حرب اليمن والتحالفات العابرة للحدود..

الجنرال العجوز علي محسن الأحمر.. حليف السعودية في خدمة الاذرع الإيرانية باليمن

بات السؤال الأكثر جدلاً في اليمن هو ماذا قدم الجنرال العجوز علي محسن الأحمر وجماعة الإخوان، للشرعية اليمنية التي لم تحقق أي مكاسب عسكرية ضد الأذرع الإيرانية ان لم تكن عامل إمداد لتلك الجماعة المتحكمة بكل اليمن الشمالي.

الجنرال الإخواني علي محسن الأحمر في أخر ظهور له بالعاصمة السعودية الرياض/ يناير كانون الثاني 2023 - أرشيف

ماريا هاشم
ناشطة إعلامية وسياسية جنوبية - تكتب باسم مستعار لأسباب خاصة بها -

تمهيد : أظهرت صوراً بثتها وسائل إعلام جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والممولة من قطر، الجنرال العجوز علي محسن الأحمر، خلال تقديمه العزاء في وفاة الشيخ القبلي الإخواني صادق عبدالله بن حسين الأحمر، نجل مؤسس الجماعة في اليمن، والذي توفي عقب صراع مع المرض في العاصمة الأردنية عمان، وشيع في صنعاء بمشاركة الآلاف من قبائل حاشد وجماعة الحوثي التي تحكم العاصمة اليمنية.

وظهر الأحمر وهو يلقي التحية على رجل الاعمال الإخواني حميد الأحمر، في مقر إقامة الأخير بالعاصمة السعودية الرياض، مسؤولون يمنيون كثر قدموا التعازي للأحمر (حميد)، لكن كان ظهور الأحمر الذي تم عزله من منصبه في ابريل/ نيسان من العام 2022م، وذلك في اعقاب مشاورات يمنية رعتها الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، والتي توجت بتشكيل مجلس قيادة رئاسي، وتنحية عبدربه منصور هادي وعزل نائبه، الذي يعد الحليف الأبرز للرياض في اليمن.

 

علي محسن الأحمر حليف النظام السابق وخصم الرئيس صالح

 

على مدى قرون طويلة اقترن اسم علي محسن الأحمر، بالرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، فالجنرال الأحمر، من مواليد الـ20 يونيو/ حزيران سنة 1945، يعد من القيادات الإخوانية اليمنية التي كلفت بتجنيد ما عرف بالأفغان العرب[1] الذين ذهبوا للقتال ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي.

 كان قائد الفرقة الأولى مدرع وقائد المنطقة الشرقية الغربية والرجل الثاني في اليمن بعد علي عبد الله صالح. شارك في حرب الجبهة عام 1979 وحرب صيف 1994[2] العدوانية التي شنها تحالف اليمن الشمالي بين حزب المؤتمر الشعبي العام واخوان اليمن، على الجنوب، كما شارك في حروب صعدة الستة وكان يُعتبر أقوى رجل في المؤسسة العسكرية.

اتهم الأحمر[3]، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، بانه خطط لقتله في صعدة في الحرب الأخيرة ضد الحوثيين في العام 2009م، حين زعم الجنرال العجوز ان الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، إعطاء الطيران السعودي العسكري الذي شارك في الحرب السادسة 2009م، احداثيات موقع يتواجد فيه الأحمر، قبل ان ينسحب من الموقع قبل لحظات من غارة جوية للطيران السعودي.

كانت محاولة اغتيال صالح للأحمر قد دفعت الأخير الى التمرد عليه، فلم يمر سوى بضعة أشهر قليلة على الخلافات بين صالح والأحمر، حتى أعلن الأخير تأييده لانتفاضة شعبية ضد نظام علي عبدالله صالح (الأخ غير الشقيق).

وترأس ما سمي بهيئة أنصار الثورة الشبابية الشعبية التي أعلنت تعهدها بحماية شباب الإخوان المنتفضين ضد نظام صالح، من أي هجوم مسلح من قبل النظام، حيث خاضت قواته معارك متعددة مع الحرس الجمهوري الذي يقوده العميد أحمد علي عبدالله صالح.

لم يختلف الأحمر مع صالح الذي سلم السلطة لنائبه عبدربه منصور هادي، بل وصل الخلاف مع هادي الذي عمد الى هيكلة الجيش اليمني وحل قوات الفرقة الأولى مدرع، وهو مدفع الأحمر الى الفرار صوب السعودية وتسليم العاصمة للحوثيين دون أي مقاومة.

