مصدرا قضائيا أفاد بأن بينهم إيفا كايلي وهي نائبة يونانية اشتراكية في البرلمان الأوروبي وإحدى نواب رئيسة البرلمان.

وقالت النيابة في بيان إن أربعة أشخاص سُجنوا بعد توجيه الاتهام لهم من قاضي تحقيق في بروكسل بتهمة "الانتماء إلى منظمة إجرامية وغسل الأموال والفساد". وأطلق القاضي سراح الشخصين الآخرين.

وأوضح المصدر القضائي أن كايلي لا تستطيع الاستفادة من حصانتها البرلمانية لأنها أوقفت "في حالة تلبس" بالجريمة الموجهة إليها.

وأكد المصدر تقارير صحافية أوردت أن كايلي كانت بحوزتها "أكياس مليئة بالأوراق النقدية" مساء الجمعة عندما أوقفتها الشرطة البلجيكية.

كما تم في إطار التحقيق تفتيش منزل عضو ثان في البرلمان الأوروبي مساء السبت، وفق بيان النيابة، ويأتي ذلك بعد تفتيش منزل إيفا كايلي مساء الجمعة.

ويشتبه في القضية أنه تم "دفع أموال طائلة أو تقديم هدايا كبيرة لأشخاص لديهم مناصب سياسية و/أو إستراتيجية داخل البرلمان الأوروبي تسمح بالتأثير على قراراته".

وكانت رئيسة البرلمان الأوروبي المالطية روبرتا ميتسولا قد قررت مساء السبت تجريد إيفا كايلي مؤقتا من جميع المهام التي أوكلتها إليها، بما في ذلك مهمة تمثيلها في منطقة الشرق الأوسط.

وطالب نواب يساريون في البرلمان الأوروبي من بينهم فيليب لامبرتس الذي تحدث باسم كتلة الخضر، باستقالة كايلي التي أعلن الحزب الاشتراكي اليوناني (باسوك كينال) فصلها مساء الجمعة.