تقول تقارير صحافية إن الأحمر لديه علاقات قوية مع المملكة العربية السعودية ودولة قطر، كما ينظر اليه بأنه على علاقة وطيدة بالجماعات الإرهابية في اليمن.

وكان لنحو ثلاثة عقود يد علي عبد الله صالح اليمنى ومُنَّفذ النظام اليمني، دُمرت الفرقة الأولى مدرع التي أسسها بتقدم جماعة الحوثيين الموالية لإيران من محافظة صعدة مروراً بمحافظة عمران وصولاً إلى صنعاء وبإسناد من وحدات عسكرية اتهمت بالولاء لصالح، ومع سيطرة جماعة الحوثي الموالية لإيران على العاصمة صنعاء حيث كان القضاء عليه أحد أهدافها المعلنة، غادر إلى السعودية في 21 سبتمبر/أيلول 2014، عقب تدخل من سفارة السعودية في صنعاء.

 

علي محسن الأحمر نائب لهادي في الجيش والرئاسة

 

في الـ 22 فبراير/ شباط 2016، أعلن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن تعيينه لمنصب «نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة»، إلى إصدار قرار آخر في 3 أبريل، نيسان من نفس السنة بتعيينه نائبًا للرئيس خلفًا لخالد بحاح الذي أطاح به الاخوان بفعل عدم تنفيذ اجندة التنظيم.

القرار الذي أثار كثير من الجدل بين من عارضه ومن أيده بشدة، غير أن كثيرين زعموا أن قرار تعيينه يمثل رسالة واضحة من الرئيس هادي والتحالف العربي بقيادة القوات المسلحة السعودية لتوجههم نحو الحسم العسكري واستعادة السيطرة عسكريا على العاصمة وطرد الحوثيين.

واعتبر عضو القنصلية اليمنية السابق في الرياض "أنيس منصور في مقابلة مع قناة الحديث السعودية "أن تعيين الأحمر يؤكد على عدم وجود حرب طائفية في اليمن، حيث ان الأحمر ينتمي الى الزيود التي هي أيضا طائفة الحوثيين".

وعلى الرغم من ان منصور ذاته سبق له وهاجم الأحمر بدعوى انه سلم العاصمة اليمنية للحوثيين.

وسوق الاعلام السعودي نظراً لما يتمتع به محسن من مرونة في تحالفاته وعلاقة قوية بالقبائل في طوق صنعاء وقادة الجيش اليمني، وكان يتوقع ان تعيينه سيمثل استمالة للقبائل خصوصا في مناطق صنعاء لصف قوات الشرعية بقيادة الرئيس هادي، وهو ما لم يتحقق حيث ظلت القبائل تعلن الولاء للحوثيين على الرغم من ان الاذرع الإيرانية سلحت الكثير من قادة القبائل الزيدية.

اعتقدت السعودية ان الأحمر يمكن ان يحدث اختراقا في الهضبة الزيدية، لكن حصل العكس تماماً، فقد مثلت عودة الأحمر كالورقة الرابحة للحوثيين الذين استفادوا كثيرا من وجوده واستعادوا مناطق كانوا قد خسروها في شرق صنعاء ومحيط مأرب وصولا إلى شبوة.

وسلمت قوات الأحمر فرضة نهم ثم الجوف وصرواح وقانية وصولا إلى بيحان بشبوة، منذ ابريل/ نيسان 2016م، وحتى ابريل نيسان 2022م، كان الأحمر هو ورقة حوثية رابحة بامتياز، بفضله أصبحت الاذرع الإيرانية تقدم شروطها على مجلس القيادة الرئاسي البديل للحصول على نصيبها من ثروات الجنوب النفطية".

 

الأحمر معزول ولكنه لايزال يتحكم بالجيش في حضرموت

 

 

على نطاق واسع يعتقد ان علي محسن الأحمر لا يزال يتحكم بقوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، والتي تستحوذ على حماية منابع النفط وتحصل على مليوني دولار أمريكي كل ثلاثة أشهر مقدمة من شركات النفط العاصمة، تحت عنوان "الحماية"، وعلى الرغم من ان الرياض قد رعت اتفاقية تضمنت اخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من وادي حضرموت، الا ان جماعة الاخوان السعودية أبدت اعتراضا على اخراج تلك القوات الأمر الذي دفع اخوان السعودية الى تبني مطالب بالإبقاء على القوات الإخوانية في الوادي والصحراء.

وعلى الرغم من الرفض الاخواني على اخراج تلك القوات الا ان الحوثيين ساندوا الاخوان في عرقلة اخراج تلك القوات من وادي وصحراء حضرموت.

وأبدت قيادات مرتبطة بتنظيم القاعدة رغبتها في دعم القوات الإخوانية ضد قوات النخبة، حيث نقلت وسائل إعلام محلية عن من وصفتها بـ"القيادي المزدوج كزعيم قبلي وضابط في الجيش الوطني الموالي لجماعة الاخوان في اليمن والقيادي في تنظيم القاعدة الارهابي حسب تصنيف وزارة الخارجية الامريكية خالد علي مبخوت العرادة  الذي قال "إن الهبة الحضرمية وقيادات عسكرية في المجلس الانتقالي الجنوبي يحشدون لتكرار ما حصل في محافظة شبوة بوادي وصحراء حضرموت،  وزعم أن الجيش الوطني بمأرب في اعلى درجات الجاهزية لتعزيز المنطقة العسكرية الاولى .

وحذر العرادة في لقاء جمعه بعدد من قيادات الجيش الوطني و"المجاهدين المتطوعين " حسب مصدر حضر الاجتماع في مدينة مأرب ، من ترك المنطقة العسكرية الاولى لوحدها في مواجهة اخطر مؤامرة على اليمن وعلى محافظة مأرب وجبهاتها على وجه الخصوص ، مشيراً ان ما تسمى بالنخبة الحضرمية ملوثة بعقيدة القوات الاماراتية المستوحاه من ما يسمى بمشروع إبراهام ومن إلتزامات التطبيع مع إسرائيل .

واضاف خالد العرادة المقرب من نائب الرئيس السابق علي محسن الاحمر و اللواء سلطان العرادة عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني محافظ محافظة مأرب، بقوله : الخطر الذي تهندسه دول التحالف العربي وعلى راسها الامارات والسعودية، ليس إنفصال الجنوب عن الشمال " لانه لن يحدث طالما وفي حضرموت من يطالب بإنفصالها عن الجنوب، وهو مطلب يستحق الدعم طالما لم يمس الوحدة اليمنية، ويتطلب تعزيز ورفد المنطقة العسكرية الاولى مادياً وبشرياً بأسرع وقت، حيث وهي القوة الحامية والمدافعة عن هذا المشروع .. مؤكداً ان الخطر الاكبر يتمثل في توسيع نطاق انتشار ما تسمى بالنخبة الحضرمية المدعومة من الامارات ووصولها الى الوادي والصحراء ، حيث خطوط وشرايين إمدادات جبهات مارب وجيشها ومجاهديها بالسلاح "

وتوعد المصنف على قوائم الإرهاب خالد العرادة النخبة  الحضرمية بضربات رادعة في عقر دارها  ، مشيراً الى ان إستراتيجية الردع العسكري لن تقتصر على النخبة الحضرمية ورموز هبتها المأجورة حسب وصفه ، بل ستشمل بنك اهداف متعددة في قوات المجلس الانتقالي وقوات التحالف العربي السعودية والاماراتية ،في كل من شبوة وعدن والمهرة .

ويعتبر هذا التحرك المعلن للعرادة هو الاول منذ بث التلفزيون الالماني الرسمي العام الماضي تحقيقاً مصوراً عن علاقة حزب الاصلاح الاخواني بتنظيم القاعدة ، وظهر فيه خالد العرادة الى جانب الفريق علي محسن الاحمر ووزير الدفاع السابق محمد علي المقدشي اثناء زيارة الاحمر لاحد المعسكرات بمحافظة مأرب .

وقالت صحف ملحية ان ما تضمنه حديث العرادة والذي تركز على أمن إمدادات السلاح من محافظة المهرة مروراً بصحراء ووادي حضرموت وصولاً الى مأرب، وما جاء في مضمون نص التهم الموجهة إليه من قبل وزرة الخزانة الامريكية، ثمة حقيقة ترشح من تلقاء نفسها ويمكن إستنتاجها بسهولة ، وهي ان قوات التحالف العربي ومعها قوات المجلس الانتقالي وعلى رأسها النخبة الحضرمية باتت تشكل هاجس خطر مباشراً على نشاط خالد العرادة في حال خرجت المنطقة العسكرية الاولى من حضرموت الوادي والصحراء ، اكثر من هاجس خطر  القرار الامريكي رقم 13224 الذي إستهدف إرهابيين وعلى راسهم المطلوب دولياً خالد العرادة ومن يقدمون الدعم للإرهابيين أو لأعمال الإرهاب بعقوبات ذات طابع مالي اقتصادي، حيث خلا حديث العرادة وتهديداته من الاشارة الى القرار الامريكي سواء في الاشارة إليه او نفي التهم الموجهة إليه .

وكانت الولايات المتحدة قد وضعت في 2017 اسم  "خالد علي مبخوت العرادة" على قائمة المطلوبين رسميًا من قيادات تنظيم القاعدة الارهابي ووصفته في نص القرار بالمسؤول الكبير في تنظيم القاعدة بجزیرة العرب ، وقالت إنه يقوم بتسيير الدعم المالي للتنظيم، بما في ذلك الدعم لقیادة القاعدة في جزیرة العرب ، وقالت وزارة الخزانة الامريكية' إن العرادة أحد قادة معسكر التنظيم الذي تلقى مدفوعات نقدية من التنظيم مقابل الدعم اللوجستي وبالإضافة إلى ذلك، وفر العرادة أسلحة ومقاتلين إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

كشفت مصادر قبلية بمديرية صرواح غرب محافظة مأرب، عن حركة مواكب قدمت  من إلاتجاهين الدفاعيين لجبهة صرواح .

وقالت المصادر إن قبائل من وادي أذنة ، تداعت فور رصدها لحركة المواكب القادمة من اتجاه مدينة مأرب لوضع نقاط  في الطريق المؤدية الى منطقة التماس، لكنها تفاجأت بتطويق عناصرها المسلحة بقوة من المنطقة العسكرية الثالثة وتحليق للطيران المُسيّر ، أثناء إيقافها موكب قيادي في الجيش الوطني إتضح انه  اركان المنطقة العسكرية الاولى قائد اللواء 135 مشاة العميد يحيى ابو عوجاء ، وبعد مفاوضات ، تدخل ابو عوجاء بإقناع قيادة عمليات المنطقة العسكرية الثالثة بقبول شرط القبائل والمتمثل بدخول ثلاثة من مشائخ المنطقة ضمن موكبه للتأكد مما يحدث .

وبحسب المصادر نفسها ، فإن إجتماعا عقد عند الساعة العاشرة مساء الجمعة جمع قيادات قبلية حوثية من خولان وقيادات قبلية من محافظة مأرب وبحضور ركان المنطقة العسكرية الاولى العميد يحيى ابو عوجاء ورئيس جهاز الاستخبارات الحوثية ابو علي الحاكم .

وانتهى الاجتماع الذي إستمر لاكثر من ثلاث ساعات ، الى الاتفاق على عقد إجتماع آخر خلال الاسبوع القادم ، وذلك. وضع آلية تحدد القواسم المشتركة في مهام الدفاع الوطني عن السيادة الوطنية والحفاظ على وحدة اليمن وتقديم ضمانات نجاحها على ارض الواقع لا سيما في الجانب العسكري الذي اتفق المجتمعون على البدء به في اسرع وقت ممكن، نظراً للتطورات المتسارعة في المحافظات الشرقية منها محافظة شبوة ووادي حضرموت.


هوامش

[1] بحوث ودراسات رحلات الأب الروحي لـ"تنظيم القاعدة".. عبدالمجيد الزنداني.. من ميادين تجنيد الأفغان العرب إلى قصر الرئاسة اليمنية (فصول موجزة) - الخميس ٠٣ نوفمبر ٢٠٢٢

[2] حكاية «القاعدة» في اليمن: عودة إلى «الأفغان العرب» الاخبار اللبنانية عرب  جمانة فرحات  الإثنين 11 كانون الثاني 2010

[3] الإصلاح الوجه الآخر للاحتلال اليمني للجنوب إزاحة الأحمر والإصلاح ضرورة لانتصار التحالف الجمعة ١٠ مارس ٢٠١٧